المفاوضات السرية بين واشنطن و"طالبان" حول انابيب النفط
تأكد من خلال هدا المقال ان بن لادن والطالبان كانوا ومازالوا عملاء للولايات المتحدة الأمريكية جندوا لتحقيق استراتجية احتلال معاقل النفط في أفغانستان ودول أسيا الوسطى ؟
أسالت الاكتشافات النفطية الهائلة فى بحر قزوين لعاب رجال الادارة الامريكية , الذين وجدو فى هذا الكنز النفطى الضخم , موردا جديدا لتحقيق المزيد من الثروات فضلا عن ايجاد مورد جديد للنفط بديل عن بترول الخليج , ورغم ان العالم به وفرة من النفط اليوم ولكن طبقا لتقديرات وكالة الاستخبارات الاميركية سي اي ايه عندما تصل الصين والهند الى مستوى كوريا الحالي من استخدام الطاقة لكل فرد ـ خلال 30 عاما ـ فسوف يصل طلبهما للنفط مجتمعين الى 120 مليون برميل يوميا في حين ان اجمالي الاستهلاك العالمي للنفط اليوم ما بين 60 الى 70 برميل يوميا. وقصارى القول ان القوى الرئيسية ستدخل في منافسة شديدة على النفط النادر وستكون اسيا الوسطى بؤرة ذلك التنافس. ومن يسيطر على الطاقة يسيطر على العالم. وبما ان روسيا ثاني اكبر مصدر للنفط في العالم فهي تريد نقل موارد اسيا الوسطى عن طريق اراضيها فيما تريد ايران وهي دولة منتجة للنفط ايضا ان تتدفق انابيب الطاقة عبر مرافئها وهو اقصر الطرق بيد ان اللوبي الاسرائيلي القوي في اميركا اعاق جهود واشنطن في عقد صفقة مع ايران. وأما باكستان والولايات المتحدة فقد سعتا منذ وقت طويل لبناء خطوط انابيب تجري الى الجنوب من ترميز بأوزبكستان الى كابول في افغانستان ثم منها الى ميناءي كراتشي وغوادر بباكستان على بحر العرب. ويطلق رجال النفط على هذا الطريق اسم (طريق الحرير الجديد) على غرار الطريق الاسطوري الذي كان يستخدم لتصدير ثروات الصين. بيد ان هذا الطريق يتطلب وجود حكومة افغانية مستقرة موالية للغرب. ومن ثم فقد بدأت الدول الغربية والولايات المتحدة على وجه الخصوص فى تركيز اهتمامها على افغانستان ففي فخلال عام 1990، اثارت شركة "شيفرون" منافسة حامية الوطيس بين الشركات البترولية التي جاءت من كل حدب وصوب، عندما امسكت وحدها بالاوضاع في قازاخستان التي كانت لا تزال في ظل الاتحاد السوفياتي. وقد بذلت الشركات الكبرى المعروفة بـ "السنيورز" هؤلاء قصارى جهدها لتشكيل مجموعة ضغط عبر استعانتها بمختلف أنواع المستشارين، ومنهم ديك تشيني، وزير الدفاع السابق في عهد جورج بوش الأب ونائب الرئيس بوش الابن و زبيغنيو بريزينسكي، المستشار السابق للامن القومي في عهد الرئيس جيمي كارتر ومستشار شركة "أموكو" والذي سيؤدي طويلاً دور المرشد للسيدة مادلين أولبرايت التي عيّنها الرئيس بيل كلينتون وزيرة للخارجية في العام 1997. ومن جهته، وللاسباب نفسها، كان البنتاغون قد بدأ العمل للدخول الى جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، فهي تشكل مناطق ذات احتياط نفطي كفيل ان يخفف في شكل ملموس من ارتهان الولايات المتحدة لدول الخليج في مجال الطاقة. وتحت ذريعة التحضير للتدخل "الانساني" وقعت الولايات المتحدة، ابتداء من العام 1996 اتفاقات، سميت "لواء آسيا الوسطى" (سنتراسبات)، مع كل من أوزبكستان البلد الأقوى في المنطقة ثم مع قازاقستان وقرغيزستان. وقد نظمت هذه الدول الثلاث في العامين 1997 و1998 مناورات عسكرية مشتركة، كما ان جنوداً، وبالتحديد من الأوزبك، قد ذهبوا الى "فورت براغ" لتلقي التدريب في مركز إعداد القوات الخاصة الأميركية. ولأن الروس شعروا بالقلق من تطور هذا التعاون العسكري على مقربة منهم فقد أرسلوا في العام 1998 مراقبين الى هذه الدول. وهناك شركتان تتنافسان على مشروع طموح لأنابيب النفط المفترض ان تعبر أفغانستان عبر تركمانستان وباكستان، و"هي الطريق الوحيدة الممكنة" بحسب ما أكد أمام مجلس النواب الأميركي جون ج. ماريسكا، نائب الرئيس الدولي لشركة "يونوكال" التي تأتي في المرتبة الثانية عشرة بين الشركات الأميركية والتي تتنافس مع شركة "بريداس" الارجنتينية . ونظراً الى حجم الاستثمار تطلب الأمر في آنٍ واحد موافقة رئيس تركمانستان، السيد سابامورات نيازوف، ورئيس وزراء باكستان، السيدة بنازير بوتو في حينها، وهذا ما تم بالفعل في 16 مارس عام 1995. وبعد حملة مكثفة من مجموعة الضغط نفذت بمبادرة من السلطات الأميركية وقع الرئيس التركماني في 21 أكتوبر، اتفاقاً مع شركة "يونوكال" من أجل إنشاء خط أنابيب الغاز الأفغاني، وبعدها اكتسبت مسألة خط الأنابيب أهمية مركزية. لكن كان من المفروض ايضاً تأمين الاستقرار في افغانستان، وهكذا وفيما الحرب على اشدها ظهر مقاتلي "طالبان" بأعداد كبيرة .
في 26 سبتمبر عام 1996 استولت "طالبان" على كابول. وفي هذا الاطار يذكر مايكل بيردن، المسؤول السابق لوكالة المخابرات المركزية الامريكية في افغانستان خلال الحرب مع السوفيات ، بنوعية التفكير التي سادت آنذاك بين الأميركيين حيث نظرالامريكان إلى "طالبان" باعتبارهم لن يكونوا الأسوأ، هم شباب مندفعون قليلاً لكن هذا افضل من الحرب الأهلية، انهم الآن يسيطرون على المناطق الممتدة ما بين باكستان وحقول الغاز في تركمانستان. وربما ان هذه فكرة جيدة إذ سيكون في امكاننا أن نبني خط أنابيب عبر أفغانستان وإيصال الغاز ومصادر الطاقة الى الأسواق الجديدة التي ستفتح. وتالياً كان الجميع يشعرون بالارتياح" . و فى نوفمبر عام 1997 دعت شركة "يونوكال" وفداً من حركة "طالبان" الى الولايات المتحدة وفي أوائل ديسمبر فتحت الشركة مركزاً إعدادياً في جامعة أوماها في نبراسكا من اجل اطلاع 137 افغانيا على تقنيات انشاء أنابيب النفط. غير أن هناك عاملا مهما دخل على الساحة السياسية فى افغانستان الا وهو مجئ اسامة بن لادن الوافد من السودان إلى افغانستان. الدي في 22 فبراير عام 1998 اطلق من افغانستان جبهة اسلامية دولية حظيت بدعم حركة "طالبان". وفي هذه المناسبة أصدر فتوى تنص على مهاجمة مصالح أميركا وأتباعها , الامر الذى جعل الاداراة الامريكية تري أن الوضع السياسي والعسكري فى افغانستان لم يتحسن لصالحها ، وعلى كل حال، بدأ البعض في واشنطن يرون في دعم "طالبان" ومشروع انابيب الغاز خطأ سياسيا. . ولدى زيارته كابول في 16 ابريل عام 1998 اثار وليم ريتشاردسون، المندوب الاميركي في الأمم المتحدة، موضوع ابن لادن مع مسؤولي "طالبان" الذين قللوا من أهمية الموضوع قائلين: "هو لا يملك السلطة الدينية كي يصدر فتوى وتالياً يجب الا يعتبر مشكلة بالنسبة اليكم." لكن في 8 أغسطس عام 1998 دمر انفجاران كبيران مبنيي السفارتين الأميركيتين في دار السلام ونيروبي موقعين 224 قتيلاً بينهم 12 أميركياً. وقد ردت الولايات المتحدة باطلاق 70 صاروخاً جوياً على افغانستان، وهامشياً على السودان. وهكذا اصبح زعيم "القاعدة" عدوهم العلني الرقم واحد. وللغرابة فقد اصدروا مذكرة توقيف دولية في حقه، ذاك انهم، في عجزهم عن القبض عليه، كانوا يأملون في التفاوض مع "طالبان" لتسليم اسامة بن لادن الى بلاد اخرى. وفي العام 1997 شكلت هيئة سميت "مجموعة 6 + 2" ضمت ستة بلدان مجاورة لأفغانستان (إيران وباكستان والصين وأوزبكستان وطاجيكستان وتركمانستان) إضافة الى روسيا والولايات المتحدة في إشراف الأمم المتحدة ومندوبها الخاص في افغانستان السيد الأخضر الابرهيمي، وهو الديبلوماسي الجزائري ذو الخبرة الكبيرة وقد تولى هذا المنصب عام 1998. فبعد فشل المهمات السابقة على الصعيدين العسكري والسياسي، عادت المنظمة الدولية تضطلع بدور الفاعل الأساسي في المنطقة. وقد بدأت اللعبة الديبلوماسية الجديدة حول افغانستان باجتماع عام لمجموعة 6+2 يوم 19 يوليو 1999 في طشقند في اوزبكستان. للمرة الاولى جلس الى الطاولة نفسها ممثلون عن تحالف الشمال وحركة طالبان التي تسيطر على 90 في المئة من الأراضي الأفغانية وترفض الاعتراف بأي صفة تمثيلية لتحالف الشمال. وكما كان متوقعاً، فشل الاجتماع لكن القسم الأكبر من المبادرات الديبلوماسية بات بعده يمرّ عبر مجموعة "6 +2". ولأن واشنطن لم تفقد الأمل في ان تقنع حركة "طالبان" بتسليم زعيم القاعدة , واقامة خط انابيب لنقل نفط قزوين عبر افغانستان ، فقد استمرت إقامة مختلف انواع الاتصالات وفي تشجيع مختلف الآليات الهادفة الى تحقيق حلّ سياسي، وهكذا باركت الاجتماع الذي انعقد في روما ما بين 22 و25 تشرين الثاني عام 1999 بمبادرة من الملك السابق ظاهر شاه من أجل المضي قدماً في قيام "لويا جيرغاه". وفي هذا الوقت كان مجلس الأمن في الأمم المتحدة قد صوّت في 15 سبتمبر على قرار يدعو فيه حركة "طالبان" الى طرد بن لادن كما يفرض بعض العقوبات المحدودة في حقها. ومع تغير الادارة الامريكية وتولى جورج بوش الابن مقاليد الامور فى امريكا , شرعت ادارة بوش فى اجراء مفاوضات مع طالبان كانت محورها الرئيسي تسليم اسامة ابن لادن. وفي واشنطن تمسكت وزارة الخارجية اكثر بهذا الموقف مع تغيير الادارة والتمثيل الفائق الذي حظي به اصحاب الشركات البترولية في الحكومة، بدءاً بالرئيس جورج دبليو بوش نفسه. وقد اوكلت مهمة المفاوضات الجديدة مع "طالبان" الى السيدة كريستينا روكا التي اصبحت مساعدة وزير الخارجية لشؤون جنوب آسيا، وهي تعرف أفغانستان جيداً كونها اهتمت بها ما بين العامين 1982 و1987... من خلال عملها في وكالة المخابرات المركزية. وفي 12 فبراير، أعلن السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة أن الولايات المتحدة، وبناء على طلب السيد فرانسيسك فندرل، ستحاول اطلاق حوار "مستمر" مع حركة "طالبان" على أسس "إنسانية" . وقد بدا الأميركيون واثقين من مستقبل هذه المفاوضات الى درجة أن وزارة الخارجية جمدت تحقيقات مكتب التحقيق الفيديرالي حول إحتمالات تورط اسامة ابن لادن في الاعتداء على السفينة الحربية الأميركية "يو.أس.أس. كول." في عدن (في اليمن) في شهر نوفمبر السابق. وقد وصل الأمر الى حد طرد "المتخصص بالسيد ابن لادن" في مكتب التحقيقات الفيديرالي، جون أونيل، من اليمن في 5 يوليو منعاً له من متابعة التحقيقات ... وجاءت احداث الحادى عشر من سبتمبر 2001 لتقضى على أخر أمل فى المفاوضات بين أمريكا وطالبان , خاصة وأن الولايات المتحدة الامريكية أعتبرت بن لان المشتبه الرئيسي فى تفجير برجي مركز التجارة العالمي فى نيويورك , و مبني البنتاجون فى واشنطن . وبعد ثلاثة ايام من التفجيرات أعلنت شركة "يونوكال" في بيان لها أن مشروعها المجمد لخط أنابيب الغاز سيبقى مجمداً وأنها ترفض التفاوض مع حركة "طالبان"، مشترطة قبل ذلك سقوط نظام كابول وتغييراً سياسياً، وبعد شهر بدأت الولايات المتحدة عمليات القصف، وقد "وافق" الطاجيك والأوزبك على تقديم التسهيلات العسكرية للقوات الأميركية، كما وعدت روسيا "على الفور" بتقديم المساعدة الضرورية الى الولايات المتحدة ، وأخيراً توصلت الفصائل المعارضة لنظام "طالبان" الى اتفاق، وكل ذلك في غضون شهرين من الزمن وفي 27 نوفمبر وصل وزير الطاقة الأميركي سبنسر أبراهام وفريق من وزارة الطاقة الى نوفوسيبيرسك في روسيا من أجل تسهيل إنهاء وافتتاح خط انابيب "كاسبيان بايبلاين كونسورتيوم"، وهو عبارة عن وصلة تكلف 2.5 مليار دولار لصالح ثماني شركات منها شركة شوفرون وتكساكو وأكسون موبيل. وفي الوقت نفسه كان الرئيس الأفغاني الجديد الذي جاءت به اجتماعات بون، حميد قرضاي، يحظى بتأييد زملائه في المجلس المنبثق بعد العدوان على افغانستان، وفي المناسبة يقال عنه إنه في المفاوضات التي جرت حول خط أنابيب النفط الأفغاني، كان مستشاراً لدى شركة "يونوكال". ومن ثم فقد شجع انسحاب حركة طالبان من المدن وتواجد قواعد أمريكية في افغانستان على احياء خطة قديمة تهدف لمد خط أنابيب من دول آسيا الوسطى عبر الاراضي الافغانية لتصل نقاط تجمع على السواحل الباكستانية بتمويل من عدة جهات منها شركات كورية وبدا واضحاً لكل ذى عينين أن (الإقتصاد) هو الذى يحكم العلاقات بين الدول . . والقوى .. ولذلك أصبحنا نرى بوصلة حركة الصراع بين حين وآخر تتجه نحو مناطق الثروة .. إما لاستنزافها .. أو للسيطرة عليها لضمان الإنفراد بكنوزها