المشروع الفرنسي لاحتلال الجزائر عام 1721 وعام 1729
الجزائر تنقض الشعب الفرنسي من المجاعة عام 1789م
إن العلاقات الجزائرية الفرنسية كانت قديمة الى حد كبير مما سمح بإقامة صداقة قوية وتعاون دائم ، وقد ظهر هذا التعاون والصداقة في شكل إمتيازات ، قروض، ومعاهدات سلام بين البلدين ،فمنذ أوائل القرن السادس عشر تحصلت فرنسا على امتيازات في الجزائر، تمثلت في ممارسة التجارة واستغلال بعض المنافع على الساحل ،حيث تولت الشركة الإفريقية هذه المسؤولية.
أثناء الثورة الفرنسية كادت هذه الصداقة أن تتوقف بين البلدين الا ان الجزائر واصلت منح فرنسا مساعدات اقتصادية وبالأخص النقود والحبوب ، وعندما هاجم نابوليون مصر اضطرت الجزائر نظرا لالتزاماتها نحو البال العالي أن تعلن الحرب على فرنسا ، وتحت تأثير وترغيب بريطانيا جردت الجزائر فرنسا من إمتيازاتها على الساحل الجزائري ،ومنحتها الى بريطانيا الا ان ذلك لم يدم طويلا، حيث استرجعت فرنسا في الحال امتيازاتها بمعاهدة عام 1817، بعد أن هاجمت بريطانيا الجزائر خلال عام 1816 ،. وبعد ثلاث سنوات أصرت الجزائر على أنه يجب على فرنسا أن تجدد المعاهدة لإعادة النظر في طريقة الدفع ، فتوترت العلاقات بين البلدين حتى كادت أن تنقطع .
فرنسا في الحقيقة كانت تعد حملتها ضد الجزائر حتى قبل الثورة الفرنسية ، فقد أكتشف في الوثائق الفرنسية وجود مشروع غريب قد م سنة 1729 الى الملك الفرنسي ، بهدف احتلال الجزائر، وفي سنة 1791 كان هناك مشروع غريب آخر يستهدف كذلك احتلال الجزائر .
مع بداية الثورة الفرنسية سنة 1789 تعرضت فرنسا إلى حصار سياسي واقتصادي من طرف الحكومات الملكية الرجعية في أوروبا ، وقد عانت فرنسا من جراء هذا الحصار أزمة اقتصادية حادة، بعد إفلاس خزينتها مما جعل الفرنسيين يعانون من مجاعة كبيرة . وكمخرج من هذه الأزمة ، عمدت فرنسا إلى إعادة النظر في علاقاتها مع الدولة العثمانية بشكل عام ، ومع داي الجزائر بشكل خاص ، أمام هذه الظروف الصعبة التي كان يجتازها الشعب الفرنسي ، وقفت الجزائر بجانبه موقفا إنسانيا تجلى في منح الحكومة الفرنسية قرضا بدون فائدة مقداره 250.000 فرنك ،و تزويد فرنسا بشحنات من الحبوب والمواد الغذائية.
رغم انتهاج نابليون لسياسة المهادنة مع الجزائر ، وحرصه على استمرار العلاقات الطيبة معها، الا ان شهوة الفتح والغلبة التي استبدت به ، جعلته يعد مخططا عسكريا لإخضاع الجزائر لنفوذه وسلطانه، حين تسمح ظروفه بذلك ، وقد مهد لذلك ببث شبكات التجسس تحت ستار البعثات العلمية وتعزيز المبادلات التجارية ،وقد ساهم فشل نابليون في حصاره القاري لبريطانيا ، و تشتت قوته العسكرية بعد هزيمته في روسيا ، وقيام تحالف أوروبي بمقتضى معاهدة شومون عام 1814 ، في الحيلولة دون تحقيق المخطط النابليوني لاحتلال الجزائر ،إلا أن عملية الغزو الفرنسي التي تمت عام 1830 ، قد نفذت على ضوء التقارير والمعلومات والمخططات التي وضعاها الجاسوس الفرنسي بوتان بتكليف من نابليون الأول.
موقف الجزائر من الثورة الفرنسية عبر عنه الداي سيدي حسن باشا في رسالة وجهها إلى لويس السادس عشر في شهر نوفمبر من عام1791 جاء فيها ".. إننا قبل كل شيء نقوم بأداء الدين الذي تستوجبه الصداقة بالسؤال عن صحة جلالتكم ،نرجو من الله أن يبقي دائما متمتعا بالجلوس على العرش الذي يزينه بخصاله الحميدة ،وبلدات عهد مبارك ومجيد وهي المنة التي نطلبها من الله ببركة عيسي بن مريم ،الذي له الشرف الكلام مع الله خالق الكون ، إننا نعرف السبب الذي عطل وصول السفينة التي أمرتهم بتجهيزها وأننا لا نجهل بكونها نجمت من جراء الاضطرابات التي أثارها، بعض من ذوي النفوس الشريرة والنوايا الخبيثة في إمبراطورية فرنسا لزرع الخلاف والشقاق في المقاطعات ... لم يحدث شيء من هدا القبيل في فرنسا مند الأحقاب الغابرة ،انه لشيء غريب, هدا التجمع للمشوشين والاضطرابات التي أحدثوها وخروجهم عن الطاعة . وانه ليستحيل علينا أن نصف لكم مبلغ السرور والغبطة التي شعرنا بها، عندما علمنا بالخبر السعيد انه بفضل القدرة الإلهية وعونه الخاص، كل شيء عاد إلى مجراه الطبيعي وكل إنسان عاد إلى مكانه ،قطع الله دابر العصاة والمتعنتين أينما وجدوا آمين..."