التاريخ السري للبترول
البترول بوابة الى الحروب والنزاعات الإقليمية
حرب بين بوليفيا وبارغواي عام 1922 بسب قطعة ارض بترولية
100الف قتيل قربانا لشركات البترولية الامريكية البريطانية
ايطاليا قصفت خطا منشات ارامكوا بالبحرين والسعودية
الحلقة الاولى
مئات الحروب والنزعات الإقليمية التى نشبت مند أكثر من 200 سنة كان سببها الذهب الأسود ومازال الأمر مستمرة لغاية اليوم حيث أصبحت القوى العظمى تتنافس على حقول البترول المتواجدة في دول افريقيا واسيا وامريكا الاتينية دول عرفت حروبا أهلية و اخرى فيما بينها مع وضع مخططات لانقلابات العسكرية كان لشركات المتعددة الجنسيات دور فعال في إشعالها من اجل السيطرة على كل الخيرات الدول وليس البترول فقط وما اشاعة وجود القاعدة الارهابية بمنطقة الساحل الافريقي الا ضريعة لاستلاء على حقول البترول المتواجدة في مثلث ماي النيجر وموريطانيا التى مازالت تشهد نزعات قبلية وحروب اهلية شبيهة بما حدث مند أكثر من 100 سنة عندما اكتشف البترول ومن بعد الغاز الطبيعي
إعداد صالح مختاري
في هدا السياق شهدت الفترة الممتدة بين الحربين العالميتين انشغال المجموعات البترولية الكبرى في زيادة الانتاج البترولي العالمي بهدف مواجهة بعض زعماء الأوروبيين ممن كانوا يتخذون من الديكتاتورية أسلوبا للحكم بحيث كان من اليسير إبطاء معدلات التنقيب عن أبار جديدة وهو ماتم بالفعل في بعض الدول بناءا على تعليمات سرية إلا أن دلك لم يمنع الانجليز والأمريكان من مواصلة التنافس فيما بينهما حتى وصل الأمر إلى افتعال حرب بتاريخ 29 جوان 1922
بين دولة بوليفيا والبارغواي بسبب قطعة ارض مساحتها 165 الف م2 تقع في منطقة شاكوا الكبرى متواجدة بين حدود البلدين هده الحرب في الحقيقة كانت بين امريكا وانجليترا خارج أراضيهما بحكم ان الشركات البترولية الامريكية والبريطانية كانتا تعتقدان بان منطقة شاكوا غنية بالبترول في هدا الإطار كانت بوليفيا تخضع لنفوذ الشركات الأمريكية
التى كانت عليها ديون ثقيلة أما دولة البارغواي التى دمرتها حرب عام 1871 فهي كدلك كانت مثقلة بديون اتجاه انجليترا التى تتحكم في جميع نشاطات البلاد في هدا السياق كانت شركة اسو بوليفيا الأمريكية قد تمكنت خلال عام 1920 من استخراج البترول في منطقة شاكوا في الوقت الذي كانت ذات المنطقة محل ضمان لسداد ديون البارغواي اتجاه انجليترا الامر الدي أشعل نار الحرب بين الجارتين بايعاز من شركات البترولية المتحكمة في شؤون الدولتين قتلقت البارغواي الدعم من لدن الشركات الأرجنتينية والبريطانية في حين تلقت بوليفيا دعم الشركات البترولية الأمريكية صراع المصالح خلف في ظرف سنتين من الاقتتال نحو 100 ألف قتيل من بينهم 60 ألف بوليفي و40 ألف من البارغواي مع اصابة اكثر من 50 ألف شخص بجروح مختلفة ضريبة ثقيلة كانت لصالح الأمريكان والانجليز الدان تقاستا شركاتهما البترولية الغنيمة البترولية على مائدة المفاوضات غنيمة تبين بعدها ان احتياط البترول ضعيف مقارنة بحقول البترول التي تستغلها فرنسا في المنطقة .نفس الأمر حدث ويحدث في مناطق كثيرة من العالم اين اكتشفت فيها معادن ثمينة على غرار البترول والغاز أصبحت ميدان حرب بين الدول وبين ابناء البلد الواحد وما احتلال العراق وافتعال أزمة الدرفوربالسودان والحرب الاهلية بنيجيريا واحتلال أفغانستان والأمثلة كثيرة لدليل على ان الشركات العالمية المنتجة للبترول كانت دولها مثل امريكا بريطانيا فرنسا وحليفتها اسرائيل من الواقفين وراء هده الفتنة خدمة لمصالحهم على أشلاء الأبرياء
لم يكن موقف الشركات البترولية اتجاه الأنظمة الديكتاتورية الأوروبية اقل صلفا من موقفها اتجاه الدول المنتجة للبترول
فكان كل من هتلر وموسوليني يرغبان في ضمان استقلال دولتهما في مجال الطاقة وقد وجدا الاثنين فرصتهما في تحقيق هدا الهدف خلال حرب إثيوبيا وحرب اسبانيا في حين كانت الشركات البترولية همها الوحيد هو بيع أنتاجها لاي عميل قادر على سداد الثمن وبينما كان ديتردنج يؤيد هتلر والحزب النازي بتشجيعه على تولي السلطة في ألمانيا قام تيجل من شركة اسو الأمريكية بعقد اتفاقيات كبيرة مع شركة أي جي فايرن الالمانية ودلك خلال عام 1928 حيث اتفقت شركة ستاندارد مع الشركة الألمانية على إنهاء أي نوع من التنافس بينهما لتصبح اسو بعدها طليقة اليد في جميع إرجاء العالم في مجال التنقيب وتسويق البترول باستثناء ألمانيا وينطبق الأمر ذاته على شركة أي جي فايرن المختصصة في مجال الكيمياء باستثناء الولايات المتحدة وقد تمكنت كل شركة بوضع اختراعاتها لكلا الطرفين وقد حقق هدا الاتفاق فوائد كبيرة للجانبين اد استفادت اسو من اساليب التكرير المتقدمة التي توصلت إليها الشركة الألمانية التى تفوقت في هدا المجال على نظيرتها في امريكا فيما يخص المنتجات الصناعية المركبة وقد امتد هدا التعاون الى ابعد من دلك حيث قدمت شركة اسو لشركة أي جي فايرن حقوق تصنيع التيترا اثيل الرصاص تقنية تسمح باستخراج وقود الطائرات في حين قدمت أي جي لاسو شهادات اختراع المطاط الصناعي مما أدى الى وقف أعمال البحث في هدا المجال بالولايات المتحدة اتفاقيات كانت في صالح القوات الجوية المانية وضد مصالح امريكا هو ما احدث ازمة في المطاط الطبيعي خلال عام 1940 بعدما أقدمت اليابان على غزو ماليزيا و اندونسيا ولم تتوقف هده الأزمة الا عندما ادانت عام 1941 وزارة العدل الامريكية شركة اسو وحكمت عليها بغرامة قدرها 50 الف دولار مع حرمانها من استخدام حقوق اختراع لمخالفتها قوانين حظر الاحتكارات وقد وصلت قضية المطاط الى حد توجيه الاتهام لذات الشركة بالخيانة بناء على قرار لجنة تحقيق مجلس الشيوخ برئاسة هاري ترومان وقد أثرت هده المسالة على تيجل ومساعده بيل فاريش فاستقال تيجل من منصبه بعد مدة قصيرة من مصرع مساعده فجاة عام 1942
فلم تكن اسو الشركة الامريكية الوحيدة التى فضلت معاملاتها التجارية على المصالح القومية ففي عام 1937 قامت شركة تكساسو اثناء حرب الاهلية باسبانيا بالتحايل على قانون الحياد وعدم التدخل وباعت كمية من البترول لديكتاتور فرانكوا وصلت قيمتها الى 6 ملاين دولار وفد حدد في هدا العقد بان يسدد المبلغ بعد انتهاء الحرب في ذات السياق كان توركيلد رييبر رئيس شركة تكساسوا قد توجه الى المانيا بنفسه خلال عام 1939 ليوقع اتفاقيات مقايضة مع جورينج وبعد اعلان الحرب قام بإمداد ألمانيا ببترول منتج في كولومبيا عبر موانئ محايدة مثل كوبنهاجن وقد احتفظ رييبر بعلاقات جيدة مع جورينج وعند عودته من المانيا في جانفي من عام 1940 نقل الى روزفلت خطة من الماريشال لعقد اتفاق سلام مع فرنسا وانجليترا بهدف توحيد الجهود لطرد العدو الروسي من بولونيا ..
بعد سقوط فرنسا في يوم 26 جوان 1940 في يد الألمان استقبل رييبر في مقر شركة تكساسو بنيوريوك الدكتور وستريك المبعوث الشخصي لريبنتروب الذي كان يسعى الى عقد اتفاقيات اقتصادية مع كبريات الشركات الأمريكية حيث التقى وستريك رؤساء شركات كوداك وجنرال موتورز واي تي تي كما خصه هنري فورد شخصيا بلقاء خاص الا ان مهمة وستريك فشلت نتيجة تدخل اجهزة المخابرات الامريكية مما دفع به للعودة الى المانيا واضطر رييبر للاستقالة من منصبه كرئيس لشركة تكساسوا بسبب الفضيحة التى اثيرت بعد دلك
وفي شهر مارس من عام 1941 تولى روييبر رئاسة شركة بارمير اويل من مجموعة جوجنهايم التى اصبحت فيما بعد من أكثر الشركات البترولية المستقلة ثراءا واستمر على رأسها الى غاية وفاته في اوت 1968
اما موسوليني فكان اقل براعة من هتلر وفراكوا فلم يتمكن من العثور على الرجال اللازمين لاتفاق سرا مع المجموعات الاحتكارية للبترول وكاد ان يتسبب في هزيمته في اثيوبيا لان تطبيق الحرفي للعقوبات الاقتصادية الدي تقرر في 18 نوفمبر من عام 1935 كان سيؤدي الى وقف عملياته تماما في اثيوبيا .
ولم تتمكن كل من باريس ولندن من التوصل الى قرار حتى ان تم إغلاق قناة السويس وكل ما يتعلق بالبترول لم يكن ضمن قرارات المقاطعة المحتملة غير ان موسوليني استخلص درسا بضرورة ضمان الاستقلال الاقتصادي لايطاليا ..
ايطاليا قصفت خطا منشات ارامكوا بالبحرين والسعودية
بعد ان فكر موسولينيي بتكليف الشركة الامريكية سان كلير اويل بمهمة التنقيب عن البترول في ايطاليا اضطر الى التراجع امام غضب رجال الصناعة الايطاليين حيث قرر خلال عام 1927 بان تبقى كل الثروات الباطنية مملوكة لدولة الايطالية فانشا شركة اجيب لتتولى مهمة التنقيب والبحث في مجال البترول وبعد ان فشلت العقوبات المفروضة على ايطاليا امر موسوليني شركة اجيب بتكثيف مجهودتها لتنقيب عن البترول ولكن دون جدوى والى غاية نهاية الحرب لم تتمكن اجيب من اكتشاف أي حقل بترولي داخل ايطاليا وهو عجل باختفائها خلال عام 1946
اما اليابان المحرومة من الموارد الأولية فكانت تابعة لشركات الانكلو ساكسونية بنسبة مئة بالمئة ونظرا لاضطرارها الحصول على البترول من بورما واندونيسيا لم يكن بمقدور رجال السياسة اليابانيين إغفال التخطيط لوضع الدولتين داخل حدود اسيا الكبرى وبعد انقضاء 55 عامة على انتهاء الحرب العالمية الثانية مازال المؤرخين في خلاف لمعرفة ماادا كانت الولايات المتحدة ورئيسها روزفلت قد تعمدوا الدخول في حرب ضد اليابان بحيث لا توجد في هدا الشأن أي إجابة مرضية عن هدا السؤوال الا ان وجود واقعة تبدوا حاسمة في هده القضية وهي تجميد روزفلت الارصدة المالية اليابانية في الولايات المتحدة بتاريخ 22جويلية من عام 1941 مما ادى الى وقف إمدادات البترول ليابان وكان دلك بمثابة الحكم على اليابان بالاختناق اقتصاديا قرار جاء بعد ان اشتد التوتر بين امريكا واليابان لمدة 18 شهرا تمثلت في
وقف واشنطن العمل بمعاهدة التجارة اليابانية الأمريكية الموقعة مند عام 1921 ودلك اعتبارا من اول جانفي 1940 وبعد الهزيمة الفرنسية ثم الهولندية في منتصف شهر جوان من عام 1940 طلب اليابانيون من الهند الهولندية امداهم بالبترول مهما كانت الشروط ووافق الهولندينون شرط عدم تدخل اليابان في الحياة الاقتصادية للهند الهولندية ودون تحديد الشروط الاخرى التى سيتم فيها عملية التزويد وفي 20 جوان 1941 توقفت الإمدادات الأمريكية من البترول لليابان عن طريق الساحل الاطلسي واعتبارا من 25 جوان من عام 1945 أصبح المخرج الوحيد لليابان هو الحصول على البترول حيث يوجد أي في الهند الهولندية او التحالف مع الولايات المتحدة وقد وصف ونستون تشارشل هدا الموقف بقوله "عندما ضاق الخناق على اليابان أصبحت أمام خيار الاتفاق مع الولايات المتحدة اول الدخول في حرب " وقد تباحث قادة اليابان بشان رد الذي يجب ان يقدموا عليه فكان جوابهم الهجوم على قاعدة بيرل هابر الأمريكية
وطوال تلك الفترة تمكنت دولة وحيدة وهي المكسيك من تحدي الاحتكار العالمي للبترول حيث كان بترولها مملوكا من طرف ديتردنج وشركة شل مند عام 1940 بعد ان تنازل لهما اللورد كودراي عن أغلبية حصص شركته مكسيكان ايجل مم جعل كل من شركة شل وديتردنج تعملان على ضخ البترول باقصى طاقة ممكنة مع تقديم رواتب ضعيفة للعمال والاستمرار في تجاهل ظروفهم المعيشية المزرية في الاكواخ ومنازل من الصفيح في هدا السياق كانت المكسيك تعيش في شبه حالة ثورة مستمرة تاركة الشركات الأجنبية تتصرف مثلما تريد واستمر الوضع على حاله حتى مجيئ احد الضباط وهو الجنرال لازاروا كارديناس الذي اصحب في عام 1926 حاكما لولاية ميشواكان فاهتم بتحسين مصير وحياة الطبقة العاملة وبلغ نجاحه درجة كبيرة حتى ان انتخب خلال عام 1930 رئيسا للحزب الوطني الثوري ثم رئيسا للمكسيك في الفترة الممتدة من عام 1934 ال غاية 1940 وقد حقق الرئيس لازارو كارديناس برنامجا واسعا للإصلاح الزراعي والامن العام وتهدئة الخلافات بين الدولة والكنيسة و تمكن كدلك من وقف تطبيق القوانين المناهضة للدين التي أصدرها اسلافه ،في عام 1936 اضرب العمال الشركات البترولية عن العمل فانضم كارديناس اليهم منذرا أصحاب الشركات بتحقيق مطالبهم وتوفير شروط حياة كريمة ملائمة لهم ولكن بدل من ان تخفف الشركات من موقفها أثارت ضجة بحيث رفضت مطالب العمال ورفعت دعوة قضائية امام المحكمة العليا للمكسيك في هدا السياق قرر الجنرال كارديناس بشجاعة في 18 مارس 1938 تأميم الشركات البترولية السبع الموجودة في البلاد سواءا كانت صغيرة او كبيرة وكان الحظ حليفه بحيث لم يضطر للتراجع عن هدا القرار في تلك الفترة المليئة بالاضطرابات ولم يكن روزفلت راغبا في اثارة نزاع مع المكسيك إلا ان الانجليز قرروا فرض مقاطعة على البترول المكسيكي ولم يكن حلفاء ديتردنج الدي تقاعد عن العمل اكثر تساهلا من سلفهم وكادت المكسيك ان تتعرض لكارثة اقتصادية ما لم تطلب ايطاليا وألمانيا شراء الإنتاج الدي تقاطعه بريطانيا ودلك لتامين احتياجات الأزمة لمواجهة الحرب المتوقعة .
وبدلك تحسنت الأوضاع خلال عام 1940 دون ان يتخلى الجنرال الرئيس عن هدوئه بحيث اقدم على سداد مبلغ 120 مليون دولار للشركات التى انتزعت منها ملكيتها وعاد الجميع للتعامل مع بيميكس الشركة البترولية المكسيكية الجديدة خاصة وان البترول اصحب في دلك الوقت سلعة نادرة ليعود الانجليز الى شراء البترول المكسيكي بعد ان تعرضوا الى مشاكل عد يدة في خطوط اتصالاتهم بمنطقة الشرق الأوسط. في هدا السياق
قام في شهر اكتوبر من عام 1940 سرب من الطائرات الايطالية بقصف حقول البترول في البحرين وفي الظهران بالمملكة السعودية وكان هدا السرب قد انطلق من اريتيريا اسقط عن طريق الخطاء بعض القنابل على المنشات الامريكية البترولية في هده المنطقة في الوقت الدي لم تكن الولايات المتحدة الامريكية قد دخلت الحرب الأمر الذي ترك اثرا عميقا لدى العالم العربي بما حتم على شركة ارامكوا إعادة النساء والأطفال الى امريكا وخفض عدد الفنيين من 371 الى 180 وأغلقت منشات رأس تنورة والابار الجديدة في مناطق اخرى ليصبح البترول العربي ينقل الى مصفاة في البحرين حيث اصبحت ابار بترول البحرين مع بداية عام 1941 هي الوحيدة المنتجة استمرت في امداد الحلفاء طوال مدة الحرب وبالأخص البحرية الامريكية ...