Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

اسرائيل احرقت سوريا من اجل استراج جاسوهها المعدوم ايلي كوهين /الجاسوس الدي كاد أن يصبح وزير الدفاع في سوريا/ال

  

اسرائيل احرقت سوريا من اجل استراج جاسوهها المعدوم ايلي كوهين

الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين  كاد أن يصبح وزير الدفاع في سوريا

الموساد عمل المستحيل لاسترجاع رفاته ولم ينجاح مند عام 1965 الى غاية 2013

 

من كتاب جوائيس في مهام سرية

تقرير / مراد  علمدار الجزائري

Generale service investigation

 

قد لا يصدق احد بان الحرب الاهلية الدائرة في سوريا كانت من تخطيط اللوبي الصهيوني المتبني لدولة اسرائيل  فادا كان ما يعلن عنه من اسرار ان الهدف اشهال الفتنة بسوريا غرضه تقسيم البلد فان الحقيقة ان  الجاسوس الاسرائلي ايلي كوهين الدي اعدم عام 1965 هو احد اسباب الرئيسة   لاندلاع  الحرب الاهلية بمشاركة دول عربية كالسعودية وقطر والامارات واغلب الاتحاد الاروربي تحت مظلة امريكا وبمباركة اممية مكشوفة بحيث ان الموساد الاسرائلي لما فشل طيلة سنوات من محاولات سرقة رفاة الجاسوس ايلي كوهين وفشل سياسة الحملات الدولية لاسترجاعه  باعباره بطلا قوميا لدولة اسرائيل  التى استحال عليها  سرقة رفاة جاسوسها الدي دفن على عمق يفوق 7 امتار وفي مكان مجهول ردم بوسطة الاسمنت المسلحة وضعت عليه حراسة مشددة مند عام 1965 الى غاية بداية الحرب الاهلية في سوريا التى  خططت لها اسرائيل وحلفائها وفي خضم الصراع الدائر في سوريا بين عدة مجموعات ارهابية تمكن الموساد خلال عام 2013 من استرجاع رفاة ايلي كوهين واعاته الى اسرائيل اين دفن في مقبرة تسمى مقبرة ابطال القوميين .

 

فعندما نتصفح قائمة الجواسيس الذين سجلوا أسمائهم و عن جدارة في تاريخ عالم الجوسسة،  يقفز اسم ايلي كوهين إلى رأس القائمة و ذلك لما يتميز به عن غيره من الجواسيس من صفات طبيعية و مكتسبة مكنته أن يقدم لرؤسائه في تل أبيب معلومات خطيرة كانت إحدى العوامل الإيجابية في تفوق إسرائيل على القوات العربية خلال عشرية الستينات. فمن هو إيلي كوهين هذا يا ترى ؟ و كيف كانت مغامرته في عالم الجوسسة المحفوف بالمخاطر ؟

 

ولد إيلي كوهين في حي يهودي بالإسكندرية في 16ديسمبر 1924 من أبوين يهوديين كانا قد هاجرا من مدينة حلب السورية إلى مصر، ليستقرا هناك. كان أبوه (شاؤول) يشتغل في بيع ربطات العنق. و أمه (صوني كوهين) تساعده في صناعتها. كما كان لايلي سبعة أخوة. فمنهم من كان أكبر منه و منهم من كان أقل منه سنا.

 

نشأ إيلي نشأة الأسرة اليهودية. و كان إيلي أكثر اخوته حرصا على تلك المعتقدات و تطبيقا لها. كما كان متفوقا عن زملائه في الدراسة و ذلك بما يملكه من استعداد للتحصيل، الأمر الذي سمح له أن يتعلم عدة لغات في وقت وجيز كاللغة الفرنسية و العبرية و العربية. و نظرا لطابع شخصيته الجاد، فلم يكن يميل إلى اللهو و عبث الشباب و إنما هوايته المفضلة كانت التصوير، حتى أنه اصبح يعرف عن فن التصوير و التحميض ما لم يعرفه المتخصصون أنفسهم. و كان أيضا ولوعا بدراسة العلوم الدقيقة، كالفيزياء و الرياضيات، دون أن ينسى التلمود على أشهر علمائه .

كان إيلي يعتبر نفسه مصريا، و يتعاطف مع القضية الوطنية المعادية للإنجليز و لتكريس هذا الإحساس، عمل منذ شبابه في جماعة "هاشيروت" التي تضم نفرا من اليهود المصريين الذين تتمثل مهمتهم في تهريب المهاجرين اليهود من مراقبة السلطة البريطانية. و لما كانت القاهرة هي العاصمة العربية التي يوجد بها المقر العام للإنجليز في الشرق الأوسط و أيضا العاصمة العربية التي يجتمع بها في الغالب زعماء العرب من أجل تحري مواقفهم و التباحث في مسائل مصيرية تخص بلدانهم، اعتبرت بالتالي مصر من طرف الإسرائيليين البلد الوحيد الذي يستطيعون أن يستشفوا منه نوايا الإنجليز و العرب على السواء بخصوص قضية إقامة دولة يهودية في فلسطين و ما ينبغي عمله في هذا المجال.

 

في عام 1950 و كان في عمر دولة إسرائيل زهاء العامين هاجرت أسرة إيلي كوهين إلى فلسطين، بعد أن رتب لها خطة السفر غير انه رفض أن يصاحبها و وعد أسرته بالالتحاق بها عما قريب و قد تفرغ لنشاطه السري و لم ينس مزاولة دراسته، بل دخل إلى جامعة الملك فاروق و لكنه لم يكمل دراسته، حيث اقتضى نشاطه أن يكون ضمن بعثة لمصالح الاستخبارات إلى فلسطين لتلقي أعمال الاستخبارات و فنون التخريب و لمدة ثلاثة أشهر أعيد بعدها إلى مصر.

 

و نظرا لإتقان إيلي لمهنته في بث الرسائل السرية و المعلومات، أعجب به رؤسائه في تل أبيب، و كثيرا ما بعثوا له تهانيهم و تشجيعاتهم.

 

بعد عام 1950 وقعت تغييرات جذرية في السياسة المصرية حيث أطيح بالملكية و قام الحكم الجمهوري و في شتاء 1954 جاء جمال عبد الناصر للحكم، و كانت السياسة الجديدة معادية لإسرائيل أكثر من السابق، ثم أن بريطانيا سحبت قواتها العسكرية من منطقة قناة السويس. و كان وزير خارجية أمريكا "دالاس" يحث الرئيس ايزنهاور على تبني سياسة مناصرة للعرب.

 

و من هذا المنطلق بات لزاما على إسرائيل أن تعمل كل ما في وسعها لتعكير هذا الانفراج بين العرب و بريطانيا و أمريكا. و أنيطت هذه المهمة لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد- الذي لم يتردد في بدء تطبيق خطته إذ قام رجاله بنسف المنشآت البريطانية و الأمريكية المتواجدة بالقاهرة و الإسكندرية. كما عمدوا إلى فكرة إرسال الطرود البريدية الملغمة لمواطنين إنجليز و أمريكان. و قد تصدت المخابرات المصرية المضادة لهذه الأعمال، و تمكنت من إلقاء القبض على عدد من اليهود الجواسيس و كان من بينهم إيلي كوهين الذي استطاع أن ينجو بفضل ذكاءه و حسن تمثيله، في حين لم يكن عند بعض زملاءه الحظ، إذ أعدم البعض منهم و سجن البعض الآخر. و  كانت هذه فضيحة كبيرة بالنسبة لإسرائيل و على رأسها وزير الدفاع "بنحاس لافون" حتى أن هذه الفضيحة سميت باسمه "فضيحة لافون".

 

في 20 ديسمبر 1956 طرد إيلي كوهين من مصر و سافر رفقة عدد من المهاجرين إلى نابولي بإيطاليا ليتجه بعد ذلك إلى إسرائيل. و فور نزوله بمدينة حيفا، تسلم وثائق تثبت بأنه مواطن إسرائيلي، و بمساعدة بعض اليهود المصريين عثر على أسرته، التي كانت تقطن بحي يقطنه يهود مصر و المغرب. لم يكن يرغب إيلي في مصارحة أسرته بالمهنة التي يقوم بها. لقد أصبح في الثانية و الثلاثين من العمر، و لم يستفد بعد في مهنته و لم يحقق أي شيء من أحلامه، و قد انتابه نوع من الإحباط الذي بلغ درجة اليأس و القنوط حين قوبل طلبه لوظيفة في وزارة الدفاع الإسرائيلية بالرفض، و قد خاب ظنه في هذه الحكومة التي تتخذ قرارا مثل هذا مع أحد أبنائه الذين برهنوا على حسن طينتهم، و قدموا الكثير لبلدهم دون أي مقابل.

 

في أوائل عام 1959 تعرف إيلي كوهين على امرأة تدعى نادية، في جنوب تل أبيب، تعمل في أحد المستشفيات هناك كممرضة، و بعد مرور عدة أشهر من التعارف قررا الزواج. و بدأت حياة إيلي تأخذ طابع الاستقرار الذي لم يعرفه طوال أكثر من أربعين سنة فاشتغل بالتجارة و قرر ألا يهتم إلا بزوجته و أسرته و بشؤون تجارته . غير أن ذلك تغير يوم أن التقى و تجاذب أطراف الحديث مع رجل يعمل بوزارة الدفاع الإسرائيلية حيث عبر له عن خيبته لرفض الوزارة طلبه، ولم يكن إيلي يعرف عن هذا الرجل أي شيء سوى أنه موظف بوزارة الدفاع الإسرائيلية. افترق الرجلان دون أن يتفقا على لقاء آخر. بعد مرور عدة أيام عاد الرجل نفسه إلى إيلي، ليكشف له هذه المرة عن حقيقته و ليفهمه بأنه رجل كبير في الموساد. و أنه كان يراقبه منذ عودته من مصر، و أن الوزارة لم ترفض طلبه إلا من اجل متابعة كل خطواته في إسرائيل لتتيقن من سيرته الحقيقية " إنها إجراءات تتخذ مع كل من أراد العمل بالوزارة. و الآن و قد اقتنعت بجدارتك فلا مانع من انضمامك إلينا، إن شئت طبعا "

لم يتمالك إيلي نفسه أمام هذا الخبر الذي دغدغ آماله فأبدى على الفور استعداده للعمل، كان هذا في عام1960. و لم تكن زوجته نادية تعرف عن عمله الجديد أي شيء، فقط أخبرها بأنه سيغادر البلاد لبعض الوقت. و الحقيقة أنه لم يغادر إسرائيل و إنما كان بأحد المراكز السرية للتدريب دون أن يسمح له بالخروج طوال ست أشهر كاملة، و خلال هذه الفترة تلقن إيلي فنون التخريب و أسرار مهنة التجسس و قد أحرز على نتائج طيبة، و اعتبر من طرف مدربيه عميلا من الطراز الأول و كانت ملاحظاتهم التي تضمنها سجله بالمركز بالنحو التالي :

 

" لديه، و على نحو وفير، كل ميزة ينبغي توافرها في عميل من عملاء الميدان" و هكذا اجتاز إيلي امتحاناته بكل نجاح، تاركا انطباعا حسنا لدى رؤسائه في الموساد الأمر الذي دفعهم إلى مواصلة تكوينه و تهيئته للمهمة التي سيقوم بها.

 

لم يكن إيلي يتوقع و لا حتى يراوده الشك في أنه سيضطلع يوما بمهمة لها شأن، و كل ما في الأمر أن تعليمات قيادته اثر انتهاء مدة التربص، تدعوه إلى تعلم الدين الإسلامي، و كان إيلي رجلا متدينا يعرف الكثير عن الأديان المختلفة و منها الدين الإسلامي الذي حفظ منه العديد من النصوص القرآنية، بشروحها و له من المعارف الإسلامية ما فيه الكفاية و كل ما عمد إليه في هذا الشأن هو أنه أضحى يصلي بجانب المسلمين في المساجد بإسرائيل و أبدى اهتمامه بدراسة تاريخ سوريا و تطورها الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي، و حدودها الجغرافية و طبوغرافيتها.

 

و قد سمحت له الأشرطة و الأفلام التي شاهدها بالوقوف على قدر كبير من تشكيلات الجيش السوري و مراكزه المنتشرة ..

 

عندما استكمل إيلي دراسة كل ما يتعلق بسوريا، شرع في دراسة أخرى مماثلة و لكنها تخص هذه المرة ما يتعلق ببلاد الأرجنتين و كان كل هذا مسطرا من طرف رجال الموساد، الذين أعدوا خطة محكمة و مدروسة لعميلهم إيلي ذو المؤهلات العالية. و بعد مدة وجيزة فقط أصبح يتكلم اللغة الأرجنتينية بطلاقة وأضحى أمام رجال الموساد واجب إرسال عميلهم إلى الأرجنتين، و من هناك إلى سوريا بعد أن رتبوا له كل الأوراق الخاصة بشخصيته المنتحلة الجديدة.

في مستهل شهر مارس من عام 1961 نزل إيلي كوهين في مطار"ازيزة " في بيونس ايرس. كان هذه المرة أنيق المظهر، و اتجه إلى فندق في وسط المدينة، حيث احتجز شقة باسمه المستعار و مهنته الجديدة. اسمه الجديد "كامل أمين ثابت"، تاجر تصدير، سوري الجنسية. و بعد أيام فقط استأجر شقة جديدة بالقرب من الفندق. و شرع في مباشرة أعماله التجارية. كما بدأ في التعرف على أبناء بلده (سوريا) و كل العرب هنا و عرفه كل من التقى به أنه عربي من والدين سوريين انتقل إلى لبنان ثم إلى مصر هناك ترعرع كامل أمين مع أخته الوحيدة و بدأت معارف كامل أمين تتسع أكثر فأكثر لتشمل أرباب المعامل و رجال الأعمال و بعض رجال السياسة العرب و منهم العميد امين حافظ الملحق العسكري بالسفارة السورية الذي أصبح صديقه الحميم و دعاه للعودة بمساعدته و كان جواب  (كامل أمين) يعبر عن دهائه و عبقريته حيث قال له : "سيدي الجنرال لو كنت في مكانك لفعلت ذلك، و من يدري ؟ فلعلي أجد في نفسي الشجاعة، و أحتذي حذوك.." في أوت من عام 1961قرر كامل أمين العودة إلى سوريا، و شجعه كل من تعرف إليهم في الأرجنتين بالعودة و أقام له زملائه حفل وداع. و اتجه من الأرجنتين إلى زوريخ، حيث التقى بأحد رجال المخابرات الإسرائيلية الذي سلمه وثائقه الأصلية. و قدم كامل أمين وثائقه المزيفة مع تقرير كامل عن مهمته في الأرجنتين. و قبل أن يذهب إلى سوريا فضل زيارة أسرته في إسرائيل، و هذا ما حدث، إذ اقتنى من سويسرا بعض الهدايا لزوجته و طفليه و التحق مباشرة بالطائرة المتجهة إلى تل أبيب، و بعد أن قضى هناك إجازة قصيرة عاد إلى عمله. فزود هذه المرة ببعض الأجهزة الخاصة بالتصوير و الإرسال اللاسلكي اليابانية الصنع و الصغيرة الحجم و بعض المواد الكيماوية لصناعة المتفجرات و صناعة مواد سامة لاستعمالها عند الضرورة. وضعت هذه السلع في أنابيب معجون الأسنان، و علب صابون الحلاقة و بهذه التجهيزات انطلق إيلي في رحلته المنفردة و اتجه على متن باخرة إلى بيروت، و كان الحظ إلى جانب كامل أمين حيث لم يتعرض للتفتيش من قبل رحال الجمارك في الحدود السورية اللبنانية و هذا لكونه كان برفقة شخصية سورية بارزة تعرف عليها في الباخرة تدعى "مجدي الشيخ"، عندما وصل كامل أمين إلى سوريا استأجر عمارة بمواجهة مقر قيادة الأركان السورية المتواجدة في حي يزخر بالسفارات الأجنبية، و اختار كامل أمين هذا المكان بالذات لأنه يساعده على بث رسائله دون أن يتفطن رجال الاستخبارات السورية لذلك، فالكل يملك وسائل الإرسال اللاسلكي، و كل السفارات تبث رسائلها. بدأ كامل أمين بمزاولة تجارته في الاستيراد و التصدير.

 

و قد نجح في تجارته كما نجح في مهمته الرئيسية و هي التجسس لصالح تل أبيب. كان يصدر طاولات لألعاب النرد و الأثاث القديم إلى تل أبيب عن طريق سويسرا. حيث كان أحد العملاء يتلقى السلع و يحولها من هناك إلى تل أبيب. كان كامل أمين يرسل داخل تلك الطاولات و الأثاث صورا و أفلاما مصغرة و أوراقا سرية إلى جانب التقارير التي يحررها، فهو يقوم بالنهار بتصوير كل شيء يمكن أن يفيد المخابرات الإسرائيلية، و بالليل يرتب كل شيء في البضائع التي ترسل إلى إسرائيل. هذا بالنسبة لتجارته و تقاريره. أما بالنسبة لمعارفه فقد اتسعت شيئا فشيئا حتى توصل لمعرفة ابن أخ رئيس الأركان السوري عبد الكريم زهر الدين و جورج سيف المسؤول عن الإذاعة في وزارة الإعلام و العقيد سليم حاطوم قائد لواء المظلات الممتاز المعروف بمعاداته للصهيونية.

 

بعد مرور شهرين لاحظ كامل أمين أن الأنوار في مقر قيادة الأركان أصبحت لا تنطفئ طوال الليل، الأمر الذي دفعه لإبلاغ رؤسائه في تل أبيب بأن هناك شيئا ما يدور في القيادة السورية.و عرف بعد ذلك أن الجيوش السورية المتواجدة بالقرب من العاصمة دمشق تتحرك باتجاه الحدود السورية. وعلى إثر ذلك قام الطيران الإسرائيلي في أقل من 24 ساعة فقط من وصول الخبر بقصف قاعدة النقب السورية و هكذا فهم السوريون أن إسرائيل في حالة تأهب و استعداد لأية مواجهة محتملة مع القوات العربية. و على إثر ذلك عادت القوات السورية إلى مواقعها الأولية و بالتالي تأكد صدق المقولة القائلة " عمل جيد يعادل فرقة من الرجال" و هذا ما حدث بالضبط إذ كان كامل أمين في مواجهة طوابير من السلاح المدرع السوري و استطاع أن يفوت عليهم الفرصة و أن يدحضهم في بداية طريقهم إلى الحدود، و هكذا كان كامل أمين يزود القيادة في تل أبيب بكل كبيرة و صغيرة في دمشق سواء على الصعيد العسكري أو السياسي، كانت تلك المعلومات في تلك الفترة المتميزة بالذات لا تقدر بثمن، كان كامل أمين يستبق الأحداث و ذلك بفضل تحليله للأحداث الفعلية و تقديمها في الوقت المناسب لرؤسائه في الموساد، و كان وفق ذلك رئيس الوزارة في إسرائيل يعرف كل الأخبار التي تدور في دمشق خلال ساعات فقط من إصدارها مهما كانت سريتها. و بمرور الوقت أصبح كامل أمين صديقا حميما لشخصيات عسكرية و مدنية سورية مشهورة نذكر منها :

 

سامي الجندي وزير الإعلام السوري الذي اصطحبه مرة و قدمه إلى رئيس الجمهورية "أمين الحافظ" و أخذ  صورا تذكارية معه و أثنى عليه الرئيس لأنه مواطن يحب الخير لبلده بدلا من الحياة المريحة في الأرجنتين، عسى أن يقدم خدمة لشعبه و أمته، و هكذا لم تمر على  كامل أمين في سوريا إلا 18 شهرا فقط حتى ذاع صيته في الأوساط السياسية و أصبح من الشخصيات البارزة في سوريا، كما أصبح يحظى باحترام الجميع و بالثقة و الصداقة لدى الشخصيات اللامعة في الدوائر العسكريــــة و السياسية و رجال الأعمال، و بدا مرشحا طبيعيا لتقلد أحد المناصب الحكومية و قد خير بين وزير الإعلام و نائب وزير الدفاع و هذا باقتراح الرئيس الحافظ نفسه و تظاهر كامل أمين بعدم أهليته لمثل هذه المناصب و هو غير قادر على إدارة مثل هذه الأعمال المهمة. و الحقيقة أن كامل أمين كان يتماطل في الموافقة. و اقترح أن يكون داعية في الأرجنتين من أجل جمع التبرعات لحزب البعث الذي ينتمي إليه الرئيس الحافظ من أغنياء العرب المتواجدين بالأرجنتين، و كان جواب الحافظ بالإيجاب و بدون تحفظ.

 

و منذ هذه اللحظة لم تعد أمام كامل أمين أية مشكلة في معرفة أسرار البلاد إذ أصبح يدخل إلى أي مكتب أو منزل لشخصية كانت و الإطلاع على الوثائق السرية، بل أكثر من هذا حضر الكثير من الاجتماعات الخاصة ببعض المواضيع الخطيرة و استطاع مثلا أن يطلع على مخططات مشروع تحصينات دفاعية بالقرب من القنيطرة، و يتضمن هذا المشروع تحويل المياه من نهر الأردن الذي كانت إسرائيل تقوم بتحويله إلى النقب. و تمكن من تصوير جميع المخططات و إرسالها لرؤسائه في تل أبيب.

 

و بعد هذا الجهد الذي قدمه كامل أمين شعر رؤساؤه أنه في حاجة إلى بعض الراحة، و على إثر ذلك استدعي لقضاء إجازة رفقة زوجته و أطفاله و تقبل كامل أمين ذلك بكل سرور، و غادر دمشق في اتجاه سويسرا و من هناك إلى تل أبيب. كانت زوجته و أهله على علم بأنه يعمل لصالح الموساد و كانوا يكنون له التقدير و الاحترام على وطنيته و إخلاصه لبني قومه، و لما كان إيلي كوهين لا يحب مصارحة أهله فضلوا هم كذلك أن لا يفاتحوه في طبيعة عمله. لكن قبل عودته إلى سوريا صارحته زوجته بأنها على علم بما يقوم به في دمشق، و لم يخفي عليها بدوره أي شيء بل صارحها و وعدها أنه سيعود إلى سوريا لآخر مرة ليستقر بعدها نهائيا في إسرائيل.

 

انقضت إجازة "إيلي" و ودع زوجته نادية على أمل العودة في اقرب وقت للاستمتاع معها بباقي أيامه التي لم يكن يدري أنها تنتهي قبل انتهاء مهمته.

 

وعاد  كامل أمين إلى سوريا، ليجد أن الأوضاع تغيرت و يلقى رؤساء المخابرات السورية قد اتخذوا قرارا جديدا يقضي بتطوير خطة لتدريب المستوطنين الفلسطينيين  و بعض المواطنين السوريين معا، لتشكيل قوة موحدة خاصة، يتم تدريبها سرا في قواعد الجيش السوري و ستكون مهمة هذه القوة الخاصة القيام بشن حرب العصابات ضد إسرائيل. لقد وصلت هذه الأخبار إلى كامل أمين عن طريق زميله سليم حاطوم، و لما استفسر كامل أمين عن صاحب هذه الفكرة قال حاطوم بأنه الرئيس الحافظ هو نفسه الذي اتخذ هذا القرار المستوحى، من الخطة التي قام بها المجاهدون الجزائريون ضد الاستعمار الفرنسي أثناء الثورة التحريرية إذ بفضل هذه الخطة استطاع المجاهدون إجلاء القوات الفرنسية و تلقى كامل أمين الخبر و على جناح السرعة حوله إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه.

و بينما كان كامل أمين في منزله يجمع أجهزته التي استعملها في بث رسالته الأخيرة. فإذا به يسمع طرقا قويا في الباب و لم يكن أمامه الوقت الكافي لإخفاء جهاز الإرسال عندما اقتحم الغرفة ثمانية من الرجال المسلحين بمسدسات، يرتدون لباسا مدنيا، صاحوا جميعا لا تتحرك، و تقدم منه أحدهم، و تعرف عليه كامل أمين أنه العقيد أحمد سويداني رئيس شعبة المخابرات المضادة، لقد حدث هذا بعد مرور ثلاث سنوات على وجوده بسوريا.

 و خلال هذه المدة لم توجه أية شبهة و لا أدنى شك بل كان رجال المخابرات يراقبون كل إنسان يدخل التراب السوري، و لا يطمئنون له إلا بعد اقتناعهم به و ربما كان كامل أمين الوحيد الذي شذ عن هذه القاعدة، و ذلك بما اكتسبه من معارف كبيرة أوصلته إلى الرئيس نفسه. و لم تتفطن المخابرات السورية المضادة إلا بعد الشكاوي المتكررة من طرف سفارة الهند، إذ أبلغ رجال دبلوماسيتها أن هناك أجهزة لاسلكية في مكان ما تشوش على مراسلاتهم مع نيودلهي. و حاول رجال المخابرات السورية اكتشاف السر، إلا أن محاولاتهم في كل مرة كانت تبوء بالفشل.

تكررت المحاولات مع تكرار الشكاوي و أول ما توصل إليه رجال المخابرات السورية هو اقتناعهم  بأن هناك رجل ما يقوم ببث رسائل مجهولة و بطريقة سرية. و مكانه ليس ببعيد عن السفارة الهندية. لهذا بدأ التحري و التفتيش بالعمارات المجاورة لبناية سفارة الهند. و على الرغم من أن كامل أمين كان يعرف كل خبر فور حدوثه إلا أنه لم يتفطن هذه المرة للبحث و التفتيش الذي كان رجال مخابرات سورية يقومون به على مقروبة من بنايته و يمكن اعتبار هذا أول خطأ يقع فيه كامل أمين حيث لم يتفطن من قطاع التيار الكهربائي في هذه المرة بالذات على الرغم من اضطراره لاستعمال بطاريته لبث رسائله أكثر من مرة و كان سوء التقدير هذا الناتج عن الإفراط في الثقة بالنفس في مجتمع فتح له أبوابه و قلبه، هو الذي قضى عليه.

 

بدأ التفتيش و الفحص من خارج العمارات المجاورة و فوق السطوح و أخيرا تم العثور على هوائي متصل بشقة كامل أمين و نقل على الفور محمد سويداني الخبر إلى الرئيس الحافظ الذي فوجئ بالنبأ.أيعقل أن يكون كامل أمين خائنا لوطنه و أمر الرئيس باعتقاله دون الإعلان عنه و لو لمدة قصيرة لأن الرئيس الحافظ كان يخاف من أن الحادثة تسبب له مشاكل قد تعصف به و بحكومته.

 و كانت أولى الأسئلة التي طرحت على كامل أمين من طرف محمد سويداني بعدما قبض عليه في شقته : من أنت ؟ ما اسمك الحقيقي ؟ لصالح من تتجسس ؟ و أجاب المعتقل بهدوء : " أنا كامل أمين، عربي من الأرجنتين" و في هده الأثناء كان رجال المخابرات قد وضعوا أيديهم على كل الأجهزة اللاسلكية و آلات التصوير و مخبر التحميض و المواد الكيماوية و المتفجرات و أصابع الديناميت.... و سعى رجال المخابرات السورية إلى البحث عن أعوان هذه الشبكة لكنهم لم يعثروا على أحد.

 

و في صباح 24ديسمبر من عام 1965 أمر كامل أمين من طرف رجال المخابرات السورية المضادة ببث الرسالة التالية : » إلى رئيس وزراء إسرائيل و رئيس جهاز الاستخبارات في تل أبيب، كامل أمين و رفقاؤه ضيوفنا في دمشق، و سنخبركم عن مصيرهم قريبا التوقيع الاستخبارات السورية المضادة« ثم نقل الجاسوس إثر ذلك إلى مقر القيادة العسكرية للواء السبعين المدرع خارج دمشق. و لما دخل عليه نظر الرجلان، أحدهما إلى الآخر، في صمت، و شعر الرئيس ببرودة تنتابه لما تذكر أنه كان ينوي تنصيبه وزيرا للدفاع، بل و ربما كان يأمل أن يكون خليفته في إدارة شؤون الأمة.

أما الجاسوس فبادر بالكلام قائلا: أنا إيلي كوهين، من تل أبيب، جندي في الجيش الإسرائيلي..  و استطرد ليقص الحكاية من أولها حتى يوم اعتقاله. كانت حادثة هذا الجاسوس أسطورة حقا. لقد أحدثث ضجة كبرى في الأوساط الإعلامية و السياسية و العسكرية. و قد علقت عليها جريدة الحياة البيروتية بقولها » لقد كانت دمشق تتخذ القرارات في اجتماع مجلس الوزراء في الصباح، و إيلي كوهين ينقلها إلى تل أبيب في المساء « 

 

كان إيلي كوهين شخصية نادرة في الإخلاص و التضحية من أجل بلده إلى آخر لحظة في حياته، إذ عندما سئل عن سبب عمله الدنيء هذا رد قائلا »:  أتيت إلى سوريا من أجل مستقبل شعبي و زوجتي وأبنائي، و يهمني أن يعرف الناس أنني لم أخن إسرائيل قط« .

 

لم يهدأ بال رجال الموساد منذ تلقيهم نبأ اعتقاله، و حاولوا لكل ما لديهم من قوة، و حنكة سياسية من أجل تخليصه، لكن دون جدوى، و توسطت أطراف سياسية من بلدان مختلفة، لكن دون جدوى، كما حضر الحكم محاميان فرنسيان معروفان بدفاعهما عن المعتقلين الجزائريين أثناء الثورة التحريرية. و مثل أمام المحكمة العسكرية السورية، و كان الرئيس الحافظ الذي حضر المحاكمة يدعوا إلى إصدار أقصى حكم ضده لأن العكس سيعصف بالرئيس، و بكل المقربين منه، و نقلت بعض اللقطات من المحاكمة على شاشة التلفزيون السوري، حتى يتسنى لجميع السوريين و الإسرائيليين طبعا مشاهدة وقائع المحاكمة. و تنكر (إيلي) أمام المحكمة أن كان يعرف العقيدين (ظلي و حاطوم) اللذان كانا أعضاء في هيئة المحكمة. و فهم رجال الموساد أن هناك صفقة بين جاسوسهم و العقيدين. لهذا أبعد عنهما الشبهة ليكون الحكم أخف عليه.

 

و في 08 ماي من سنة 1966 أعلن عن صدور حكم الإعدام شنقا في حق إيلي كوهين كما صدر الحكم بسجن مجموعة من السوريين لمدة خمس سنوات. و رغم الجهود التي تضاعفت من أجل تخفيف الحكم عليه. إلا أن المحكمة السورية أصرت على شنقه. لقد هرعت زوجته نادية إلى سفير سوريا بباريس تتوسل إليه، لكنه رفض مقابلتها و لما حان وقت تنفيذ الإعدام، كان الجيش السوري في حالة طوارئ و قد جيء بالجاسوس، ملفوفا بكيس أبيض خشن. و عند اقترابه من باب المشنقة انفتح الباب، و بذلك ذهب إيلي كوهين دون عودة، و كان ذلك في حدود الساعة  الثالثة و الدقيقة 55 صباحا من شهر ماي 1966 و قد أعاد تلفزيون دمشق مرات عديدة فيلما يمثل إعدام إيلي كوهين تصاحبه موسيقى عسكرية.و نقلت جثته إلى مقبرة اليهود بدمشق.

 

 

أما في تل أبيب فقد تليت صلوات الحداد في كل كنائس إسرائيل على روح إيلي كوهين، و أعيد تسمية الكثير من المستوطنات الإسرائيلية باسمه، و ذلك إجلالا للأعمال التي قدمها لبلده. أما زوجته نادية التي تابعت شريط إعدامه، فحاولت الانتحار لكنها أسعفت في الوقت المناسب. و بعد شفائها فتحت الرسالة التي وصلتها من زوجها و التي كتبها قبل إعدامه بساعات فقط. و طلب منها أمورا كثيرة منها عدم زواجها من بعده. و كانت نادية وفية له إلا في طلبه هذا إذ تزوجت من بعده و لكنها بقيت تحتفظ برسالته.

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :