Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

كتاب اسرار الصـراع العربـي الإسرائيلـي/إسرائيل أغرقت "ليبرتي" لإخفاء مذبحة الأسرى المصريين/ حرب أكتوبر 1973بين

 

كتاب اسرار الصـراع العربـي الإسرائيلـي

حرب أكتوبر 1973بين النصر والإجهاض  

إسرائيل أغرقت السفينة "ليبرتي" عمدا لإخفاء مذبحة الأسرى المصريين

  مؤلف والصحفي المحقق صالح مختاري

ديسمبر 2002

 

 تزداد الفترة التي تفصلنا عن حرب أكتوبر 1973 بعدا وتتراكم الكتابات حولها. ويبقى الجدل حولها قائما. هل هي حرب تحرير؟ أم أنها حرب تحرير الوضع السائ=د في الشرق الأوسط وإخراجه من حالة "الا سلم" هل هي الحرب الصانعة لانتصار الجيوش العربية بعد أن فشلت الحروب السابقة في تحقيق النصر؟ أم أنها المقننة لهزيمة 1967 والقاضية على روح المطالبة باستعادة الأراضي المحتلة ... ولهذا الجدل مشروعيته، لأن آثار حرب أكتوبر لا زالت "حية" ولازالت بصماتها واضحة على خريطة الواقع العربي.

إن أية محاولة للحكم على هذا الجدل تتطلب قراءة متأنية لنتائج هذه الحرب، والفرز بين الجوانب التي يمكن أن تعد انتصار.وبين تلك التي تعتبر إجهاضا لهذا الانتصار.

يمكن تلخيص النتائج الإيجابية التي حققتها الأنظمة العربية في حرب أكتوبر في النقاط التالية:

1-إن عبور القناة، واجتياز خط برليف وتكبيد إسرائيل الخسائر الفادحة في العتاد وفي الأرواح، يعد إنجازا عظيما ساهم في تدمير أسطورة تفوق الجيش الإسرائيلي، وفي نسف كل الأقاويل حول هذا الجيش الذي لا يقهر وأحدث هزة عنيفة داخل إسرائيل وهذا خلافا للحروب العربية الإسرائيلية التي تنتهي بارتفاع المعنويات داخل إسرائيل. وقد نشطت هذه الهزة المعارضة داخل إسرائيل، وقد نشطت هذه الهزيمة المعارضة داخل إسرائيل، وكان لها أن تتحول إلى نكبة لو استمرت الحرب لمدة أطول، وذلك لأن إسرائيل التي عمدت إلى تجنيد 20 % من طاقتها البشرية التي كانت تعد بـ 3 ملايين نسمة  وهي نسبة عالية جدا لم تصلها أية دولة في العالم لا يمكن لها أن تستمر في الحرب الطويلة، لأن النسبة المذكورة تتكون من القوات الاحتياطية التي تهدد الاقتصاد الوطني بالشلل نتيجة إيقافها في جبهات القتال.

2-إن التخطيط والتدبير المشترك للحرب بين سوريا ومصر على الجبهتين والمشاركة العربية الملموسة في ميدان المعركة قد أعطي للتضامن  العربي محتوى تحرريا فعالا.

3-لأول مرة توظف الدول العربية سلاح النفط في المعركة، حيث قرر وزراء النفط العرب في اجتماعهم المنعقد يوم 17 أكتوبر 1973، تخفيض الإنتاج فورا وبحد أدنى تقدر نسبته بـ 5% وتتزايد هذه النسبة بـ 5% أخرى كل شهر إلى أن يتم الجلاء عن الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 وتستعاد حقوق الشعب الفلسطيني.

وقرروا تطبيق هذا التخفيض على الولايات المتحدة الامريكية في المقام  الاول، وعلى الدول الصناعية التي تساند إسرائيل.

4-بدأت إسرائيل تحس بالعزلة بعد حرب أكتوبر، خاصة بعد أن قامت حوالي 24 دولة إفريقية بقطع علاقاتها مع إسرائيل وبعد أن اعترف الرأي العام العالمي بدرجات متفاوتة بعنصرين أساسيين في أزمة الشرق الأوسط وهما: انسحاب القوات الإسرائيلية التام من كافة الأراضي المحتلة بعد جوان 1967، بالحقوق الوطنية العادلة للشعب الفلسطيني.

هل يمكن القول بأن هذه المكاسب والانتصارات قد تمت صيانتها وزاد تعزيزها أو أن الأحداث التي قد أطاحت بها وأجهضتها ؟

عناصر الإجهاض

كانت المفاوضات التي أطلق عليها بـ "الكيلو 101" والتي انطلقت يوم 19 أكتوبر 1973 بين إسرائيل ومصر تحت الإشراف المباشر للولايات المتحدة الأمريكية الخاصة بفك الحصار عن الجيش الثالث المصري، هي بداية المسار الاستسلامي.

وبالفعل فبعد أربعة أشهر من تاريخ هذه المفاوضات في جانفي 1974 وقعت اتفاقية فصل القوات بين إسرائيل ومصر وتنص هذه الاتفاقية على : تخفيض الوجود العسكري المصري على الجبهة الشرقية من القناة إلى 7000 جندي فقط و30 دبابة على ألا يتجاوز عمق الشريط الذي تحتله هذه القوات خمسة أميال فقط انسحاب القوات الإسرائيلية إلى خط يبعد ترابط قوات الطوارئ الدولية في المنطقة الوسطى عمقها عشرة أميال الفاصلة بين القوات الإسرائيلية والقوات المصرية.

وقد لحقت هذه اتفاقية أخرى لفك الحصار على الجبهة السورية وذلك في ماي من سنة 1974.

إن الخسائر التي تكبدها إسرائيل أثناء الحرب دفعتها إلى استعمال كل ما تملك من إمكانيات لتوقيف الهجوم المسلح عليها، لذا وضعت لاتفاقية فك الارتباط هدفا واضحا يتمثل في إنهاء حرب الاستنزاف على الجبهة المصرية وتثبيت وقف إطلاق النار بشكل دائم، تجري المفاوضات في جو خال من أي ضغط عسكري على إسرائيل، أي في وضع تفاوض فيه إسرائيل من موقع قوي بحكم احتلالها للأراضي العربية.

لقد عملت المفاوضات مع إسرائيل على تفتيت وحدة الصف العربي، وذلك لأنها اشترطت التخلي على وسيلة الضغط العربي (البترول) والتي شكلت عاملا إضافيا في تنشيط التضامن العربي، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية مصرة على إعادة ضح البترول العربي إليها وإلى الدول الغربية المناحرة ضد الدول العربية، واعتبرته الشرط الضروري والأساسي لإنجاز اتفاقيات فك الارتباط، كما أن هذه المفاوضات قد نسفت أسس النشاط العربي المشترك لحل قضية الشرق الأوسط من خلال فرضها للحلول الفردية وللتفاوض الثنائي المنفصل.

لقد تمت كل هذه التنازلات تحت الشعار الذي رفع في المنطقة العربية وفي الساحة المصرية على وجه التحديد والذي ينص على أن "90% من أوراق حل أزمة الشرق الأوسط في يد أمريكا". فكانت التجسيد الحي لسياسة "الخطوة"   التي بدأت من مفاوضات الكيلو 101 وصولا إلى قيام السادات بزيارة إلى تل أبيب في نوفمبر 1977 وإمضاء اتفاقية كامب دافيد التي تنص على مبدأ إقامة علاقات طبيعية وكاملة بين إسرائيل من الأراضي العربية ودون أن تستلزم إسرائيل بالانسحاب من هذه الأراضي. وإذا كانت إسرائيل تعهدت بموجب هذه الاتفاقية بالانسحاب إلى حدود مصر الدولية، فإن هذا لا يشكل قاعدة ثابتة تطبق على بقية الأراضي المحتلة (الجولان، الضفة الغربية، غزة)، ولم تشر الاتفاقية لمنظمة التحرير الفلسطينية ولا لحق الشعب الذي تمثله، وكل ما دعت إليه هو تسوية قضية هذا الشعب من خلال مفاوضات مع الأردن ومصر وممثلين عن سكان الضفة والقطاع. وهذا معناه عمليا توطين الفلسطينيين الذين شردوا من وطنهم عام 1948. أما الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 فإن الاتفاقية تدعو إلى إقامة "حكم ذاتي فيها"  يقتصر دوره على إدارة الشؤون اليومية للسكان تحت الوصايا الإسرائيلية الأردنية المصرية المشتركة، هذا مع بقاء قوات الاحتلال الاسرائيلي في هذه المناطق وتوليتها مسؤولية "الأمن" فيها وذلك لفترة انتقالية مدتها 5 سنوات يجري بعدها التفاوض حول مصيرها النهائي في "جو سلمي".

انتهت الفترة الانتقالية، وتلاشت فيها آمال كل من كان ينتظر الحل من هذه المفاوضات، ولازال ما قاله مناحيم بيغن أمام المنيستين يوم 25 سبتمبر 1978 على إثر اتفاقية كامد دافيد يمثل موقف إسرائيل الرافض للتنازل على أي حق من حقوق "الشعب الفلسطيني" والوارد في نصوص الاتفاقية، معناه حسب القاموس الإسرائيلي هو "عرب لأرض إسرائيل أما مسألة الحكم الذاتي، فيوضحها من خلال مطالبته بالتمييز بين حكم ذاتي كامل للأراضي، وبين حكم ذاتي للسكان.

وإن الأحداث المتتالية الصانعة لمسيرة الاستسلام، والفشل المتوقع لتسوية قضية الشرق الأوسط. تدعو إلى طرح التساؤلات التالية:

كيف انقلبت موازين القوى في الشرق الأوسط، وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية التي وقفت ضد العرب في كل حروبهم الصديق الحميم للنظام المصري؟ كيف تم تحديد الاتحاد السوفياتي من الصراع واستغناء مصر عن خدماته رغم اعترافه بحق الشعب الفلسطيني ومطالبته بالانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 1967؟

كيف أصبحت إسرائيل بالنسبة للنظام المصري دولة مجاورة وصديقة لها حق التمثيل الدبلوماسي فوق التراب المصري بعد أن كانت العدو الذي حاربته في السابق؟ ولماذا تم التنكر للشهداء الذين سقطوا من أجل استرجاع الأراضي العربية بكل هذه السرعة؟ من الذي جعل مصر في الستينات قاعدة دعم لحركات التحرر في إفريقيا وآسيا؟ ومن الذي جرها لتكون في أواخر السبعينات أداة عدوان على هذه الحركات؟

إن الإجابة على هذه الأسئلة لا تعثر عليها في هذه الصفحات ولا تجدها في الأكوام المتراكمة من المقالات الصحفية ومن كتب المناسبات التي مهدت الطريق لزيارة السادات إلى إسرائيل والتي تبرز مصر وكأنها ضحية الصراع العربي الإسرائيلي الوحيدة، وأن الحروب السابقة قد أنهكت اقتصادها، وبأن مصر قدمت الكثير من التضحية في سبيل القضية القومية وقد آن لها أن "تجنح". نحو السلم صونا لمصالحها العليا. أو تلك الكتابات التي تقول بدون لف ولا دوران بأن العرب غير جديرين بكل التضحيات التي قدمتها مصر وشعبها ؟

مثل هذه الكتابات وإن كانت لا تعطي أجوبة على الأسئلة المطروحة لأنها تحمل قدرا كبيرا من التبرير ولا تقدم أي تحليل للنهج الذي سارت فيه مصر من أجل تحفيز التفكير حول الأسئلة المذكورة غير أنها تقدم عنصرين أساسيين يفسران إلى حد ما اختلال ميزان القوى داخل مصر.

العنصر الداخلي: هل يمكن الاعتقاد بأن اتفاقية كام دافيد هي الثمرة  المرة التي أنضجتها ثغرة الدفراسوار وحصار الجيش الثالث؟ ألا يمكطن اعتبارها التعبير السياسي والديبلوماسي ببنهج الاقتصادي الذي سلكته مصر والذي بدأ يعبر عن نفسه بكل وضوح بعد حرب أكتوبر مباشرة؟

بالفعل لقد صدر في مصر عام 1974 وحده حوالي 124 مرسوما قانونيا تضمنت قي مجملها القضاء على المضمون الاجتماعي لثورة جويلية 1952 وهذا من خلال تخريب وتهديم القطاع العام، ورفع القيود على الرأسمال الخاص المصري والعربي والأوروبي والأمريكي ومنحه الامتيازات التي تثير الدهشة والاستغراب مثل الاعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية وعدم التقيد بخطة الدولة في المجال الاقتصادي وتعيين مناطق حرة لنشاط رؤوس الأموال الخاصة وللتجارة الدولية.

إن رأس مال الخاص الذي جسد هذا الاختيار الاقتصادي وأصبح يعرف باسم "الانفتاح الاقتصادي" أصبح يتطلب ضمانات أخرى، ضمانات غير مالية ولا جمركية تشترط توفير الأمن والاستقرار لمشاريعه، وهذا معناه عن الحرب   مع إسرائيل وإقامة علاقات حميمة معها. وربما تنتهي هذه العلاقات بإغراء الرأسمال الإسرائيلي بالمشاركة في تجسيد مشاريع الانفتاح الاقتصادي، وهكذا إذن تظهر اتفاقية كامب دافيد كنتيجة منطقية لتوجه اقتصادي واجتماعي داخل المجتمع المصري، ويؤكد هذا التحليل حقيقتين أساسيتين هما:

-صحة المقولة  التي ترى ترابط العلاقة بين الكفاح الاجتماعي والكفاح التحريري.

-إن فشل "الانفتاح الاقتصادي" في توفير الرخاء المزعوم للشعب المصري قد أدى بالاقتصاد المصري إلى تزايد استدانته وتبعيته بالمقابل فشل كامب دافيد في إعادة الأراضي المحتلة وفي إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، بل زاد في تبعية وقيود النظام المصري.

العامل الخارجي: أن انفلات الدول التي تشكل الحزام المحيط بالمنطقة العربية (أثيوبيا، إيران، أفغانستان) من قبضة الولايات المتحدة ومن حلفائها قد جعل هذه الأخيرة ترمي بكل ما تملك من ثقل في المنطقة وتدافع بشراسة عن مواقعها المكتسبة وعن شريكتها إسرائيل حتى وإن تطلب ذلك تدخلها المباشر (تدخل قوات المارنيز في لبنان سنة 1982).

وفي هذا الإطار يمكن التقرب من فهم عدم تغير الموقف الأمريكي من قضية الشرق الأوسط ومن منظمة التحرير الفلسطينية فرغم التنازلات التي تقدمت بها مصر مثل طرد الخبراء السوفيات التخلي عن السلاح السوفياتي، الاعتراف بدولة إسرائيل إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية ظلت متميسكة بموقفها المتمثل في أن حوار أو أي شكل من الاتصال مع منظمة التحرير الفلسطينية يتطلب اعتراف هذه الأخيرة ومن جانبها فقط بإسرائيل وبالقرار 242 مع تقسيم الأراضي المحتلة عام 1967، بين إسرائيل والأردن وتوطين الشعب الفلسطيني في أحدهما. مع إقامة علاقات طبيعية كاملة بين إسرائيل والدول العربية المحيطة بها.

إن انسداد الجبهة المصرية في وجه الكفاح المسلح المعادي لإسرائيل قد شجع البعض على الطابع التحرري على حرب أكتوبر واعتبارها مجرد عملية عسكرية كبرى حركت الوضع في الشرق الأوسط ووفرت الأرضية التي تقف عليها الحلول الاستسلايمة.

لقد تضعضع الموقف العربي بعد، انسداد جبهات القتال ضد إسرائيل فحجب أفاق الكفاح العسكري لاستعادة الأراضي المحتلة عام 1967.

فبعد الجبهة السورية، أتى دور الجبهة الاردنية لتقفل في وجه المقاومة سنة 1970 والتحقت بهما الجبهة المصرية في سنة 1974 ولازال الصراع ضاريا لالحاق الجهة اللبنانية.

فإذا كانت الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت في صيف 1975، قد شجعت إسرائيل على الطمع في احتلال جنوب لبنان ودفع هذا الأخير إلى المصادقة على نسخة من كامب دافيد لبنان فإنها أنهكت القوى المناهضة لإسرائيل حيث أثرت على المقاومة الفلسطينية، ويعتقد البعض بأنها أضعفت موقف سوريا، أيضا، خاصة بعد إرسالها في أول جوان 1976 لحوالي 4000 جندي من قواتها النظامية و 250 مدفعية إلى لبنان لتشكل ورقة مساومة وضغط عليها.

لكن ألا توجد قوى في الوطن العربي معرضة للخط الذي انتهجه النظام المصري؟ ألا يدل فشل اتفاقية كامب دافيد، وإسقاط الاتفاقية الإسرائيلية اللبنانية المبرمة في 1982، على استمرار المقاومات المتصدية لإجهاض مكتسبات حرب أكتوبر؟

إن حرب اكتوبر وما أفرزته على الصعيد العربي والدولي، مكنت منظمة التحرير الفلسطينية من إعادة قراءة الوضع  وإعادة تقدير إمكانياتها النضالية سياسيا وعسكريا وهذا ما جعلها تتبنى ما أصطلح على تسميته بالبرنامج السياسي المرحلي في الدورة الثانية عشر للمجلي الوطني الفلسطيني المنعقد بالقاهرة في 01-04-1974 والذي ينص على ضرورة تحديد الهدف المرحلي من كفاح الشعب الفلسطيني، وذلك لأن شروط إنجاز الهدف النهائي لن تتحقق دفعة واحدة، وان إلحاق الهزيمة الكاملة بالعدو ستتحقق عبر سلسلة من التغيرات النسبية المتوالية في ميزان القوى. وأن الهزائم الجزئية ستوفر بالضرورة إمكانية انتزاع التنازلات من العدو وإجباره على التراجع والتسليم بجزء من حقوق الشعب الفلسطيني قبل إلحاق الهزيمة الكاملة به.

لقد شكل هذا البرنامج قاعدة للالتفاف الجماهيري داخل الأراضي المحتلة وخارجها بمنظمة التحرير الوطني الفلسطيني وخلق منها القوة الصامدة ضد الحصار المسلح والضربات العنيفة التي تلقتها في لبنان في السنوات التالية 1976-1986 بل مكنتها من التصدي للغزو الإسرائيلي للبنان ومن تكبيده خسائر معتبرة (حوالي 1957 قتيل في صفوف الإسرائيليون خلال حرب 1982 في لبنان).

إن الثمانينات تشهد على بقاء منظمة التحرير الفلسطينية والقوى الوطنية اللبنانية كسلاح مشهور ضد إسرائيل، ومن هنا تجدد التفكير ثم التنفيذ في شكل من أشكال إجهاض الكفاح العربي: إنه الاقتتال العربي الفلسطيني، والاقتتال الفلسطيني الفلسطيني.

 

 

إسرائيل أغرقت السفينة "ليبرتي" عمدا لإخفاء مذبحة الأسرى المصريين

 

منذ قيام يوم 8 جوان من عام 1967 بإغراق السفينة الأمريكية "ليبرتي" بالقرب من شاطئ العريش مما أسفر عن قتل 34 وجرح 117 من الأمريكيين صدرت عشرات مكن الكتب التي تناولت هذا الحادث ومبرراته وقد روجت بعض الكتب لإدعاء إسرائيل بأن إغراق السفينة كان "حادث مؤسف" إلا أن أغلب هذه الكتب أكدت أن إسرائيل قد تعمدت إغراق السفينة بل والقضاء على كافة الأمريكيين الموجودين بها وعلى الرغم من ذلك لم تتمكن أسر الضحايا حتى الآن من رفع قضايا التعويض المناسبة ضد إسرائيل.

وفي شهر ماي 2001 صدر بالولايات المتحدة الأمريكية كتاب بعنوان "جهاز الأسرار" تناول نشاط وكالة الأمن القومي الأمريكي منذ الحرب الباردة وقد تضمن الكتاب وهو من تأليف جيمس برانفورد الذي عمل من قبل مخرجا بشبكة أي.ب.سي. فصلا عن حادث السفينة ليبرتي والذي يعد فصلا حزينا لنشاط وكالة الأمن القومي التي تتبعها السفينة المشؤومة وقد ورد بالكتاب المذكور معلومات تصلح لتوثيق قيام الإسرائيليين بارتكاب جرائم الحرب في عام 1967 ويخلص المؤلف إلى أن إسرائيل قامت بإغراق سفينة التجسس الأمريكية لأنها عرفت بأن السفينة قد التقطت معلومات واتصالات فيما بين القيادات عسكرية الإسرائيلية حول عمليات قتل أسرى الحرب من الجنود والضباط المصريين.

ويقول المؤلف أن القيادة العسكرية الإسرائيلية تلقت يوم 8 جوان تقريرا يفيد بأن سفينة أمريكية ضخمة للتجسس كانت تلتقط الاتصالات السرية فيما بين القوات العسكرية الإسرائيلية على بعد عدة أميال من العريش حيث قام جنود إسرائيل بذبح مئات من المدنيين وأسرى الحرب من العسكريين المصريين. وهي حقيقة معروفة مقبولة من قيادات  الجيش الإسرائيلي وفقا للمؤرخ العسكري الخاص بجيش إسرائيل.

وقد نقل المؤلف عن مؤرخ عسكري آخر يدعى يورى ميلستين أن الجنود الإسرائيليين كانوا يقتلون الجنود والضباط المصريين بعد استسلامهم. ويقول يورى أن هذا الأمر وإن لم يكن سياسة رسمية إلا أن المناخ العام كان يوافق على ما يحدث وكان بعض القادة الإسرائيليين يقدمون على ذلك في حين كان هناك آخرون يرفضون ذلك.

ويقول الكتاب أن إسرائيل  لم تكن تدرك أن خبير اللغة العبرية لم يكن موجودا على سفينة التجسس "ليبرتي" بل كان موجودا في طائرة تجسس أمريكية تحلق فوق المنطقة.

ويستطرد المؤلف في سرد كيفية محاولة إسرائيل القضاء على كافة ركاب السفينة ليموت السر معهم وحتى لا يكشف البعض أنهم أكدوا لإسرائيل هوية السفينة دون جدوى وذلك لأن إسرائيل كانت في ذلك الوقت تدعى أنها ضحية عدوان عربي وكانت لا تريد للبيت الأبيض أو الأمم المتحدة أن تعرف سر قيامها بذبح العسكريين المصريين.

ويشير المؤلف إلى دراسة نشرت "بمجلة البحرية القانونية" تؤكد إصرار إسرائيل على القضاء على طاقم جنود سفينة التجسس الأمريكية وأن ادعاء الجانب الإسرائيلي أن إغراق السفينة كان يستهدف منعها من الهجوم بمدفعها على مدينة العريش لا أساس له من الصحة.

ويبدي المؤلف عجبه من قبول الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت لمنطق إسرائيل بأن الحادث مجرد "غلطة" ويستنكر عدم قيام الكونجرس في ذلك الوقت  بعقد جلسة استماع لمعرفة ما حدث تماما وقد فضل أعضاؤه السكوت لإرضاء أصدقاء الكونجرس سعيا وراء تبرعاتهم لتمويل الحملات الانتخابية.

ويؤكد المؤلف أن كافة اللقاءات التي أجراها والمستندات التي حصل عليها من وكالة الأمن القومي ومن كبار العاملين بها الذين أطلقوا على كافة المعلومات السرية الخاصة بالحادث أثبتت الاعتقاد الراسخ بان الحادث قد تم عمدا.

ويتناول المؤلف في مواقع عديدة بكتابه عمليات ذبح الجنود المصريين فيقول : "إن الإسرائيليين قاموا خلف جامع العريش بجمع ستين من المصريين غير المسلحين في صف واحد ثم أطلقوا عليهم الرصاص حتى غطت دماؤهم رمال الصحراء ثم أمروا بعض أسرى الحرب بدفنهم وبالقرب من هذا الموقع أطلقوا الرصاص على 13 جنديا آخرين." ويقول المؤلف نقلا عن صحفي إسرائيلي يدعى جابي بورن أنه رأى حوالي 150 من أسرى الحرب المصريين يجلسون على الأرض وقد وضعوا أيديهم فوق رؤوسهم وذلك بعد أن قام كل منهم بحفر حفرة أمامه ليدفن فيها ثم تقدم جنود إسرائيل ليطلقوا عليهم الرصاص حتى الموت.

وقال صحفي إسرائيلي أنه شاهد عملية القتل الجماعي بنفسه في موقع بالقرب من مطار العريش. ويقول المؤلف أن أريا إسحاقي المؤرخ العسكري الإسرائيلي الذي كان يعمل بإدارة التاريخ العسكري بعد الحرب قد ذكر أنه قد قام بالاشتراك في جمع شهادة عشرات من الجنود الإسرائيليين الذين أكدوا قيامهم بقتل أسرى الحرب.

ويقول اسحاقي أن القوات الإسرائيلية قد قتلت أكثر من ألف من أسرى الحرب المصريين في سيناء إلى جانب حوالي 400 آخرين بالقرب من العريش.

ودون مزيد من التفاصيل يقول المؤلف : أن إيريل شارون كان يسيطر على منطقة جنوب العريش أثناء هذه المذابح وأن أحد الضباط الذين عملوا معه أثناء أزمة السويس في عام 1956 ويدعى أريى بيرو قد اعترف بقيامه بقتل 48 أسيرا مصريا دون أن تكون لديهم حتى فرصة  للنطق بأي كلمة.

بل لقد اعترف هذا السفاح بأنه كان يرى الأسرى المصريين يكادون يموتون عطشا فكان يفرغ أمامهم ما لديه من ماء فوق الرمال ثم يقتلوهم.

وقال : إذا كان ما أقوله سيضعني أمام المحكمة فإن الضرورة تتطلب محاكمة نصف جيش إسرائيل.

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :