Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

كتاب جواسيس في مهام سرية /حكاية الاكستراالحمراء 21

 

حكاية الأوركسترا الحمراء مع

 الاستخبارات الألمانية

 

                   عرفت كل من الاستخبارات العسكرية الألمانية و الجستابو بوجود شبكة جوسسة سوفياتية في أوربا الغربية بعد حصول الجهازين الألمانيين من خلال عملائهما على حوالي 500 رسالة منقولة بالشيفرة في عام 1941. كانت رموز الشيفرة غامضة بدرجة مذهلة و لم يستطع أفضل الخبراء الألمان في هذا المضمار فك طلاسم هذه البرقيات اللاسلكية و شهد العملاء الألمان لعبقرية كبر و حجم و تطور الأجهزة السوفياتية التي تستخدمها شبكة الجاسوسية المزروعة في قلب أوربا.

 

كان الاسم الرمزي الذي أطلقه السوفيات أنذاك على جهاز الإرسال ذي الموجة القصيرة "صندوق الموسيقى" و أطلقوا على موظف اللاسلكي "الموسيقار" و لهذا أطلق الألمان على هذه العملية اسم الأوركسترا الحمراء (Rote Kappelle).

و كان الألمان يشبهون شبكة التجسس السوفياتية الغامضة بمجموعة من العازفين المقتدرين الذين يعملون تحت قيادة قائد فرقة موسيقية موهوب.

 

في برلين كاد مدراء البوليس و رجال الاستخبارات أن يفقدوا أعصابهم، و كانوا يحسون بأن الروس يهينون كرامتهم حين يبثون على مسامعهم رسائل ينقلها المذياع موجهة لعملاء روسيا في داخل ألمانيا تحمل بين طياتها أسرارا حربية ألمانية و لا يستطيع فك طلاسمها سوى العملاء أنفسهم.

و ظل الألمان لفترة طويلة يحاولون معرفة مقر هذه الشبكة دون جدوى فقد كانت معدات تعقب البث و تحديد الاتجاه عندهم ما تزال غير دقيقة وبطيئة و أثناء ذلك تكونت و تراكمت لدى الألمان رسائل لا حصر لها في مكاتب التصنت بالاستخبارات العسكرية و غيرها من المكاتب و كلها طلاسم لا تقرأ.

 

و في خريف عام 1941 نتيجة لبحث طويل و تحقيقات متواصلة استطاع مكتب التصنت أن يتوصل إلى معلومة هامة مفادها أن جهاز الإرسال الرئيسي موجود بالغرب و على وجه التحديد في بلجيكا و بعث الألمان بعض الضباط من الاستخبارات العسكرية إلى بروكسل،  و كانت برلين العاصمة غاضبة كما يروي "هاينرتش هوفمان" أحد رجال الاستخبارات :

"كان يصل في كل يوم عدد من الضباط إلى يروكسل لحثنا على مواصلة البحث  و لكن دون جدوى و قد أضعنا وقتا كبيرا حتى استطعنا التغلغل في أوساط الحزب الشيوعي البلجيكي و كانت النتيجة تخوف أعضاء الحزب منا دون وصولنا لأية نتيجة. و بدأنا نبحث عن في العديد من المدن البلجيكية الأخرى و لم نصل أيضا إلى  شيء يذكر ثم أرسلنا عملائـنا ليختلطوا بالناس في المقاهي و المنتديات و لم نكن نعرف حينها أن عملاء السوفيات كانوا يلتقون في المنتزهات العامة و المحلات التجارية بل و عند العامة و في كل مكان إلا في المقاهي".  

 

و في هذه الأثناء و البحث إلى أشده بدأ جهاز كشف الاتجاه يحقق بعض النجاح و اكتشفنا أن جهاز الإرسال السوفياتي يعمل لفترة 05 ساعات كل مساء و كانت تلك غلطة كبيرة ارتكبوها، و بدأنا عملية البحث عن مصدر البث من منتصف الليل إلى الخامسة صباحا و التركيز على خمس ساعات جعل عملنا سهلا في التتبع، و جاء خبير ذو مستوى رفيع من برلين و استطاع مما حصلنا عليه من معلومات أن يحدد 3 منازل رحنا نضيق عليها الرقابة.

 

و في مساء 13 ديسمبر عام 1941 قررنا مهاجمة المنازل المذكورة و من ثم هاجمت ثلاث مجموعات من رجال الجيش و البوليس المنازل الثلاثة في وقت واحد و وجدوا محطة الإرسال السوفياتية ذات الموجة القصيرة في الطابق الثاني لأحد هذه المنازل، و اعتقلوا المدعو "ميخائيل ماكاروف" و "ريتا أرنولد" و" أنا فيرلندين" و وجدوا في مخبأ مجاور مجموعة وثائق مزيفة و حبر سري رفيع المستوى و محايات ..الخ،  و يبدوا أن العملاء السوفيات قبل إلقاء القبض عليهم استطاعوا حرق كتاب فك الشيفرة.

 

و من العجيب أن واحدا من أكبر العملاء السوفيات و يدعى (الرئيس المتشامخ) دخل إلى هذا المنزل في ساعة تفتيشه و أطلق سراحه، فخرج مسرعا و استطاع أن يحذر بقية العملاء السوفيات في بلجيكا.

و عند التحقيق مع المقبوض عليهم رفض "ماكاروف" أن يعترف و انتحرت "أنا فيرلندين" أما "ريتا أرنولد" فقد حاولت أن تنقذ حياتها بالموافقة على الإدلاء ببعض المعلومات التي قدمتها و أعطت أسماء بعض العملاء السوفيات كما عرضت على رجال الاستخبارات الألمان صورة للرئيس المتشامخ.

و نتيجة لهذه المعلومات التي قدمتها سمح لها بالعيش في أحد الفنادق بدل حبسها في أحد السجون النازية، و لكن بعد أشهر و بعد أن حصلوا على كل ما استطاعت أن تقدمه لهم من معلومات أعدموها.

 

و كانت "ريتا" أول عميلة روسية تعمل للألمان ضد السوفيات ثم تبعها آخرون على هذا الطريق غير أن ما قدمته من معلومات لم يكف للكشف عن تفاصيل جهاز التجسس السوفياتي فقد كان السوفيات يقسمون عملائهم إلى مجموعات كل مجموعة لا تعرف عن الأخرى شيئا و" ريتا" كانت تعرف ما هي واجباتها كعميلة و الرجال الذين تعمل معهم و بعض العناوين المتعلقة بعملها فحسب. و ظل رجال الاستخبارات الألمانية فيما عدا ما أفشت به "ريتا" لا يعرفون شيئا و ظلوا في الظلام.

 

بين الركام الذي وجده الألمان بالمنزل المشار إليه وجد رجال الاستخبارات العسكرية بعض قصاصات من الورق عليها بعض أرقام و حروف غامضة و اتضح منها أن المجموعة المقبوض عليها كانت تقوم بعمليات الشيفرة.

 

 

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :