قصة تواطؤ السعيد بوحجة مع الحركى في الثمانينات
كيف أدخلهم إلى وهران..
وكيف رصدته أجهزة الأمن
استغل عضو مجلس الأمة حاليا جلول براهمة، وصديقه السعيد بوحجة، أحد أهم مسؤولي جبهة التحرير الآن، نفوذهما بين ١٩٨٣ و١٩٨٥وسهلا دخول رئيس منظمة الحركى الجزائريين ونائبه إلى الجزائر، خارقين القوانين والتعليمات، والخطاب الرسمي للحزب الذي ينتميان إليه.
صالح مختاري
كشف تقرير أمني للمفتشية الجهوية للشرطة بغرب البلاد مؤرخ في ١٣ ماي ١٩٩٦ أن الجهاز المركزي لجبهة التحرير الوطني تم اختراقه من طرف "الحركى" منذ سنة ١٩٨٣. وجاء في التقرير، وهو وثيقة مختومة بعبارة "سري" ويحمل رقم ٢٥١ / ٨٨، b2.irg. أن السعيد بوحجة، المحافظ السابق للأفلان بوهران، والمقرب حاليا من الأمين العام ورئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم، وبراهمة جلول، السيناتور بمجلس الأمة حاليا، استقبلوا بين ١٩٨٣ و١٩٨٥ رئيس جمعية فرنسية تعني بشؤون الحركى، المدعو الشريف باء، وهو ضابط صف سابق بالجيش الفرنسي خلال ثورة التحرير ونائبه صالح شين، وهذا عندما كان دخول الحركى ممنوعا بنصوص قانونية وتعليمات رسمية صادرة عن الدولة والحزب الواحد في ذلك الوقت.
وكشف التقرير، الذي أرسل إلى المديرية العامة للأمن الوطني في ١٦ جويلية ١٩٩٦ عن وجود علاقة قرابة بين جلول براهمة والشريف باء ونائبه صالح شين، وأن هذه العلاقة دفعت بهذا الأخير، وبدعم من السعيد بوحجة لتسهيل دخول مسؤول منظمة الحركى ونائبه إلى الجزائر عن طريق ميناء وهران في أوت ١٩٨٣، وتنقل الرجلان بحرية خلال الأسبوعين الذين قضاهما في الجزائر رفقة زوجتيهما، حيث قام الشريف باء بقضاء حوالي أسبوع لدى عائلته في ولاية ميلة وقسنطينة، فيما أمضى نائبه صالح شين أياما هادئة في قالمة.
مسقط رأسه.. بوحجة وبراهمة تحت أعين الأمن
وكانت مصالح الأمن وضعت الرجلين، بصفتهما مسؤولي منظمة قدماء الحركى الجزائريين، تحت المراقبة، وتمكنت من رصد تحركاتهما، حيث التقيا بعدد من المسؤولين بالحزب، وتنقلا بحرية، وتمكنا من العودة إلى فرنسا والدخول إلى الجزائر عدة مرات سنوات ١٩٨٣ و ١٩٨٤ و ١٩٨٥ دون أن يتعرضهما أحد أو يعيقهما مشكل، وقد أفضت تلك المراقبة إلى رصد عدد من الإجتماعات بين رئيس المنظمة ونائبه وعدد من المسؤولين السياسيين والإداريين الجزائريين، بعضها في الجزائر وبعضها في باريس، أكثرها حضرها السعيد بوحجة، أحد أهم المقربين من الأمين العام للأفلان حاليا، وجلول براهمة في مدينة ليون الفرنسية، خصصت لبحث سبل تسهيل عودة الحركة إلى الجزائر عن طريق إصدار قرارات أو سن قوانين تقترحها جبهة التحرير، وهو المسعى الذي أفضى إلى إتخاذ قرار رسمي معاكس اتخذ على أعلى مستوى في رئاسة الجمهورية يقضي بمنع الشريف باء من دخول التراب الجزائري، مؤرخ في ٢٦ سبتمبر ١٩٨٧ ويحمل رقم ٧٩٠٧ أ ع / ش ع / د أ ف ف ، وهو قرار ما زال ساري المفعول إلى غاية اليوم.
عسكري سابق يراسل الشاذلي بن جديد
وقد جاء في رسالة مكتومة بعبارة"سري"، وجهها عسكري سابق لرئيس الجمهورية السابق والأمين العام للأفلان الشاذلي بن جديد، تفاصيل كثيرة عن مساعى الحركى، بواسطة رئيسهم الشريف باء ونائبه صالح شين، لاختراق حزب جبهة التحرير ، وتمكنهم، بواسطة علاقات قرابة، من التعاطي إيجابيا مع السعيد بوحجة وجلول براهمة، ويكون هذا التقرير، والتقارير الأخرى التي انجزتها مصالح الأمن، التابعة للشرطة والتابعة للجيش، وراء القرار السياسي المتخذ في ذلك الوقت بمنع الشخصين المعنيين من دخول الجزائر.
وسمحت الحروب والفوضى والصراعات داخل الأفلان من ظهور شيء من غسيل هذا الحزب إلى الرأي العام.
ففي أكتوبر ٢٠٠٦، وفي خضم الصراعات على المناصب بين أقطاب الحزب في وهران، سرب العقيد السابق في جيش التحرير مصطفى عبيد، وهو أحد المتصارعين على المناصب مع السعيد بوحجة وبراهمة جلول، فصولا من تقارير أجهزة الأمن والشرطة ورسالة العسكري السابق المدعو محمد لام، وبعد أسابيع من تسريب هذه التقارير، وهي " تقارير سرية للغاية" تم إحالة الملف على العدالة بعد تحقيقات أجرتها مصالح الأمن والقضاء، وأكدت تورط ضابط شرطة كبير بوهران في القضية، على غرار ما حدث في قضية قادة هزيل مع والي وهران السابق مصطفى قوادري.
ويقود الأفالان، الذي يوجد السعيد بوحجة وجلول براهمة، ضمن قياداته، ومن المقربين لعبد العزيز بلخادم حربا نظرية ضد الحركى، وضد فرنسا، ويوجه خطابا استهلاكيا للرأي العام، حول ما يسميه الثوابت، وفي العمق، يقومون بالتعاطي إيجابيا مع الحركى، خاصة الذين تربطهم بهم علاقات قرابة أو مصالح شخصية.
الحرب ضد ماسياس
وكان بلخادم نفسه، قاد قبل سنوات قليلة حملة واسعة لمنع دخول المغني الفرنسي، الجزائري المولد أنريكو ماسياس، على الرغم من أن الدعوة التي وجهت إليه صدرت عن رئيس الجمهورية شخصيا، وبرر بلخادم، ورفاقه في الأفالان موقفهم بالقول أن ماسياس، له موقف معادي لفلسطين، وكان والده معاديا للثورة التحريرية، غير أن معلومات عديدة تسربت في الفترة الأخيرة، أكدت بأن ماسياس، دخل إلى الجزائر مرتين على الأقل، وأقام في ضيافة رجل أعمال جزائري تربطه به علاقة صداقة، وهذا بعلم قيادة الأفالان، وعلى رأسهم بلخادم نفسه.
ولم يتم التأكد لحد الآن من صحة الخبر من جهة رسمية، وإن كان رسميا أم لا، غير أن المصادر التي سربت الخبر أكدت صحته، مشيرة إلى أن ماسياس، دخل سنة ٢٠٠٣ مرتين، وأقام في إحدى ولايات الجنوب، وزار مسقط رأسه قسنطينة.
ويأتي موقف بعض مسؤولي الأفالان من الحركى في ظل جدل حقيقي حول المواقف الصحيحة والمواقف المزيفة من هذه القضية، ففي إجتماع لأبناء الشهداء تم في منتصف أوت ٢٠٠٧ بأم البواقي، قال خالد بونجمة، أنه يملك قائمة تضم ٥٤٠ حركي يحتلون مناصب عليا في أجهزة الدولة المختلفة، وهدد بكشف هذه القائمة دون أن يلتزم بوعده ويكشف هذه الأسماء للرأي العام.
ويشبه هذا الموقف موقفا مشابها أطلقه موسى تواتي قبل أشهر، قال فيه أن هناك ٧ وزراء على الأقل بحكومة عبد العزيز بلخادم مزدوجي الجنسية، ووعد الرأي العام بكشف اسمائهم دون أن يفعل هو الآخر، مفضلا الإبقاء على سره في صدوره واستغلاله إلى أقصى ما يمكن من الإستغلال.