Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

كتاب حروب امريكا اسرائيل وبريطانيا على العراق /المؤلف صالح مختاري/سياسة حركة الصهيونية في قيام دولة إسرائيل ت

سياسة حركة الصهيونية في قيام دولة إسرائيل تابع

وفي هذه الآونة تلقى هرتزل من الحكومة البريطانية عرضا بإقامة مستعمرة يهودية في أراضي شرق إفريقيا البريطانيا أوغندا وتحويلها إلى وطن  قومي يهودي فعرض هرتزل الفكرة على المؤتمر الصهيوني السادس للموافقة عليه كحل مؤقت دون التخلي عن الهدف النهائي فلسطين ولكنه واجه معارضة عنيفة انشقت المنظمة على أثرها بين معارضين ومؤيدين وتزعم مناحم أوسكين جبهة المعارضة وسافر أو فلسطين لحمل اليهود المقيمين بها على عقد مؤتمر يعارض مشروع وشرق إفريقيا وينظم جهود الشعب اليهودي بفلسطين للتمسك بها.

وبوفاة هرتزل عام 1904 عقد المؤتمر السابع عام 1905 وأعلن رفضه لمشروع إفريقيا وتمسكه بفلسطين وطنا يسعى اليهود إلى استعماره بشتى الوسائل الممكنة وهكذا انتصرت آراء الزعماء الصهاينة المنادين ببدء العمل في فلسطين دون انتظار لأي ضمانات سياسية ورغم اتفقا جميع الصهيونيين على الهدف، لسياسي الذي نص عليه برنامج بال بشأن الوطن القومي في فلسطين إلا أن الآراء قد اختلفت فيما يتعلق بأسلوب التنفيذ إذ أصر البعض على بدء النشاط العلمي في فلسطين، دون الضمانات السياسية وأطلق على هؤلاء اسم الصهيونيين العمليين بينما تمسك البعض الآخر بأهمية الحصول على هذه الضمانات قبل أي عمل وأطلق على هؤلاء اسم الصهيونيين السياسيين واستمر الصراع بين الفريقين حتى انتصر الصهيونيون العمليون.

وفي العام التالي للمؤتمر الثامن في سنة 1907 بدأ هؤلاء يسقون طريقهم نحو المخطط العملي للاستعمار المنظم في فلسطين متخذين من التغلغل الاقتصادي شعارا لهم فتألفت لجنة استقصاء أحوال فلسكين وبدأ نظام تطوير الاستعمار اليهودي في فلسطين على يد المنظمة الصهيونية وهذا بإنشاء المكتب الفلسطيني الذي كانت أول خطواته إقامة ضاحية يهودية على حدود يافا سميت تل أبيب وأصبحت فيما بعد عاصمة إسرائيل وكان المشروع الثاني هو إنشاء شركة تنمية أراضي فلسطين بهدف التوسع في استعمارها لصالح المهاجرين اليهود وتولت هذه الشركة إدارة مستعمرتين يمتلكها الصندوق القومي اليهودي وأنشئت مزارع لتدريب العمال في الزراعة وتبعتها المستعمرات الجماعية واعتبرت بمثابة معاقل للعمل الصهيوني ورمزا للعقيدة الصهيونية الاشتراكية التي برزت منذ البداية في شعار المحراث والسيف.

لما كانت القوة العسكرية تمثل أحد دعائم المخططات الصهيونية  لذلك كان أول عمل منظم مارسته الصهيونية في فلسطين خلال هذه الحقبة هو وضع الحجر الأساس للبناء العسكري الصهيوني وخلق نواته الصهيونية فقد بدأت الحقبة عام 1907 بإنشاء أو المنظمات العسكرية في فلسطين وهي منظمة الحارس البحتة وانتهت هذه الحقبة بإنشاء الكتائب اليهودية التي شاركت القوات البريطانية في القتال بمنطقة الشرق قبل نهاية الحرب العالمية الأولى.

وقد حاول من غوريون في مجال تعليله لأسباب إنشاء القوة العسكرية بفلسطين في هذا القوت المبكر أن يخفي الحقيقة الكاملة وراء المخطط المرسوم بكلمات مثل الدفاع والأمن والحراسة وحماية الأرواح وكلها ألفاظ لا تمثل الحقيقة لأن الوجود الصهيوني قائم على القهر والاغتصاب ويقول من غوريون في إنشاء منظمة هاشومير، كان من الشخف أن يعتمد المستوطنون اليهود على الآخرين في حراسة محاصيلهم وحماية أرواحهم، فإذا استمر الحال على هذا المنوال فلن يتمتعوا بحريتهم قد ولن يشعروا بأنهم في أمان على الإطلاق وإذا كان عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم وكان لا بد من استئجار الحراس لهذا الغرض فينبغي أن يكون هؤلاء الحراس من اليهود وعلى ذلك أنشئت منظمة هاشومير من رجال الحراسة وكانت في الواقع طليعة، الهاجاناة وهي قوة الدفاع اليهودية السرية التي شكلت بعد الحرب العالمية الأولى والتي لعبت دورا عنيفا في الدفاع عن اليهود بصفة مستمرة حتى إمكان الاستقلال في سنة 1948.

وسار العمل في المستعمرات المقامة بفلسطين وفقا للروح العسكرية وبذلك تكونت منظمة هاشومير على نمط جماعات الدفاع الذاتي في روسيا ولن يكن شعارها الحراسة والدفاع بل كان شعارها الذي نادى به دافيد بن غريون هو: بالدم والنار سقطت اليهودية والدم والنار سوف تعود من جديد.

وتأسست المنظمة العسكرية هاشرومير في الأصل من أعضاء حزب عمال صهيون وبعض الأعضاء القدامى من وحدات الحراسة بالخارج وكانت تقوم في البداية على مجموعة قوامها 23 شابا فقط تم انضمت إليهم عناصر يسارية من اليهود الروس الذين أدخلوا على أساليبها فكرة العمل الإيجابي تحت النضال والكفاح وعدم الاكتفاء بأعمال الحراسة السلبية بل ممارسة العنف ضد السكان العرب حتى يمكن  خلق ما يسمى باليهودي العنيف المتجرد من مشاعر الخوف أو الجبن عن طريق إحياء روح الأساطير الشعبية اليهودية القديمة وبذلك أمكن الصهيونيين إنشاء نواة لقوة عسكرية هدفها الحقيقي هو خلق أمة يهودية في البلاد تحكم نفسها وتحقق أرادتها بالقوة والعنف تعتمد على نفسها ولا تعتمد على المرتزقة.

ثم برزت ملامح إيديولوجية هاشومير في الاقتراحات التي أعلنتها عام 1912 على أساس النقاط التالية:

1- ألا يقتصر دون هاشومير على توفير الحماية المادية للمستعمرات اليهودية بل عليها أن تغرس في السكان الإحساس بواجبهم في الدافع عن أنفسهم.

2- أن توفر النواة العسكرية القادرة على توسيع نطاق الوظائف الدفاعية في المجتمع اليهودي في فلسطين.

3- يجب على هاشومير أن تعمل كقوة مسلحة محترفة في الدفاع عن المستعمرات اليهودية.

وما من شك في أن هذا البرنامج قد وضع حجر الأساس لنشأة المؤسسة العسكرية الصهيونية التي تهدف إلى حلق المجتمع اليهودي العسكري وتوسيع نطاق الوظائف العسكرية وإعطائها مركزا في المجتمع اليهودي والسيطرة عسكريا على مقدرات المستعمرات من خلال الادعاء بحق الدفاع عن الشعب اليهودي وإنشاء قوة عسكرية مسلحة محترفة.

واستنادا إلى هذا البرنامج قامت هاشومير باتخاذ الخطوات العملية لوضعها موضع التنفيذ فأسست الأجهزة السرية التنظيمية والتنفيذية لممارسة تلم المهام الواسعة وتحقيق أهدافها في تحويل المستعمرات اليهودية في فلسطين.

نجحت الحركة الصهيونية في إيجاد موطن قدم لها فوق أرض فلسطين كما أمكنها إنشاء النواة العسكرية وخلق الصهيوني المدرب عسكريا وعقائديا المشبع بفكرة العودة إلى أرض إسرائيل وإقامة الدولة اليهودية وكان وعد بلفور حدثا سياسيا اعتبرته الصهيونية نقطة تحول أساسية في تاريخها.

ففي 2 نوفمبر 1917 سلم وزير خارجية  بريطانيا اللورد أرت جيمس بلفور إلى اللورد تتالي روتشيلد زعيم الطائفة اليهودية في بريطانيا التصريح الثاني بعد أن أقره مجلس الوزراء البريطاني برئاسة لويد جوروج.

إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وسوف تبذل كل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية على ـن يكون مفهوما بوضوح ألا يتخذ أي إجراء يضر بالحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة الآن في فلسطين  أو بالحقوق والأوضاع السياسية التي يتمتع بها اليهود في أي بلد آخر.

وقوبل هذا التصريح بفرح كبير من قبل الصهيونيين واعتبروها نقطة تحول في تاريخ الشعب اليهودي، غير أن هذا التصريح لم يكن وليد ظروف وقتية معينة بل كان نتيجة جهود مضنية بذلتها الصهيونية وشاركت فيها الدبلوماسية البريطانية واستمرت عدة سنوات كما يشكل إحدى حلقات مخطط واسع النطاق أملته ظروف الحرب العالمية الأولى لخدمة الأغراض الاستراتيجية وتحقيق أطماع الدول الأوربية الكبرى في تقسيم ممتلكات الدولة العثمانية وإنهاء المسألة الشرقية.

واعتبر الصهيونيوم وعد بلفور إشارة البدء لاستباحة أرض فلسطين وطرد أهلها العرب وبدا عدد كبير من شباب اليهود في شرق أوربا تنظيم أنفسهم في حركة صهيونية سموها ميحالوتس أي الرواد التي وججها ورعاها يوسف تروميلدور وشكلت هذه الحركة نمطا جديدا من الشباب اليهودي تجمع بين المغامرة والقتال.

وفي أعقاب الحرب العالمية الأولى، بدأت موجة جديدة من أمواج الهجرة إلى فلسطين وأخذت طابع الشرعية بعد أن سمحت بها حكومة الانتداب البريطاني التي شاركت مشاركة حاسمة خلال هذه الحقبة في تدعيم قوى الصهيونية وترسيخ أقدامها في فلسطين، فخلال فترة تولى هربرت صمويل أول مندوب سامي بريطاني  من جويلية 1920 حتى جوان 1925، اعترف بمبدأ تمثيل اليهود في الجمعيات واللجان الوطنية والمجالس المحلية. كما أصبحت اللغة العبرية لغة رسمية في فلسطين ومنحت الشركات الصهيونية امتيازات إنشاء الأعمال الرئيسية الهامة كالطريق والكهرباء وأنشئت المحاكم اليهودية وافتتحت الجامعة العبرية في أفريل 1925، ومن أخطر الأعمال التي تمت خلال هذه الفترة إنشاء المنظمة العسكرية الصهيونية السرية الهاجانة واتساع نطاق الهجرة والاستعمار الزراعي الصهيوني فلسطين تحت حماية سلطات الانتداب.

ما أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها في عام 1945 حتى نشطت القوة الصهيونية في السعي نحو تحقيق هدفها لقيام الدولة اليهودية فوسع زعماء الصهيونية نشاطهم بين العمل السياسي في الخارج والعمل العسكري في الداخل والخارج.

ففي 22 ماي  1945 قدم إيزرمان إلى رئيس وزراء بريطانيا مذكرة طالبا إصدار قرار سريع يجعل فلسطين وطنا قوميا لليهود والسماح ينزوح 100 ألف يهود من أوربا إليها غير أن تشرشل طلب الانتظار قليلا. أما بن غوريون فقد ذهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على أكبر قدر من المساعدات العسكرية وانحصرت أهدافه هناك في الحصول على السلاح وعلى مصالح للأسلحة وتجديد متطوعين من يهود أمريكا للحرب ضد العرب في فلسطين.

وفي أوت من نفس السنة انعقد أول مؤتمر صهيوني بعد الحرب العالمية الثانية في لندن وطالب المؤتمر بزيادة عدد المهاجرين اليهود في فلسطين  لما يعادل 100 ألف يهودي غير أن السلطات البريطانية لم تستجب لهذا الطلب وحددت الهجرة اليهودية بحيث لا تزيد عن 1500 مهاجر شهريا وإذا كان أمل الصهيونية قد خاب ولو مؤقتا فإن بن غوريون قد صرح في هذا الشأن قائلا: لقد ضاع كل أمل في أن تنجز بريطانيا ما ارتبطت به وأصبح من الواضع أننا إذا لم ننجح في إنشاء دولة يهودية بالمبادرة من جانبنا وحدنا فستبقى أقلية مكبولة مضطهدة في دولة فريبة.

لقد أصبح من الضروري أن نجعل قضيتنا معروفة في العالم كله وخاصة في الولايات المتحدة ويجب أن تكون مستعدين ومسلحين ومنظمين حتى يمكن إنشاء الدولة والدفاع  عنها وعلينا أن نتوقع نزاعا ليبس فقط مع عرب فلسطين بل ومع الدول العربية المجاورة أيضا ولهذا يجب أن يدرب يهود فلسطين وتدرب الحركة الصهيونية على اجتياز هذا الاختبار الخطير بأن تستعد عسكريا للحوادث القادمة.

وعندما عارضت بريطانيا بادئ الأمر قيام الدولة اليهودية واتفاقها مع الولايات المتحدة الأمريكية على أن فلسطين تحت الانتداب وتخضع للوصاية بموافقة الأمم المتحدة والسماح فقط لمائة ألف يهودي من ضحايا النازية.

أعلن الصهيونيون رفضهم لهذا الإجراء وأصدر بن غوريون أوامره السرية للهاجاناة باستمرار الهجرة غير الشرعية والعمل على إنشاء مستعمرات جديدة في الأماكن الممنوعة وإعلان العصيان المدني بعدم دفع الضرائب والإضراب عن العمل والخروج في مظاهرات ولم يقتصر الأمر على ذلك بل انتشر الإرهاب الصهيوني في فلسطين بشكل مرعب اتحدت المنظمات العسكرية الإرهابية في عمل مشترك بين الهاجاناة والأرجون وشترز لشن حرب عصابات ضم البريطانيين وتحركت الحكومة البريطانية لمهاجمة مقر الوكالة اليهودية ومكاتب  لجانها المختلفة والقبض على زعمائها فتمكن عدد منهم من الاحتفاء وعلى رأسهم بن غوريون وردت عصابة الأرجون على هذه الإجراءات البريطانية وحاولت الوكالة اليهودية ومنظمتها العسكرية الهاجاناة التنصل من هذا العمل غير أن الحكومة البريطانية أعلنت اتهامها لعصابتي الأرجون وشترن بالتعاون مع الهاجاناة.

كما أصدرت الحكومة البريطانية كتابا أبيض عن الإرهاب الصهيوني في فلسطين باسم تقرير إعلامي حول أعمال العنف تضمن الكثير من التفاصيل عن أعمال الإرهاب الصهيوني من قبل المنظمات الصهيونية كما أعلنت الحكومة البريطانية في سنة 1946 بعدم السماح في المستقبل بدخول المهاجرين اليهود وفي نفس الوقت دعت إلى مؤتمر في لندن لمناقشة المشكلة اليهودية بحضور مندوبي الدول العربي واشترطت المنظمة الصهيونية لحضور المؤتمر موافقة الحكومة على دخول 100 ألف مهاجر يهودي إلى فلسطين والسماح بمناقشة مشروع إنشاء دولة يهودية في فلسطين ولكن العرب رفضوا مناقشة المشروعات الخاصة بالهجرة أو التقسيم وتأجل الاجتماع حتى يوافق اليهود على حضور المؤتمر.

وفي جانفي 1947 عاد مندوبو الدول العربية للاجتماع في لندن ورفض الصهيونيون حضور المؤتمر ولكنهم قاموا وبمباحثات جانبية خارج المؤتمر مع الحكومة البريطانية مثل المنظمة الصهيونية بن غوريون وعرضت الحكومة البريطانية اقتراحا بعد عقد اتفاقية مدتها 5 سنوات، يصادق عليها مجلس الوصاية والأمم المتحدة وتتضمن:

1- إنشاء نظام للإدارة المحلية للمناطق العربية والمناطق اليهودية.

2- تكون مجلص استشاري عربي-يهودي يساعد المندوب السامي في الإدارة.

3- السماح بالهجرة اليهودية بمعدل 400 ألف مهاجر شهريا لمدة سنتين.

ولقد رفض العرب واليهود هذه الاقتراحات وأصر العرب على إعلان استقلال فلسطين  في إيقاف الهجرة اليهودية واتخاذ تدابير لحماية الأراضي العربية، أما اليهود فقد تمسكوا بالدولة اليهودية، وإزاء ذلك أعلنت الحكومة البريطانية فبراير 1947، أنها قد اتخذت قرارا نهائيا لعرض المسألة الفلسطينية على الأمم المتحدة.

اجتمعت الجمعية العامة في أبريل 1947 في دورة خاصة للنظر في مسألة فلسطين، وقررت تكوين لجنة أسمتها اللجنة الخاصة بفلسطين التابعة للأمم المتحدة وشكلت اللجنة من 11 دولة هي: أستراليا، كندا، تشيكوسلوفاكيا، قواتيمالا، الهند، إيران، هولندا، البيرو، السويد، الأرغواي، يوغسلافيا. وفي جوان 1947 وصلت هذه اللجنة إلى القدس وانتهت من دراستها في أوت 1947 بتدقيم تقريرها الذي تضمن جملة من التوصيات بعضها وافقت عليه اللجنة بالإجماع والبعض الآخر وافقت عليه بالأغلبية، وهي خاصة بإنشاء دولة عربية وأخرى يهودية وتضمنت التوصيات التي فازت بالإجماع أساسا ضرورة إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، أما تقرير الأغلبية فقد تضمن إنشاء دولة عربية وأخرى يهودية مستقلتين بعد فترة انتقال مدتها عامين تبدأ في سبتمبر 1947 ويوضع خلالها دستور لكل دولة تقبل الأمم المتحدة قبل الاعتراف باستقلالها وتكلف بريطانيا بإدارة شؤون فلسطين تحت رعاية الأمم المتحدة خلال فترة الانتقال. أما بالنسبة للقدس فتوضح بعد فترة الانتقال تحت نظام الوصاية للأمم المتحدة باعتبارها السلطة الإدارية.

وفي أكتوبر 1947 شكلت اللجنة السياسية لجان فرعية لدراسة التوصيات، ووضع تفاصيلها واختص إحداها بوضع خطة تقسيم فلسطين وأخرى بدراسة اقتراح إنشاء دولة موحدة، وبعد انتهاء دراسة اللجان الفرعية عرضت على اللجنة السياسية تفاصيل اقتراح الدولة الموحدة على أساس مشروع الأقلية والذي عارضه اليهود منذ البداية ولكن لم ينل هذا الاقتراح موافقة الأغلبية، ثم وافقت اللجنة بالأغلبية على خطة التقسيم المقترحة التي وضعتها اللجنة الفرعية المختصة.

وفي 26 نوفمبر اجتمعت الجمعية العامة للأمم المتحدة للنظر في تقرير التقسيم وسعت الدولة الغربية إلى تأجيل الاقتراح حتى يمكن توفير الأغلبية المطلوبة، وتحدد يوم 29 نوفمبر 1947 للتصويت على مشروع التقسيم، وبعد توتر شديد وضغوط من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وافقت الجمعية العامة على قرارا التقسيم  أغلبية 33 صوتا من بينهم الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي ومعارضة 13 صوتا من بينها الدول العربية ولعبت الولايات المتحدة دورا أساسيا لتحقيق الأغلبية للمشروع.

ومن أهم فقرات قرار التقسيم ما يلي:

1- إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1947 على أكثر تقدير.

2- جلاء القوات البريطانية تدريجيا قبل أوت 1948.

3- لا يتأخر قيام الدولتين العربية واليهودية وكذا النظام الدولي الخاص بمدينة القدس عن أول أكتوبر 1948.

4- قيام السلطات البريطانية عند جلاء قواتها بتسليم السلطة تاريخيا إلى لجنة تابعة للأمم المتحدة مكونة من خمسة أعضاء.

5- قيام لجنة الأمم المتحدة بتكوين حكومة مؤقتة لكل من الدولتين.

6- يكون للحكومتين المؤقتتين حرس وطني مسلح.

وهكذا وبعد انقضاء ثلاثين عاما 1917-1947 منذ صدور وعد بلفور أمكن للصهيونية تحويل فلسطين العربية إلى دولة صهيونية.

ما أن صدر قرار الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947 والقاضي بتقسيم فلسطين حتى أعلن العرب رفضهم  لاقتطاع الأراضي العربية وتكونت دولة يهودية في قلب الوطن العربي وبدأ العرب نضالهم فانتشرت المقاومة في أنحاء فلسطين واضطرت الهاجاناة إلى اتباع الأساليب الدفاعية أول الأمر لبضعة أشهر قصتها في حشد القوى وتجنيد المهاجرين وتسليح القوات والاستعداد لتوجيه ضربته الكبرى بمجرد اكتمال المخطط وتجهيز الوسائل وعندما رأى الصهيونيون تباطؤ الأمم المتحدة في تنفيذ قرارها بإنشاء الدولة اليهودية قال بن غوريون، أن تكوين الدولة اليهودية لا تعتمد على قرار 29 نوفمبر 1947 مع ما له  من قيمة معنوية وسياسية لأن الدولة ستخلف بواسطتها، فنحن الذين نقرر مصير البلاد.

ومضت الصهيونية في تنفيذ مخططها المرسوم فأصدر بن غوريون في 25 مارس 1948 أمرا، للهاجاناة  بتعبئة أكبر مجموعة من القوات لاحتلال القدس واستدعى القادة المكلفين بالعملية لإعطائهم التعليمات ويعتبر الهجوم على القدس نقطة تحول هامة في الاستراتيجية الصهيونية وبداية لتنفيذ المخطط الكبير للاستيلاء على فلسطين بدءا بالقدس وجعلتها عاصمة أبدية لدولة إسرائيل.

كما أعلنت الحكومة البريطانية عن عزمها بالإسراع في إنهاء الانتداب وسحب قواتها المسلحة في موعد أقصاه 15 ماي 1948.

وفي 15 أبريل اتخذ المجلس الصهيوني العام قرارا ببدء حرب الإبادة وإقامة الدولة اليهودية بالقوة المسلحة وإعلان التعبئة العامة وتنظيم السيطرة على البلاد.

تضمنت قرارات المجلس الصهيوني ما يلي:

1- استدعاء كل الرجال لحمل السلاح والعمل في المستعمرات.

2- استغلال جميع وسائل النقل في البحر والبر والجو لتوفير الإمدادات العسكرية من الخارج.

3- تنظيم الاقتصاد والصناعة والزراعة والتجارة الخارجية والسيطرة علة توزيع المواد الغذائية والمواد الخام، بحيث يمكن الاحتفاظ بنمو القوة العسكرية.

4- إقامة سلطة مركزية عليا واحدة في المجتمع اليهودي.

5- عدم الوقوف عند تكتيكات الدفاع بل القيام بالهجوم على كل الجبهات داخل فلسطين وخارجها وتوجيه الضربات حيثما كان العدو.

وهكذا ومع أوائل أفريل 1948 كانت القوات الصهيونية المسلحة ومنظمتها الإرهابية قد أتمت استعدادها لتوجيه الضربة الرامية إلى تفريع فلسطين من سكانها العرب بأعمال القتل والإرهاب. وقبل هذه الفترة كان العرب يسيطرون على معظم أراضي فلسطين إلا أن الموقف تغير تغييرا كبيرا إذ بدأت اهاجاناة هجوما عاما بهدف الاستيلاء على كافة المراكز الحيوية في فلسطين.

وفي مساء 14 ماي 1948 أعلن بن غورين عن إنشاء الدولة اليهودية تحت اسم دولة إسرائيل ولم يكد ينشر نبأ إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وإعلان دولة إسرائيل حتى سارعت الولايات المتحدة الأمريكية بعد دقائق من الإعلان إلى الاعتراف بإسرائيل وكان حاييم ويزمان قد أرسل خطايا للرئيس الأمريكي، هاري ترومان. في 13 ماي 1948 يطلب منه سرعة اعتراف الولايات المتحدة بإسرائيل حيث جاء في خطابه.

في 15 ماي سوف ينتهي الانتداب البريطاني وتتولى الحكومة المؤقتة للدولة اليهودية مسؤوليتها كاملة في المحافظة على القانون والنظام داخل حدود  الدولة اليهودية ولدى أمل عميق في أن الولايات المتحدة التي فعلت الكثير تحت قيادتهم لتحقيق حق عادل سوف تعترف فورا بالحكومة المؤقتة للدولة اليهودية الجديدة واعتقد أن العالم سوف يعتبر ذلك تقديرا خاصا حن يرى أكبر الديمقراطيات المعاصرة أول من ترحب بالدولة الحديثة في الأسرة الدولية.

وفي اليوم التالي لإعلان الدولة وتعيين ويزمان رئيسا لها، دعاه الرئيس الأمريكي هاري ترومان لزيارة واشنطن وحلق ويزمان على تأييد ترومان له بقوله: إن ترومان قد وعد بكل المساعدات السياسية والاقتصادية التي تحتاجها إسرائيل في الشهور العصيبة المقبلة.

وعندما أنزل العلم البريطاني عن دار الحكومة في القدس يوم 14 ماي 1948 وغادر البلاد السير الآن كننجهام آخر مندوب سامي كانت القوات الصهيونية قد فرضت سيطرتها على رقعة كبيرة من البلاد، وهكذا تعمدت بريطانيا وهي تعلم طبيعة الموقف داخل فلسطين ألا تتخذ أي إجراء من شأنه فرض السيطرة على البلاد أو نقل السلطة إلى الأمم المتحدة حسب قرار التقسيم.

تأثرت السياسة الصهيونية منذ قيام دولة إسرائيل بعاملين أساسيين:

أولهما: قصير المدى وهو تحقيق الأمن وفرض الوجود الصهيوني. وثانيها: بعيد المدى وه  تحقيق الأطماع الصهيونية وفرض السلام الإسرائيلي ومن ثم فقد استندت  سياسة الأمن الصهيونية على تحقيق قوة الرد الذاتية يقينا منها بأن طريق القوة سوف يكفل في النهاية استسلام العرب لأن العرب حسب الحركة الصهيونية لن يجدوا دافعا لقعد سلام مع إسرائيل الضعيفة، فعندما يقتنع العرب بأن إسرائيل لها من القوة ما يمكنها من هزيمتهم، عندئذ سيرضخون لها، وقد كشفت إسرائيل بعد قيام الدولة عن هذه السياسة واتبعت أسلوبين عسكريين يعتمدان أساسا على إثبات قوة الردع الإسرائيلية، وهما:

الأول: هو الردع بالإغارات والضربات الانتقامية بغرض تحقيق الأمن من خلال تأثر مادي ومعنوي على العرب لعجزهم عن تحدي الصهيونية وتثبيت الوجود الصهيوني الإسرائيلي في المجالين العربي والعالمي كأمر واقع يجب الرضوخ لها.

الثاني: هو الردع بالحرب الوقائية بغرض تحقيق جزء من الأطماع الصهيونية التوسعية وذلك تحت ستار حق الدافع عن النفس والقضاء على التهديد العربي الخارجي مع تبرير العدوان بأي مبررات.

لذلك كله فإن الضرورات العسكرية الإسرائيلية قد شكلت دائما المحور الذي دارت حوله كافة السياسات الإسرائيلية  طوال السنين الماضية والتي هدفت دائما إلى توفير السلاح لجيش إسرائيل.

كما قام المخطط الصهيوني على دعامتين أساسيتين وهما:

1- العمل على تفتيت القوى العربية بالوسائل السياسية والاقتصادية وبالحرب النفسية.

2- تكوين القوى الذاتية الإسرائيلية الرادعة بخلق القاعدة العلمية الصناعية الحربية ومحاولة امتلاك وسائل مطلقة للردع الشامل أي أسلحة الدمار الشامل بمختلف أنوعها وأشكالها.

وهذا ما تعتقد إسرائيل أنها حقيقة حاليا في واقع الحرب المعيش وأن كان المستقبل بحسب المحللين يبقى مفتوحا على احتمالات قد تكون مغايرة وهو ما تعمل على تحقيقه بعض الأنظمة العربية وتسعى إسرائيل في ذات الوقت إلى اغتياله لكل الوسائل.

 

 

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :