Overblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

بعد نشره لفضيحة سرقة 4 مليون دولار من بنك بغداد/مجلس الأعلى الإسلامي العراقي يهدد بقتل الصحفي العراقي احمد عبد

مجلس الأعلى الإسلامي العراقي يهدد جريدة الصباح

بعد نشرها لفضيحة سرقة 4 مليون دولار من بنك بغداد

الشيخ جلال الدين الصغير يحرض على قتل الصحفي العراقي احمد عبد الحسين

صالح مختاري

في مقال نشر في الرابع  من شهر اوت ،  كشف  الصحافي أحمد عبد الحسين امين سر تحرير جريدة الصباح العراقية  عن فصيحة سرقة فرع بنك الرافدين الواقع في الزوية  ببغداد التي تمت يوم  28 جويلية  2009.التى تورط فيها حسب ذات الجريدة المجلس الأعلى الإسلامي العراقي   أحد قادته  وهوا لشيخ جلال الدين الصغير كان  قد شارك في أعمال لجنة صياغة الدستور العراقي في العام   2005 في هدا السياق  دكرت جريدة الصباح ان 

  عملية  سرقة بنك بغداد   تعد من  اكبر السرقات التى حدثت  منذ عام 2003 والتى أسفرت عن  سرقة نحو أربعة ملايين دولار و مقتل ثمانية حراس  وبعد مرور ثلاثة أيام  تم توقيف سارقين  من بينهم النقيب جعفر لازم وهو ضابط في حرس نائب رئيس الجمهورية،وعادل عبد المهدي  عضو في المجلس الأعلى الإسلامي  

 

  الصحافي احمد عبد الحسين فجر قضية أخرى من العيار الثقيل بعد كشفه عن تورط   المجلس الأعلى الإسلامي العراقي الدي كان ينوي حسبه استخدام المبلغ  المسروق لشراء أصوات الناخبين   خلال الانتخابات التشريعية  التى ستجري  في  شهر جانفي 2010  

على إثر نشر  فضيحة سرقة 4 ملاين دولار التي تحدث عنها احمد عبد الحسين ، قام المجلس الأعلى الإسلامي بتهديد جريدة الصباح  بملاحقتها  قضائيا حيث القى  الشيخ جلال الدين الصغير  خطبا يوم الجمعة  7 اوت 2009 نفس الخطاب  القي في كل المساجد  التابعة للمجلس   ادان فيه  الصحافي احمد عبد الحسين والتحريض على قتله  معلنا بصفة رسمية  بانه يتزم كدلك ملاحقة كل وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية التي ذكرت  تورّطه في السرقة 4 ملايين دولار من بنك بغداد  منها مواقع المعارضة المنتمية إلى حركة البعث التابعة لصدام حسين. في هدا الإطار تلقى الصحفي احمد عبد الحسين تهديدات مباشرة من احد نواب منتمي  الى  الحزب الشيعي وبعض الميلشيات المقرّبة منه     

 و تضامنا مع  الصحفي احمد عبد الحسين  وجريدة الصباح  نظّم مثقفون ومحترفون إعلاميون عراقيون عبر اتحاد الكتاب ومرصد الحريات الصحفية تجمّعاً   في بغداد  منددين  عن ما صدر من تهديدات بالقتل ضد الصحفي احمد عبد الحسين صاحب  المقال    صحفي كاتب وشاعر  معروف في بلاد الرافدين .

 

Voir les commentaires

كيف تم تنفيذ خطة الهولكوست لإبادة اليهود/حاييم وايزمن، موشى شاريت، دافيد بن جوريون واسحق شامير أشهر عملاء الق

 علاقة  الصهيونية بالنازية ألمانية خلال الحرب العالمية الثانية

 كيف تم  تنفيذ خطة الهولكوست لإبادة اليهود

 الفضيحة الصهيونية على أمواج راديو 3 CR
مدكرات رودلف كيستنر  رئيس المجلس اليهودي بالمجر
 كشفت علاقة قادة يهود بالكستابو الالماني 

حاييم وايزمن، موشى شاريت، دافيد بن جوريون واسحق شامير

 أشهر عملاء الصهاينة الدين عملوا لصالح  الجستابو

 

كتاب ومفكرين اوربين وامريكين ضحايا متابعات
 واغتيالات بعد  كشفهم لاكدوبة غرف الغاز  

أصبح كل من يتطرق  لمحرقة الهلوكوست  من قريب او من بعيد يتعرض لاغتيال والمضايقات عقابا له على التشكيك في اطروحة الصهيونية التى ابدعت قضية المحرقة على ان النازيون الالمان هم من هندسوها  الا ان العلاقة التى كانت تربط رواد الفكر الصهيوني بقيادة القستابو الالماني فضحت تواطهم في ابادة بني جلدتهم لتوفير شروط ترحيل الجالية اليهودية نحو فلسطين .

من كتاب أسرار الصراع العربي الإسرائيلي

صالح مختاري مؤلف وصحفي محقق

ديسمبر2002

 

 في هدا الاطار كان كل من  الفيلسوف والمفكر الفرنسي الشهير "روجيه جارودي" ، والمؤرخ البريطاني "دافيد إيفرينخ  من بين العشرات المفكرين الدين   فضحوا  أوراق الدجل الصهيونية   حيث كان المؤرخ البريطاني دافيد إيفرينخ  قد قدم للقضاء من اجل  محاكمته بشان هدا المر . بدأت   قصة دافيد إيفرينخ  مع بداية  عام 1992، عندما تعرض للتنكيل والمطاردة جراء موقفه الذي يشكك في الحكايات المختلفة عن إبادة اليهود  حتى أنه طرد في ذلك العام  من كندا  بقرار من المحكمة الاتحادية بحجة أنه دخل البلاد بطريق غير مشروعة وإدلائه  بأقوال مهنية لذكرى الموتى حسب ادعاءات اللوبي الصهيوني وفي العام  1993  منع  من دخول أستراليا  لنفس السبب ، وبعد سنة من دلك  أصدرت محكمة ألمانية   حكما بتغريمه 10 آلاف مارك  بتهمة  "تشكيه  في حدوث جرائم ضد الإنسانية "  وقد قدم إيفريخ للمحاكمة في لندن، وفقا لقانون استطاعت إسرائيل والقوى الصهيونية العالمية إصداره في كثير من الدول الأوربية بمحاكمة ومعاقبة كل من يشك في "أسطورة الهولوكست"  وكان  الكاتب النمساوي "جير هونسيك" قد حكم عليه بالسجن 18 شهرا  عقابا له على  ما كتبته  في العديد من مقالات التى نشرت  بمجلة "Hult" التى نفى فيها وجود غرف الغاز السام في معسكرات الاعتقال النازية.

جارودي الفيلسوف الغرنسي كان هو كدلك   محل  عدة  متابعات قضائية   رفعتها ضده  جمعيات ومنظمات اليهودية    عقب نشر كتابه  "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية" الصادر في  شهر ديسمبر 1995،   فنّد فيه أسطورة  أفران الغاز  مؤكد بأن "هذه الفكرة غير ممكنة التنفيذ من الناحية الفنية، وأن أحدا لم يوضح حتى الآن كيف كانت تعمل هذه الأفران المزعومة، وما الدليل على ثبوت وجودها، وعلى من لديه دليل على وجودها أن يتقدم" في هدا السياق  تعرض  عدد من الباحثين والمؤرخين في أوربا وأمريكا للاغتيال، والاغتيال  المعنوي والمطاردة والسجن، لمجرد أنهم أبدوا رأيا في مزاعم إبادة اليهود على يد النازية، والبعض الآخر التزم  الصمت بالرغم من أن  الموضوع ينتمي إلى "التاريخ" الذي يفترض أن باب الاجتهاد فيه يجب أن يحاط بقدر من القدسية .  

 الصهيونية العالمية تبنت   بشكل دائم الإبقاء على الوعي العام لليهود في  حالة من التذكر الدائم  كنقطة استيعاب للمشاعر القومية بترسيخ العادات الدينية اليهودية القائمة على الارتباط بأيام الحزن والمآسي في تاريخ اليهود  حيث خصصت   لضحايا الكارثة النازية من اليهود يوم27 أبريل من كل عام كحداد  خاص  بهم  ، تطلق صفارات الإنذار في جميع أنحاء إسرائيل، في صباح هذا اليوم لمدة دقيقتين، وتتوقف حركة الحياة تماما،  يجتمع الآلاف من اليهود في مقابر "يدفاشيم" لتخليد ذكرى ضحاياهم وقد تم وضع    منهج يهتم بدراسة إحدى الطوائف اليهودية التي أبيدت خلال هذه الكارثة كما  زعم الصهاينة.   

الفضيحة الصهيونية على أمواج راديو 3 CR

رودلف كيستنر  رئيس المجلس اليهودي بالمجر

 كشفت علاقة قادة يهود بالكستابو الالماني 

كان راديو 3CR الذي يبث برامجه من ملبورن بأستراليا، وهو اتحاد لمؤسسات عدة ذات اتجاهات سياسية مختلفة،   يتبنى  دعم حقوق الطبقات الفقيرة ومعارضة التعصب والعنصرية،قد     بث عدة برامج  خلال  سنوات السبعينيات،  تطرف فيه  لتعاون الصهيوني النازي، مما دفع المجلس اليهودي في ملبورن إلى  رفع دعوى قضائية ضد هذه الإذاعة ،تعاون فضحه كذلك   رودلف كيستنر  رئيس المجلس اليهودي بالمجر  هنغاريا سابقا إبان الحرب العالمية الثانية  ،والذي   يعتبر من بين الصهاينة المتعصبين   متحصل على  درجة الدكتوراه في القانون  كان أحد  الناجين القلائل   من معتقل "أوشويتز"،  هدا الاخير  كشف عن دوره في هذه القضية  في مذكراته التي نشرت عام 1961، بجريدة "لندن دايلي هيرالد" قائلا "أنا يهودي وبالرغم من ذلك، فإنني أتهم بعض القادة اليهود، بأبشع أعمال الحرب، هذه الفئة من الخونة علمت بما يحدث لإخوانهم، لكنهم فضلوا شراء أرواحهم بالصمت عما يجري ومن بين هؤلاء د.كيستر رئيس المجلس    مضيفا "الصلة الوثيقة بين د.كيستنر وأدولف إخمان، أكدتها اعترافات إيخمان نفسه، عقب اختطافه الشهير وتقديمه للمحاكمة الدي قال عنه: "لقد وثق أحدنا بالآخر تماما، عندما كنا نتحدث، كان يدخن سجائره المعطرة بشراهة، يتناولها من علبة  سجائره الفضية ، ويشعلها بولاعة ذهبية، كان متحفظا في تصرفاته، فكان يبدو كضابط جستابو مثالي ! لقد كان همه الأكبر هو: تمكين مجموعة مختارة من يهود المجر، من الهجرة إلى إسرائيل"  

غير أن أهم ما يجب لفت الأنظار إليه حسب كيستنر  هو   "عملية الانتقال التي كانت هدفا رئيسيا للمنظمة الصهيونية من أجل بناء الدولة اليهودية، وليس إنقاذ اللاجئين اليهود "   فلسفة الصهيونية التى  حددها بن جوريون  تمثلت في  انتقاء القليل من جموع اليهود في ترتيب عملية الهجرة إلى فلسطين، من الشباب الذين يستطيعون فهم ما يعنيه الوطن القومي اليهودي طاقاتهم وإمكاناتهم لخلق ظروف اقتصادية ملائمة، تسمح بمتابعة الهجرة .

  الوقائع التاريخية   فندت  مزاعم  الحركة الصهيونية  التي ادعت حماية يهود العالم من خطر العداء للسامية  و اثبت  التعاون  الوثيق الذي نشأ بين الزعماء الصهاينة وأعداء السامية منذ اللحظة الأولى لتأسيس حركتهم.

  

الدعاية الصهيونية قبل تنفيذ خطة الهولكوست لإبادة اليهود

قبل البدء في تنفيذ المخطط الصهيوني النازي ضد اليهود، قام الصهاينة بالتنسيق مع الجستابو بشن حملات دعائية واسعة تتهم السلطات النازية بتعقيب الصهاينة واعتقالهم، وبناء على تعليمات من جيرنيك أحد كبار مسؤولي الجستابو تم إرسال مندوبين إلى لندن وبراغ، بهدف تصعيد الحماية الدعائية حول  مطاردة واعتقال  الصهاينة في ألمانيا.

وكانت المنظمات الصهيونية تتلقى كل دعم ومساندة من طرف السلطات النازية، وفي الوقت الذي كانت تحرق فيه مؤلفات سبينوزا وأينشتاين في ألمانيا، كانت السلطات النازية تسمح بإعادة طبع كتاب هرتزل  الدولة الصهيونية في حين  كان  الآلاف من فقراء اليهود يساقون إلى معسكرات الاعتقال وحجرات الغاز.وفي هدا التوقيت  بالذات 

    كان المليونير الصهيوني -مندلسون- ينال لقب "مواطن آري" بمرتبة الشرف، كتقدير من زعماء النازية

وعلى أثر ازدياد عدد المهاجرين اليهود في الثلاثينات من أوربا إلى أمريكا وأستراليا، تمكن زعماء الصهيونية من استصدار قرار من وزير داخلية الولايات المتحدة يقضي بمنع دخول المهاجرين اليهود إلى معظم الولايات الأمريكية، مثلما تمكنوا من الحصول على قرار مشابه من الحكومة البريطانية، يحول دون هجرة اليهود إلى أستراليا وغيرها من المستعمرات البريطانية،  ما عدا فلسطين     وقد تتصاعد بشان هده الابادة المقننة حملات دعائية  تقول  بأن محر قة هتلر   أهلكت 6 ملايين يهودي أ ي ثلث تعداد اليهود في العالم.

  فلماذا إذن التزمت الإدارة الأمريكية الصمت إزاء أحداث الإبادة الجماعية لليهود؟  و انقسام يهود أمريكا  فيما بينهم   الدين لم يتخذوا موقفا موحدا ومحددا إزاء إعدام الملايين من اليهود    ماعد   بعض اللجان التى تشكلت   بغرض انقاد اليهود وجمع الأموال اللازمة لذلك، منها "لجنة الطوارئ" التي  نشرت إعلانات بالصحف تدين عمليات الإبادة  مع تنظيم بعض  المظاهرات.

   اللجان  تلقت   هجوم  عنيف  من لدن  المنظمات الصهيونية،  التي كانت لها وجهة نظر تتلخص في  وجوب  ترك هتلر يقتل ويبيد بعضا من اليهود، حتى يدرك العالم كله أن الحل الوحيد لإنقاذ اليهود هو إقامة وطن قومي وطني لهم في فلسطين  . 

  الحركة الصهيونية  أعلنت صرحة أن إنقاذ اليهود ليس مهمتها وإن  هدفها الأكبر هو فلسطين،   سعيها   إلى إنقاذ الشباب وصغار السن من اليهود ليكونوا نواة للدولة الصهيونية في فلسطين لم يكن  نابعا من  رغبة  إنقاذ أرواح بشرية بقدر ما كان إنقاذ أداة تحقيق مخططات الحلم  الصهيوني  الرهيب 

 وهو ما يأكده  يوري أفنيري النائب السابق في الكنيست والمعلق السياسي الإسرائيلي  الدي  قال  "إن اهتمام الحركة الصهيونية وقت وقوع المحرقة لم يكن موجها إلى اليهود على الإطلاق بل كان موجها إلى إقامة دولة يهودية في  فلسطين ".

 في ذات الشأن  أوضحت الأبحاث التي قام بها الكاتب اليهودي مورجنشتيرن   نشرتها بعض الصحف الصهيونية بانه لم يكن أبدا إنقاذ اليهود من معسكرات الموت النازية هدفه الخوف عن ارواحهم  لان حسبه   كان جرنيبور  رئيس لجنة الإنقاذ وعضو رئاسة الوكالة اليهودية قد صرح أكثر من مرة بأن أموال الصندوق الوطني اليهودي  يجب أن تستغل لتنفيذ المشروع الصهيوني في فلسطين، وليس هناك أي ضرورة لإنفاق هذه الأموال لإنقاذ اليهود من النازيين...

وخلال الندوة التي نظمتها صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عام 1966، صرح"خ.لانداو"   عضو الكنيست بأن رئاسة الوكالة والأوساط اليهودية في الولايات المتحدة، كانوا  على علم  بعملية الإبادة اليهود عام 1942،و لكنهم لم يلتزموا الصمت فحسب، بل أخفوا ما عرفوه وأجبروا كل من عرف بذلك على الصمت

كما اعترف أدولف إيخمان لدى محاكمته بالاتفاق الذي عقده الصهاينة مع الجستابو،  الذي نص على تعهد النازيين بضمان سلامة بضع مئات من أثرياء اليهود والزعماء الصهاينة مقابل أن يتعهد الصهاينة بالمحافظة على الهدوء والنظام في معسكرات الاعتقال، مضيفا انه   لولا تعاون الصهاينة وأعضاء المجالس اليهودية مع السلطات النازية لكانت ألمانيا في حاجة إلى جهاز استخبارات اكبر بمائة مرة على الأقل من الجستابو،لكي تنفد مخطط الابادة الدي احرق  اليهود وهم احياء   لنه حسبه يستحيل   بان تكون   لجهاز القيستابو القدرة   على تنظيم حملات الإبادة الجماعية ضد اليهود، كما حدث في أوربا....  

 

كيف فبركة الصهاينة عملية انتحار

جماعية ليهود بميناء حيفاء عام 1942

 في كتابه "الخيانة" يقول الكاتب اليهودي بن هيكت إن مئات الآلاف من اليهود كان يتم تجميعهم في "الجيتوات"  بعدها يجري إرسالهم   إلى معسكر "اوسفينتسيم" وغيره من معسكرات الموت من أجل إبادتهم، دون أن يعرفوا المصير الذي كان ينتظرهم.

 مضيفا  إلى أنه في بعض الحالات التي كان يفشل  فيها الصهاينة في إدخال  المهاجرين المختارين إلى فلسطين، كانوا يحكمون على هؤلاء المهاجرين بالموت دون تردد،  ليقومون بشن حملات دعائية ضخمة للاتجار بدماءهم .  

و هو ما حدث عام 1942   للباخرة "باتريا  التى لما وصلت إلى ميناء حيفاء،و على متنها   المهاجرين اليهود، حيث رفضت  السلطات البريطانية  وقتها  السماح لهم بالنزول في حيفا،  عارضة عليهم التوجه إلى مدغشقر، وبعد أن فشل الصهاينة في إقناع الإنجليز، قاموا بنسف الباخرة بمن فيها وعقب ذلك قاموا بحملة دعائية  ، زاعمين أن ركاب الباخرة   نفذوا عملية  انتحار جماعي  لأنهم  فضلوا الموت على مفارقة الوطن .. وهو نفس ما فعلته العصابات الصهيونية ضد ركاب الباخرة "سترومي" .

 حاييم وايزمن، موشى شاريت، دافيد بن جوريون واسحق شامير

 أشهر عملاء الصهاينة الدين عملوا لصالح  الجستابو

 

 

 كان "د.رودلف كيستنر" المندوب الدائم للمؤتمر اليهودي العالمي ورئيس فرع هنغاريا، من أشهر عملاء الصهاينة الدين عملوا لصالح  الجستابو  هدا العميل الصهيوني  أسندت له مهمة وضع قوائم بأسماء اليهود في هنغاريا وبيان الحالة الاجتماعية والمالية لهم،  بالإضافة الى قيامه بتحصيل   الضرائب  من الأثرياء مقابل تهريبهم  إلى الخارج، أما فقراء اليهود فكانوا كيستنر يرسلوهم  إلى معسكرات الاعتقال والموت. وبعد انتهاء الحرب، هاجر كيستنر   إلى فلسطين المحتلة وغير اسمه إلى "شووك كارميل" وعن طريق المصادفة تعرف عليه أحد اليهود الذين نجوا من الموت بأعجوبة، وبعد أن انكشف أمره قام أحد رجال "الموساد"  يدعى زئيف اينشتاين باغتياله  في عام 1957، بناءا على تعليمات قيادة الموساد، و  لم تقم الاستخبارات الصهيونية باغتيال كيستنر، جزاء له على الجرائم الدموية التي ارتكبها بحق اليهود، أو لتعاونه المباشر مع الجستابو، بل خوفا من أن يكشف عن هوية عدد من القادة الإسرائيليين الذين اشتركوا معه في إبادة اليهود وخدمة النازية.

 لم يكن كيستنر هو المسؤول الصهيوني الوحيد الذي تعاون مع الجستابو، فقد كان هناك أيضا "مانلر" مندوب الوكالة اليهودية في تشيكو سلوفاكيا، الذي كان عميلا لرئيس فرع الجستابو في براغ "فوش" وطبقا للاعترافات التي أدلى بها "كارل دام" أحد كبار  قادة فرقة ال S.S . النازية، فقد شكل النازيون من الصهاينة ما كان يعرف بالشرطة اليهودية، لتولي المحافظة على الهدوء والنظام في معسكر "تيريزين" بتشيكوسلوفاكيا،    كارل دام كشف  إنه بفضل مساعدة الصهاينة العملاء تمكن القيستابو  من إرسال أكثر من 400 ألف يهودي من تشيكوسلوفاكيا إلى الجيتوات ومعسكرات الاعتقال في الفترة ما بين 1941-1945. ويؤكد الكاتب الألماني "جوليوس مادير" أن هناك قائمة بأسماء الزعماء الصهاينة الذين تعاونوا بشكل وثيق مع النازيين تقع في 16 صفحة وأن من بين هؤلاء عددا ممن أصبحوا من كبار المسؤولين في "إسرائيل" مثل حاييم وايزمن، موشى شاريت، دافيد بن جوريون واسحق شامير وغيرهم، وأن أقرب المسؤولين النازيين إلى الصهاينة كان كورت بيخر وأدولف إيخمان  رئيس فرع W.B4في الجستابو، وهو الفرع الذي كان مسؤولا عن إبادة اليهود !

وعلى الرغم من العداء العلني الذي كانت الحركة الصهيونية لا تتوانى في  اظهاره حيال النازية،   لفرض الابتزاز المالي والسياسي على الحكومات الألمانية المتعاقبة بعد الحرب الثانية، إلا أن الوثائق التي نشرتها مجلة "شيترن" تكشف العروض السرية التي تقدم بها الصاينة للتعاون مع ألمانيا النازية،    الوثائق كشفت  أن منظمة "أرجون" الصهيونية الإرهابية، والتي كان إسحق شامير رئيس الحكومة الاسرائيلية الأسبق أبرز زعمائها قد أجريت اتصالات سرية مع النظام النازي، عن طريق الملحق البحري الألماني بسفارة ألمانيا في تركيا، ويتخلص هذا العرض الذي تقدمت به منظمة أرجون إلى الحكومة النازية،  بان أهداف المنظمة الإرهابية تتفق تماما مع أهداف حكومة الرايخ فيما يتعلق بضرورة إجلاء اليهود عن أوربا كخطوة على طريق إقامة نظام جديد هناك، أن هذا الإجلاء  لن يتحقق إلا بتهجير يهود أوربا إلى فلسطين، وبالتالي يمكن أن يتحقق تعاون مشترك بين الصهاينة والنازيين في هذا  الصدد، وضمانا لاستمرار هدا التعاون بعد إقامة الدولة اليهودية، في شكل معاهدة بين الكيان الصهيوني وألمانيا، ترعى المصالح الألمانية في الشرق الأوسط، وقد أبدت المنظمة الإرهابية استعدادها للاشتراك في العمليات الحربية إلى جانب ألمانيا، شريطة أن توافق على هذا العرض .

Voir les commentaires

خمس البريطانيين تاجروا بالأطفال

 

خمس البريطانيين تاجروا بالأطفال

المصدر: غارديان

 

كشفت دراسة حديثة أن أكثر من خمس الشعب البريطاني ربما ساهموا دون أن يعلموا في الاتجار بالأطفال

 

الدراسة, التي تنشرها اليوم منظمة إيكبات للحد من دعارة الأطفال والاتجار بهم,كشفت  أن من يشترون أقراص دي في دي المنحولة والورود من الباعة المتجولين, ويتعاطون الحشيش المزروع محليا, ويعطون المال للمتسولين من الأطفال ويدفعونهم للبغاء, ربما يدعمون بذلك ما تصفه الأمم المتحدة بتجارة الرقيق الحديثة

 

وذكر 89% ممن شملتهم الدراسة أنهم لم يكونوا يدركون أنهم بهذا الفعل إنما يساهمون في تجارة غير مشروعة تديرها شبكات تعمل في تهريب الأطفال من مناطق مثل الصين وأفريقيا وأفغانستان.

  

تقول كريس بيدو –المديرة التنفيذية لإيكبات- إن الضلوع في مثل تلك الممارسات يسهم في دعم الاقتصاد غير الشرعي, الذي يعد الاتجار بالبشر أحد نشاطاته

وأضافت أن التجارة في الأطفال ناشطة في مدن بريطانيا الكبرى منها والصغرى كل يوم, إذ تنزع هوياتهم ويتعرضون للاغتصاب والضرب ويجبرون على العمل في ظروف بائسة.

 

ويتلقى مركز الاتجار بالبشر بوزارة الداخلية البريطانية ثلاثة تقارير في الأسبوع تتعلق بالأطفال الذين هربوا إلى المملكة المتحدة بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران الماضيين.

وطبقا للدراسة التي أجريت في 17 مدينة بريطانية, أعرب ثلث البالغين عن عدم إدراكهم لمدى ما وصل إليه الاتجار بالأطفال في بريطانيا بينما يعتقد ثلث آخر أن الأطفال الذين يتاجر بهم ينتهي بهم المطاف في دول أجنبي

Voir les commentaires

راتيب المتسول البريطاني يبلغ 300 دولار /موظفات بريطانيات متسولات ليلا

 

 

 راتيب المتسول البريطاني يبلغ 300 دولار

موظفات بريطانيات متسولات ليلا

المصدر: الصحافة البريطانية

 

أفادت صحيفة ديلي تلغراف بأن المتسول في بريطانيا يجني مائتي جنيه إسترليني يوميا  نحو 333 دولارا  وهو ما يعادل 73 ألف جنيه سنويا (نحو 121 ألف دولار) صافية من الضرائب.

 

فقد كشف تقرير للشرطة عن وجود عدد متزايد من المتسولين "المحترفين" يستخدمون مال التسول لزيادة دخلهم من أعمالهم اليومية العادية.

  

 

حتى إن امرأة  امتهنت التسول ليلا بعد عملها المكتبي كي تتمكن من تسديد ثمن مطبخها الجديد في شقتها.

 

 مسؤول في الشرطة كشف  إن "كثيرا من الناس الطيبين يرون المتسولين ويظنون أنهم حالات تستحق المساعدة. لكن هل كانوا سيعطونهم المال لو علموا أن ذاك الشخص خرج لتوه من إحدى الشقق وكان يتلقى إعانات مالية وكان لديه خزانة عامرة بالطعام؟

 وكان رئيس خدمات بيوت الشباب في مجلس مدينة ليسسترقد اكد  بإن تحريات الحكومة والشرطة في السابق بينت عدم وجود متسولين مشردين وأضاف أن "هناك أناس يحترفون التسول ويفعلون ذلك لزيادة دخولهم"

 

Voir les commentaires

كتاب اسرار الصـراع العربـي الإسرائيلـي/مواقف تاريخية للراحل هواري بومدين من هزيمة 67 وحرب 73

 

كتاب اسرار الصـراع العربـي الإسرائيلـي

 

مواقف تاريخية للراحل هواري بومدين من هزيمة 67 وحرب 73

    

  مؤلف والصحفي المحقق صالح مختاري

ديسمبر 2002

 

عندما وقعت هزيمة 1967 لم يصدق بومدين ما سمعه: فكان يسأل عبد الناصر باستغراب ماذا حدث بجيشك يا سيادة الرئيس؟ فقال له عبد الناصر: لقد أصيب الجيش بسكتة قلبية؟ ولا يمكن أن نصف ما حدث إلا بهذا الوصف.

ولكن بومدين لم يهضم هذا التبرير من عبد الناصر خاصة وانه كان يعتبر مثله الأعلى.

وقال بومدين لأحد مساعديه في لحظة انفعال لو كنت مكان عبد الناصر ولحق بجيشي ما لحق بجيش مصر لأطلقت النار على رأسي؟ ولكنه طار إلى القاهرة وموسكو لترميم ما تهدم وإعادة الروح إلى مصر.

في مساء يوم 5 جوان 1967 اتصل جمال عبد الناصر ببومدين هاتفيا ليقول له (لم يبق عندي طائرة واحدة سليمة أرجو أن ترسل لي بعض الطائرات) فأجابه بومدين على الفور : كل ما تملكه الجزائر سبع وأربعون طائرة حربية أرسل طيارين مصريين لاستلامها لأن الطيارين الجزائريين في بداية تدريباتهم.

وفي الغد طلب السفير الأمريكي مقابلة مع الرئيس بومدين لتبليغه رسالة  من الرئيس الأمريكي، واستقبل من قبل بومدين فورا ليقول له: كلفني الرئيس الأمريكي بأن أنقل إليكم بأن حكومته ل تنظر بعين الارتياح لإرسال الجزائر للطائرات الحربية إلى عبد الناصر أجاب بومدين على الفور: أولا انتهى ذاك الزمن الذي كانت فيه أمريكا تأمر والبلدان الصغيرة تطيع، وثانيا انتهى وقت المقابلة.

بعد هزيمة 1967 إثر حرب 5 جوان، وصل بومدين إلى موسكو في حالة نفسية سيئة، وفي لقائه الأول مع القادة السوفيات في الكرملين بعد ظهر يوم 12 جوان بدا بومدين في حديثه بأن قال لبرجنيف إنه: يأسف لأنه طلب من سفير الجزائر في موسكو إبلاغ السلطات السوفياتية أنه لا يريد حفلات تكريم على الغذاء أو عشاء وإنما يريد أن يفهم ...) ورد عليه برجنيف قائلا: (أنه وزملاءه يفضلون أن يسمعوا منه أولا رؤوس المسائل التي يريد أن يتحدث فيها).

فانطلق بومدين يقول : (أنه ليس لديه رؤوس موضوعات وإنما لديه موضوع واحد يتمثل في سؤال يريد ان يطرحه ويريد أن يسمع جوابا قاطعا عليه). وجاء السؤال الواحد لبومدين في قوله : (إنه يريد أن يعرف ما هي حدود الوفاق بينكم وبين الامريكيين). وبدا أن الزعماء السوفيات لم يتفهموا المطلوب من السؤال بدقة استطرد بومدين يقول: أننا نراه وفاقا من جانب واحد أنتم تتصرفون بأقصى درجات الضعف، والآخرون يتصرفون بأقصى درجات القوة. وأثناء هذه المفاوضات قال كوسينغن رئيس الوزراء السوفياتي: (إننا حاولن أن نستجيب لطلباتكم وقدمناها لكم بأسعار مربحة، بل أنكم لم تسددوا حتى ربع تكاليف ما حصلتم عليه. واستبد الغضب بالرئيس بومدين وقال له: (أنه كان يتخوف من مثل هذه الملاحظة، ثم أخرج صكا بمبلغ 100 دولار) وكان يحتفظ به في ملف أمامه وقدمه لكوسيغن فتكهرب جو الاجتماع واقترح برجنيف الجلسة لاستراحة قصيرة.

بعد هزيمة جوان 1967 ذهب الرئيس هواري بومدين والرئيس العراقي عبد الرحمن عارف في شهر جويلية إلى الاتحاد السوفياتي، وفي جلسة العمل التي انعقدت بقصر الكرملين بحضور الوفدين العربي والسوفياتي، وجه الرئيس بومدين سؤالا لبرجنيف: (من طرف الذي هزم يوم 5 جوان) وعندما تردد برجنيف في الإجابة قال بومدين : (نحن هزمنا بالجملة، هزمنا جماعية نحن وانتم معنا، ولا تقل لي نحن المسؤولون، ولا أريد أن اسمع هذا الكلام، واود أن أطرح عليك فرضية أخرى، ولو أن إسرائيل كانت هي في موقف العرب الآن بعد المعركة، هل تعتقد أن أمريكا كانت تتصرف كما يتصرف الاتحاد السوفياتي الآن ؟ هل يتصورون أنهم سيذهبون إلى الأمم المتحدة ويخطبوا في الجمعية العامة وفي مجلس الأمن، ويشغلوا أنفسهم بصياغة قرارات، أم أنهم كانوا سيتصرفون على نحو آخر.

عند اندلاع حرب أكتوبر 1973 قام الرئيس بومدين برحلة تاريخية إلى الاتحاد السوفياتي من أجل دعم الأمة العربية في حربها مع إسرائيل وكانت رحلة تاريخية غيرت معطيات الحرب ودفعت بالسوفيات إلى الجهر بموقفهم المؤيد للعرب، ومما جاء في مفاوضات بين الطرفين نستخلص ما يأتي :

بعد الترحيب ببومدين سأل برجنيف بومدين لماذا أتيت؟ فرد بومدين (جئتم لدعم الكفاح العربي في الشرق الأوسط، وقصدتم بالذات، لأنكم أصدقاء، ثم لكونكم تناصرون القضايا العادلة..) فأجاب برجنيف: (إذا كنت تحرص على خدمة القضية العربية، فعليك بإيقاف الحرب لأنها لا تخدم العرب ومصالحهم). حينما قال بومدين: (لقد جئت إلى هنا وليس في نيتي إيقاف الحرب، وإنما دعم العرب فيها، ولتعلموا أني لا أطلب منكم الموت دفاعا عن العرب، بل أطلب فقط إمكانيات حربية تؤهلنا لدخول هذه الحرب بكل ثقة). سأل برجنيف بومدين : (لكن من اين تعتزم شراء السلاح؟) وتعبيرا عن استغرابه للسؤال رفع رأسه إلى سقف قاعة الاجتماع ثم نظر إلى جدرانها وقال: (أنا أتساءل هل أنا في البيت الأبيض أم في الكرملين؟).

وتبين من خلال المفاوضات أن هناك برودة راجعة بالأساس إلى سياسة الانفراج في العلاقات بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية، وجعلت الزعماء السوفيات لا يستجيبون لطلبات بومدين، فعلق بومدين على ساسة الانفراج هذه قائلا: (إنها سياسة انصياع وليس سياسة انفراج، وإذا واصلتم على هذا النهج مخاطبا برجنيف، فبعد 10 سنوات سيدق الأمريكان أبواب موسكو).

ومن هذا الموقف تغير مجرى المفاوضات وقرر الزعماء السوفيات دعم العرب في حربهم ضد إسرائيل، وبعد سنوات من هذه الواقعة التاريخية يتغير العالم وتحلل الاتحاد السوفياتي إلى ممجموعة من الدول المستقلة، انتهى الاتحاد السوفياتي الدولة العظمى نتيجة سياساته التي عبر عنها الرئيس هواري بومدين وتنبأ بها.


أقوال الراحل هواري  بومدين

بخصوص الصراع العربي الإسرائيلي

 

نحن لا نطالب إلا بحقوقنا فقط، نطالب بها اليوم ونطالب بها الغد ونطالب بها في كل وقت مادام  هناك وطن عربي ومادامت هناك أمة عربية.

(4 جوان 1967)

أنتم بصفتكم طلائع أولى لشعب لم يطأطأ رأسه طيلة الأجيال وأنتم بذهابكم إلى المعركة ستدافعون عن فكرة سليمة ألا وهي القضاء على قاعدة الاستعمار وعلى خنجر في قلب الأمة العربية، إنكم تحملون أمجاد وبطولات شعب كامل بدأت بحرب الأمير عبد القادر ولن تنتهي حتى يتطهر كل شبر من الوطن العربي، إنكم تحملون مجد الأمير عبد القادر ومجد جيش التحرير، ومجد المليون والنصف شهيد، ولابد أن تشرفوه، إن الأمهات وإن كانت دموعهن لم تجف بعد فإنهن مستعدات لأن تزغردن كما فعلن في الماضي غير البعيد، وإننا نطلب منكم أن تستشهدوا في المعركة أو ترجعوا ظافرين وعلى رأسكم راية النصر حاملين مجد وسمعة وتاريخ الشعب، ونطلب منكم باسم الأمهات والمجاهدين والشعب والجزائر، إما النصر أو الاستشهاد، هذه هي طريقة جيش التحرير فإلى الأمام فقلوب شعبنا معكم والنصر لنا والله اكبر.

(6 جوان 1967)

إننا لم نقبل الهزيمة وإن أجدادكم قد كافحوا مدة 17 سنة ولم يقبلوا الهزيمة فاستشهدوا الوحدة بعد الوحدة، والجندي بعد الجندي، والمسؤول بعد المسؤول وبقيت منهم فئة قليلة مع الأمير عبد القادر ولم يستسلموا.

استعمروا إلا أنهم لم يقبلوا الهزيمة وقد عرف شعبنا معارك أخرى طويلة فتاريخنا الحديث حافل بالبطولات ولم نسلم بالهزيمة وقد عرف شعبنا معارك أخرى طويلة فتاريخنا الحديث حافل بالبطولات ولم نسلم بالهزيمة رغم انه تجندت قوات جهنمية هائلة ضد شعبنا كله في السجون، ففي وقت من الأوقات كانت القصبة سجنا ومدينة وهران سجنا ومدينة قسنطينة سجنا، وكل القطر الجزائري تحوط به الأسلاك المكهربة الجهنمية وتحرس هذه الأسلاك الدبابات والطائرات والمدافع والغواصات وغيرها ورغم هذا فإن شعبنا لم يقبل بالهزيمة ولم يستسلم رغم أنه دفع مليونا ونص مليون من الشهداء.

(19 جوان 1967)

سيحكم علينا التاريخ بأننا خونة ومنهزمين وبأننا قصرنا في أداء واجبناإذا ما نحن قبلنا هذه الهزيمة وهذه النكسة.

(19 جوان 1967)

والشعب العربي في كل مكان كان مستعدا لتوسيع المعركة التي لو تمت لأحدثت ثورة حقيقية تكون أساس بعث جديد للأمة العربية.

(19 جوان 1968)

فمنذ عام 1948 إلى عام 1967 والعرب يتكلمون عن تحرير فلسطين لكن النتيجة هي انهم لم يحرروا فلسطين. فهل البلدان العربية تستطيع في المستقبل تحرير فلسطين، وإذا كان يجب علي أن اكون صريحا في هذا الموضوع فأنا أشك في كونها قادرة على تحرير فلسطين، وإذا كانت السياسة عبارة على استعمال أسلوب معين وعدم جرح عواطف الغير فإن هذا الموضوع لا يسمح بأن تشمله مثل هذه السياسة، ولهذا فأنا أقول أن هذه البلدان لا تستطيع تحرير فلسطين.

(5 فيفري 1969)

فمن 1948 إلى 1967 لم تعرف هذه الشعوب إلا الهزيمة، وأكثر من ذلك أنها هزيمة بدون حرب، وإن الشعب الجزائري لا يستطيع أبدا فهم هذه الهزيمة.

(5 فيفري 1969)

إن القضية بالنسبة للفلسطينيين ليست خبز، بل هي قضية وطن فقدوه وليس لهم الحق للتسليم فيه ولو بقوا فاليهود انتظروا 2000 سنة.

(5 فيفري 1969)

نحن الآن في مفترق الطرق وفي منعرج تاريخي وهزيمة 1967 إذا كانت تحققت وإذا كانت لا قدر الله وقع حل غدا على حساب الفدائيين العرب، الفدائيين الفلسطينيين فمعناه أننا سوف لا نلتقي أبدا إلى يوم القيامة.

(5 ماي 1969)

لنا إخوان في المشرق يعيشون حالة قاسية وإخواننا يواجهون مشاكل الاحتلال، مشاكل قتل الأطفال والاعتداء على شرف وحرمة أخواتنا العربيات وحتى في بيت المقدس نفسها، فهذه الحالة لابد أن تزول في يوم من الأيام.

(5 ماي 1969)

 

نؤكد مرة اخرى تضامننا مع الشعوب العربية في كفاحها ضد الاستعمار وضد الصهيوني وضد الامبريالية ولا يمكن أبدا أن يكون هناك تضامن في الاستسلام فالتضامن مع الكفاح نعم، تضامن في التضحيات نعم، تضامن في الاستسلام لا.

(5 ماي 1969)

لقد انتصرت إسرائيل فكونت دولة أساسها العنصرية البغيضة والتعصب الديني الذي لم تشهده البشرية إلا أثناء القرون الوسطى، انتصرت دولة الصهيونية في معركة لكنها لم تستطع بأي حال من الأحوال أن تنتصر على الأمة العربية كلها، وعلى الشعب العربي، إذ يستحيل عليها أن تبتلع أكثر من مائة مليون عربي، يستحيل عليها سواء أيدها الأمريكيون أو غير الأمريكيون بطائراتهم أو بكل الأسلحة الجهنمية، يستحيل على دولة الصهاينة أن تبتلع كل الوطن العربي فهناك عاملا أساسيان لم تستطع دولة الصهاينة قهرهما أبدا وهما العامل البشري والعامل الجغرافي.

(20 أكتوبر 1969)

قلنا بأنه ليس هناك حل عسكري وحل سلمي، وإنما هناك حل مشرف وآخر غير مشرف، وكنا ولا نزال من اجل الحلول المشرفة.

(25 ديسمبر 1969)

 ما يجري من إصطدامات بين الفدائيين وبين جيش أو وحدات عربية شيء خطير لن نوافق عليه أبدا، فإذا كانت هناك أسلحة فلتوجه إلى ميدان المعركة الحقيقية فلا يحق لنا أن نستأسد على الفدائيين ونشردهم فكفى هؤلاء الفدائيين تشريد الصهيونية.

(5 فيفري 1969)

لأول مرة بعد عصور الانحطاط وعصور الظلمات هذه الأمة ورفعت رأسها بانتصار الجزائر وعاد لكل أفرادها بصيص من الأمل غير أن هذا الانتصار الذي حققته الأمة العربية في جناحها الغربي أو القسم الغربي منها ويا للأسف قد غطته أو كادت تغطيه الهزيمة التي أصيبت بها هذه الأمة العربية في الحرب التي لم تعرف كيف بدأت ولم تعرف لحد الساعة كيف انتهت، فلم نعرف كيف بدأت هذه الجرب وكيف انتصر العدو الصهيوني لا في ستة أيام ولكن في ساعات قليلة.

(24 جويلية 1970)

  قلنا بأنه لن نقبل أن تصفى قضية فلسطين ولا نتائج الهزائم المتكررة ولن نقبل أبدا ومهما طال الزمن نتائج هزيمة 1948 وهزيمة 1965 والهزيمة الشنعاء الأخيرة لسنة 1967، لن نقبل هذا لأنه بالأمس وفي هذه الرقعة من الوطن العربي لم يقبل هذا الشعب الأبي أن يركع ويخضع للقوة، فقد حارب جيلا وضحيلا بمئات الآلاف ولكن ضحى بالملايين وخاض المعركة بعد المعركة خاضها عبر السنين وعبر الأجيال وللمرة الأخيرة في سنة 1954، فانتصر في معركته الأخيرة، فالشيء الذي لم نقبله بالأمس لشعبنا ولم يقبله الشعب لنفسه، ولن نقبله لا بالنسبة لفلسطين ولا للأمة العربية 

(24 جويلية 1970)

قلنا بأننا نرفض تمام الرفض إيقاف النار بدون قيد ولا شرط، لأن ذلك معناه اللاستسلام وقبول شروط العدو، وقلنا هذا قبل الخامس جوان ويم التاسع جوان ويوم 19 جوان 1967 وقلنا هذا في الأمم المتحدة، وفي مجلس الامن على لسان وزير خارجية الجزائر ورفضنا لائحة مجلس الامن.

(24 جويلية 1970)

إن الواقع المر أيها الإخوة هو انه لم تقع حرب بالمعنى الصحيح، فوقع زحف وتقدم ساحق من طرف العدو، وكان انسحاب فوضوي لا مثيل له في تاريخ الحروب، سواء القديمة أو الحديثة، فكان زحف متواصل من طرف العدو وكان انسحاب من طرف جيوش العرب.

(24 جويلية 1970)

فلسطين

من حق أي بلد عربي التصرف في أراضيه كما يشاء ولكن من حقنا أن نقول باسم الجزائر والثورة الجزائرية، بأنه ليس من حق أي مسؤول عربي أن يتصرف في القضية الفلسطينية، حتى لا تكون حقوق الشعب الفلسطيني هي الثمن.

(أوت 1970)

إننا نكون مخادعين لأنفسنا ولشعوبنا وللتاريخ إذا نحن صدقنا بهذا فقد شاهدنا مذابح عشناها كمناضلين عرب قام به الجيش الأردني ضد الفلسطينيين مذابح تفوق باعتراف الفلسطينيين المذابح التي عرفوها من طرف الصهاينة إن حكومة مثل هذه مازالت تتكلم باسم العرب والعروبة، ومادامت الحالة هكذا فلن ينجح العرب، آلاف الناس ذبحوا، مدافع ودبابات هاجمت خياما على حد قول الشاعر العربي..(أسد عليّ وفي الحروب نعامة) يستأسدون فقط على اللاجئين الفلسطينيين العزل، لكن بالأمس لم يموتوا في القدس، لم يموتوا من أجل الضفة الغربية.

(29 مارس 1971)

فإذا أردنا نحن العرب أن نسترجع كرامتنا وان نساعد الشعب الفلسطيني على استرجاع حقوقه المغتصبة فعلينا أن نكون شاعرين بأنه أمامنا إلا المعركة والنضال والتضحيات وليس هناك طريق آخر بديل غير طريق الهزيمة وطريق الاستسلام.

(4 جويلية 1972)

هل الأمة العربية مستعدة لبذل الثمن الغالي الذي تتطلبه الحرية؟ وإن اليوم الذي يقبل فيه العرب دفع الثمن لهو اليوم الذي تتحرر فيه فلسطين.

(8 مارس 1973)

 إذا كانت في تاريخ الأمة العربية منذ كبوتها معركة ظافرة رفعت شأنها وشرفها وأعادت لها كرامتها وثقتها بنفسها، فهي معركة الجزائر، لأنها هي المعركة الوحيدة منذ انحطاط الحضارة العربية الإسلامية التي انتصرت فيها الأمة العربية.

(1 ماي 1973)

إن أمتنا اليوم في مفترق الطرق، والقضية الفلسطينية بالنسبة لنا هي المفجر الذي ينسف العلاقات العربية، لأنه يصعب علي أن أصافح يدا عربية قامت بذبح الفلسطينيين، ويصعب علينا كمجاهدين أن نمد أيدينا لأولائك الذين يريقون  دماء إخوانهم، لأننا ما زلنا نذكر دماء زكية لنا سالت في سبيل الحرية.

(8 ماي 1973)

إننا إذ نختلف مع بعض إخواننا في المشرق ، فإننا نختلف معهم لأسباب تاريخية، وإذا اتفقنا معهم على ما يحدث وسكتنا عليه، فإن هذا خيانة للشعب الفلسطيني الذي يعيش من تشرد إلى تشرد، ومن مذبحة لأخرى ثم يرتفع  هناك صوت يقول بأن 99% من أوراق القضية في يد دولة بعينها.

(25 مارس 1978)

كما سبق أن قلت ليس هناك أي خلاف بيننا وبين الشعب المصري، ولكننا لا نتفق مع السياسة افلتي ينتجها الرئيس المصري الذي اتخذ من بيغن صديقا وحول الأصدقاء والأشقاء إلى أعداء، واستعمل حجة الدولة العظمى والأكثر كثافة للضغط على باقي العرب، وسنبقى مختلفين معه مادام مختلفا مع الثورة الفلسطينية وإلى أن تعود القيادة المصرية إلى الصفوف العربية.

(25 مارس 1979)

 

إعلان قيام دولة إسرائيل

مساء يوم الجمعة 14 ماي سنة 1948

الخامس من أيار 5708 عبرية

أرض إسرائيل هي مهد الشعب اليهودي. هنا تكونت شخصيته الروحية والدينية والسياسية. وهنا أقام دولة للمرة الأولى، وخلق قيما حضارية ذات مغزى قومي وإنساني جامع، وفيها أعطى للعالم كتاب الكتب الخالد.

بعد أن نفي عنوة من بلاده حافظ الشعب على إيمانه بها طيلة مدة شتاته ولم يكف عن الصلاة  أو يفقد الأمل بعودته إليها واستعادة حريته السياسية فيها.

سعى اليهود جيلا تلو جيل مدفوعين بهذه العلاقة التاريخية والتقليدية في إعادة ترسيخ أقدامهم في وطنهم القديم.وعادت جماهير منهم خلال عقود السنوات الأخيرة. جاءوا إليها روادا و مدافعين فجعلوا الصحاري تتفتح وأحيوا اللغة العبرية وبنوا المدن والقرى وأوجدوا مجتمعا ناميا يسيطر على اقتصاده الخاص وثقافته، مجتمع يحب السلام لكنه يعرف كيف يدافع عن نفسه وقد جلب نعمة التقدم إلى جميع سكان البلاد وهو يطمح إلى تأسيس أمة مستقلة.

انعقد المؤتمر الصهيوني الأول في سنة5657 عبرية(1897 ميلادية) بدعوة من تيردور هرتزل الأب الروحي للدولة اليهودية وأعلن المؤتمر حق الشعب اليهودي في تحقيق بعثه القومي في بلاده الخاصة به.

واعترفت وعد بلفور الصادر في 2 نوفمبر1917 بهذا الحق وأكده من جديد صك الانتداب المقرر في عصبة الأمم وهي التي منحت بصورة خاصة موافقتها العالمية على الصلة التاريخية بين الشعب اليهودي وأرض إسرائيل واعترافها بحق الشعب اليهودي في إعادة بناء وطنه القومي.

وكانت النكبة التي حلت مؤخرا بالشعب اليهودي أدت إلى إبادة ملايين اليهود في أوروبا دلالة واضحة أخرى على الضرورة الملحة لحل مشكلة تشرده عن طريق إقامة الدولة اليهودية في أرض إسرائيل من جديد، تلك الدولة التي سوف تفتح أبواب الوطن على مصراعيه أمام كل يهودي وتمنح الشعب اليهودي مكانته المرموقة في مجتمع أسرة الأمم حيث يكون مؤهلا للتمتع بكافة امتيازات تلك العضوية في الأسرة الدولية.

لقد تابع الذين نجوا من الإبادة النازية في أوروبا وكذلك سائر اليهود في بقية أنحاء العالم عملية الهجرة إلى أرض إسرائيل غير عابئين بالصعوبات والقيود والأخطار ولم يكفوا أبدا عن توكيد حقهم في الحياة الحرية الكريمة وحياة الكدح الشريف في وطنهم القومي.

وساهمت الجالية اليهودية في البلاد خلال الحرب العالمية الثانية بقسطها الكامل في الكفاح من أجل حرية وسلام الأمم المحبة للحرية والسلام وضد قوى الشر والباطل النازية.ونالت بدماء جنودها ومجهودها في الحرب حقها في الاعتبار ضمن مصاف الشعوب التي أسست الأمم المتحدة.

أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في التاسع والعشرين من نوفمبر سنة 1947  مشرعا يدعوا إلى إقامة دولة اليهودية في أرض إسرائيل. وطالبت الجمعية العامة سكان ارض إسرائيل باتخاذ الخطوات اللازمة من جانبهم لتنفيذ ذلك القرار، إن اعتراف  الأمم المتحدة هذا بحق الشعب اليهودي في إقامة دولة هو اعتراف يتعذر الرجوع عنه أو إلغاؤه.

إن هذا هو الحق الطبيعي للشعب اليهودي في أن يكون سيد نفسه ومصيره مثل باقي الأمم في دولته ذات السيادة.

وبناء عليه نجتمع هنا نحن أعضاء مجلس الشعب ممثلي الجالية اليهودية في أرض إسرائيل والحركة الصهيونية في يوم انتهاء الانتداب البريطاني على أرض إسرائيل وبفضل حقنا الطبيعي والتاريخي وبقوة القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة نجتمع لنعلن بذلك قيام الدولة اليهودية في أرض إسرائيل والتي سوف تدعى "دولة إسرائيل".

ونعلن أنه مند لحظة انتهاء الانتداب هذه الليلة عشية السبت في السادس من أيار) مايو( سنة 5708 عبرية) الموافق الخامس عشر من مايو سنة 1948 ميلادية( وحتى قيام سلطات رسمية ومنتخبة للدولة طبقا للدستور الذي تقره الجمعية التأسيسية المنتخبة في مدة لا تتجاوز أول أكتوبر سنة 1948 مند هذه اللحظة سوف يمارس مجلس الشعب صلاحيات مجلس دولة مؤقت وسوف يكون جهازه التنفيذي الذي يدعى" إسرائيل" .

وسوف تفتح دولة إسرائيل أبوابها أمام الهجرة اليهودية لتجميع شمل المنفيين وسوف ترعى تطور البلاد لمنفعة جميع سكانها دون تفرقة في الدين أو العنصر أو الجنس.وسوف تضمن حرية الدين والعقيدة واللغة والتعليم والثقافة. وسوف تحمي الأماكن المقدسة لجميع الديانات وسوف تكون وفية لمبادئ الأمم المتحدة.

إن دولة إسرائيل مستعدة للتعاون مع وكالات الأمم المتحدة وممثليها على تنفيذ قرار الجمعية العامة في 29نوفبر1947 وسوف تتخذ الخطوات الكفيلة لتحقيق الوحدة الاقتصادية لأرض إسرائيل بكاملها.

        وإننا نناشد الأمم المتحدة أن تساعد الشعب اليهودي في بناء دولته وأن تقبل دولة إسرائيل في مجتمع الأمم.

ونناشد سكان العرب في دولة إسرائيل وسط الهجوم الذي يشن علينا ومند شهور أن يحافظوا على السلام وأن يشاركوا في بناء الدولة على أساس المواطنة التامة القائمة على مساواة والتمثيل المناسب في جميع مؤسسات الدولة المؤقتة والدائمة.

إننا نمد أيدينا إلى جميع الدول المجاورة وشعوبها عارضين السلام وحسن الجوار ونناشدهم إقامة روابط التعاون والمساعدة المتبادلة مع الشعب اليهودي صاحب السيادة المواطن في أرضه.إن دولة إسرائيل على استعداد للإسهام بنصيبها في الجهد المشترك لأجل تقدم الشرق الأوسط بأجمعه.

وإننا نناشد الشعب اليهودي في جميع أنحاء المنفى الالتفاف حول يهود أرض إسرائيل ومؤازرتهم في مهام الهجرة والبناء والوقوف إلى جانبهم في الكفاح العظيم لتحقيق الحلم القديم –ألا وهو خلاص إسرائيل.

إننا نضع ثقتنا في الله القدير ونحن نضيف توقيعنا على هذا الإعلان خلال هذه الجلسة لمجلس الدولة المؤقت على أرض الوطن في مدينة تل أبيب، عشية هذا السبت اليوم الخامس من أيار سنة 5708 عبرية) الموافق الرابع عشر من مايو1948(.

حكماء بروتوكولات آل صهيون الموقعون على

إعلان قيام دولة دموية تسمى إسرائيل

دافيد بن جوريون – دانيال أوستر- ماردخادي بنتوف- إسحق بن زفي- الياهو برلن-برتز برنشتين-حاخام ذيف جولد- مائير جرايوفسكي ي.

جوينباوم- إبراهامجرانوفسكي- اليوهو دوبكن- مائير فلنر- زوارزرا هافيج- هرزل شاري- راشيل كوهن- كالمان كاهان- س كوثاش- إسحق مائير ليفن- م.دليفنشتان- زفي لوريا- جولدا ما يرسن- ناحوم نير- راف لكس- زفي سيجال- يهوداليب-كوهين فشمان- دافيد نلسون- زفي بنحاس- اهرون زيلخ- موشي كولورني- أ.كابلان- أ.كاتز- فيلكس روزنبلت- د.ديمبر-ب.ريبتور- موردخاي شامير بن زيون سنتيرنبرج- بيخور شطريت- موشي شابيرا- موشي شرنوك.


مواقف الدول من التصويت على مشروع تقسيم فلسطين

الدول التي أيدت               الدول التي رفضت             الدول التي امتنعت

المشروع                       المشروع                       عن التصويت

1- استراليا                    1- أفغانستان                  1- الأرجنتين

2- بلجيكا                     2- كوبا                       2- تشيلي

3- بوليفيا                     3- اليونان                    3- الصين

4- البرازيل                  4- اليونان                    4- كولومبيا

5- روسيا البضاء             5-الهند                5-سلفادور

6-كندا                 6-إيران               6-أثيوبيا

7-كوستاريكا                  7-العراق              7-هندوراس

8-تشيكوسلوفاكيا              8-لبنان                8-المكسيك

9-دومنيكا                     9-الباكستان           9-سيام(غائبة)

10-دانيمارك                  10-المملكة العربية 10-بريطانيا

                                       السعودية

11-ايكوادور                  11-سوريا             11-يوغوسلافيا

12-فرنسا                     12-تركيا     

13-غواتيمالا          13-اليمن

14-هايتي

15-ايسلاندا

16-ليبريا

17-لكسمبرج

18-هولندا

19-زيلندا الجديدة

20-نيكارغوا

21-النرويج

22-بناما

23-باراجواي

24-بيرو

25-الفليبين

26-بولندا

27-السويد

28-أوكرانيا

29-اتحاد جنوب إفريقيا

30-روسيا

31-الولايات المتحدة الأمريكية

32-أوروجواي

33-فنزويلا

  


المجلس الوطني الفلسطيني
إعلان قيام دولة فلسطين
الجزائر/15/11/1988

 

"بسم الله الرحمن الرحيم"

على أرض الرسالات السماوية إلى البشر على أرض فلسطين ولد الشعب العربي الفلسطيني، نما، وتطور، وأبدع وجوده الإنساني، والوطني، عبر علاقته العضوية، لا انفصام فيها ولا انقطاع بين الشعب والأرض والتاريخ.

بالثبات الملحمي في المكان والزمان، صاغ شعب فلسطين هويته الوطنية، وارتقى بصموده في الدفاع عنها إلى مستوى المعجزة.فعلى الرغم مما أثاره سحر هذه الأرض القديمة وموقعها الحيوي على حدود التشابك بين القوى والحضارات من مطامح ومطامع وغزوات كانت تؤدي إلى حرمان شعبها من إمكانية تحقيق إستقلاله السياسي، إلا أن ديمومة التصاق الشعب بالأرض هي التي منحت الأرض هويتها، ونفحت في الشعب روح الوطن.

مطعما بسلالات الحضارة وتعدد الثقافات، مستلهما نصوص تراثه الروحي والزمني واصل الشعب العربي الفلسطيني، عبر التاريخ، تطوير ذاته في التوحد الكلي بين الأرض والإنسان، وعلى خطى الأنبياء المتواصلة على هذه الأرض المباركة، أعلى على كل مئذنة صلاة الحمد للخالق، ودق مع جرس كل كنيسة ومعبد ترنيمة الرحمة والسلام.

ومن جيل إلى جيل، لم يتوقف الشعب العربي الفلسطيني عن الدفاع الباسل عن وطنه.

ولقد كانت ثوارت شعبنا تجسيدا بطوليا لإرادة الاستقلال الوطني.ففي الوقت الذي كان فيه العالم المعاصر يصوغ نظام قيمه الجديدة، كانت موازين القوى المحلية والعالمية تستثني الفلسطيني من المصير العام، فاتضح، مرة أخرى، إن العدل وحده لايسير عجلات التاريخ.

وهكذا انفتح الجرح الفلسطيني الكبير على مفارقة جارحة:فالشعب الذي حرم من الاستقلال وتعرض وطنه لاحتلال من نوع جديد، قد تعرض لمحاولة تعميم الأكذوبة القائلة"أن فلسطين هي أرض بلا شعب". وعلى الرغم من هذا التزييف التاريخي فإن المجتمع الدولي، في المادة 22 من ميثاق عصبة الأمم لعام 1919، وفي معاهدة لوزان العام 1923 قد اعترف بأن الشعب العربي الفلسطيني، شأنه شأن الشعوب العربية الأخرى التي انسلخت عن الدولة العثمانية هو شعب حر مستقل.

ومع الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب العربي الفلسطيني بتشريده، وبحرمانه من حق تقرير المصير، أثر قرار الجمعية العامة رقم181 عام 1947، الذي قسم فلسطين إلى دولتين، عربية ويهودية، فإن هذا القرار ما زال يوفر شروطا للشرعية الدولية تضمن حق الشعب العربي الفلسطيني في السيادة والاستقلال الوطني.

إن احتلال القوات الإسرائيلية الأرض الفلسطينية وأجزاء من الأرض العربية، واقتلاع غالبية الفلسطينيين وتشريدهم من ديارهم، بقوة الإرهاب المنظم، وإخضاع الباقين منهم للاحتلال والاضطهاد ولعمليات تدمير معالم حياتهم الوطنية، هو انتهاك صارخ لمبادئ الشرعية، ولميثاق الأمم المتحدة، ولقراراتها التي تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية، بما فيها حق العودة، وحق تقرير المصير، والاستقلال والسيادة على أرض وطنه.

وفي قلب الوطن، وعلى سياجه، في المنافي القريبة والبعيدة، لم يفقد الشعب العربي الفلسطيني إيمانه الراسخ بحقه في العودة، ولا إيمانه الصلب بحقه في الاستقلال.ولم يتمكن الاحتلال، والمجازر والتشريد، من طرد الفلسطيني من وعيه وذاته.لقد واصل نضاله الملحمي، وتابع بلورة شخصيته الوطنية من خلال التراكم النضالي المتنامي، وصاغت الإرادة الوطنية إطارها السياسي، منظمة التحرير الفلسطينية، ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، باعتراف المجتمع الدولي، متمثلا بهيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها والمنظمات الإقليمية والدولية الأخرى.وعلي قاعدة الأيمان بالحقوق الثابتة،وعلى قاعدة الإجماع القومي العربي، وعلى قاعدة الشرعية الدولية، قادت منظمة التحرير الفلسطينية معارك شعبها العظيم، المنصهر في وحدته الوطنية المثلي، وصموده الأسطوري أمام المجازر والحصار في الوطن وخارج الوطن.وتجلت ملحمة المقاومة الفلسطينية، في الوعي العربي، وفي الوعي العالمي، بصفتها واحدة من أبرز حركات التحرر الوطني في هذا العصر.

إن الانتفاضة الشعبية الكبرى، المتصاعدة في الأرض المحتلة مع الصمود الأسطوري في المخيمات، داخل وخارج الوطن، قد رفعا الإدراك الإنساني بالحقيقة الفلسطينية، وبالحقوق الوطنية الفلسطينية، إلى مستوى أعلى من الاستيعاب والنضج، وأسدلت ستار الختام على مرحلة كاملة من التزييف ومن خمول الضمير، وحاصرت العقلية الإسرائيلية الرسمية التي أدمنت الاحتكام إلى الخرافة والإرهاب في نفيها الوجود الفلسطيني.

مع الانتفاضة، وبالتراكم الثوري النضالي لكل مواقع الثورة يبلغ الزمن الفلسطيني  إحدى لحظات الانعطاف التاريخي الحادة، وليؤكد الشعب العربي الفلسطيني، مرة أخرى، حقوقه الثابتة وممارستها فوق أرضه الفلسطينية.

واستنادا إلى الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني للشعب العربي الفلسطيني في وطنه فلسطين، وتضحيات أجياله المتعاقبة دفاعا عن حرية وطنهم واستقلاله وانطلاقا من قرارات القمم العربية، ومن قوة الشرعية الدولية التي تجسدها قرارات الأمم المتحدة منذ عام1947، ممارسة من الشعب العربي الفلسطيني لحقه في تقرير المصير والاستقلال السياسي والسيادة فوق أرضه، فإن المجلس الوطني يعلن، باسم الله وباسم الشعب العربي الفلسطيني، قيام دولة فلسطين فوق أرضنا الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف.

إن دولة فلسطين هي للفلسطينيين أينما كانوا، فيها يطورون هويتهم الوطنية والثقافية، ويتمتعون بالمساواة الكاملة في الحقوق، وتصان فيها معتقداتهم الدينية والسياسية وكرامتهم الإنسانية، في ظل نظام ديمقراطي برلماني يقوم على أساس حرية الرأي وحرية تكوين الأحزاب ورعاية الأغلبية حقوق الأقلية واحترام قرارات الأغلبية، وعلى العدل الاجتماعي والمساواة وعدم التمييز في الحقوق العامة على أساس العرق أو الدين أو اللون أو بين المرأة والرجل، في ظل دستور يؤمن سيادة القانون والقضاء المستقل وعلى أساس الوفاء الكامل لتراث فلسطين الروحي والحضاري في التسامح والتعايش السمح بين الأديان عبر القرون.

إن دولة فلسطين دولة عربية. هي جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، من تراثها وحضارتها، ومن طموحها الحاضر إلى تحقيق أهدافها في التحرر والتطور والديمقراطية والوحدة، وهي، إذ تؤكد التزامها بميثاق جامعة الدول العربية، وإصرارها على تعزيز العمل العربي المشترك، تناشد أبناء أمتها مساعدتها على اكتمال ولادتها العملية، بحشد الطاقات وتكثيف الجهود لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

وتعلن دولة فلسطين التزامها بمبادئ الأمم المتحدة وأهدافها، وبالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتزامها كذلك بمبادئ عدم الانحياز وسياسته.

وإذ تعلن دولة فلسطين أنها دولة محبة للسلام ملتزمة بمبادئ التعايش السلمي، فإنها ستعمل مع جميع الدول والشعوب من أجل تحقيق سلام دائم قائم على العدل واحترام الحقوق، تتفتح في ظله طاقات البشر على البناء، ويجرى فيه التنافس على إبداع الحياة وعدم الخوف من الغد، فالغد لا يحمل غير الأمان لمن عدلوا أو ثابوا إلى العدل.

وفي سياق نضالها من أجل إحلال السلام على أرض المحبة والسلام، تهيب دولة فلسطين بالأمم المتحدة التي تتحمل مسؤولية خاصة اتجاه الشعب العربي  الفلسطيني ووطنه، وتهيب بشعوب العالم ودوله المحبة للسلام والحرية أن تعينها على تحقيق أهدافها، ووضع حد لمأساة شعبها، بتوفير الأمن له، وبالعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

كما تعلن، في هذا المجال، أنها تؤمن بتسوية المشاكل الدولية والإقليمية بالطرق السلمية وفقا لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها.وإنها ترفض التهديد بالقوة أو العنف أو الإرهاب، أو باستعمالها ضد سلامة أراضيها واستقلالها السياسي، أو سلامة أي دولة أخرى، وذلك دون المساس بحقها الطبيعي في الدفاع عن أراضيها واستقلالها.

وفي هذا اليوم الخالد، في الخامس عشر من تشرين الثاني)نوفمبر( 1988، ونحن تقف على عتبة عهد جديد، ننحني إجلالا وخشوعا أمام أرواح شهدائنا وشهداء الأمة العربية الذين أضاءوا بدمائهم الطاهرة شعلة هذا الفجر العنيد، واستشهدوا من أجل أن يحيا الوطن.ونرفع قلوبنا على أيدينا لنملأها بالنور القادم من وهج الانتفاضة المباركة،ومن ملحمة الصامدين في المخيمات وفي الشتات وفي المهاجر، ومن حملة لواء الحرية: أطفالنا وشيوخنا وشبابنا، أسرانا ومعتقلينا وجرحانا المرابطين على التراب المقدس وفي كل مخيم وفي كل قرية  ومدينة، والمرأة الفلسطينية الشجاعة، حارسة بقائنا وحياتنا، وحارسة نارنا الدائمة.ونعاهد أرواح شهدائنا الأبرار، وجماهير شعبنا العربي الفلسطيني وأمتنا العربية وكل الأحرار والشرفاء في العالم، على مواصلة النضال من أجل جلاء الاحتلال، وترسيخ السيادة والاستقلال. إننا ندعو شعبنا العظيم إلى الالتفاف حول علمه الفلسطيني والاعتزاز به والدفاع عنه ليظل أبدا رمزا لحريتنا وكرامتنا في وطن سيبقي دائما وطنا حرا لشعب من الأحرار.

"بسم الله الرحمن الرحيم.قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك من تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير، إنك على كل شيء قدير.صدق الله العظيم" .            

الدورة 19 غير العادية دورة الانتفاضة الجزائر 15/11/1988                                        

Voir les commentaires

كتاب اسرار الصـراع العربـي الإسرائيلـي/إسرائيل أغرقت "ليبرتي" لإخفاء مذبحة الأسرى المصريين/ حرب أكتوبر 1973بين

 

كتاب اسرار الصـراع العربـي الإسرائيلـي

حرب أكتوبر 1973بين النصر والإجهاض  

إسرائيل أغرقت السفينة "ليبرتي" عمدا لإخفاء مذبحة الأسرى المصريين

  مؤلف والصحفي المحقق صالح مختاري

ديسمبر 2002

 

 تزداد الفترة التي تفصلنا عن حرب أكتوبر 1973 بعدا وتتراكم الكتابات حولها. ويبقى الجدل حولها قائما. هل هي حرب تحرير؟ أم أنها حرب تحرير الوضع السائ=د في الشرق الأوسط وإخراجه من حالة "الا سلم" هل هي الحرب الصانعة لانتصار الجيوش العربية بعد أن فشلت الحروب السابقة في تحقيق النصر؟ أم أنها المقننة لهزيمة 1967 والقاضية على روح المطالبة باستعادة الأراضي المحتلة ... ولهذا الجدل مشروعيته، لأن آثار حرب أكتوبر لا زالت "حية" ولازالت بصماتها واضحة على خريطة الواقع العربي.

إن أية محاولة للحكم على هذا الجدل تتطلب قراءة متأنية لنتائج هذه الحرب، والفرز بين الجوانب التي يمكن أن تعد انتصار.وبين تلك التي تعتبر إجهاضا لهذا الانتصار.

يمكن تلخيص النتائج الإيجابية التي حققتها الأنظمة العربية في حرب أكتوبر في النقاط التالية:

1-إن عبور القناة، واجتياز خط برليف وتكبيد إسرائيل الخسائر الفادحة في العتاد وفي الأرواح، يعد إنجازا عظيما ساهم في تدمير أسطورة تفوق الجيش الإسرائيلي، وفي نسف كل الأقاويل حول هذا الجيش الذي لا يقهر وأحدث هزة عنيفة داخل إسرائيل وهذا خلافا للحروب العربية الإسرائيلية التي تنتهي بارتفاع المعنويات داخل إسرائيل. وقد نشطت هذه الهزة المعارضة داخل إسرائيل، وقد نشطت هذه الهزيمة المعارضة داخل إسرائيل، وكان لها أن تتحول إلى نكبة لو استمرت الحرب لمدة أطول، وذلك لأن إسرائيل التي عمدت إلى تجنيد 20 % من طاقتها البشرية التي كانت تعد بـ 3 ملايين نسمة  وهي نسبة عالية جدا لم تصلها أية دولة في العالم لا يمكن لها أن تستمر في الحرب الطويلة، لأن النسبة المذكورة تتكون من القوات الاحتياطية التي تهدد الاقتصاد الوطني بالشلل نتيجة إيقافها في جبهات القتال.

2-إن التخطيط والتدبير المشترك للحرب بين سوريا ومصر على الجبهتين والمشاركة العربية الملموسة في ميدان المعركة قد أعطي للتضامن  العربي محتوى تحرريا فعالا.

3-لأول مرة توظف الدول العربية سلاح النفط في المعركة، حيث قرر وزراء النفط العرب في اجتماعهم المنعقد يوم 17 أكتوبر 1973، تخفيض الإنتاج فورا وبحد أدنى تقدر نسبته بـ 5% وتتزايد هذه النسبة بـ 5% أخرى كل شهر إلى أن يتم الجلاء عن الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 وتستعاد حقوق الشعب الفلسطيني.

وقرروا تطبيق هذا التخفيض على الولايات المتحدة الامريكية في المقام  الاول، وعلى الدول الصناعية التي تساند إسرائيل.

4-بدأت إسرائيل تحس بالعزلة بعد حرب أكتوبر، خاصة بعد أن قامت حوالي 24 دولة إفريقية بقطع علاقاتها مع إسرائيل وبعد أن اعترف الرأي العام العالمي بدرجات متفاوتة بعنصرين أساسيين في أزمة الشرق الأوسط وهما: انسحاب القوات الإسرائيلية التام من كافة الأراضي المحتلة بعد جوان 1967، بالحقوق الوطنية العادلة للشعب الفلسطيني.

هل يمكن القول بأن هذه المكاسب والانتصارات قد تمت صيانتها وزاد تعزيزها أو أن الأحداث التي قد أطاحت بها وأجهضتها ؟

عناصر الإجهاض

كانت المفاوضات التي أطلق عليها بـ "الكيلو 101" والتي انطلقت يوم 19 أكتوبر 1973 بين إسرائيل ومصر تحت الإشراف المباشر للولايات المتحدة الأمريكية الخاصة بفك الحصار عن الجيش الثالث المصري، هي بداية المسار الاستسلامي.

وبالفعل فبعد أربعة أشهر من تاريخ هذه المفاوضات في جانفي 1974 وقعت اتفاقية فصل القوات بين إسرائيل ومصر وتنص هذه الاتفاقية على : تخفيض الوجود العسكري المصري على الجبهة الشرقية من القناة إلى 7000 جندي فقط و30 دبابة على ألا يتجاوز عمق الشريط الذي تحتله هذه القوات خمسة أميال فقط انسحاب القوات الإسرائيلية إلى خط يبعد ترابط قوات الطوارئ الدولية في المنطقة الوسطى عمقها عشرة أميال الفاصلة بين القوات الإسرائيلية والقوات المصرية.

وقد لحقت هذه اتفاقية أخرى لفك الحصار على الجبهة السورية وذلك في ماي من سنة 1974.

إن الخسائر التي تكبدها إسرائيل أثناء الحرب دفعتها إلى استعمال كل ما تملك من إمكانيات لتوقيف الهجوم المسلح عليها، لذا وضعت لاتفاقية فك الارتباط هدفا واضحا يتمثل في إنهاء حرب الاستنزاف على الجبهة المصرية وتثبيت وقف إطلاق النار بشكل دائم، تجري المفاوضات في جو خال من أي ضغط عسكري على إسرائيل، أي في وضع تفاوض فيه إسرائيل من موقع قوي بحكم احتلالها للأراضي العربية.

لقد عملت المفاوضات مع إسرائيل على تفتيت وحدة الصف العربي، وذلك لأنها اشترطت التخلي على وسيلة الضغط العربي (البترول) والتي شكلت عاملا إضافيا في تنشيط التضامن العربي، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية مصرة على إعادة ضح البترول العربي إليها وإلى الدول الغربية المناحرة ضد الدول العربية، واعتبرته الشرط الضروري والأساسي لإنجاز اتفاقيات فك الارتباط، كما أن هذه المفاوضات قد نسفت أسس النشاط العربي المشترك لحل قضية الشرق الأوسط من خلال فرضها للحلول الفردية وللتفاوض الثنائي المنفصل.

لقد تمت كل هذه التنازلات تحت الشعار الذي رفع في المنطقة العربية وفي الساحة المصرية على وجه التحديد والذي ينص على أن "90% من أوراق حل أزمة الشرق الأوسط في يد أمريكا". فكانت التجسيد الحي لسياسة "الخطوة"   التي بدأت من مفاوضات الكيلو 101 وصولا إلى قيام السادات بزيارة إلى تل أبيب في نوفمبر 1977 وإمضاء اتفاقية كامب دافيد التي تنص على مبدأ إقامة علاقات طبيعية وكاملة بين إسرائيل من الأراضي العربية ودون أن تستلزم إسرائيل بالانسحاب من هذه الأراضي. وإذا كانت إسرائيل تعهدت بموجب هذه الاتفاقية بالانسحاب إلى حدود مصر الدولية، فإن هذا لا يشكل قاعدة ثابتة تطبق على بقية الأراضي المحتلة (الجولان، الضفة الغربية، غزة)، ولم تشر الاتفاقية لمنظمة التحرير الفلسطينية ولا لحق الشعب الذي تمثله، وكل ما دعت إليه هو تسوية قضية هذا الشعب من خلال مفاوضات مع الأردن ومصر وممثلين عن سكان الضفة والقطاع. وهذا معناه عمليا توطين الفلسطينيين الذين شردوا من وطنهم عام 1948. أما الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 فإن الاتفاقية تدعو إلى إقامة "حكم ذاتي فيها"  يقتصر دوره على إدارة الشؤون اليومية للسكان تحت الوصايا الإسرائيلية الأردنية المصرية المشتركة، هذا مع بقاء قوات الاحتلال الاسرائيلي في هذه المناطق وتوليتها مسؤولية "الأمن" فيها وذلك لفترة انتقالية مدتها 5 سنوات يجري بعدها التفاوض حول مصيرها النهائي في "جو سلمي".

انتهت الفترة الانتقالية، وتلاشت فيها آمال كل من كان ينتظر الحل من هذه المفاوضات، ولازال ما قاله مناحيم بيغن أمام المنيستين يوم 25 سبتمبر 1978 على إثر اتفاقية كامد دافيد يمثل موقف إسرائيل الرافض للتنازل على أي حق من حقوق "الشعب الفلسطيني" والوارد في نصوص الاتفاقية، معناه حسب القاموس الإسرائيلي هو "عرب لأرض إسرائيل أما مسألة الحكم الذاتي، فيوضحها من خلال مطالبته بالتمييز بين حكم ذاتي كامل للأراضي، وبين حكم ذاتي للسكان.

وإن الأحداث المتتالية الصانعة لمسيرة الاستسلام، والفشل المتوقع لتسوية قضية الشرق الأوسط. تدعو إلى طرح التساؤلات التالية:

كيف انقلبت موازين القوى في الشرق الأوسط، وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية التي وقفت ضد العرب في كل حروبهم الصديق الحميم للنظام المصري؟ كيف تم تحديد الاتحاد السوفياتي من الصراع واستغناء مصر عن خدماته رغم اعترافه بحق الشعب الفلسطيني ومطالبته بالانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 1967؟

كيف أصبحت إسرائيل بالنسبة للنظام المصري دولة مجاورة وصديقة لها حق التمثيل الدبلوماسي فوق التراب المصري بعد أن كانت العدو الذي حاربته في السابق؟ ولماذا تم التنكر للشهداء الذين سقطوا من أجل استرجاع الأراضي العربية بكل هذه السرعة؟ من الذي جعل مصر في الستينات قاعدة دعم لحركات التحرر في إفريقيا وآسيا؟ ومن الذي جرها لتكون في أواخر السبعينات أداة عدوان على هذه الحركات؟

إن الإجابة على هذه الأسئلة لا تعثر عليها في هذه الصفحات ولا تجدها في الأكوام المتراكمة من المقالات الصحفية ومن كتب المناسبات التي مهدت الطريق لزيارة السادات إلى إسرائيل والتي تبرز مصر وكأنها ضحية الصراع العربي الإسرائيلي الوحيدة، وأن الحروب السابقة قد أنهكت اقتصادها، وبأن مصر قدمت الكثير من التضحية في سبيل القضية القومية وقد آن لها أن "تجنح". نحو السلم صونا لمصالحها العليا. أو تلك الكتابات التي تقول بدون لف ولا دوران بأن العرب غير جديرين بكل التضحيات التي قدمتها مصر وشعبها ؟

مثل هذه الكتابات وإن كانت لا تعطي أجوبة على الأسئلة المطروحة لأنها تحمل قدرا كبيرا من التبرير ولا تقدم أي تحليل للنهج الذي سارت فيه مصر من أجل تحفيز التفكير حول الأسئلة المذكورة غير أنها تقدم عنصرين أساسيين يفسران إلى حد ما اختلال ميزان القوى داخل مصر.

العنصر الداخلي: هل يمكن الاعتقاد بأن اتفاقية كام دافيد هي الثمرة  المرة التي أنضجتها ثغرة الدفراسوار وحصار الجيش الثالث؟ ألا يمكطن اعتبارها التعبير السياسي والديبلوماسي ببنهج الاقتصادي الذي سلكته مصر والذي بدأ يعبر عن نفسه بكل وضوح بعد حرب أكتوبر مباشرة؟

بالفعل لقد صدر في مصر عام 1974 وحده حوالي 124 مرسوما قانونيا تضمنت قي مجملها القضاء على المضمون الاجتماعي لثورة جويلية 1952 وهذا من خلال تخريب وتهديم القطاع العام، ورفع القيود على الرأسمال الخاص المصري والعربي والأوروبي والأمريكي ومنحه الامتيازات التي تثير الدهشة والاستغراب مثل الاعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية وعدم التقيد بخطة الدولة في المجال الاقتصادي وتعيين مناطق حرة لنشاط رؤوس الأموال الخاصة وللتجارة الدولية.

إن رأس مال الخاص الذي جسد هذا الاختيار الاقتصادي وأصبح يعرف باسم "الانفتاح الاقتصادي" أصبح يتطلب ضمانات أخرى، ضمانات غير مالية ولا جمركية تشترط توفير الأمن والاستقرار لمشاريعه، وهذا معناه عن الحرب   مع إسرائيل وإقامة علاقات حميمة معها. وربما تنتهي هذه العلاقات بإغراء الرأسمال الإسرائيلي بالمشاركة في تجسيد مشاريع الانفتاح الاقتصادي، وهكذا إذن تظهر اتفاقية كامب دافيد كنتيجة منطقية لتوجه اقتصادي واجتماعي داخل المجتمع المصري، ويؤكد هذا التحليل حقيقتين أساسيتين هما:

-صحة المقولة  التي ترى ترابط العلاقة بين الكفاح الاجتماعي والكفاح التحريري.

-إن فشل "الانفتاح الاقتصادي" في توفير الرخاء المزعوم للشعب المصري قد أدى بالاقتصاد المصري إلى تزايد استدانته وتبعيته بالمقابل فشل كامب دافيد في إعادة الأراضي المحتلة وفي إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، بل زاد في تبعية وقيود النظام المصري.

العامل الخارجي: أن انفلات الدول التي تشكل الحزام المحيط بالمنطقة العربية (أثيوبيا، إيران، أفغانستان) من قبضة الولايات المتحدة ومن حلفائها قد جعل هذه الأخيرة ترمي بكل ما تملك من ثقل في المنطقة وتدافع بشراسة عن مواقعها المكتسبة وعن شريكتها إسرائيل حتى وإن تطلب ذلك تدخلها المباشر (تدخل قوات المارنيز في لبنان سنة 1982).

وفي هذا الإطار يمكن التقرب من فهم عدم تغير الموقف الأمريكي من قضية الشرق الأوسط ومن منظمة التحرير الفلسطينية فرغم التنازلات التي تقدمت بها مصر مثل طرد الخبراء السوفيات التخلي عن السلاح السوفياتي، الاعتراف بدولة إسرائيل إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية ظلت متميسكة بموقفها المتمثل في أن حوار أو أي شكل من الاتصال مع منظمة التحرير الفلسطينية يتطلب اعتراف هذه الأخيرة ومن جانبها فقط بإسرائيل وبالقرار 242 مع تقسيم الأراضي المحتلة عام 1967، بين إسرائيل والأردن وتوطين الشعب الفلسطيني في أحدهما. مع إقامة علاقات طبيعية كاملة بين إسرائيل والدول العربية المحيطة بها.

إن انسداد الجبهة المصرية في وجه الكفاح المسلح المعادي لإسرائيل قد شجع البعض على الطابع التحرري على حرب أكتوبر واعتبارها مجرد عملية عسكرية كبرى حركت الوضع في الشرق الأوسط ووفرت الأرضية التي تقف عليها الحلول الاستسلايمة.

لقد تضعضع الموقف العربي بعد، انسداد جبهات القتال ضد إسرائيل فحجب أفاق الكفاح العسكري لاستعادة الأراضي المحتلة عام 1967.

فبعد الجبهة السورية، أتى دور الجبهة الاردنية لتقفل في وجه المقاومة سنة 1970 والتحقت بهما الجبهة المصرية في سنة 1974 ولازال الصراع ضاريا لالحاق الجهة اللبنانية.

فإذا كانت الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت في صيف 1975، قد شجعت إسرائيل على الطمع في احتلال جنوب لبنان ودفع هذا الأخير إلى المصادقة على نسخة من كامب دافيد لبنان فإنها أنهكت القوى المناهضة لإسرائيل حيث أثرت على المقاومة الفلسطينية، ويعتقد البعض بأنها أضعفت موقف سوريا، أيضا، خاصة بعد إرسالها في أول جوان 1976 لحوالي 4000 جندي من قواتها النظامية و 250 مدفعية إلى لبنان لتشكل ورقة مساومة وضغط عليها.

لكن ألا توجد قوى في الوطن العربي معرضة للخط الذي انتهجه النظام المصري؟ ألا يدل فشل اتفاقية كامب دافيد، وإسقاط الاتفاقية الإسرائيلية اللبنانية المبرمة في 1982، على استمرار المقاومات المتصدية لإجهاض مكتسبات حرب أكتوبر؟

إن حرب اكتوبر وما أفرزته على الصعيد العربي والدولي، مكنت منظمة التحرير الفلسطينية من إعادة قراءة الوضع  وإعادة تقدير إمكانياتها النضالية سياسيا وعسكريا وهذا ما جعلها تتبنى ما أصطلح على تسميته بالبرنامج السياسي المرحلي في الدورة الثانية عشر للمجلي الوطني الفلسطيني المنعقد بالقاهرة في 01-04-1974 والذي ينص على ضرورة تحديد الهدف المرحلي من كفاح الشعب الفلسطيني، وذلك لأن شروط إنجاز الهدف النهائي لن تتحقق دفعة واحدة، وان إلحاق الهزيمة الكاملة بالعدو ستتحقق عبر سلسلة من التغيرات النسبية المتوالية في ميزان القوى. وأن الهزائم الجزئية ستوفر بالضرورة إمكانية انتزاع التنازلات من العدو وإجباره على التراجع والتسليم بجزء من حقوق الشعب الفلسطيني قبل إلحاق الهزيمة الكاملة به.

لقد شكل هذا البرنامج قاعدة للالتفاف الجماهيري داخل الأراضي المحتلة وخارجها بمنظمة التحرير الوطني الفلسطيني وخلق منها القوة الصامدة ضد الحصار المسلح والضربات العنيفة التي تلقتها في لبنان في السنوات التالية 1976-1986 بل مكنتها من التصدي للغزو الإسرائيلي للبنان ومن تكبيده خسائر معتبرة (حوالي 1957 قتيل في صفوف الإسرائيليون خلال حرب 1982 في لبنان).

إن الثمانينات تشهد على بقاء منظمة التحرير الفلسطينية والقوى الوطنية اللبنانية كسلاح مشهور ضد إسرائيل، ومن هنا تجدد التفكير ثم التنفيذ في شكل من أشكال إجهاض الكفاح العربي: إنه الاقتتال العربي الفلسطيني، والاقتتال الفلسطيني الفلسطيني.

 

 

إسرائيل أغرقت السفينة "ليبرتي" عمدا لإخفاء مذبحة الأسرى المصريين

 

منذ قيام يوم 8 جوان من عام 1967 بإغراق السفينة الأمريكية "ليبرتي" بالقرب من شاطئ العريش مما أسفر عن قتل 34 وجرح 117 من الأمريكيين صدرت عشرات مكن الكتب التي تناولت هذا الحادث ومبرراته وقد روجت بعض الكتب لإدعاء إسرائيل بأن إغراق السفينة كان "حادث مؤسف" إلا أن أغلب هذه الكتب أكدت أن إسرائيل قد تعمدت إغراق السفينة بل والقضاء على كافة الأمريكيين الموجودين بها وعلى الرغم من ذلك لم تتمكن أسر الضحايا حتى الآن من رفع قضايا التعويض المناسبة ضد إسرائيل.

وفي شهر ماي 2001 صدر بالولايات المتحدة الأمريكية كتاب بعنوان "جهاز الأسرار" تناول نشاط وكالة الأمن القومي الأمريكي منذ الحرب الباردة وقد تضمن الكتاب وهو من تأليف جيمس برانفورد الذي عمل من قبل مخرجا بشبكة أي.ب.سي. فصلا عن حادث السفينة ليبرتي والذي يعد فصلا حزينا لنشاط وكالة الأمن القومي التي تتبعها السفينة المشؤومة وقد ورد بالكتاب المذكور معلومات تصلح لتوثيق قيام الإسرائيليين بارتكاب جرائم الحرب في عام 1967 ويخلص المؤلف إلى أن إسرائيل قامت بإغراق سفينة التجسس الأمريكية لأنها عرفت بأن السفينة قد التقطت معلومات واتصالات فيما بين القيادات عسكرية الإسرائيلية حول عمليات قتل أسرى الحرب من الجنود والضباط المصريين.

ويقول المؤلف أن القيادة العسكرية الإسرائيلية تلقت يوم 8 جوان تقريرا يفيد بأن سفينة أمريكية ضخمة للتجسس كانت تلتقط الاتصالات السرية فيما بين القوات العسكرية الإسرائيلية على بعد عدة أميال من العريش حيث قام جنود إسرائيل بذبح مئات من المدنيين وأسرى الحرب من العسكريين المصريين. وهي حقيقة معروفة مقبولة من قيادات  الجيش الإسرائيلي وفقا للمؤرخ العسكري الخاص بجيش إسرائيل.

وقد نقل المؤلف عن مؤرخ عسكري آخر يدعى يورى ميلستين أن الجنود الإسرائيليين كانوا يقتلون الجنود والضباط المصريين بعد استسلامهم. ويقول يورى أن هذا الأمر وإن لم يكن سياسة رسمية إلا أن المناخ العام كان يوافق على ما يحدث وكان بعض القادة الإسرائيليين يقدمون على ذلك في حين كان هناك آخرون يرفضون ذلك.

ويقول الكتاب أن إسرائيل  لم تكن تدرك أن خبير اللغة العبرية لم يكن موجودا على سفينة التجسس "ليبرتي" بل كان موجودا في طائرة تجسس أمريكية تحلق فوق المنطقة.

ويستطرد المؤلف في سرد كيفية محاولة إسرائيل القضاء على كافة ركاب السفينة ليموت السر معهم وحتى لا يكشف البعض أنهم أكدوا لإسرائيل هوية السفينة دون جدوى وذلك لأن إسرائيل كانت في ذلك الوقت تدعى أنها ضحية عدوان عربي وكانت لا تريد للبيت الأبيض أو الأمم المتحدة أن تعرف سر قيامها بذبح العسكريين المصريين.

ويشير المؤلف إلى دراسة نشرت "بمجلة البحرية القانونية" تؤكد إصرار إسرائيل على القضاء على طاقم جنود سفينة التجسس الأمريكية وأن ادعاء الجانب الإسرائيلي أن إغراق السفينة كان يستهدف منعها من الهجوم بمدفعها على مدينة العريش لا أساس له من الصحة.

ويبدي المؤلف عجبه من قبول الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت لمنطق إسرائيل بأن الحادث مجرد "غلطة" ويستنكر عدم قيام الكونجرس في ذلك الوقت  بعقد جلسة استماع لمعرفة ما حدث تماما وقد فضل أعضاؤه السكوت لإرضاء أصدقاء الكونجرس سعيا وراء تبرعاتهم لتمويل الحملات الانتخابية.

ويؤكد المؤلف أن كافة اللقاءات التي أجراها والمستندات التي حصل عليها من وكالة الأمن القومي ومن كبار العاملين بها الذين أطلقوا على كافة المعلومات السرية الخاصة بالحادث أثبتت الاعتقاد الراسخ بان الحادث قد تم عمدا.

ويتناول المؤلف في مواقع عديدة بكتابه عمليات ذبح الجنود المصريين فيقول : "إن الإسرائيليين قاموا خلف جامع العريش بجمع ستين من المصريين غير المسلحين في صف واحد ثم أطلقوا عليهم الرصاص حتى غطت دماؤهم رمال الصحراء ثم أمروا بعض أسرى الحرب بدفنهم وبالقرب من هذا الموقع أطلقوا الرصاص على 13 جنديا آخرين." ويقول المؤلف نقلا عن صحفي إسرائيلي يدعى جابي بورن أنه رأى حوالي 150 من أسرى الحرب المصريين يجلسون على الأرض وقد وضعوا أيديهم فوق رؤوسهم وذلك بعد أن قام كل منهم بحفر حفرة أمامه ليدفن فيها ثم تقدم جنود إسرائيل ليطلقوا عليهم الرصاص حتى الموت.

وقال صحفي إسرائيلي أنه شاهد عملية القتل الجماعي بنفسه في موقع بالقرب من مطار العريش. ويقول المؤلف أن أريا إسحاقي المؤرخ العسكري الإسرائيلي الذي كان يعمل بإدارة التاريخ العسكري بعد الحرب قد ذكر أنه قد قام بالاشتراك في جمع شهادة عشرات من الجنود الإسرائيليين الذين أكدوا قيامهم بقتل أسرى الحرب.

ويقول اسحاقي أن القوات الإسرائيلية قد قتلت أكثر من ألف من أسرى الحرب المصريين في سيناء إلى جانب حوالي 400 آخرين بالقرب من العريش.

ودون مزيد من التفاصيل يقول المؤلف : أن إيريل شارون كان يسيطر على منطقة جنوب العريش أثناء هذه المذابح وأن أحد الضباط الذين عملوا معه أثناء أزمة السويس في عام 1956 ويدعى أريى بيرو قد اعترف بقيامه بقتل 48 أسيرا مصريا دون أن تكون لديهم حتى فرصة  للنطق بأي كلمة.

بل لقد اعترف هذا السفاح بأنه كان يرى الأسرى المصريين يكادون يموتون عطشا فكان يفرغ أمامهم ما لديه من ماء فوق الرمال ثم يقتلوهم.

وقال : إذا كان ما أقوله سيضعني أمام المحكمة فإن الضرورة تتطلب محاكمة نصف جيش إسرائيل.

Voir les commentaires

كتاب اسرار الصـراع العربـي الإسرائيلـي/العرب في الفكر الصهيوني الإسرائيلي /بصمات الفكر النازي

 

كتاب اسرار الصـراع العربـي الإسرائيلـي

العرب في الفكر الصهيوني الإسرائيلي

بصمات الفكر النازي

  مؤلف والصحفي المحقق صالح مختاري

ديسمبر 2002

العرب في الفكر الصهيوني الإسرائيلي

 

وصف بنجامين دزرائيلي (1804 - 1881) العرب بأنهم "يهود على ظهور الخيل" وقد اراد بهذه الصورة تميزه عن "أبناء عمهم" الذين لا يختلفون عنهم في أي شيئ أساسي اخر. كان ذلك في الأربعينات من القرن الماضي، في رواية (تانكريد) .

ينبغي أن لا نتوقع صورة طريفة وساذجة على هذا النحو في الكتابات الصهيونية التي تلت مؤلفات دزرائيلي خلال النصف الثاني من القرن 19، وازدهرت في القرن 20 حتى بلغت من التنظيم والمرجعية ما يمكن ان ندعوه "الفكر الصهيوني" لقد كانت صهيونية دزائيلي مرحلة عابرة من حياته. ولعل هذا ما يفسر كون العرب في مجمل ما كتب بشرا ايجابيين جديرين بالتعاطف والاعجاب. بل انه في رواية "كوننغزبي"، التي سبقت رواية (تانكريد) بعامين، يمنحهم المرتبة الثانية في المنظومة العرقية القوقازية، التي يتصدرها اليهود بالطبع.

والحقيقة أن سمعة العرب راحت تسوء في الكتابات اللاحقة، وصورتهم تتشوه، حتى وصل الأمر بهم أن صار المدافع منهم عن حقه في وطنه يدعى ارهابيا. وكلنا يعلم ما لهذه الصفة – الارهابي – من اقترانات بشعة ومروعة في الضمير الانساني المعاصر.

ثمة موقف حسن واحد، غير مقصود، في الفكر الصهيوني ازاء هذه المسالة هو انه حتى في عام 1948 لم يكن الفلسطنيون يميزون كافلسطنيين، وإنما كعرب.

ولعل هناك لم يجد غرابة في هذه الظاهرة الفكرية السياسية لكن الحقيقة أن السكان الأصليين لفلسطين كانوا يسمون عربا، سواء في المؤلفات ذات الطابع النظري الصرف، او في اليوميات الاستطانية، أو الروايات او المراسلات الدبلوماسية.

وربما كان السبب الجوهري لهذه الظاهرة، ليس موضوعية الفكر الصهيوني او حسن نواياه، وإنما كون العرب في ذلك الزمان كتلة بشرية واحدة، تتوزع عبر تقسيمات ادارية، وليس عبر تقسيمات سياسية اقليمية يشكل كل منها دولة، كما هو الأمر الأن.

عندما نتتبع الفلسطيني في الفكر الصهيوني فقد نجده متلفي عنه بعباءة القومية العربية، وليس فقط بالاسم الذي أطلقه الرمان على بلاده. وفي كلتا الحالتين لا يبدوا أن للفلسطيني حظا موفورا من االانسانية او الحضارة أو امكانية التقدم بين المنزلة الرفيعة التي أحله فيها ادزرائيلي ودمه المهدور في صبرا وشاتيلا رحلة فكرية تدرجة هبوطا عبر مراحل هامة قبل أن تصل إلى هذا الحضيض من تبرير القتل الجماعي.

في بداية لم يخطر احد من المهندسين القومية اليبهودية الاوائل المفكرين بالعرب أن تصور ادزرائيلي قد سقط ليحل محله فراغ تام من ذه االناحية وإن لدينا من الجانب الصهيوني تفسيرا لهذا الفراغ فكتاب اسرائيل السياسيون الحاليون يجمعون اجماعا مثيرا للاستغراب على أن خلو بواكير الفكر الصهيوني من ايما تصور للعرب. يعود إلى ان "أنبياء" الصهيونية تصوروا فلسطين أرضا بلا شعب. ويمكن أن نتذكر بهذا الصدد مقولة اسرائيل زانغاويل الشهيرة : "أرض بلا شعب لشعب بلا ارض". حتى الذين ليسوا عربا – ولا صهيونيين بالطبع – سيتعذر عليهم القبول بفكرة الفراغ هذه.

والحقيقة كما نراها هي أن الثرات الاستعماري الأوروبي قد أوجد القاعدة الفكرية لهذا التصور، إذ استباح الأوطان دون ان يقيم لسكانها وزنا أخلاقيا أو انسانيا أو حتى عضويا، ولان الصهيونية أخر وليد استعماري للحركة القومية في أروبا، فقد ورثت هذه الاستباحة ذون ان ترى فيها غضاضة أخلاقية أو انسانية. الشعوب لم تكن هامة لأنها لم تكن عقبة وحتى عندما كانت عقبة، فعلى نحو مضحك في ظآلته وبدائيته.

كان نشر الحضارة هو الرسالة التي صاغ مضامينها الفكر الأوروبي ليبرر الحركة الاستعمارية، وقد تضمنت خلع حق أخلاقي على اصحابها، وخلع الحق الطبيعي للأصحاب الأرض المغزوة، وهذا هو بالضبط ما عناه هرتزل عندما كتب في يومياته أن الصهيونية ستنشر الحضارة في ذلك الجزء البربري من آسيا.

عندما أدرك المفكرون الصهيونيون أنهم لا يمكن أن يتجاهلوا العرب الفلسطنين إلى الأبد لجأوا إلى صورة/مقولة جديدة. صار العرب الآن بدوا رحيلا.

وفي سنة 1891، كتب أحادها عام (أحد العوام، اسم تنكري لواحد من رواد الفكر الصهيوني في روسيا) هذه العبارات الصاعقة : "العرب رجال صحراء همج، أناس جهلة لا يرون ولا يفهمون ما يجري حولهم.. وفي وقت ما، عندما يكون شعبنا قد نما إلى حد أنهم سيبدأون بدفع السكان الأصليين جانبا، فسوف لن ينزاح هؤلاء بسهولة".

فمع كل خطوة للاستعمار الصهيوني في فلسطين، كانت صورة الفلسطيني تزداد وضوحا عبر حقيقة وجوده العضوي، ومع كل خطوة كان الفكر الصهيوني مدعوا لان يعيد صياغة هذه الصورة على النحو الذي يبرر المشروع الصهيوني أخلاقيا وتاريخيا وحضاريا. وهكذا فمع بدايات الاستطان الصهيوني في ثمانينات القرن الماضي، تحول الفلسطيني من بدوي مترحل إلى فلاح.

إن العنجهية الاستعمارية كانت راسخة في نفوس المستعمرين الصهاينة باعتبارها ثرات وافق كل تحرك بشري اروبي خارج اوروبا مبدئيا، كان الصهيوني يجد نفسه بالبداهة في موقع أخلاقي وحضاري أعلا بما لا يقاص من عربي فلسطيني. وفي العديد من الأدبيات تلك الفترة – بل وحتى ثلاثينات القرن الحالي – نجد ان الفلاح الفلسطيني اقرب إلى المتسول منه إلى أي شيئ أخر. لقد كان مستوطنوا مستعمرة ريشون لوزيون يجدون متعة خاصة في تعاطي النرجيلة بينها يقوم الفلاحون العرب المملقون على خدمتهم وهنا نلتقي مرة أخرة بالهدف الايديولوجي المستر وراء صورة المتسول هذه: التخلف والانحطاط، وبالتالي عدم الجدارة في ملكية الارض.

ثمة صورة اخرى للفلاح الفلسطيني: العطالة. وكان أول من افتتح هذا الخط الطويل من الناعوت ملاحيم أوسيشكين، أحد رواد الفكر الصهيوني عندما وصف العرب بانهم "كم مهمل". لكن جوزف باراتز يعطينا تفاصيل هامة في هذا المضمار ففي كتابه (قرية جانب الأردن)، الذي يصف انشاء أول كيبوتز صهيوني على أسس شيوعية، يصف الفلاحين العرب الذين جاءوا يتفرجون بسكون تام على المعجزة الحضارية التي يقيمها اليهود وفيما تجفف المستنقعات وتخصب الصحاري على أيدي باراتز ورفاقه، يظل الفلحون الفلسطينيون يتفرجون، وتظل أرضهم إما مستنقعية أو رملية جرداء.

إن الحركة الوحيدة التي تبدر من هؤلاء الفلاحين هي تسللهم على غفلة لسرقة شيئ من المحصول الوفير أو الثمار النضيرة التي أنتجها الصهيونيون كان باراتز ورفاقه يغضون النظر عن السرقة، مذركين بانسانية عالية الوضع الاقتصادي السيئ لهؤلاء الفلاحين.

غير أن هؤلاء الفلاحين، المثيرين للشفقة والازدراء والترفع، هم انفسهم الذين نهضوا عام 1936 في طول فلسطين وعرضها، وظلوا حتى اواسط 1938 يتصدون إلى انقطاع للاستعمارين الانجليزي والصهيوني .

كان فيلسوف هذه الفترة هو أ.د. غوردون، وتصف المصادر الصهيونية هذا الكيبوتزي بأنه انساني مسالم وحالم عنيذ وكان مع اليزير شوخات قد صاغ للمستعمري الصهيونيين ما يمكن تسميته بدين العمل.

فقد اراد لهم ان يكتسبوا حقهم الاخلاقي في فلسطين عبر تحويلها إلى جنة أرضية والمعادلة هنا واضحة: فلسطين العرب شيئان لا ثالث لهم، مستنقعات وصحاري وبالتالي لا حق لهم في ارض هدروها أما فلسطين الصهيونيين فهي بساتين وحقول، وغلال وثيرة وسواعد تعمل منذ الفجر إننا نجد هنا مباينة حاسمة بين الفلاح الفلسطيني المتخلف، اللص، المنحط، القدر، المتعطل، والفلاح الصهيوني المتوحد بالأرض المكتسب هويته  من عمله عليها.

الفكر الصهيوني

يرى بوروخوف، نبي الفكر الاشتراكي القومي الصهيوني، انه من المستحيل قطعا أن تظهر بين العرب حركة قومية خاصة بهم. ولم يكن ليدخل في باب المنطق أنهم سيعترضون على استعمار اليهود لفلسطين. فلانهم "يفتقرون إلى شخصية حضارية واقتصادية خاصة بهم" لا يمكن ان يكونوا أمة ولانهم ليسوا أمة، لن يكونوا مؤهلين للقيام بمعارضة منظمة فعالة ازاء نفود خارجي أما بالنسبة للمستقبل فلبد وأنهم سيندمجون في اليهود ويصيرون جزء منهم بعد أن تمسهم المنافع السحرية للاشتراكية الصهيونية.

وفي عام 1921 أنذر جورج لانداور المؤتمر الصهيوني الثاني عشر بان هؤلاء البرابرة العرب سيشنون حربا لا محالة ضد ضد الصهيونيين، ونصح بالتهيؤ لذلك. وكان رد فلاديمير جابوتنسكي العنيف والمعبر بيانا عن تصور أقصى اليمين الفاشي الصهيوني لعرب فلسطين كبشر. قال جابوتنسكي (وهو استاذ مناحيم بيغن وقائد المليشيات الارهابية الصهيونية) متساءلا عما إذا كان احد قد التمس الأدن من السكان الأصليين أثناء استعمار أمريكا واستراليا.

قد لا يمكن أن نشابه بدقة بين موقف جابوتنسكي – ومن بعده بيغن – وبين موقف بن غوريون. بصورة عامة يصر الكتاب الصهيونيون والاسرائليون بشكل خاص، على أن حزب العمل الصهيوني الذي صنع اسرائيل استيطانا وجيشا، يختلف كثيرا في تصوره للعربي عموما والفلسطيني خاصة عن ما يسمى باليمين الصهيوني: جابوتنسكي ثم بيغن. فمن مذكرات بن غريون وموشي دايان، ومن المقالة التي كتبها اسحاق رابين لمجلة الازمنة الحديثة، عدد جوان 1967، ومن منشورات كثيرة أخرى – نعرف أن موقف هؤلاء من الفلسطيني والعربي لم يختلف اساسا عن الموقف الاستعماري التقليدي: العنجهية، والاستعلاء، الاحتقار بتحديد أكثر، فإن العربي لا يستطيع أن يكون أكثر من يد عاملة إنه لا يقرأ ولا يتعلم ولا يحارب ولا يفكر ولا يحلم ولا يتخيل. حسبه أن يمتلك بعض المال يصرفه على رغباته الخسيسة.

هذه التصورات ومزيد منها تظمنتها رسالة كتبها تيودور هرتزل عام 1899 وبعث بها إلى يوسف الخالدي محافظ القدس وعضوا البرلمان العثماني. وكان الخاليدي قد طلب إلى حاخام باريس أن يوعز لهرتزل بصرف النظر عن فلسطين كوطن قومي صهيوني، بسبب تعرب البلاد نهائيا، واستحالة تهويدها. كتب هردزل:

ما الذي يرغب في ازاحتهم (العرب) من هناك ؟ أن أحوالهم وثروتهم الخاصة ستتضاعف بفعل مجيئنا. اتعتقد أن عربيا يمتلك ارضا في فلسطين؟ أو منزلا ثمنه 03 او 04 آلاف فرنك، سيكون آسفا إذ يرى قيمته تزداد 05 او 10 أضعاف ؟ لكن هذا سيحدث حتما مع مجيئ اليهود وان يفحص الانسان الأمر من هذه الوجه، وهي الوجهة الصحيحة، فلا مناص من أن يصير صديقا للصهيونية.

واضح من نبرة الرسالة أنها تتضمن قدرا كبيرا من "الضحك على اللحى". وهو الموقف الذي تبناه بن غريون فيما بعد من القادة المحليين امثال يوسف الخالدي واضح ايضا الترغيب بالمال والمنافع الجمة التي سيجلبها الاستيطان الصهيوني وواضح  كذلك ان هردزل يرفض الاقرار بفكرة الخالدي عن عروبة فلسطين وقومية شعبها فالوجهة الصحيحة للنظر في الأمر هي الفوائد الاقتصادية وهي أقصى ما يفكر فيه العربي كما يرى هردزل.

مع بداية العقد الثالث لهذا القرن وقد دخل وعد بلفور مجال التنفيد بدخول الانجليز فلسطين بدأت صورة الفلسطيني تكتسب ابعادا جديدة في الفكر الصهيوني، أطلقتها المواجهة الساخنة بين العرب من جانب والانجليز والمستوطينين الصهاينة من جانب أخر.

وبطبيعة الحال، فقد برز في هذه الآونة – من 1920 إلى 1948 – الفلسطيني المقاتل، الذي خلده الشاعر ابراهيم طوقان فس شعره.

تحول الفلسطيني المقاتل في الفكر الصهيوني إلى "ارهابي جبان". إنه يهاجم في الليل عندما يكون الرجال نياما. أما في النهار فيتلبس المسكنة والضعة. لقد قامت عشرات المستوطينات في طول البلاد وعرضها أمام سمعه وبصره، فلم يجرؤوا على أن يحرك ساكنا إلى تحت جناح الضباب. وفي الليل كان يقوموا هجومه كاي بدائي تتحكم به غريزته، لا عقله ولا علمه. لذلك كان سهلا دائما على نفر قليل من المقاتلين اليهود الأشداء أن يردوا "زوبعة" عربية على أعقابها، بفضل برودة عقلهم وحرارة قلبهم واثفانهم للقتال واستعمال السلاح

عموما العربي محتقر ومزدري بحيث لا يمكن لأحد أن ياخذه مأخذ الجد إن لديه ثرات عريقا من شهادة الزور وثرات اعرق من القتل والاجرام صار طبيعة ثانية فيه واسلوبا شيطانيا في التملق والغذر، وتخلف مشوشا قانعا. إن الذكور العرب هم بلا استثناء عاجزون جنسيا أو متليون، والنساء العربيات يشترين كالبضاعة.

وواضح هنا ان الكثير مما كان ينعث به اليهود اروبا قد صار الان اوصافا للعرب. لقد خلع الفكر الصهيوني أرضيته الأوروبية القاذرة والبسها بالعرب.


بصمات الفكر النازي

هذه الصورة الفكرية السياسية تطورت بعد خلق الكيان الصهيوني في اتجاهين تعميقي ونقيضي. نلمسهما الآن في الأدب والفكر الاسرائليين. الاتجاه التعميقي هو اتجاه التقليدي الذي رايناه حتى الأن وقد ازداد تطرفا ووحشيتا وحنكو ومرجعية وكان أبرز تعبير عنه مجمل المقالات التي كتبها مفكرون الصهنيون في عدد (الازمنة الحديثة) المشار إليها انفا.

والحقيقة أن الاستهانة بالعرب على هذا النحو تحقيره والصخرية منه، تفسر إلى حد كبيرا السهولة المذهلة التي تم بها دبحه وحرقه واعدامه بالرصاص والقنابل.

لقد كان ذلك سهلا بالنسبة لهتر لانه كان يرى اليهود حفالة الكائنات. فالعقل الصهيوني قد تقمص الفكر النازي واستخدم أدواته العقلية والنظرية، ثم احل العرب محل اليهود في كل مانسب من هؤلاء من نقائص وعيوب وانحطاط وقزمية انسانية ليس فقط ليؤكد حقا مزعوما في فلسطين وإنما ليؤكد أن ثمة من هم أكثر انحطاط منه بكثير.

ظهرت ذواكره منذ حرب 1948 واستمرت حتى الأن في الفكر و الأدب الاسرائليين. إن المتتبع للكتابات الاسرائلية لا يمكن ان يتجاهل أو ينسى (أيام زيكلاغ) بقلم سين. يزهار (حوالي 1950) او (في مواجهة الغبات) لافرهان يهوشوا (1963) أو (ميشال الذي لي) لاموس أوز (1968) إذا كان الاتجاه الفكري الرسمي الصهيوني يرى في الفلسطيني الدبيحة الضرورية لكي يرضى اله البراكين عن شعبه اليهودي، فالاتجاه النقيضي يرى الفلسطيني ضحية منتقمة، لا تموت، لا تنسى ولا تريح قاتلها. إن الجثتت العربية الملطخة بدمائها في 1948 تفهم زيكلاغ بانه صار هيتلر صغيرا. وإن العرب الذين فقدوا ماواهم لان يهودا، بطل (خربة عيسى)، وجماعته قد حلوا فيه، صاروا الأن اسرى من قبل الصهيونية، واسرين أخلاقيين لها. والحقيقة أن فكرة العربي الأسير الأسر موضوع شائعة في الكتابات الاسرائلية. كذلك فإن الشاب الاسرائيلي، بطل (في مواجهة الغابات) يجد متعة مازوشية اصة في مشاهدة غابة اسرائلية تحترق حتى تندثر، لتظهر من تحت رمادها أنقاد البيوت العربية لقرية دمرها الاسرائليون بسكانها، اما حنه غونيم، بطل (ميشال الذي لي) فلا تستطيع ان تخرج بالحقيقة او أن أي شيئ حولها حقيقي إلى عندما تحلم في يقضتها بان صديقي طفولتها، التوؤمين خليل وعزيز، جاءا بقنابيلهما ليدمر المنشآت الاسرائلية ومن تم ليغتصباها.

هذا التيارالنقيضي قد لا يجد كثيرا من العرب الميالين لتصديقهوالاسباب كثيرة وليس هنا مجال بحثها لكن الشيئ المؤكد أن هذا التيار حقيقة قائمة وإذا كان هناك ما يؤسف له في هذا المضمار، فهو خلو المكتبة العربية من ترجمات له مشفوعة بدراسات فكرية رصينة، عدو يستهدف تدميرنا ونحن إلى حد بعيد ما زلنا نجهل هذا العدو.


أسرار هزائم العرب مع إسرائيل

في عام 1948 وبعد أيام من اغتصاب فلسطين رسمياً، كان الزعيم الصهيوني ديفيد بن غوريون، الذي اشتهر بكاريزمية مميزة وبقدرة لا ريب فيها على الفهم الدقيق لموازين القوى، يجهد لمنع الصهاينة من الاغراق بالثقة المطلقة بالنفس وبمشاعر العظمة.

كان لا ينفك يقول لهم: "اختلفوا بالنصر، ولكن اتذكروا أننا انتصرنا لأن اعداءنا لم يعرفوا كيف ينتصرون علينا. أن نصر يعود في جزء كبير منه إلى ضعف ارادة الأعداء وعجزهم عن الانتظام والتنظيم العلميين".

ومنذ كارثة 1948 إلى هزيمة 1967، أي طول 19 سنة كاملة، استمرت احتفالات الصهاينة بالانتصارات للأسباب ذاتها التي التقطتها ديفيد بن غورين: نقص الادارة والتنظيم العربيين.

ما يحل الآن بالأمة العربية من كوارث وبلايا تنتشر كالفطر من اقاصي جبال أطلس في المغرب العربي إلى سواحل الخليج العربي وبحر العرب، ومن رام الله ونابلس وحيفا وبيروت وصيدا وصولا إلى القاهرة والخرطوم تنبثق وتتأكد "القاعدة البنغوريونية" كغمامة سوداء راكنة تظلل كل ز وايا ومطارح وأزقة الوطن العربي.

إن البروفسور الأمريكي هرير دكميجان حاول، في كتاب حديث له عنوانه "الاسلام في الثورة" ان يحلل اسباب هذه الكوارث والبلايا، "فاكتشف" سلسلة متصلة من العوامل بالغة الخطورة يمكن تخليصها كالآتي:

  • أزمة هوية على المستويين الفردي والجماعي.
  • أزمة شرعية لدى الأنظمة العربية بسبب الفشل الذي سجلته على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية.
  • وبسبب انطلاقهم من القاعدة شرعية ضعيفة، يفتقدون غالبا إلى "رأسمال سياسي" يبمكنهم من اقامة نظام مستقر، ولذلك يلجأون إلى اجراءات قمعية تطال كل مناحي حياة الشعب.
  • صراعات اجتماعية ناجمة عن الفجوة المتسعة باستمرار بين الأغنياء والفقراء العرب.
  • العجز العسكري: باستثناء الجزائر، لم تحقق أي دولة عربية استقلالها بوسائل عسكرية كما أن مسلسل الهزائم العسكرية.

والسياسة التي مني بها العرب على يد اسرائيل، افرزت نشبت بسبب عجز النخب العربية عن دمج مسألة الحداثة بمسألة الاستقلال والتحرر الوطني.

 

أنها أزمة الإدارة والتنظيم التي التقطها فينا الأعداء قبل أن نمسك نحن بناحيتها بعمق وأحكام.

الكتابان أحدهما مصري والآخر إسرائيلي، يلقيان أضواء ساطعة للغاية على الحقيقة بأنه حين يقرر العرب، حين يمتلك العرب لادارة والتنظيم تنهار الأزمات التي اشار اليها دكميجان الواحدة تلو الأخرى ... وتتحقق مخاوف بن غوريون.

الكتاب الأول للفريق أول محمد فوزي، وزير الحربية المصري الأسبق، عن حرب الاستنزاف الناصرية (1967 - 1970) التي شكلت علمياً التحضير الحقيقي لحرب تحرير سيناء.

والثاني للصحافيين الإسرائيليين زائيف شيف وأهود يعازي، عن غزو لبنان، 1982، وما تضمنه هذا الغزو (من وجهة نظر صهونية طبعاً) من تجارب وصراعات وتحالفات.

أهمية هذين الكتابين، برغم تنافرهما بالطبع وتناقض توجهاتها في كل موقع ومجال، انهما يلتقيان عند النقطة التي اشرنا اليها أعلاه: أن اسرائيل أعجز عن أن تحقق أي انتصار حين تمتشق الأمة العربية لاح القرار والتنظيم وكذلك الأمر بالنسبة لباقي اعداء الأمة بكل صنوفهم ومشاربهم.

ان مؤلَّف الفريق اول فوزي "حرب الثلاث سنوات" الذي دخل خلال ثلاثة اعوام طبعته الرابعة، ليس بحثا في الاستراتيجيا العسكرية، بل هو ببساطة عرض واقعي للظروف التي ادت إلى نكسة 1967 على مستوى الداخلي المصري، اساسا وللجهود المذهلة التي بذلت منذ الايام الأولى لهذه النكسة لنقل مصر (ومعها كل الأمة طبعاً) من مستوى ردات الفعل إلى الفعل ومن مستوى التعبئة الاعلامية البحتة ضد العدو إلى التعبئة الحقيقية والشاملة.

انه بهذا المعنى شهادة ورسالة، شهادة رجل عاش التفاصيل عن كثب، ورسالة من عسكري عربي، ربما تكون الاولى من نوعها، عن الامكانيات الضخمة التي تستطيع الأمة حشدها في اللحظة التي تتخذ فيها قراراً حاسماً.

في السطور المكبرة من الكتاب يسارع الفريق فوزي إلى تحديد رؤية للاسباب التي أدت إلى نكسة 1967، فيراها في العوامل الأتية:

  • التاثيرات السلبية لتركيز جهود القوات المسلحة المصرية على عملية الوحدة مع سوريا، ثم حرب اليمن، من حيث عدم الاهتمام بالتدريب واعداد القوات المسلحة وتجهيز مسرح العمليات الرئيسي للمعركة المقبلة مع اسرائيل.
  • العجز عن تحقيق الحد الادنى من التضامن العربي الكفيل بمساعدة دول المواجهة في وضع توقيت مناسب للمعركة مع اسرائيل.
  • عداء الولايات المتحدة والدول الغربية السافر لنا، والأثر المهم لهذا العداء في عدم العدو الاسرائيلي.
  • الصراع الخفي بين الرئيس جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر، منذ 1962(أي بعد فشل الوحدة)، وانفراد المشير بالسلطة الفعلية في القوات المسلحة، تسبب في عدم وجود راي جماعي وأثر بالتالي على صنع القرار الاستراتيجي العسكري للدولة.
  • أن دعوى الأمن، أي أمن القائد والقوات المسلحة إلى الطريق أبعد ما يكون عن الالتزام الأصلي استعداد للمعركة ثم ان القوة واستغلال النفوذ والخلط بين السلطات والتمادي في الاستهتار وعدم الانضباط والتعالي والمخادعة لاعلامية عزل القوات المسلحة عن الشعب.
  • واخيراً القناعة بأن خطوة اغلاق خليج العقبة تمت باصرار من المشير عامر.
  • أن الأدبيات العربية تمتلئ باطنان من التحليلات ووجهات النظر حول الأسباب التي ادت إلى سلوك طريق الهزيمة العسكرية في عام 1967 منها ما يتركز على العوامل الخارجية ومنها ما ينطلق من المعطيات الاقتصادية – الطبقة، ومنها أخيرا ما يرى في عوامل الاديولوجية أو "الاديولوجيا المهزومة" الجوهر الحقيقي للازمة.

بيد أن البساطة والوضوح اللذين يسوق بهما الفريق فوزي آراء يعيدان الاعتبار لسبب كاد أن ينسى في غمرة التحليلات التي كانت في حقيقتها سجالات لتيارات سياسية متضاربة الأهداف والنوايا: الدور الحاسم للعامل الذاتي.

وعلى أي حال يبرز الفريق فوزي هذا العامل في كل تضاعيف وثنايا مذكرات، لا لتبرئة التجربة الناصرية من شوائبها بل لمجرد الاشارة إلى الامكانيات الهائلة التي كانت تمتلكها هذه التجربة حين قررت الاستجابة للتحدي الاسرائيلي.

منذ اللحظة الأولى التي يحدد فيها فوزي الأسباب العامة للنكسة، يبادر إلى تخصيص صفحات واسعة عن تجربة القوات المسلحة تحت قيادة المشير عامر ومساعده شمس بدران "الذي تمكن من السيطرة على قطاعات عدة من الدولة، بالاضافة إلى سيطرته على القوات المسلحة" وهو هنا يقرر امرا خطيراً حين يقول "أن تصرفات المشير ادت إلى وضع القوات المسلحة خارج الاطار الطبيعي لأجهزة الدولة المركزية، وهي تؤكد أنه سعى إلى أبعاد الرئيس جمال عبد الناصر عن القوات المسلحة برغم سلطاته الدستورية والشرعية عليها".

إن تجربة المشير عامر لم تستوف بعد حقها الكامل من الدراسة والتنقيح، وكذلك الأمر ايضا بالنسبة للعلاقة اللخاصة بين ناصر والمشير وهي العلاقة التي يعترف فوزي بانه "لم يستطيع أن يجد لها تفسيرا حتى الآن"، الأمر الذي قد يضع بعض الضوابط في تحميل كل مسؤولية النكسة للمشير.

لكن وفي ما يتعلق بجاهزية القوات المسلحة على الأقل، قبل حرب 1967 وخلالها، فإن الوقائع تفرض التحديد الدقيق للمسؤوليات.

فالفريق فوزي يشير إلى عوامل كارثية عدة خلال هذه الفترة العصبية منها خلو القوات المسلحة من خريجي الجامعات "لأسباب أمينة" والنقص الفادح في التدريب والاعداد والتنظيم اضافة لاسباب أهم أخرى هي "عدم وضوح الرؤيا والهدف وعدم وجود عقيدة القتال ووحدة القيادة وبعد القوات المسلحة عن الهدف السياسي واخفاء المعلومات والحقائق عن افراد وحدات القوات المسلحة مع وجود الفكر القائد المسيطر المتمثل في فرد وحد (المشير عامر) دون مجالس متخصصة تتحمل مسؤولية القرار الجماعي، كل ذلك اثر على معنويات الضباط والجنود واثر على انضباطهم العسكري، مما جعل من اي تفكير منطقي، يستنتج شكل المعركة المقبلة ونتيجتها بسهولة قبل اطلاق آية طلقة".

وكان 5 جوان هو الحصيلة لهذا التفكير المنطقي "وكان قرار المشير عبد الحكيم عامر بانسحاب القوات المصرية كلها من سيناء في خلال ليلة واحدة إلى غرب قناة السويس، وهو السبب الحقيقي في اندحار القوات المسلحة المصرية وهي القوات التي لم تعط فرصة لقتال العدو".

في مواجهة هذا التخطيط في الأول صباح 6 جوان لكنه حاول "تغييره" في مساء اليوم نفسه، لجملة أسباب، لكن الكارثة كانت قد حلت.

في موجهة هذا التخطيط في اهداف والاساليب وازدواجية السلطة ومساوء البيروقطية العسكرية وأجهزة المخابرات، نجد صفحة مشرقة من البناء والوضوح ترتسم بعد عودة عبد الناصر عن قرارة بالاستقالة وتسلمه مباشرة الاشراف على السياسات والتوجيهات العامة للقوات المسلحة.

في تلك الفترة، تبلور أول قرار مصري حقيقي بالاستعاد للحرب مع اسرائيل على كل الصعد.

 يقول الفريق فوزي: "نصت خطة اعادة تنظيم وبناء القوات المسلحة على ضرورة اعداد الدولة والشعب ومسرح العمليات للحرب، فالمعركة لا تقتصر على القوات المسلحة وحدها بل تشمل تلقائيا الشعب بمقوماته ومصالحه ومعنوياته والدولة ومرافقها ومؤسساتها.وعادة ما تمتد المعركة زمانا ومكانا وتتسع لتصبح حربا شاملة بين دولتين ويكون مسرح عملياتها هو اراضي وشعب الدولتين المتصارعاتان".

والوصف الدقيق الذي يقدمه الفريق فوزي عن اعادة بناء الجيش والدولة، مؤتر للغاية. فقد خاض افراد القوة المسلحة المصرية معركة قاصية عن جبهتان معا هما جبهة الاعداد والتدريب في ظل ظروف صعبة و جبهة المعركة المباشرة مع العدو الذي كان يحوز حتى ذلك الحين على تفويق شامل في موازين القوى وفي المعنويات ايضا.

وبهذا المعنى، كانت حرب الاستنزاف التي دامت نحوى ثلاثة سنوات مطهرا لم يسبق له مثيل ولم يكن له أن يصمد بأي حال لولا وجود قرار حاسم برفض الاستسلام.

ان الجيوش المهزومة تحتاج عادة إلى 10 سنوات على الأقل للخروج من الصدمة واعادة البناء، بيدي ان الحركة الناصرية نجحت بالفعل في تحقيق المعجزة وباتت بعد ثلاثة سنوات من التدريب والقتال المباشر، مستعدت لمواصلة القتال بدعم صوفياتي وعربي.

وهنا يلقي الفريق فوزي أضواء كاشفة على حقيقة باتت أكثر من معروفة، وهي ان الجيش الذي أعده عبد الناصر خلال ثلاث سنوات كان متئهبا في أواخر العام 1970 بعبور القناة وتتحرير سيناء وفق الخطة "غرانيت" و الخطة "200" بعد أن قام بتدريب عملي أخير في مناطق مصرية شبيهة بالقناة وصحراء سيناء.

و يكشف فوزي سرا خطيرا حين يقول ان القضية المصرية خلال تنفيذ التدريب العملي الاخير، للحظة وجود ثغرة الدفرسوار (التي تسلل منها شارون فيما بعد) ووضعت كل الخطط الضرورية لسحق القوات المتسللة.

ما ذا كان يمكن ان يحدث في المنطقة لو أن القدر مكن عبد الناصر من شن معركة العبور في العام 1971 على أبعد تقرير ؟.

إن هذا ليس ميتافيزيقيا أو نكوصيا: فالنظام الاقليمي العربي الناصري تماسك في كل المنطقة برغم هزيمة 1967 وإنهار في عهد نور السدات برغم نصر حرب تشرين.

وهذا النظام كان سيفرض نفسه على العالمي لو قدر للحركة الناصرية الاستمرار. هدف كتاب زائيف شيف وأهود يعاري "حرب الظلال" موجود في أخره: سلوك وزير الدفاع الاسرائيلي ارييل شارون في تخطيط وتفيذ عام 1982.

فالمؤلفان يشيران في ثنايا الكتاب أو في خاتمته إلى أن أهداف شارون الفعلية كانت تشمل اقامت نظام لبناني جديد موال لاسرائيل وضرب الفلسطنين في لبنان وتطويعهم في الضفة الغربية وغزّة واحداث تغيرات ديموغرافية في الاردن وشل سوريا.

ولتحقيق هذا الهدف "كان شارون مستعدا" لاجراء تغيير جذري في مفهوم الدفاعي الأمني الاسرائيلي. وحسب هذا المفهوم كان ثمة اجماع "قومي" وموافقة عمة منذ قيام الدولة الصهيونية يبقى بموجبها جيشنا جيش دفاع لكل غرض. باستطاعت جيش الدفاع عن الدولة ولكن التدخل في شؤون الدول الأخرى يتطلب جيشا أخر. وفي أول مرة في تاريخ اسرائيل يتم استعداد قد يخرج شعب اسرائيل لمغادرة حرب أهدافها تشد شدودا صارخا عن متطلبات الدولة الدفاعية".

نحن إذن وجهة نظر اسرائيلية بعملية عسكرية اسرائيلية ضخمة، تخترة وفشلة في تحقيق أهدافها.

ومن المثير أن نقرأ خلاصات هذين الكاتبين الصهيونيين عن حصيلة هذه العملية، لأن ذلك يساعد على تبديد الكثير من الأساطير التي حيكة وتحاك ليس حول اسرائيل فحسب بل ايضا المقدرة العربية على مجابهاتها.

يقول شيف ويعاري: "الحرب في لبنان ولدة على مقاس رجل رجل واحد هائج، مصر على رايه وبدون فرامل، قام بجر الأمة كاملة إلى ملاحقة شيئ لا امل فيه وراء أهداف قسم منها خيالي. إن حرب وقعت كما وقعت كنتيجة مباشرة للتغيير الحاد في نظام هيئة حكم في البلاد، وكشفت هذه الحرب ظاهرة ناذرة جدا جمع بها رجل وحيد هو شارون صلاحيات قصوة".

 


مشاركة الجزائر في حرب جوان 1967

 

بدأت الجزائر قبل أيام من بدء المعارك وبالتحديد خلال الأسبوع الأخير من شهر مايو 1967 بتعبئة الشعب والقوات المسلحة لكي يكون الجميع على أهبة الاستعداد إذا ما اندلعت الحرب. فقد جرى إلغاء الأذونات في صفوف الجيش الشعبي الوطني ودعي الجميع إلى الالتحاق بوحداتهم. كما تم توجيه نداء إلى كافة المجاهدين الذين خاضوا حرب الاستقلال لكي يكونوا في طليعة المقاتلين.

على الصعيد العسكري، استعرض هواري بومدين بعد ظهر يوم الاثنين الخامس من حزيران، وحدة، وحدة مؤلفة من 2500 رجل مع معداتهم وأسلحتهم في معسكر "زرالدة" على بعد حوالي 30 كيلومتر من العاصمة، قبل أن تتجه هذه الوحدة إلى الجبهة المصرية عبر تونس وليبيا. كما أن المصادر المصرية أشارت في ذلك الحين إلى أن 48 طائرة ميغ جزائرية في طريقها هي الأخرى إلى مصر. ورصدت الحكومة ميزانية حرب لمواجهة التطورات.

على الصعيد السياسي فرضت الحكومة رقابتها على كافة الشركات الأمريكية والانكليزية العاملة في البلاد غداة القتال. وقام الرئيس بومدين يوم الاثنين 12 حزيران-يونيو برحلته الشهيرة إلى الاتحاد السوفياتي لكي يستوضح الموقف السوفياتي إزاء ما آلت إليه الأحداث. واعتبرت  المصادر الجزائرية قطع العلاقات الديبلوماسية بين موسكو وتل أبيب أضعف الإيمان. وألقى بومدين يوم السبت 10 حزيران – يونيو خطابا تاريخيا دعا فيه الامة العربية إلى خوض حرب طويلة الأمد من أجل الدفاع عن شرفها وكرامتها، واعتبر أن خسارة معركة لا تعني خسارة الحرب  وأكد الرئيس الجزائري أن الامة تعيش لحظات حاسمة في تاريخها. والجو العام في الجزائر قابل قرار وقف إطلاق النار بامتعاض شديد، وكان لسان حال الرأي العام يقول "من المؤسف أن لا تكون لإسرائيل حدود مشتركة مع الجزائر"  (لوموند 13/06/67).

على الصعيد الشعبي عمت المظاهرات العاصمة الجزائرية احتجاجا على وقف إطلاق النار وتنديدا بالدعم الامريكي – البريطاني لإسرائيل، خاصة وان القوات الجزائرية التي اتجهت إلى الجبهة لم تتح لها الفرصة للوصول إلى أرض المعركة، واضطرت لكي تعود أدراجها من تونس. وتجمع كافة المصادر التي تابعت أحداث تلك الأيام العصيبة أن الجزائر ألقت بثقلها كاملا وعلى وجه السرعة تضامنا مع أقطار المشرق العربي التي تعرضت للضربة الإسرائيلية.

 

أبرز حكام العرب عام 1967

أثناء حرب حزيران 67 كان يحكم مصر جمال عبد الناصر، وسوريا نور الدين الأتاسي، والأردن الملك حسين، والعراق عبد الرحمن عارف، والسعودية الملك فيصل، ولبنان شارل حلو، والجزائر هواري بومدين، والمغرب الملك الحسن الثاني، وتونس الحبيب بورقيبة، وليبيا الملك إدريس السنوسي، وموريطانيا المختار ولد دادا، والكويت صباح السالم الصباح، واليمن عبد الله السلال، وكان أحمد الشقيري على رأس المنظمة التحريرية الفلسطينية.


حرب جوان 1967 : ديناميكية الهزيمة

 

يطلق القاموس السياسي العربي حرب جوان 1967 اسم حرب النكسة، وذلك لأن إسرائيل تمكنت من احتلال فلسطين، لكن منذ ذلك التاريخ والنكسة تتعدى رقعة الأرض الجديدة التي تم احتلالها، والمقدرة بـ 68,659 كلم2 ، وتمتد إلى الأحداث التي وقعت بعد الحرب والتي تثبت النكسة أو خففت منها وقد أطلقنا عليها عنوان "ديناميكية الهزيمة".

لقد شكل جوان 1967 منعطفا حاسما في تاريخ المنطقة العربية لا لكون يشهد على توسع استعماري إسرائيلي فحسب، بل لأن الرقعة التي تم التوسع فيها أصبحت محورا أساسيا في أزمة الشرق الأوسط وموضوعا لتجدد النزاع المسلح، ولمشاريع "السلام" المتلاحقة.

سنحاول في هذه الدراسة أن نقيم آثار هذا المنعطف على المستوى العربي والفلسطيني، والإسرائيلي.

الهزيمة على المستوى العربي ولدت انتكاسة 1967 نهوضا جماهيريا ردا على الهزيمة ودفاعا على ما انجزته حركة التحرير العربي وقد عكس نشاط المقاومة الفلسطينية والالتفاف الشعبي حولها أحد مظاهر هذا المد الجماهيري. وهذا ما وفر الأرضية التي ارتكزت عليها الانتفاضات والحركات الوطنية في عدة أقطار عربية (جنوب اليمن في مارس1968، ليبيا في سبتمبر 1969، والسودان ففي 1969).

        وقد قاد هذا النهوض العارم الأنظمة العربية إلى رفض مبدأ التفاوض مع إسرائيل وعد التفريط في الأراضي العربية المحتلة في شهرجوان 1967 في الخرطوم.

        ساهمت انتكاسات جوان في رفع وعي الأنظمة العربية بحجم انحياز الدول الأوروبية وأمريكا إلى جانب إسرائيل على العرب. فقامت بعدة إصلاحات اجتماعية لمصلحة هذه الدول العربية، ولعل أهمها هو تأميم البترول في كل من العراق وليبيا والجزائر في مطلع السبعينات.

        لكن الإصلاحات والنهوض الجماهيري اصطدم بمجموعة من العراقيل التي قللت من فعاليته ومردوده وهي:

        الحرب المدمرة التي عاشتها الثورة الفلسطينية في الأردن في سبتمبر 1970 التي رفعت شعار القضاء على "التجاوزات" الفلسطينية في الأردن لتسد في النهاية إحدى جبهات الكفاح المسلح الفلسطيني، وقد شكلت المقدمة الضرورية للإعلان عن "المملكة المتحدة"    التي تضم الضفة الغربية وقطاع غزة إلى المملكة الهاشمية، وأيضا للإعلان الملموس على حق تمثيل الشعب الفلسطيني.

        أدى قدوم السادات إلى السلطة في ماي 1971 إلى ظهور موجة من التشكيك والطعن في المكتسبات الاجتماعية في مصر وذلك لما رافق النظام المصري من تنازلات لإسرائيل.

        إن استقبال البرجوازية اللبنانية للفلسطينيين بعد انتكاسة 1967، وبعد أحداث الأردن الدامية سنة 1970، بإقامة مخيمات إضافية لهم في تل الزعتر وجسر الباشا ، تعكس رغبتها في الحصول على يد عاملة رخيصة تشغلها في القطاع الزراعي والصناعي. لكن الوجود الفلسطيني في لبنان قد أعطى للمقاومة الفلسطينية قاعدة شعبية لتعزيز كفاحها السياسي والعسكري ولتعزيز  خط القتال من الجبهة اللبنانية. وهذا في حد ذاته يعد خطرا على استمرار مصالح البرجوازية، مما جعلها أيضا تفتح غطاء "التجاوزات الفلسطينيين"  فوقعت الاشتباكات المسلحة بين الفلسطينيين والجيش اللبناني في سنة 1969 وذلك بهدف تجريد الفلسطينيين من السلاح، مما أدى إلى إبرام الاتفاق بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة اللبنانية في نفس السنة في القاهرة، قنن الوجود الفلسطيني فوق التراب اللبناني، لكن الاشتباكات المسلحة بين الطرفين تجددت وبشكل أعنف في سنة 1973 ساهمت في إضعاف المنظمة الفلسطينية في لبنان بعد أن هدر دمها في الأردن.

        ألزم قبول مصر بمبادرة وزير الخارجية الأمريكي روجرز التوقف عن إطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر فاستغلتها إسرائيل لبناء خط دفاعي على الضفة الشرقية للقناة وأطلق عليه خط برليف. ويعد حاجزا منيعا مكن إسريئيل من دفع قدراتها للاحتفاظ بالأرض المحتلة بعد جوان 1967. وأصبح مجرد اجتيازه يعد نصرا عسكريا كبيرا.

        عملت حرب الاستنزاف على الجبهة المصرية التي امتد من منتصف سنة 1968 إلى نهاية 1971 على إرهاق كاهل إسرائيل فزادت نفقاتها المالية المخصصة للحرب وأدت إلى سقوط 3.239 قتيلا وإصابة 9.700 آخرين بجروح وعلى الرغم من عدم قدرتها على تجسيد الشعار الذي رفع في تلك المرحلة: "إزالة آثار العدوان فإنها حافظت على "حرارة الصراع وجددت التمسك باستعادة الأراضي المحتلة في سنة 1967، وخلقت منها مطلبا نضاليا وكفاحيا محركا للأنظمة العربية ومنشطا لمجلس دفاعها المشترك خاصة في السنتين اللتين سبقتا حرب أكتوبر 1973، كما عملت دولتا المواجهة (سوريا ومصر) على إعادة بناء قواتهما العسكرية، خاصة القوات الجوية التي دمرت في جوان 1967 تدميرا كامل (دمرت  إسرائيل حوالي 70% من الطائرات المصرية و 50% من القوات الجوية السورية وهي جاثمة على الأرض(3) وعمدت الدولتان أيضا إلى تنظيم خطة هجومية على الجبهتين.)" .

واقع الهزيمة على مستوى الفلسطيني

تلقى الشعب الفلسطيني الهزيمة بعد سنتين فقط من انطلاقه في الكفاح المسلح ولم تثنه عنه، بل ازداد رسوخا بعد أن تبناه المجلس الوطني في دورته المنعقدة ما بين 10-17 جويلية 1968 وتم تصعيده خلال سنتي 1970-71، خاصة في قطاع غزة.

لقد قامت المنظمة بعد النكسة مباشرة بتنظيم وتعبئة الفلسطينيين داخل الأراضي الفلسطينية التي احتلت في أكتوبر 1967، والنازحين عنها وقد ساعدها في ذلك ظهور التنظيمات السياسية المسلحة في الساحة الفلسطينية (الجبهة الشعبية...)  والتي شكلت رافدا جديدا للنضال ودافعا جديدا للاتفاق حول المنظمة التي أصبحت في نظر الفلسطينيين الأداة المسلحة والمؤهلة للاستمرار في الكفاح المسلح والقادرة على "أخذ الثأر" .

        وإذا كانت التجربة الدامية التي مرت بها المقاومة في الأردن في سنة 1970 قد أنهكتها ماديا وعسكريا، فقد زادت في تماسكها وفي تمسك الشعب الفلسطيني والعربي بها، وكشفت للرأي العام العالمي الجانب المأساوي في قضية الشعب الفلسطيني.

المجال الدولي :  وهذا بالتصدي لكل الحلول التي تجاهلت الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية، لهذا نجدها تحدد لأول مرة أسس رفضها للقرار 242 الصادر عن هيئة الأمم المتحدة في نوفمبر 1967 واعتبرته ثمرة الهزيمة وذلك لكونه يطمس الحقوق الوطنية والقومية للشعب الفلسطيني، ويتعامل مع قضية كمشكلة لاجئين فقط

كما وقفت المنظمة بحزم ضد مشروع روجرز واعتبرته في مجلسها التاسع المنعقد ما بين 7-17 جويلية 1971، شكلا من أشكال تكريس الهزيمة.

على المستوى العربي: لقد زادت المنظمة  في لشق طريقها الاستقلالي وذلك لفرض القرار الفلسطيني المستقل. لذا عملت على تثبيت شرعية ووحدانية تمثيلها للشعب الفلسطيني وأكدت عليه بكل إلحاح في دورات مجلسها الوطني،خاصة في الدورة الثانية عر منعقدة في القاهرة في أفريل 1972، وقد حاربت بحزم أشكال الوصاية على الشعب الفلسطيني، ووقفت ضد الإعلان الذي رفعه الأردن في ماي 1972 والذي أطلق عليه مشروع "المملكة المتحدة" وقد توج كل هذا النضال بالاعتراف بوجدانية وشرعية المنظمة في تمثيل الشعب الفلسطيني في قمة الرباط سنة 1974.


نتائج انتصار إسرائيل

ولد الانتصار في حرب جوان 1976 الاطمئنان لدى الإسرائيليين وأعطاهم الثقة في قدراتهم القتالية، فأمنوا بأسطورة "الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر" وعملوا على خلق الفرصة الملائمة لتزايد عدد المهاجرين إلى إسرائيل بلغ عددهم في سنة 1970، 200.000 مهاجر بعد أن كان عددهم لا يزيد عن 4.300 في سنة 1967 .

ومن أجل توفير مناصب عمل لكل المهاجرين، كان على إسرائيل السعي لانتزاع الأراضي العربية المحتلة مؤخرا من يد مالكيها لا قامة المشاريع الزراعية  والصناعية عليها. فطبقت على أهلها قانون الغائب الصادر في 1950 والذي تم بموجبه استكمال تجريد الفلسطينيين من أراضيهم المحتلة، وينص هذا القانون على اعتبار كل مالك للأرض غائبا في القانون على اعتبار كل مالك للأرض غائبا في حالة وجوده في إحدى الدول المعادية لإسرائيل.

وعندما عجز هذا القانون على الاستيلاء على أغلب الأراضي لجأت إسرائيل إلى تطبيق قانون الطوارئ الصادر سنة  1945 والمورث على النتداب البريطاني، والذي ينص على اعتبار أي قطعة أرض جزء من "منطقة أمنية"  يتطلب إخلاؤها من السكان لأسباب أمنية ومن أجل السهر على تطبيق مثل هذه القوانين نصبت الإدارة العسكرية في هذه المناطق.

كما كان التوسع الإقليمي الإسرائيلي، وروح الانتصار وراء التطور الصناعي الذي عرفته إسرائيل، حيث نجد نموا ملفتا للنظر في مجال الصناعات الإلكترونية والعسكرية، وبدأ الحديث عن الصناعات العسكرية الإسرائيلية بتزايد المشاريع الصناعية. وهذا منطقي بعد دخول الرأسمال الإسرائيلي، بكل نشاط إلى القطاع الصناعي، حيث ساهم في نسبة 96% من الوحدات الصناعية التي ظهرت بعد أن كان مثل هذا النشاط يتوقف على رؤوس الأموال الأمريكية والأوروبية فقط.

إن النهضة الاقتصادية التي عرفتها إسرائيل كانت نتيجة لمجموع من المتطلبات الداخلية لرؤوس الأموال وتزايد المتطلبات الخارجية التي ساهمت حرب الاستنزاف في بعضها حيث زادت الاشتباكات المسلحة المحدودة على الجبهة المصرية، والنشاط الفدائي داخل إسرائيل من ميزانية التسلح. فبعد أن كان يأخذ نسبة 9,7% من الناتج القومي في سنة 1964، وصل إلى نسبة 20,3% سنة 1970 وقفز سنة 1974 إلى نسبة 46,3% .

بعد حرب أكتوبر 1967 تغيرت الكثير من معطيات  الصراع في الشرق الأوسط، وشكلت الأراضي المحتلة موضوعا جديدا للاستقطاب السياسي والالتفاف حول البرامج السياسية التي قدمتها الأحزاب الأساسية في إسرائيل تحت راية "لا عودة إلى حدود 4 جوان " . فحزب العمل الإسرائيلي على سبيل المثال لا يرى أي حل للمسألة الفلسطينية بدون إطار أردني  وهذا من خلال إلحاق المناطق المكتظة بالسكان العرب في الضفة الغربية بالأردن وإقامة دولة فدرالية يجري فيها توطين اللاجئين الفلسطينيين وإذابة الوجود الفلسطيني المستقل.

أما حكومة الليكود فإنها تقترح مشروع الحكم الذاتي" الذي يعني سيطرة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية وتخيير السكان بين الجنسية الأردنية والجنسية الإسرائيلية مع السماح لهم بإدارة شؤونهم اليومية بدون أدنى سلطة على الأراضي التي يقيمون عليها.

إن الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة لم تجر على الصعيد العسكري فقط، بل شملت الجانب الديبلوماسي الشيء الذي يقودنا إلى التساؤل بموضوعية عن قرار الهجوم يوم 6 أكتوبر 1973، فهل أن اندلاع الحرب بكل المخاطر والاحتمالات التي تنجر عنها تعد بكل بساطة ضربة عنيفة لإجبار تل أبيب على الجلوس على طاولة المفاوضات؟ بماذا نفسر وقف القتال بعد 17 يوما من القتال، وبعد أن تم توفير كل الشروط والإمكانيات البشرية والاقتصادية، ودرست بكل دقة قبل 6 أكتوبر.

لا زالت هذه الحرب بعد 14 سنة من اندلاعها تحتفظ بأسرارها وألغازها . يجب التأكيد في البداية على أن المدفعية العربية لو تشرع في إطلاق نارها يوم 6 أكتوبر إلا بعد أن حققت الديبلوماسية العربية نجاحات معتبرة على المستوى الدولي وقد ارتكزت في نشاطها على:

1-         عدم قبول احتفاظ المعتدي (إسرائيل) بالأراضي المحتلة وهذا مبدأ تقبله  الرأي العام الدولي، ودعمته قرارات مجلس الأمن.

2-          لا يوجد أي خطر يهدد وجود إسرائيل كما تدعي بل بالعكس هي التي تهد الدول العربية المجاورة وتهد الأمن الدولي نتيجة مطالعتها التوسعية وشراهتها العدوانية.

3-         رفض تل أبيب لكل مبادرات السلام مؤكدة تحديها للإرادة الدولية، وعدم اعترافها بكل القرارات التي تطالب بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، وهذا الرفض يؤثر على الاقتصاد الغربي الذي يزداد تأزما نتيجة لأزمة الطاقة.

قبل انطلاق الحرب كانت تل أبيب تعاني من عزلة خانقة نتيجة فقدانها لمصداقية في العالم وهذا يعود إلى العوامل التالية:

1)     التنديد بها في ندوة عدم الانحياز المنعقدة في الجزائر (سبتمبر 1973).

2)     الضغط السعودي على الرئيس الأمريكي نيكسن ودفعه لتغيير سياسة بلاده في الشرق الأوسط قصد تجسيد القرار 242 وإخراج هذه المنطقة من حالة جمود التي آلت إليها ويكمن الضغط االسعودي في إمكانية رفض تلبية حاجة الولايات المتحدة من البترول.

3)     رفض المحكمة العليا في النرويج إطلاق سراح الإسرائيليين المتهمين باغتيال المناضل أحمد بوشيخي واقتناع وزير خارجية هذا البلد بتورط إدارة تل أبيب في هذا العمل الإرهابي.   

4-         قرار النمسا بالتوقف عن منح التسهيلات لتل أبيب في تهجيرها ليهود التحاد السوفياتي إلى إسرائيل.

كل هذه العوامل تبين الانتصارات التي حققتها الدبلوماسية العربية خلال شهر سبتمبر فأثناء  الحرب ونتيجة لانتصارات الجيوش العربية الأولى لم تشاهد إسرائيل نفس الدعم الهائل الذي لقيته في حرب 1967 لذا أرسلت رسائل إلى باريس ولندن تحتج فيها على حياد هذه الدول وقادت حملة صحفية ضدها.

        لم يلاحظ على المستوى العربي أي قرائن يتوقع منها قيام الحرب بل بالعكس كانت الوضعية متدهورة  والعلاقات بين بعض الدول العربية متوفرة.

1-                     العلاقات الليبية  المصرية، متوترة، والعلاقات المصرية السورية ليست أحسن من الأولى، ووصلت العلاقات بين سوريا والعراق إلى وضعها السيئ: وبالمقابل شهدت العلاقات السورية الأردنية والأردنية المصرية نوعا من التقارب بعد  سلسلة من الزيارات واللقاءات الثلاثية ولا يشير هذا التقارب إلى قرب موعد وقوع الحرب. وحتى عندما تحلل خطاب المسؤولين المصريين فإننا نستبعد الحرب.

2-                     على مستوى العلاقات الفلسطينية العربية، يمكن تسجيل تأزم العلاقات بين فتح وسوريا إلى حد كادت فيه أن تنفجر.

3-                     لم تشاهد العلاقات السوفياتية المصرية السورية أي تطور، ولم يلاحظ أي تنقل غير عادي للأسلحة.

4-                     لم يشاهد أي استدعاء للتجنيد العام في الدول العربية، حتى في سوريا ومصر وكل تحركات القوات المصرية السورية كانت تدل على تحضيرات عسكرية لمواجهة احتمال هجوم إسرائيل ولم تدل على هجوم عربي.

لقد سمحت الحرب بتوسع التضامن العربي بشكل مدهش وخلقت موجة من التضامن الدولي، وأدخلت معطيات جديدة على المستوى السياسي.

كانت المفاجأة كبيرة بالنسبة للشعوب العربية وعلى المستوى الدولي وعندما نذكر المفاجأة فإننا نقصد الجانب العسكري، وهو الجانب الساخن في القضية. "فالمفاجأة العسكرية"   قضت على المذاهب التي تبنتها الدول المتصارعة في المنطقة.

ومن الخطأ الاعتقاد بأن حرب 1973 هي امتداد لحرب الاستنزاف، ونتيجة لتفاقم الأوضاع، كما أنها ليست وليدة قرار غير محسوب على صعيد الإمكانيات والنتائج.

فالحرب لم تكن أبدا وليدة موقف ارتجالي خاصة إذا كانت في مستوى حرب أكتوبر 1973. اختارت الدول العربية منذ 1948، مذهبا عسكريا دفاعيا، فتمركز الجيوش العربية في خطوط وقف  إطلاق النار متخذة موقفا انتظاريا. وهذا قصد صد ضربات العدو الذي تبنى مذهبا هجوميا عدوانيا، وقد كان لهذين المذهبين تأثيرا واضحا على نفسيات الجنود، فإسرائيل جمعت رجالها في داخل الأراضي العربية المحتلة وزودتهم بكل الأسلحة وسائل النقل الضرورية، ودربتهم على العمليات الهجومية الخاطفة، فزرعت فيهم روح القيام بالهجوم الردعي المتواصل. أما الجيوش العربية فقد تمركزت في مواقع دفاعية على طول الحدود وراء تحصينات ثابتة مزودة بالأسلاك الشائكة وبحقول الألغام، لكنها مالكة لإمكانيات النقل والقتال القليلة الضرورية للعمليات الهجومية. وغرست في أذهانها الروح الدفاعية التي ترتبت عنها نتائج على المد الطويل وأبرزها هو نمط التفكير الانتظاري غير القادر على استيعاب استراتيجية الهجوم وهذا ما أثر بشكل واضح في مستوى تدريب القوات العسكرية العربية. لقد استمر الوضع على هذه الحالة إلى غاية 1967. ووجد المذهب العسكري الهجومي الإسرائيلي مرتكز في سياسة إسرائيل التوسعية الهادفة إلى سحق الدول العربية المحيطة بها، أما المذهب الدفاعي العربي فهو نابع من الاقتناع السياسي بالدعم الدولي الإسرائيلي وحمايتها من لدن أمريكا والدول الغربية عند الضرورة وعدم قدرة الأنظمة العربية على التصدي لكل التحالفات ولكل ترسانات الأسلحة، وهذا نوع القناعة الذي يشكل "الردع الذاتي" المانع للقيام بالهجوم على إسرائيل ، بل يجعل التفكير في هذا الهجوم نوعا من الجنون أو الانتحار وقد تعززت هذه القناعات بعد هزيمة 1967 بعد أن تعززت بـ "أسطورة تفوق الجندي الإسرائيلي" .

   بعد الهزيمة، دخلت عدة عناصر جديدة. فإسرائيل تبني لأول مرة استراتيجية دفاعية تستهدف حماية ما تحصلت عليه من أراضي جديدة بأقل قوة عسكرية ممكنة. وهذا ما يجبر العرب على التفكير جديا قبل استعمال القوة لاسترجاع أراضيهم فيقبلون بالأمر الواقع ويرضون بالشروط الإسرائيلية، وضمن هذه الاستراتيجية تم بناء خط برليف على طول قناة السويس وتم تشييد الحوافير في الجولان. علما لأن إسرائيل لم "يهدأ بالها"، إلا بعد التوقف عن حرب الاستنزاف بمجرد القبول بمشروع روجرز، وبعد أن تلقت المنظمة الفلسطينية الضربة العنيفة في سبتمبر 1970.

لقد تم التحضير للحرب في سوريا ومصر في الخفاء فكانت المفاجأة الحقيقية التي لم تدركها المخابرات الأمريكية والإسرائيلية التي لاحظت حشود القوات في الجبهتين المصرية والسورية، لكنها ظنت أنها شكلا من الرد على المناورات الإسرائيلية على الحدود السورية. ففي عصر الأقمار الاصطناعية يكاد يكون من المستحيل تمويه حركات جيوش كبرى بعتادها وعرباتها.

وقد اعترف هنري كيسنجر يوم 14 أكتوبر بأن "البيت الأبيض الأمريكي في سوريا ومصر لكن المخابرات الإسرائيلية والأمريكية ظنت بأنها بعض المناورات المألوفة في الخريف".

ويمكن الإشارة في هذا الإطار إلى أن هذه المصالح المخابراتية قد أرسلت ثلاثة تقارير خلال الأسبوع الذي سبق اندلاع الحرب، وفي هذه الحرب تم القيام بما يلي:

1-         مواصلة بناء خطوط الدفاع على الجبهة وفي الأعماق للإظهار بأن المجهود الأساسي للجيش المصري هو الدفاع.

2-         توزيع القوات على عدة اتجاهات مختلفة وثانوية، وتم تمويه تحركات الذهاب والإياب داخل الجبهة وإظهار كتمارين أو مناورات تدريبية، وكانت تتم بالتغيير المتواصل في العدد وفي المواقع.

3-         تمركز قوات الهجوم خلال 3 أو 4 أشهر قبل الشروع في الهجوم، وهذا على شكل مجموعات صغيرة. وإرسال قوات أساسية في عمق الجبهة قبل ثلاثة أسابيع من الهجوم تحت غطاء أعماق الهندسة التي تسبق المناورات العسكرية الكبرى مع الانطلاقة في المعركة الحقيقية خلال المرحلة الأخيرة من هذه المناورة.

4-         تحضير الخنادق والملاجئ والجسور للعتاد ولقطع المدفعية ولمختلف العربات والسيارات التي تصل في اللحظة الأخيرة إلى الجبهة مموهة بشبكة التمويه.

5-         ترك الجوانب اليومية من حياة قوات الدفاع على حالها في القطاع الغربي للقناة إلى غاية القصف المدفعي والجوي.

6-         حصر أخبار الهجوم وتوقيته لدى أقل عدد من الأشخاص فلم يعلم قادة الأولية بالساعة س إلا في ليلة 5 أكتوبر، بينما لم يعلم قادة فصائل الهجوم المجموعات إلا على الساعة الحادية عشرة من يوم 6 أكتوبر أي 3 ساعات قبل القتال. بجانب كل هذا اتخذت مجموعة أخرى من القرارات مثل إعفاء 20.000 جندي عامل من السلك العسكري 48 ساعة قبل الحرب.

وكان اختيار يوم وساعة الحرب ذا أهمية بالغة في تحقيق  المفاجأة، وذلك

لأن اليوم المختار هو أحد أيام شهر رمضان الكريم والذي يلاحظ بصفة عامة غياب النشاطات والأعمال الكبرى في الدول العربية.

وهو أيضا يوم عيد "الغفران" في إسرائيل والذي ينقص فيه الحذر وتقل فيه إجراءات الأمن، وحتى أن الساعة الثانية زوالا، لا تختار عادة كساعة للقيام بالعمليات العسكرية الكبرى (حيث تختار ساعة من الليل أو الفجر) وهذا حسب تفوق طيران المهاجم، أو حسب الرغبة في استغلال الظلام لتعزيز مواقع المدفعية.  فاختيار ساعة بدء الحرب كانت الحل الملائم لشروط توازن الطيران الإسرائيلي العربي ويستجيب لمتطلبات اجتياز العقبات الأولى، بل إنه ضروري لضبط تصاعد مقاسات القصف المدفع، ولفتح ثغرة في جدار الضفة الشرقية للقناة التي منها يمكن وضع وتجهيزات  أخرى خلال الساعة الأولى من الليل لتسمح للمدرعات من عبور القناة في منتصف الليل بأقل تأثير محتمل لغارات الطيران الإسرائيلي. وشهدت سوريا نفس السناريو، حيث قامت فرق الهندسة بتدمير الخنادق المضادة للمدرعات في النهار، لتسهل عبور القوات الأساسية ليلا، وخاصة وان المدرعات السورية مزودة بتجهيزات (ما فوق الحمراء) ومتدربة على القتال الليلي.

وما حقق المفاجأة أكثر هي العوامل التالية:

1-اعتقدت إسرائيل بأن سوريا ومصر غير قادرتين على القيام بالحرب نظرا لمشاكلهم الداخلية.

.

2-ظن قادة تل أبيب أن الجيوش العربية غير محضرة كميا ونوعيا لخوض هجوم على الموانع والحواجز في الجولان وعلى خط برليف في سيناء.

3-جهدت إسرائيل للتحول الطارئ في نفسية المقاتل العربي بعد حرب الاستنزاف التي أعادت الثقة للجندي العربي في قوته بعد أن عدلت ميزان القوى العسكري.

4-كانت إسرائيل تعتقد أن الحرب لن تندلع إلا إذا تحسنت العلاقات العربية، السوفياتية هذا إضافة إلى ىعدم وجود الجبهة الشرقية في القتال "جمود" الجيش العراقي في الثكنات.

5-ثقة إسرائيل في قواتها الجوية وفي قدرتها على درع أي تقدم عربي مهما كان، حتى وإنةكانت من مجموعة المشاة.

الاعتقاد بأن النشاط الدبلوماسي العربي كان يهدف إلى تسوية سلمية للقضية مع تنازل إسرائيل عن بعض الأراضي المحتلة.

7-تزايد الثقة في جهاز المخابرات  "موصاد" بل ويمكن القول بأن انتصار إسرائيل في حرب 1967 كانت من ورائه المخابرات. ومنذ هذا التاريخ انفصل المخطط العسكري للأركان العامة الإسرائيلية حول محورين هما:

-       حماية وقف القتال بخ برليف القادر على منع أي هجوم عربي

-       تكوين قوات عسكرية قوية (الطيران والمدرعات) قادرة على الردع. وهذا المخطط كان الفخ الاستراتيجي الذي وقع فيه الإسرائيليون.

مخطط الهجوم السوري

ضبط هذا المخطط وفق أرضية المعركة، ووفق المنشآت الدفاعية الإسرائيلية وتوزع قواتها، حسب الخنادق المضادة للمدرعات ويتكون من :

1-تكبيد سلاح الطيران، المضاد للطيران الإسرائيلي خسائر كبرى مع شل حركة قيادتهما بغارة جوية مفاجئة معززة بالقوات المحمولة جوا وبالقصف المدفعي والصاروخي.

2-في بداية هجوم المشاة، تخترق التحصينات والموانع في عدة قطاعات في وقت واحد وبعدها تنظم الإغارة بالمدرعات في عمق قوات العدو قصد تشتيتها والقضاء عليها، وبعدها يتم احتلال خط الدفاع المشرف على الضفة الشرقية لنهر الأردن.

3-توجيه الضربات لتحييد قوات الدفاع الإسرائيلي من معركة في الجبهة وبعدها القوات الاحتياطية ورادات المراقبة.

        لقد تدخلت مجموعة من العناصر لتضاف إلى هذا المخطط، وخاصة بصعوبة أرض المعركة (مما يحتم استعمال المشاة الميكانيكية في المرحلة الأولى من الهجوم. ووجود جبهة متماسكة تمتد من الشمال (جبال الشيخ) حتى الجنوب (واد اليرموك) والتي لا يوجد بها أي جانب مكشوف يسمح بمحاصرته (وهذا ما يلزم القيام بمعركة تصادمية). هذا بالإضافة إلى عدم مشاركة كل من لبنان والأردن واستحالة استعمال أراضيهما كميدان للعمليات الحربية. وبجانب كل هذا يمكن تسجيل عنصر إيجابي يتمثل في وجود جبهتين للقتال في نفس الوقت مما يدفع  إسرائيل إلى تشتيت جهودها وتوزيعها عليهما خلال مدة الحرب.

العمليات العسكرية  في الجبهة السورية

مرت هذه الجبهة بثلاثة مرحل وهي :

مرحلة الهجوم العربي – مرحلة الهجوم المضاد العادي – مرحلة التوازن والجمود.

بدأت المرحلة الأولى بهجوم القوات العربية يوم 6 أكتوبر من مواقعها بشرق الجولان وغرب حنين واقتربت من مواقع العدو على خط وقف النار وارتكزت في ذلك على :

1-المحور الأساسي : حيث تغلغلت فيه القوات لمحاصرة القنيطرة من الشمال، وانصرفت أخرى لمحاصرتها من الجنوب بهدف تشديد الحصار على القوات الإسرائيلية المجودة في  القنيطرة  وبالتالي القضاء عليها، وبعدها تتحرك القوات نحو الغرب على المحورين الأخيرين:

2-محور الشمال هو ثانوي ويؤدي إلى الجبهة.

3-محور الجنوب : وهو الآخر ثانوي ويؤدي إلى الجبهة من نقطتين إحداهما تتوجه نحو الشمال والأخرى نحو الجنوب الغربي لتقطع شبكة الاتصال مع العدو الرابض في الجوخدان.

عرف هذا الهجوم انتصارا بالغا خلال الأيام الأربعة الأولى، وذلك لاختراقه دفاع العدو وحرر جزءا كبيرا من الجولان لكن في اليوم الخامس انتهت إسرائيل من تجميع احتياطات من المدرعات ورمت بكل ثقلها في الجبهة السورية ودعمته بالقوات الجوية وعند هذا الحد نصل إلى المرحلة الثانية والتي انحصر فيها المخطط الإسرائيلي على:

1-محاولة الحفاظ على تفوق الطيران وهذا مهما كانت الخسائر وذلك بقصف المطارات وتدمير قواعد الصواريخ أرض – جو.

2-القيام بالعمليات الجوية والبحرية ضد الأهداف الاستراتيجية والمنشآت الحيوية على معنويات المقاتلين.

3-مواصلة العمليات البحرية على الساحل السوري وذلك بهدف دفع سوريا إلى سحب جزء من قواتها ووضعها في مواجهة الساحل للتصدي إلى أي إنزال بحري إسرائيلي.

4-تنظيم هجوم استراتيجي على طول الجبهة وهذا قبل وصول قوات المشاة والطيران العراقي. وقد استطاع هذا المخطط أن يحقق يوم 11 أكتوبر بعض  النجاح حيث ركز العدو وعلى محورين أحدهما في الشمال والآخر في الوسط ليسمح بشق الطرق المؤدية إلى دمشق.

Voir les commentaires

كتاب اسرار الصـراع العربـي الإسرائيلـي/خطة الصهيونية لإبادة اليهود /العقلية اليهودية بعد قيام دولة إسرائيل

 

 

 كتاب

اسرار الصـراع العربـي الإسرائيلـي
العقلية اليهودية بعد قيام دولة إسرائيل

  خطة هولكوست الصهيونية لإبادة اليهود من اجل تعمير فلسطين

تعاون مشبوه بين الصهيونية والنازية بألمانيا خلال الحرب ع2

  مؤلف والصحفي المحقق صالح مختاري

ديسمبر 2002

 

 

قد أدرك منظرو وزعماء الحركة الصهيونية، أن مشروعهم الاستيطاني لتهويد فلسطين لن يكلل بالنجاح، ما دام اليهود يرفضون ترك أوطانهم الأصلية التي ولدوا وعاشوا فيها، والتوجه إلى الوطن آخر لا تربطهم به أدنى صلة، وكانوا ينظرون إلى موجات العداء للسامية باعتبارها " ظاهرة مفيدة للحفاظ على الشخصية اليهودية".

ولذا لم يتورع مؤسسو الحركة الصهيونية، عن مشاركة أعداء السامية في تدبير وتنفيذ المجازر وحملات الإبادة ضد اليهود، لحملهم على التماس النجاة بوسائل نقل أعدتها الوكالة اليهودية، بهدف دفعهم للهجرة إلى ما يسمى "أرض الميعاد" ولم يعد خافيا ما كان يبذل من أموال طائلة لتغذية موجات الاضطهاد المفتعلة ودفع عجلة العداء للسامية لتشريد المزيد من اليهود وتوجيههم إلى فلسطين.

ولقد تصاعد تحالف بين الصهاينة وأعداء السامية "إلى توثيق العلاقات مع الحكومات الفاشية في إيطاليا وألمانيا، ففي عام 1923 عقد لقاء بين حاييم وايزمن رئيس المنظمة الصهيونية العالمية، والدتشي الإيطالي موسوليني الذي أكد استعداده لتقديم كل المساعدات اللازمة للصهاينة للإسراع في استيطان وتهويد فلسطين، وأن حكومة بلاده تضع إمكانيتها لمساعدة الصهاينة في إنشاء أسطول بحري وتدريب بعض الطيارين واستمرت لقاءات موسوليني وقادة الصهيوني دون توقف، وفي لقائه مع ناحوم جودلمان في 13 نوفمبر 1934 =، لأكد موسوليني موقفه حيال المشروع الصهيوني، وأبدى مواقفه على فكرة تأسيس "المؤتمر اليهودي العالمي" التي طلب جولدمان مشورته فيها.

وعندما وصل هتلر عدو السامية الأول إلى قمة السلطة في ألمانيا بدا أن ذلك سيثير المخاوف في نفوس الصهاينة، لكن ما حدث كان على عكس ذلك، فقد كان الصهاينة يرون في وصول النازية إلى قمة السلطة في واحدة من أكبر الدول الرأسمالية في أوروبا فرصتهم الذهبية لإحكام سيطرتهم على يهود أوروبا، والتعجيل في دفعهم للهجرة إلى فلسطين.

فقد تبين أن زعماء الصهيونية كانت لهم علاقات وثيقة مع هتلر، ومن قبل وصوله إلى الحكم، وان النازيين كانوا يتلقون مساعدات مالية ضخمة من البنوك والاحتكارات الصهيونية، وساعدتهم بشكل فعّال في الوصول إلى السلطة،  فعلى سبيل المثال، ثبت أن النازيين قد تسلموا عام 1929 مبلغ 10 ملايين دولار من بنك "مندلوسون أندكومباني" الصهيوني بأمستردام، كما تلقوا عام 1913 مبلغ 15 مليون دولار، وفي عام 1933 بعد وصول هتلر للسلطة، كان أول ما أرسله له الصهاينة مبلغ 126 مليون دولار، ولا شك أن هذه المساعدات المالية الكبيرة، كانت عونا للنازيين من المنظمات الصهيونية العالمية لبناء قوتهم العسكرية والاقتصادية، اللازمة لاجتياح أوروبا، وإبادة الملايين من البشر، ومن بينهم اليهود، وهو ما اعترف به "ناحوم جولدمان" في كتابه "السيرة الذاتية".

تعاون مشبوه بين الصهيونية والنازية بألماني
خلال الحرب العالمية الثانية

لم يكن "روجيه جارودي" الفيلسوف والمفكر الفرنسي الشهير، أول من كشف أوراق الدجل الصهيونية ! ولن يكون المؤرخ البريطاني "دافيد إيفرينخ" الذي قدم للقضاء لمحاكمة بآخرهم !!وقصة دافيد إيفرينخ بدأت في حقيقة الأمر منذ عام 1992، عندما تعرض للتنكيل والمطاردة لموقفه الذي يشكك في الحكايات المختلفة عن إبادة اليهود !حتى أنه طرد في ذلك العام  من كندا وبقرار من المحكمة الاتحادية بحجة أنه دخل البلاد"بطريق غير مشروع" !!ولأنه "أدلى بأقوال مهنية لذكرى الموتى" !!وفي العام التالي منع  من دخول أستراليا للسبب ذاته، ثم أصدرت محكمة ألمانية عام 1994 حكما بتغريمه 10 آلاف مارك لأنه "شكك في حدوث جرائم ضد الإنسانية " !!وقد قدم إيفريخ للمحاكمة في لندن، وفقا لقانون استطاعت إسرائيل والقوى الصهيونية العالمية إصداره في كثير من الدول الأوربية بمحاكمة ومعاقبة كل من يشك في "أسطورة الهولوكست" !!والكاتب النمساوي "جير هونسيك" حكم عليه بالسجن 18 شهرا لكتابته عدة مقالات في مجلة "Hult" نفى فيها وجود غرف الغاز السام في معسكرات الاعتقال النازية. !وكانت عدة دعاوى قضائية قد رفعتها الجمعيات والمنظمات اليهودية ضد "جارودي" عقب نشر كتابه: "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية" في ديسمبر 1995، والذي فنّد فيه أسطورة "أفران الغاز" مؤكد أن "هذه الفكرة غير ممكنة التنفيذ من الناحية الفنية، وأن أحدا لم يوضح حتى الآن كيف كانت تعمل هذه الأفران المزعومة، وما الدليل على ثبوت وجودها، وعلى من لديه دليل على وجودها أن يتقدم" !وقد تعرض أيضا عدد من الباحثين والمؤرخين في أوربا وأمريكا للاغتيال، والاغتيال، المعنوي والمطاردة والسجن، لمجرد أنهم أبدوا رأيا في مزاعم إبادة اليهود على يد النازية، والبعض الآخر التزم "الصمت المذهل" !بالرغم من أن هذا الموضوع ينتمي إلى "التاريخ" الذي يفترض أن باب الاجتهاد فيه يجب أن تحاط بقدر من القدسية ! وسوف أتناول قضية المؤرخ والباحث الفرنسي "هنري روك" في نهاية المقال بشيء من التفصيل.

والصهيونية العالمية، تلح بشكل دائم على إبقاء الوعي العام لليهود في "حالة من التذكر الدائم" كنقطة استيعاب للمشاعر القومية بترسيخ العادات الدينية اليهودية القائمة على الارتباط بأيام الحزن والمآسي في تاريخ اليهود !ويخصص لضحايا الكارثة النازية من اليهود "يوم حداد" خاص في 27 أبريل من كل عام، فتطلق صفارات الإنذار في جميع أنحاء إسرائيل، في صباح هذا اليوم لمدة دقيقتين، فتتوقف حركة الحياة تماما، ويجتمع الآلاف في مقابر "يدفاشيم" لتخليد ذكرى ضحاياهم حول النصب التذكارية !ووضع بين مناهج الدراسة بالمدارس الإسرائيلية، منهج يهتم بدراسة إحدى الطوائف اليهودية التي أبيدت كما يزعمون خلال هذه الكارثة، بتقديم أبحاث عن حياة وتاريخ تلك الطائفة !

الفضيحة الصهيونية على أمواج راديو 3 CR

كان راديو 3CR الذي يبث برامجه من ملبورن بأستراليا، وهو اتحاد لمؤسسات عدة ذات اتجاهات سياسية مختلفة، لكنها تتفق في الأساس على دعم حقوق الطبقات الفقيرة ومعارضة التعصب والعنصرية، وقد بث الراديو في فترة السبعينيات، برامج عدة عن التعاون الصهيوني النازي، مما دفع المجلس اليهودي في ملبورن إلى إقامة دعوى قضائية ضد هذه الإذاعة: قضية "رودلف كيستنر" رئيس المجلس اليهودي بالمجر (هنغاريا) إبان الحرب العالمية الثانية، نال درجة الدكتوراه في القانون، وكان صهيونيا شديد التعصب، والذي كشف دوره في هذه القضية هو د.رودلف فربا بمجلس الأبحاث الطبية البريطانية، وكان أحد الفائزين القلائل من معتقل "أوشويتز"، وجاء في مذكراته التي نشرت عام 1961، بجريدة "لندن دايلي هيرالد":"أنا يهودي وبالرغم من ذلك، فإنني أتهم بعض القادة اليهود، بأبشع أعمال الحرب، هذه الفئة من الخونة علمت بما يحدث لإخوانهم، لكنهم فضلوا شراء أرواحهم بالصمت عما يجري ومن بين هؤلاء د.كيستر رئيس المجلس و"الصلة الوثيقة بين د.كيستنر وأدولف إخمان، أكدتها اعترافات إيخمان نفسه، عقب اختطافه الشهير وتقديمه للمحاكمة فقال عنه: "لقد وثق أحدنا بالآخر تماما، عندما كنا نتحدث، كان يدخن سجائره المعطرة بشراهة، يتناولها من علبة  سجائره الفضية ، ويشعلها بولاعة ذهبية، كان متحفظا في تصرفاته، فكان يبدو كضابط جستابو مثالي ! لقد كان همه الأكبر هو: تمكين مجموعة مختارة من يهود المجر، من الهجرة إلى إسرائيل" !

غير أن أهم ما يجب لفت الأنظار إليه "عملية الانتقال التي كانت هدفا رئيسيا للمنظمة الصهيونية من أجل بناء الدولة اليهودية، وليس إنقاذ اللاجئين اليهود !  والفلسفة الصهيونية، حددها بن جوريون : انتقاء القليل من جموع اليهود في ترتيب عملية الهجرة إلى فلسطين، من الشباب الذين يستطيعون فهم ما يعنيه الوطن القومي اليهودي طاقاتهم وإمكاناتهم لخلق ظروف اقتصادية ملائمة، ستسمح بمتابعة الهجرة" !

ونمضي لنتابع معا، كيف يثبت قادة الصهاينة، قدراتهم على التحكم باللعبة السياسية، خاصة عندما تكون بمستوى هذه القذارة !!

هل قامت حقا الحركة الصهيونية لحماية يهود العالم من خطر "العداء للسامية"؟ إن الوقائع التاريخية تدحض هذا الزعم، وتثبت أن تعاونا وثيقا نشأ بين الزعماء الصهاينة وأعداء السامية منذ اللحظة الأولى لتأسيس حركتهم.

الدعاية الصهيونية قبل تنفيذ خطة الهولكوست لإبادة اليهود

قبل البدء في تنفيذ المخطط الصهيوني النازي ضد اليهود، قام الصهاينة بالتنسيق مع الجستابو بشن حملات دعائية واسعة تتهم السلطات النازية بتعقيب الصهاينة واعتقالهم، وبناء على تعليمات من جيرنيك أحد كبار مسؤولي الجستابو تم إرسال مندوبين إلى لندن وبراغ، بهدف تصعيد الحماية الدعائية حول "مطاردة واعتقال" الصهاينة في ألمانيا.

وكانت المنظمات الصهيونية تلقى كل دعم ومساندة من السلطات النازية، وفي الوقت الذي كانت تحرق فيه مؤلفات سبينوزا وأينشتاين في ألمانيا، كانت السلطات النازية تسمح بإعادة طبع كتاب هرتزل "الدولة الصهيونية" وحين كان الآلاف من فقراء اليهود يساقون إلى معسكرات الاعتقال وحجرات الغاز، كان المليونير الصهيوني -مندلسون- ينال لقب "مواطن آري" بمرتبة الشرف، كتقدير من زعماء النازية !

وعلى أثر ازدياد عدد المهاجرين اليهود في الثلاثينات من أوربا إلى أمريكا وأستراليا، تمكن زعماء الصهيونية من استصدار قرار من وزير داخلية الولايات المتحدة يقضي بمنع دخول المهاجرين اليهود إلى معظم الولايات الأمريكية، مثلما تمكنوا من الحصول على قرار مشابه من الحكومة البريطانية، يحول دون اليهود إلى أستراليا وغيرها من المستعمرات البريطانية، فيما عدا فلسطين بالطبع وتتصاعد الحملات الدعائية زاعمة أن محروقة هتلر قد أهلكت 6 ملايين يهودي أو ثلث تعداد اليهود في العالم.

ولكن ثمة تساؤل: لماذا إذن التزمت الإدارة الأمريكية الصمت إزاء أحداث الإبادة الجماعية لليهود؟ بل انقسام يهود أمريكا على أنفسهم وعدم اتخاذهم موقفا موحدا ومحددا إزاء إعدام الملايين من اليهود كما يزعمون غير أن بعض اللجان قد تشكلت بغرض انقاد اليهود وجمع الأموال اللازمة لذلك، منها "لجنة الطوارئ" التي  نشرت إعلانات بالصحف تدين عمليات الإبادة ونظمت التظاهرات.

ولكن مثل هذه اللجان، كانت تواجه بهجوم مكثف من المنظمات الصهيونية، والتي كانت لها وجهة نظر تتلخص في أنه، يجب ترك هتلر يقتل ويبيد بعضا من اليهود، حتى يدرك العالم كله أن الحل الوحيد لإنقاذ اليهود هو إقامة وطن قومي وطني لهم في فلسطين ! 

بالإضافة إلى أن الحركة الصهيونية قد أعلنت، أن إنقاذ ليهود ليس مهمتها وإنما هدفها الأكبر هو فلسطين، وأنها حين سعت بالفعل إلى إنقاذ الشباب وصغار السن من اليهود ليكونوا نواة للدولة الصهيونية في فلسطين فلم يكن ذلك رغبة في إنقاذ أرواح بشرية بقدر ما كان إنقاذ أداة تحقق مخططات الحلم  الصهيوني  الرهيب !.

وهذا ما أكده "يوري أفنيري" النائب السابق في الكنيست والمعلق السياسي الإسرائيلي حيث قال : إن اهتمام الحركة الصهيونية وقت وقوع المحرقة لم يكن موجها إلى اليهود على الإطلاق بل كان موجها إلى إقامة دولة يهودية في  فلسطين !.

وقد أوضحت الأبحاث التي قام بها الكاتب اليهودي "مورجنشتيرن" ونشرتها بعض الصحف الصهيونية لم يكن أبدا إنقاذ اليهود من معسكرات الموت النازية، وقد كشف مورجنشتيرن النقاب عن أن "جرنيبور" رئيس لجنة الإنقاذ وعضو رئاسة الوكالة اليهودية قد صرح أكثر من مرة بأن أموال الصندوق الوطني اليهودي "يجب أن تستغل لتنفيذ المشروع الصهيوني في فلسطين، وليس هناك أي ضرورة لإنفاق هذه الأموال لإنقاذ اليهود من النازيين... !"

وخلال الندوة التي نظمتها صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عام 1966، صرح عضو الكنيست "خ.لانداو" بأن رئاسة الوكالة والأوساط اليهودية في الولايات المتحدة، كانوا يعملون بعملية الإبادة عام 1942، لكنهم لم يلتزموا الصمت فحسب، بل أخفوا ما عرفوا وأجبروا كل من عرف بذلك على الصمت !

كما اعترف أدولف إيخمان لدى محاكمته بالاتفاق الذي عقده الصهاينة مع الجستابو، والذي نص على تعهد النازيين بضمان سلامة بضع مئات من أثرياء اليهود والزعماء الصهاينة مقابل أن يتعهد الصهاينة بالمحافظة الهدوء والنظام في معسكرات الاعتقال، وأضاف أيضا أنه لولا تعاون الصهاينة وأعضاء المجالس اليهودية مع السلطات النازية لكانت ألمانيا في حاجة إلى جهاز استخبارات اكبر بمائة مرة على الأقل من الجستابو، وحتى في مثل هذه الحالة، فمن المشكوك فيه، قدرة هذا الجهاز وحده على تنظيم حملات الإبادة الجماعية ضد اليهود، كما حدث في أوربا ! 

وفي كتابه "الخيانة" يقول الكاتب اليهودي بن هيكت إن مئات الآلاف من اليهود كان يتم تجميعهم في "الجيتوات" حيث يجري إرسالهم بعد ذلك إلى معسكر "اوسفينتسيم" وغيره من معسكرات الموت من أجل إبادتهم، دون أن يعرفوا المصير الذي كان ينتظرهم.

وتجدر الإشارة إلى أنه في بعض الحالات التي كان يفشل  فيها الصهاينة في إدخال  المهاجرين المختارين إلى فلسطين، كانوا يحكمون على هؤلاء المهاجرين بالموت دون تردد، ثم يقومون بشن حملات دعائية ضخمة للتجار بدماء   ضحاياهم !

وهكذا ما حدث بالنسبة للباخرة "باتريا" عام 1942: حين وصلت إلى ميناء حيفاء، على متنها من المهاجرين اليهود، لكن السلطات البريطانية رفضت السماح لهم بالنزول في حيفا، وعرضت عليهم التوجه إلى مدغشقر، وبعد أن فشل الصهاينة في إقناع الإنجليز، قاموا بنسف الباخرة بمن فيها وعقب ذلك قاموا بحملة دعائية شعراء، زاعمين أن ركاب الباخرة قد نفذوا عملية "انتحار جماعي" لأنهم "فضلوا الموت على مفارقة الوطن".. وهو نفس ما فعلته العصابات الصهيونية ضد ركاب الباخرة "سترومي" !.

ومن اشهر عملاء الجستابو من الصهاينة كان "د.رودلف كيستنر" المندوب الدائم للمؤتمر اليهودي العالمي ورئيس فرع هنغاريا، وقد أسندت إليه مهمة وضع قوائم بأسماء اليهود في هنغاريا وبيان الحالة الاجتماعية والمالية منهم، وكان كيستنر يقوم بجباية الأموال من الأثرياء مقابل تهريبهم  إلى الخارج، أما الفقراء فكان يرسل بهم إلى معسكرات الاعتقال والموت. وبعد انتهاء الحرب، هاجر كيستنر هذا إلى فلسطين المحتلة وغير اسمه إلى "شووك كارميل" وعن طريق المصادفة تعرف عليه أحد اليهود الذين نجوا من الموت بأعجوبة، وبعد أن انكشف أمره قام أحد رجال "الموساد" ويدعى زئيف اينشتاين باغتياله  في عام 1957، بناء على تعليمات قيادة الموساد، وبالطبع لم تقم الاستخبارات الصهيونية باغتيال كيستنر، جزاء له على الجرائم الدموية التي ارتكبها بحق اليهود، أو لتعاونه المباشر مع الجستابو، بل خوفا من أن يكشف عن هوية عدد من القادة الإسرائيليين الذين اشتركوا معه في إبادة اليهود وخدمة النازية.

ولم يكن كيستنر هو المسؤول الصهيوني الوحيد الذي تعاون مع الجستابو، فقد كن هناك أيضا "مانلر" مندوب الوكالة اليهودية في تشيكو سلوفاكيا، الذي كان عميلا لرئيس فرع الجستابو في براغ "فوش" وطبقا للاعترافات التي أدلى بها "كارل دام" أحد كبار  قادة فرقة ال S.S . النازية، فقد شكل النازيون من الصهاينة ما كان يعرف بالشرطة اليهودية، لتولي المحافظة على الهدوء والنظام في معسكر "تيريزين" بتشيكوسلوفاكيا، وأضاف  كارل دام: إنه بفضل مساعدة الصهاينة العملاء تمكنوا من إرسال أكثر من 400 ألف يهودي من تشيكوسلوفاكيا إلى الجيتوات ومعسكرات الاعتقال في الفترة ما بين 1941-1945. ويؤكد الكاتب الألماني "جوليوس مادير" أن هناك قائمة بأسماء الزعماء الصهاينة الذين تعاونوا بشكل وثيق مع النازيين تقع في 16 صفحة وأن من بين هؤلاء عددا ممن أصبحوا من كبار المسؤولين في "إسرائيل" مثل حاييم وايزمن، موشى شاريت، دافيد بن جوريون واسحق شامير وغيرهم، وأن أقرب المسؤولين النازيين إلى الصهاينة كان كورت بيخر وأدولف إيخمان  رئيس فرع W.B4في الجستابو، وهو الفرع الذي كان مسؤولا عن إبادة اليهود !

وعلى الرغم من العداء العلني الذي كانت الحركة الصهيونية لا تفتأ تظهره حيال النازية، وإلى حد فرض الابتزاز المالي والسياسي على الحكومات الألمانية المتعاقبة بعد الحرب الثانية، إلا أن الوثائق التي نشرتها مجلة "شيترن" تكشف العروض السرية التي تقدم بها الصاينة للتعاون مع ألمانيا النازية، فتشير هذه الوثائق إلى أن منظم "أرجون" الصهيونية الإرهابية، والتي كان إسحق شامير رئيس الحكومة الاسرائيلية الأسبق أبرز زعمائها قد أجريت اتصالات سرية مع النظام النازي، عن طريق الملحق البحري الألماني بسفارة ألمانيا في تركيا، ويتخلص هذا العرض الذي تقدمت به منظمة أرجون إلى الحكومة النازية، في أهداف المنظمة الإرهابية تتفق تماما مع أهداف حكومة الرايخ فيما يتعلق بضرورة إجلاء اليهود عن أوربا كخطوة على طريق إقامة نظام جديد هناك، أن هذا الإجلاء  لن يتحقق إلا بتهجير يهود أوربا إلى فلسطين، وبالتالي يمكن أن يتحقق تعاون مشترك بين الصهاينة والنازيين في هذا  الصدد، وضمان استمرار التعاون بعد إقامة الدولة اليهودية، في شكل معاهدة بين الكيان الصهيوني وألمانيا، ترعى المصالح الألمانية في الشرق الأوسط، وقد أبدت المنظمة الإرهابية استعدادها للاشتراك في العمليات الحربية إلى جانب ألمانيا، شريطة أن توافق على هذا العرض !


المستوطنة الصهيونية الأولى في فلسطين

قصة أولى محاولات اليهود في استيطان فلسطين، وقعت أحداثها في القرن السادس عشر، فرغم فشل المشروع، فإن المفارقة أن موقعه كان أول مدينة يطرد منها سكانها العرب-جميعا- ويحل محلهم مهاجرون يهود بعد قيام الكيان الصهيوني عام 1948. 

صاحب محاولة إقامة أولى المستوطنات الصهيونية في فلسطين يهودي يدعى خوان ميكاس، والذي عرف فيما بعد باسم يوسف ناسي، وهو يعتبر من أشهر اليهود وأكثرهم ثراء في عصره. ولد يوسف ناسي في البرتغال لعائلة يهودية معروفة من المرانوس (مسيحيون ظاهرا ويهود باطنا)، تسمى عائلة مندس. وعلى الرغم من شهرته، فإن المؤرخين لا يتفقون على تاريخ ولادته، ولكن يعتقد أنها كانت بين الأعوام 1515 و1520م. توفي والده عندما كان صغيرا، فرعته عمته (بياتريس دي لونا)، وقامت على تربيته ووجهته إلى التجارة ليساعد زوجها الذي كان من كبار تجار المال والأحجار الكريمة، ومنذ الصغر، لقّن يوسف بعض الطقوس والشعائر اليهودية، وعندما بلغ الثالثة عشر من عمره (سن البلوغ للذكر عند اليهود) أخبرته العائلة عن أصله اليهودي، وأن عليه أن يطبق الفرائض اليهودية سراّ كما تطبقها العائلة. بعد وفاة زوج عمته، قررت هذه المغادرة البرتغال لعدم شعورها بالأمن، فصبحت عائلتها ويوسف معها وتوجهت إلى بلجيكا حيث كان أخو زوجها يدير مصرفا تملكه العائلة في مدينة أنتورب.

   نشط يوسف في أعماله التجارية التي شملت بلجيكا وفرنسا وهولندا، وأصبحت لعائلته شراكة تجارية مع العائلة المالكة البلجيكية،ولكي تدفع الشبهة عنها كانت العائلة تداوم على الصلاة في الكنيسة والتبرع لها، ومع ذلك، فقد وشي بيوسف قبض عليه واتهم بكونه يهوديا باطنا، وقد ظل معتقلا لبضعة أسابيع إلى أن دخلت العائلة المالكة لإطلاق سراحه.

بعد هذه الحادثة بفترة من الزمن، قررت عمته أن تغادر بلجيكا إلى دار السلطنة العثمانية، حيث كانت تنوي أن تعلن عن يهوديتها هناك، إذ كان لليهود حرية إظهار دينهم وممارسة شعائره. وكانت السلطنة العثمانية قد استقبلت عشرات الآلاف من اليهود الذين طردوا من شبه جزيرة إيبريا.

 ولكن عمته لم تعلن عن نيتها وخططت لسفرها سراّ، وللتمويه عن ذلك، سافرت أولا إلى البندقية وكان ذلك في العام 1545 ولم يصحبها يوسف وبقي في بلجيكا للإشراف على تجارة العائلة، ولكنها عندما أرادت أن تغادر البندقية منعتها الحكومة وابنتها من السفر وحجزت على ممتلكاتها. وقيل إن أختها كانت قد وشت بها لنزاع مالي بينهما، وبقيت ممنوعة من السفر لسنتين إلى أن تدخل السلطان سليمان القانوني لإطلاق سراحها. وكان ذلك بتأثير طبيبه اليهودي هامون (ت 1004م) الذي كان على معرفة وعلاقة بعائلة مندس. وغادرت البندقية إلى القسطنطينية. وبعد فترة من وصولها، شهرت يهوديتها وأبدلت اسمها إلى غراسيا حيث عرفت بهذا الاسم فيما بعد. بعد بضع سنوات، التحق يوسف بالعائلة، وعند وصوله إلى حاضرة الإمبراطورية العثمانية، أشهر يهوديته هو الآخر واختتن كذلك، وتزوج من ابنة عمته. وعن طريق اليهود المتنفذين ومنهم طبيب السلطان أصبح يوسفناسي من حاشية السلطان وتوثقت علاقته كذلك بالصدر الأعظم رستم باشا زوج مهري ماه بنت السلطان من زوجته المفضلة روكسلانة خرم التي كانت ذات تأثير كبير عليه. وأصبح كذلك على علاقة وثيقة بسليم الثاني الذي أصبح سلطانا فيما بعد وصار من المقربين له، والمتنفذين عنده إلى حد أنه أعطي احتكار استيراد بعض السلع.

وكان السلطان يستفيد من يوسف ناسي  كثيرا في علاقات الدول الخارجية بسبب انتشار وكلائه من اليهود في الدول الأوربية خاصة والذين كانوا مسيحيين في الظاهر، حتى أنه اعتبر مستشارا سياسيا غير رسمي.

كان يوسف يهتم بأوضاع اليهود في أربا وبمساعدتهم. وكانت تصله أخبار عن اضطهاد اليهود من قبل بعض الدول الأوربية، وأكثر ما أثار حفيظته ما قام به البابا بولس الرابع عام 1555م من إصدار قرارات ضد اليهود، كان منها أمخر اليهود بالسكن في أحياء خاصة بهم (غيتو) ومنعهم من تطبيب المسيحيين أو استخدام عمال وخدم مسيحيين. كذلك فرضه عليهم لبس قبعات صفراء تميزهم عن غيرهم. وقد عين مندوبون لتطبيق هذه القرارات. كما جاءت الأنباء بحرق خمسة وعشرين يهوديا بتهمة الارتداء. وكانت الحالة تزداد سوءا حيث طرد اليهود من بعض المقاطعات التي كانت تحت نفوذ الكنيسة. عزم يوسف على القيام بعمل لمساعدة أبناء جلدته في هذه المناطق، ولكنه أيضا قرر أن يتأثر لهم. فأرسل هو وعمته رسائل إلى التجار اليهود في العالم بمقاطعة موانئ فينيسيا التي طبقت القرارات فيها، وطلبا منهم، كذلك أن يفرضوا حصارا على ميناء أنكونا في إيطاليا. ويعتبر هذا أول حصار اقتصادي قام به اليهود.

في الوقت نفسه، التمس يوسف من السلطان سليمان أن يتوسط لدى البابا من أجل اليهود، وقد استجاب السلطان إلى ذلك وأرسل رسالة للبابا بيد مبعوث خاص له، ويقول اليهود إن تدخل السلطان هذا كان من الحالات النادرة التي قام بها حاكم لمصلحتهم طوال تاريخهم.

لم يكتف يوسف بهذا، ورأى أن حل مشكلة اليهود في أوربا هو إيجاد مكان خاص بهم، ورأى أن المكان المناسب لذلك هو فلسطين. واستقر رأيه أن يعرض الفكرة على سليم الثاني الذي وفقه على رأيه واعدا بأن يكلم السلطان سليمان في الأمر. ويبدو أن يوسف ناسي قد اقترح مدينة طبرية لتكون نواة لمشروعه، ووافق السلطان على ذلك، وأصدر فرمانا بهذا الخصوص عام 1561م نص على تخصيص طبرية وسبع قرى حولها للمشروع، على أن يدفع يوسف نظيرا ذلك مبلغا معينا من المال. قد وقع الفرمان بالإضافة إلى السلطان ابناه مراد وسليم وربما كان سبب ذلك هو إلا يبطل الفرمان بموت السلطان.

كانت طبرية خرائب كما ذكر من زارها في هذه الفترة وما قبلها، فقد زارها أحد اليهود عام 1522 وقال عنها "كانت طبرية في الماضي مدينة عظيمة ولكنها الآن خرائب وأكوام من الحجر الأسود كأنه حرق بالنار، ولا يمكن أن يذهب أحد إلى هناك إلا مع قافلة وتحت حماية حاكم صفد حيث تدفع له الأجور من اجل هذه الحماية. ويوجد في طبيرة نخيل كثير كما توجد قرى عربية، وكان طبيرة أيضا محملة قبل هذا التاريخ، فقد قال عنها الرحالة ابن بطوطة (ت1377م) ثم سافرت منها صيدا إلى مدينة طبرية، وكانت فيما مضى مدينة كبيرة ضخمة، ولم يبقى منها إلا رسوم نتبع عن ضخامتها وعظم شانها .وفيها حمامات عجيبة التي لها بيتان أحدهما للرجال والآخر للنساء. وماؤها شديد الحرارة وفيها البحيرة الشهيرة (التي) طولها ستة فراسخ وعرضها زيد من ثلاث فراسخ وفيها مسجد يعرف بمسجد الأنبياء".  

طبرية ..لماذا ؟

يبدو أن اختيار طبرية كان مقصودا من قبل يوسف ناسي، فهو يعرف أهميتها عند اليهود المتدينين حيث يعتبرها هؤلاء من المدن الأربعة المقدسة عندهم في فلسطين. إذ كانت في فترة من الفترات مركزا دينيا لهم، حيث كتب فيها جزء من تلمود فلسطيني، كذلك شكل فيها نص  الثورات ووضعت عليها الحركات. وكان هذا تأثيرا بما قام به المسلمون إذ لم تكن الثورات مشكولة قبل هذه الفترة. كما توجد فيها قبور لبعض الحختمين المقدسين لذا هؤلاء مثل قبر الحاخام والفيلسوف المعروف موسى بن ميمون، حيث ما زالوا يزورونها إلى اليوم. وربما كان من الأسباب التي دعت يوسف إلى اختيارها وجود البحيرة وصلاحية الأرض للزراعة.

ولم يذهب يوسف بنفسه إلى فلسطين بل أناب عنه شخصا يهوديا كان يثق به ويعتمد عليه. وقد قابل هذا اليهودي السلطان وتسلم منه الفرملن ورسائل إلى حاكم صفدو ولي دمشق يطلب منهما مساعدته في توفير العمال الذي يحتاج إليهم في البناء خاصة من كان قرب طبرية، كما خصص له بعض المال وأرسل معه بعض خدمه كما أرسل يوسف معه بعض مستخدميه، وصحبه أيذا بعض اليهود الذي أرادوا السكن في الطبرية، وكانت مواد البناء كالرمل والجص متوفرة في المنطقة، ذلك توافر الحجر بكثرة من بقليا الأبنية القديمة. وشرع في إعادة بناء المدينة في حدود عام 1564 حيث بنى صور لها بطول 1500 ، وبنى له بابان، كما أعيد بناء البيوت وأقيم معبد كذلك، وأخذ اليهود يتوافدون على المدينة بعد ان شجعهم يوسف على ذلك، ووجه نداء لهم خاصة المرانوس منهم للهجرة إلى طبرية والسكن فيها وقد أنشأ وكالة سرية هو وعمته لتهريب اليهود إلى فلسطين وتركيا، كما استخدم سفنه من اجل هذا الغرض، وأخبرهم بأن نقلهم سيكزن على حسابه الخاص. وقد هوجم بعض هؤلاء في عرض البحر، وقد ذكر مؤرخ من هذه الفترة (أن كثيرا من اليخود قد ذهبوا في تلك السنة إلى الشرق، وفي أثناء رحلتهم هاجمنهم فرسان ماطا وغرق بعضهم في البحر، وأخذ بعض الآخر منهم أسرى)، وكان يوسف يدفع الفتية هؤلاء ويفك أسرهم.

كان من اليهود المهاجرين إلى الطبرية مجموعة من العمال المهرى من البتغال واليونان وايطاليا. وقد شجع يوسف هؤلاء خاصة على الهجرة أنه خطط لإقامة صناعة للأنسجة الصوفية والحريرية.

وصناعة هاتين المادتين تمر بمراحل عدة، حيث يمكن تشغيل عدد كبير من الناس فيها وربما كان هدفه من ذلك أيضا منافسة فينيسيا التي عرفت وقتها بصناعة المنمسوجات الحريرية، وأيضا للتأثر منها مما فعلته بعمته.

قام يوسف بجلب المواد الأولية لهاتين الصناعتين، حيث استورد كمية من الصوف  من اسبانيا، وجلب كمية من أشجار التوت لزراعتها وتلربية دودة القز لانتاج الحرير منها.

وظهر جليا من كل هذا أن هدف يوسف ناسي لم يكن من أجل غرض مادي شخصي، فهو كان رجلا ثريا حتى قيل من أنه كان من الأثرياء العالم في وقته، وأنه كان يقدم قروضا إلى بعض الدول مثل فرنسا وبولندا ولكن طريق تخطيطه تشير إلى أن دوافعه كانت سياسية، كان سقير فرنسا لدى الباب العالي فد أكد هذه الدوافع في رسالة إلى حكومته مؤرخة في سبتمبر عام 1563 موقد جاء في الرسالة ما نصه (إن يوسف ناسي قد حصل على فرمان من الباب العالي ووقعه كل من سليم  ومراد ابني السلطان لبناء مدينة على البحيرة الطبرية ليسكنها اليهود فقط. وهو بهذا يريد أن يحقق هدفه، فيبدأ من هنا ليجعل نفسه مالكا على اليهود، لذلك يطالب فرنسا بأمواله.

قد أثار المشروع مخاوف سلطان فلسطين من غير اليهود، فقد قدم المسيحيون والفلسطينيون شكوى إلى الباب العالي قالوا فيها (إن الغرض من هذا المشروع هو جعل الطبرية مملوءة بالأفاعي الخبيثة التي هي أكثر خبثا من تلك التي تسكن الخرائب). وأن هؤلاء اليهود يريدون أن يحولوا الكنيسة إلى كنيس) وقد حمل هذه الشكوى ممثل عنه إلى باب العالي، ولكنه لم يتمكن من مقابلة السلطان بل قابل الصدر الأعظم، لكن ذلك لم يؤثر على سير المشروع، كما أبدى سكان المنطقة معارضة شديدة للمشروع، حيث حدرهم شيوخهم من مغبة بناء مدينة يهودية في أوساطهم. وقالوا لهم أن بناء مثل هذه المدينة سيأثر على حياتهم وعلى عقيدتهم. قد تمثلت هذه المعارضة بقيام العمال منهم بالعصيان والإضراب، مخالفين بذلك أوامر الباب العالي وقد توقف العمل لفترة، ولكن ممثل يوسف ناسي ذهب إلى والي الشام وأخبره بإضراب العمال وتوقفهم عن العمل ومخالفتهم لأوامر الباب العالي. وقد وجه الوالي مجموعة من الجند على وجه السرعة إلى المنطقة وقبضوا على اثنين من شيوخ المنطقة واعتبروها محرضين على الإضراب وعاقبوهما بشدة، وذكرت بعض المصادر انهما أعدما، وعلى إثر ذلك اضطر العمال إلى الرجوع إلى العمل، ولكن سكان المنطقة استمروا بمهاجمة موقع البناء بين الحين والآخر، وبسبب ذلك تأخر البناء لبعض الوقت لكنه أكمل فيما بعد. وكان من المباني التي شيدت بيت لعمة يوسف ناسي حيث كانت تنوي السكن في طبرية،ويبدوا أن بناء المدينة قد أكمل في السبعينيات من القرن السادس عشر. فقد وصفها الزائر في هذه الفترة وقال عنها: "إن المدينة الطبرية ترى من بعيد وهي قريبة من الحيرة وتبدو وكأن قسما منها في وسط البحيرة وهي محاطة بصور قوي وتكثر فيها الأشجار".

واستمر اليهود بالهجرة إلى المدينة، وكان من ضمنهم بعض الحخامين وطلاب الدراسات الدينية الذين كانت ترعاهم وتنفق عليهم غراسيا عمة يوسف ولا يعرف على وجه التحديد الذي هاجروا إلى طبرية، إذ أن ليس عناك سجلات بهذا الخصوص، ولا يعرف كذلك حجم النجاح الذي حققه المشروع، ولم يذهب يوسف ناسي نفسه إلى طبرية طوال تنفيذ المشروع أو حتى بعد اكتماله، وقد ذكر من أسباب ذلك خوفه ممن تآمر أعدائه الكثير عليه كان منهم محمد صوقلليي الذي أصبح صدرا أعظم وقد ظلت علاقات هذا المشروع بالمشروع عن طريق وكلائه إلى أن توفى عام 1575م.

بعد وفاته، تبنى المشروع  يهودي من اصل برتغالي اسمه سلومون أبينياس، وكان هذا دبلوماسيا ومقربا من الباب العالي أيضا، وقد تحمس المشروع كثيرا وأرسل ابنه نيابة عنه، وأول ما قام به هذا هو عقد صلح مع سكان المنطقة الذين لم يكونوا قد قبلوا بوجود المهاجرين اليهود، كما أنه بنى لنفسه بيتا كبيرا يشبه القلعة، ولكن هذا الصلح لم يدم طويلا، وعاد  السكان يهاجمون المدينة حتى أصبح وضعا غير آمن، ولم يكن اليهود يخرجون منها إلا على شكل جماعات وبسبب ذلك، أخذ بعض اليهود بالهجرة من الدينة إلى مدن فلسطين الأخرى، إضافة إلى حدوث نزاعات بين اليهود أنفسهم  حول ملكية بعض العقارات.

وبعد وفاة سلومون أبينياس عام 1603 م وتحول ابنه لدراسة الدينية تدهور حال المدينة، وعندما زارها إيغوني روجر عام  1630 م لم يجد فيها إلا عوائل يهودية قليلة لا تزيد على عدد أصابع اليدين. واستمر تدهور المدينة حتى وصل وضعها ظغلى ما يشبه ما كانت عليه قبل أعمارها، ولفظ مشروع يوسف ناسي أنفاسه.

وفي عام 1740، من مدينة أزمير إلى طبرية حاخام مشهور اسمه حاييم بن موسى أبو العافية وهو من عائلة سفاردية معروفة بين اليخود مصطحبا معه أبناءه وبعض لأقربائه. وكان هذا الحاخام يريد إعمار طبرية بدافع ديني وليس  بدافع صهيوني، فهو كان يعتفد بأن ظهور المسيح المخلص اليهودي قد قرب وقته، وأن إعمار الطبرية سيجعل بظهوره. وقد طلب من الشيخ ظاهر العمر، الذي كان يسيطر على أجزاء وواسعة من فلسطين في الفترة، وفيما بعد على أجزاء من الأردن ولبنان، أن يسمح له بإعادة بناء المدينة، ووافق الشيخ ظاهر على ذلك. وقد أرسل الحاخام أبو العافية أبناءه إلى سوريا وغيرها من البلدان لجمع الأموال من الجماعات اليهودية. كما أنه دعا اليهود الحسيديم الذين كانت حركتهم قد بدأت بالظهور في هذه الفترة أن يلتحقوا به وأقنعهم بأن إعمار طبيرة سيجعل بطهور المخلص اليهودي، ووصل منهم جماعة إلى كبرية.

وأخذ الحاخام وجماعته يعملون بجد وحماس إعادة بنائها. ولكن لم تمض على عمل هؤلاء إلا سنتان حتى بدأت  المعارك بين سليمان باشا العظم والي دمشق والشيخ ظاهر العمر الذي رفض الخضوع لسلطة والي الشام. وفي عام 1742-1743 م تحصن العمر في طبرية فحاصرها العظم وأخذ لليهود على البقاء، فإن مجموعة منهم هربت وكان منهم ابنه. ولم تتوقف المعارك الا بعد أن توفي العظم فجأة وفك الحصار عن المدينة.

بعد انتهاء المعارك، أصلح ظاهر العمر سور المدينة الذي كان قد تضرر أثناء القصف. وكان الحاخام قد طلب من أتباعه مساندة العمر تعبيرا عن امتنانه للسماح لهم بالسكن في المدينة، وجعل انتصار العمر مناسبة ليهود طبرية يحتفلون بها سنويا. كما أن صهره كتب كتيبا بالعبرية يتحدث فيه عن المعارك التي دارت بين العظم والعمر عن انتصار هذا الأخير. وبعد انتهاء المعارك، رجع بعض اليهود إليها ومنهم غبن الحاخام الذي أصبح رئيس الجماعة اليهودية الصغيرة في طبرية بعد وفاة أبيه. وظلت المدينة كما هي، وظل عدد اليهود قليلا حتى أن عددهم في عام 1839م، لم يزد على بضع مئات من مجموع السكان، ولم تحي فكرة المشروع الصهيوني في المدينة إلا في بداية القرن العشرين بعد ظهور الحركة الصهيونية، حيث أصبحت طبرية مركزا لاستيطان المناطق التي حولها. كما أنها أصبحت أول مدينة يطرد سكانها العرب كلهم في عام 1948م، ويحل محلهم مهاجرون يهود.

ويعتبر مشروع يوسف ناسي المشروع الصهيوني الرئيسي قبل ظهور الحركة الصهيونية الحديثة.

وقد قالت عنه دائرة المعارف اليهودية "إن مشروع يوسف ناسي هو وحده الذي كان المحاولة العملية لإنشاء مركز سياسي يهودي في فلسطين بين القرن الرابع ميلادي والقرن التاسع عشر"، وفي المنهاج الدراسية الإسرائيلية في الوقت الحاضر يدرس مشروع يوسف ناسي صمن منهج التاريخ كمحاولة لإنشاء كيان يهودي في فلسطين.


العقلية اليهودية بعد قيام دولة إسرائيل

 

في عام 1935 كتب بيبر جومار البلجيكي في كتابه "إسرائيل يعود إلى دياره: إنك لا تجد اليهود شدرا على مائة دولة، لكن قوتهم تسيطر على كل هذه الدول المتفرقة أو مجتمعة إنك لا تجدهم ظاهرين أو مختفين على كل صعيد عالمي وكل طبقة اجتماعية وكل جوانب النشاط البشري. إنهم دائم مستعبدون، لكنهم يظلون أسيادنا في الوقت نفسه".

وفي عام 1935 ألقى الدكتور حاييم و ازمان محاضرة في القدس بعنوان النهضة اليهودية قال فيها: "لقد قلنا لسلطات لندن أننا سنكون في فلسطين سواء اردتم أم لا وقد تعجلون بذهابنا إليها أو تأجرونه ولكنه خير لكم أن تساعدونا وإلا انقلبت قوتنا البنائة الهدامة تنزل الدمار والفساد في العالم كله".

وفي العشر العشرينيات كتب الفرنسي هينري ذو منفريد عن مغمارته في تهريب الحشيش في مصر. وكان له وسيط يهودي يطوف به حارة اليهود بالإسكندرية فيظل الجميع أنه مثله. وهكذا تمكن على حد قوله من راية التجار اليهود على حقيقتهم فقال:

"إن الواحد منهم مستعد لأن ينتزع المجوهرات من جثت الموتى لاستيراد دينهم منها. إنه مستعد بأن يسرق مال اليتامى اذا استطاع ذلك شرعاً. ومع ذلك إن نفس اليهودي قد يقتل نفسه كي يعلم أولاده، كما أنه قد يعمل في أحقر المهن ليعول أبويه العجوزين وحتى الأباعد من أقربائه … إن فيهم سرا عريقا مثل جنسهم، ثابت لا يتغير كالزمان.

وإذا حدث أحرقت غريزتهم التجارية الشرسة عن مجراها الموعود لوجدت هذا السر يطفوا على السطح ليفعل العجائب".

هذه الأقوال الثلاثة تجعلنا نتساءل هل اليهود من طينة مختلفة ؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل هم فوق المستوى البشري كما يقول أحباؤهم ؟ أم دون مستواهم كما يقول أعداؤهم ؟.

إن علماء النفس يتفقون أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية (هي: التوراث، والشتات والاضطهاد) قد جالبة شخصية اليهود التقليدي حتى أصبحت تتسم بست سمات نفسية رئيسية هي: القلق، الشك، الخوف، الشعور بالدونية، الحرص على التمايز، وعدم الثقة في غير يهودي. ولكن هناك عاملا مجهولا كان حاسما في تطوير الشخصية اليهودية الحديثة وأشار إليه الأديب الأمريكي اليهودي سول بيلو الحائز على جائزة نوبل في كتابه "إلى القدس ومنها" حين قال: "إن اليهود كما هو معروف جيدا يغالون فيما يطلبون من أنفسهم ومن بعضهم بعضا، ومن العالم ايضا. واحيانا اتساءل إذا كان هذا هو الذي يجعل العالم يضيق ذرعا بهم إلى هذا الحد".

المغالات إذن نزعة متاصلة في العقل اليهودي، ولكنها كامنة او لنقل أنها لا تبلغ حد الخطر إلا إذا استخدمت أغراض جماعية خصوصا لوضع حد فاصل بين يهودي وغير اليهودي (الأسمي). فإذا اكتفى اليهودي بمغالات فيما يطلبه من نفسه فقط للسعي الواحد من التفوق الفردي وحده.

أما إذا غالى فيما يطلبه من بني جلدته اة غالى ابناء جلدته فيما يطلبونه من كاتهامه بالخيانة اذا ايد اسرائيل مائة فقط وليس 300 في المائة، أو كأن يعتبر هو الفلسطنيين شبعا من المجرمين وليس من اللاجئين ويرضى لنفسه ما لا يرضى للآخرين قاعدة أزدواج المعيار القائلة بانه يجوزلليهود ما لا يجوز لغيره، فإنما يدخل بذلك في دائرة التفوق القومي العنصري وليس الفردي، وبذلك يدخل دائرة الخطرويصبح في عداد الصهيونيين الذين يتباهون بمرضهم العقلي المضل (البارانويا) إلى حد العجز عن التمييز في المعاملة بين اصدقائهم واعدائهم مثال ذلك أن الولايات المتحدة بكل جبروتها لم تقتل اسرائيليا واحد بينما قتلت اسرائيل عمدا 34 ضابط وجنديا امريكيا عندما دكت بالقنابل والرصاص والطوربيد سفينة التجنس الأمريكية الشهيرة "لبيرتي" في حرب 1967 واغرب من هذا ما حدث من تستر ومصادرة لكل ما كتب عن هذه الفضيحة إلى حد ان بعض الناجين من السفينة يصدرون حتى الأن نشرة دورية تتحدث عن تلك المهزلة، ومقابل ذلك كله لم يدفع اسرائيل التعويض عن خسائر السفينة (وهي 7 ملايين دولار فقط) الا بعد مساومة بشعة دامت 13 عاما وانتهت بنهاية عام 1980 بحجة أن الأمركيين بالغوا ف يتقدير قيمة السفينة .

وسوف نلاحظ مدى التغيير الذي احدتثه سمة المغالاة في كل نمط من الانماط الأربعة الرئيسية التي اصبحت عليها الشخصية اليهودية خارج اسرائيل وداخلها وهذه الأنماط هي:

1 – الشخصية اليهودية التقليدية خارج اسرائيل.

2 – شخصية الاسرائيلي غير المولود في فلسطين.

3 – شخصية المولودين في فلسطين (صابرا) خصوصا من اليهود الغريين (الأشكناز).

4 – شخصية الصابرا المولودين في الكيبوتسات.

  • النمط الأول: إن هذا النمط يتسم بالشك والقلق والخوف والشعور بالدونية والحرص على التمايز وعدم الثقة بغير اليهود. والسمات الأربع الأولى على الاقل موجودة في مرض البرانويا الماثور عن الشخصية الصهيونية باذات ويقول الاستاذ ايمانويل رايس بجامعة نيويورك في كتابه "محاضرات في الأمراض النفسية" ان المصابين بالبارانويا عدوانيون، شكاكون، يتهمون الآخرين بالتجني عليهم والتصميم واصحاب ذمة ومكدون في عملهم، ويستمتعون بالفكاهة أو يرتاحون اليها ويتحسون كل المظالم والأخطاء حتى قبل وقوعها يشعرون بالدونية ولتفاهة وكثيرا ما يحاولون اثبات قدرتهم بانتقادهم إلىخرين وجعل من يحرصون على ودهم ينفرون منهم".

وعدوانية العبرايين غنية عن الذكر فقد كان لتاريخهم "طابع البداوة الدموية العنيفة" في راي الدكتور جمال حمدان يشهد على ذلك أن 11 من مجموع 20 ملكا.

جاء ذكرهم في سفر الملوك الأول قد ماتوا قتلا على يدي بني جلدتهم. ويبدو أن تشتت اليهود لم يكن بسبب الاضطهاد والاحتلال  بقدر ما كان هربا من تناحرهم داخل فلسطين بدليل أن الجالية الهودية في مدينة الاسكندرية قبل ظهور المسيحية كانت أكثر عدادا من كل سكان مملكة يهودا، وبعد تشتت اليهود في عام 70 ميلادية دخلت هذه العدوانية وبعمرحلة الكمون ومع ذلك كانت ملامح صورة اليهودي التقليدي في العصور الوسطى هو أنه "كافر حليف الشيطان يستخدم السحر والسم يدنس الصور، يستخدم الدم في اعياد جشع يستنزف قوت الأخرين" أما في العصور الحديثة فصار "عشائريا ميالا للسيطرة انتهازيا مرتزقا لا يتورع عن شيئ"ثم استطاع جهاز الدعاية الصهيوني الجبار أن يجعل ملامح اليهودي رب أسرة ممتازة.

النمط الثاني: نهاية التاريخ: أما النمط الثاني فهو الشخصية الاسرائلية التي لم تولد في فلسطين وعالم النفس  اليهودي هيرمان روبنشتارين يرى أن أعراض البرانويا تلازم هذا النمط ايضا، بالاضافة إلى اشتداد مشاعر الشك في العرب والجهزة الدولية لكن الشعور بالدونية هنا قد حل محله – أو صاحبه – شعور متزايد بالتفوق على غير اليهود (الامميين) ومعروف ان مركب العظمة ومركب النقص بين السادية (التلذذ يتعذيب الغير) والماسوكية (التلذذ بتعذيب الذات). ويلاحظ هنا اشتداد نزعة المغالاة لدى هؤلاء "الحرس القديم" الذين يحكمون اسرا ئيل منذ قيامها ومع ان عليهم أن يختاروا بين امرين لا ثالث لهما هما الارض أو الأمن فان الطمع والتسلط يجعلانهم يصرون على الجميع بين الاثنين وهنا بالذات تتخذ سمة المغالاة طابعا قوميا شوفينيا يسميه الدكتور عبد الوهاب المسيري بظاهرة "نهاية التاريخ".

فهم يرون أن تاريخ الأرض المقدسة بدأ وانتهى ببني اسرائيل وان عرب فلسطين مجرد ضيوف عليها حتى لو اقاموا آلاف السنيين فيها، وحتى ولو كانت العبارنيين ان تستمر فيها أكثر من 500 سنة لم يتركوا خلالها اثر يذكر إذا قورنوا بما تركه الكنعانيون والفلسطنيون القدامى والعرب اللاحقون لهم.

النمط الثالث: نحن اسرائليون لا يهود: هذا النمط هو الجيل الصادر المولود في اسرائيل وأهم سيماته:

1 – الميل إلى العنف

2 – تمركز حول اسرائيل زمانيا ومكانيا (الغيتو الجديد).

3 – طموحهم منصب على الامان المادي والحياة الموريحة.

4 – الانتهاء القوي إلى اسرائيل ومجتمعها.

5 – عدم الاهتمام بالتاريخ اليهودي الحديث والضيق بالحديث عن الرواد الأوئل (الحالوتزيم).

6 – احتقار المهاجرين القدامى والجدد (والعرب طبعا).

في هذا النمط سمات جديدة هي عودة النزعة العدوانية القديمة وتحول الشعور بالدونية إلى شعور بالتفوق إلى حد احتقار المهاجرين اليهود ويجب الانستهين بنسبة الصابرا بين السكان وتزايد أهمية دورهم. فقد جاء منهم موشى دايان، وايغال يادين وآربيل شارون عندما قامت اسرائيل كانت نسبتهم نحو 35 في المائة من مجموع السكان، اما الان فانهم يتجاوزون نصف السكان بقليل.

النمط الرابع: هذا هو شخصية جيل الصابرا المولودين في الكيبوتسات والذي اظهرت دراسات ميلفود سبيرو وبرونو بتلهايم أن سماته الرئيسية الخمس هي: العدوان – الانطوائية – البرود الانفعالي (الفتور العاطفي) – الحقد – الشعور بالدونية. وتقترن عودة العدوان هنا بظهور سمتين جديدتين هما الحقد والبرود الانفعالي مع اختفاء سمة الاحتقار وعودة الشعور القديم بالدونية ومغزى هذا النمط هو أن الكيبوتسات كانت فخر الفكر الصهيوني وتجربته الثورية الرائدة في اعادة خلق الانسان والمجتمع اليهودي. لكن عدد سكان التجربة اخفقت اخفاقا اليما بدليل التضاؤل المستمر في عدد السكان الكيبوتسات وانتاجيتهم ومع أن الكيبوتسات صورة مصغرة من المزارع الجماعية في البلدان الاشتراكية فانها كانت أقل نجاحا ومع ذلك يساق السائح الأجنبي لقضاء ليلتين فيها ليرى هذه "المفخرة" التي أصبحت بؤرة لمدني المخدرات، والشيان المتبلدين عاطفيا، والاطفال الذين يبللون فراشهم حتى سن متأخر كما لا حظ سبيرو.

إن التجربة الإسرائيلية أبرزت اسوأ ما في العقل اليهودي بغض عن انتصاراتها المادية والمعنوية الكثيرة.

فإذا كانت السمات التقليدية فيه هي القلق، والشك، والخوف، والشعور بالدونية، والحرص على التمايز، وعدم الثقة بغير اليهود، فإن الحياء العقيدة الصهيونية لعامل المغلاة (أو "العامل المضاعف" بلغة علم الاحصاء) قد ضاعف من شدة هذه السمات إلى حد افساد الشخصية اليهودية مثال ذلك:

1/ظهرت العدوانية التي كانت كامنة في الشتات ثم تفاقمت فصارت الجريمة المنظمة (المافيا) اسلوبا مألوفا في الحياة اليومية الاسرائلية.

2/اتنقلب الخنوع التقليدي والشعور بالدونية فأصبح غطرست حتى مع الاصدقاء واحتقار صريحا حتى للمهاجرين اليهود (القدامى منهم والجدد) وهؤلاء بدورهم يحتقرون غير اليهود.

3/استفحل الشك بالعالم الخارجي والمنظمات الدولية خاصة إلى حد العجز عن التمييز بين الانصار والخصوم (ضرب السفينة الامريكية ليبرتي).

4/اشتد القلق إلى حد انعدام الثقة بالمستقبل (أصبح المهاجرون إلى اسرائيل أقل من النازحين منها).

5/تزايدة نزعت الخوف إلى حد التقديس المرضي للامن حتى ظهرت امراض نفسية لا يعرفها الطب النفسي (اضراب الأطفال عن الطعام خشية مصرعهم عندما يكبرون ويساقون إلى جبهة القتال).

6/الامعان في الاحساس بالتمايز والتفوق ازاء الاممويين إلى حد الولع بالتسلط حتى على الدول الصديقة (السيطرة على مراكز القوى في الغرب وخاصة الولايات المتحدة).

وعن النقطة الاخيرة يجدر الذكر ان البحوث التي أجرتها كل من العالمة الامريكية الراحلة مارغريت ميد، والعالم الأمريكي اليهودي هيرمان تتفق على "أن تقسيم العالم إلى يهود وإلى غير يهود من المكونات الأساسية في الهوية اليهودية ..." وإن وضع الحدود بين اليهود وعالم الامميين مزال له تأثير غلاب حتى في اسرائيل نفسها.

"واستطاعتنا أن نسوق عشرات الأمثلة على ما ترتب على هذا التقسيم من ازدواج المعيار وعدم معاملة الغير بالمثل".

 

 

 

 

 

 

 

Voir les commentaires

خمس البريطانيين تاجروا بالأطفال

 

خمس البريطانيين تاجروا بالأطفال

 

 المصدر: غارديان

 

 

كشفت دراسة حديثة أن أكثر من خمس الشعب البريطاني ربما ساهموا دون أن يعلموا في الاتجار بالأطفال

 

وجاء في الدراسة, التي تنشرها اليوم منظمة إيكبات للحد من دعارة الأطفال والاتجار بهم, أن من يشترون أقراص دي في دي المنحولة والورود من الباعة المتجولين, ويتعاطون الحشيش المزروع محليا, ويعطون المال للمتسولين من الأطفال ويدفعونهم للبغاء, ربما يدعمون بذلك ما تصفه الأمم المتحدة بتجارة الرقيق الحديثة

 

وذكر 89% ممن شملتهم الدراسة أنهم لم يكونوا يدركون أنهم بهذا الفعل إنما يساهمون في تجارة غير مشروعة تديرها شبكات تعمل في تهريب الأطفال من مناطق مثل الصين وأفريقيا وأفغانستان.

 

تقول كريس بيدو –المديرة التنفيذية لإيكبات- إن الضلوع في مثل تلك الممارسات يسهم في دعم الاقتصاد غير الشرعي, الذي يعد الاتجار بالبشر أحد نشاطاته

 

وأضافت أن التجارة في الأطفال ناشطة في مدن بريطانيا الكبرى منها والصغرى كل يوم, إذ تنزع هوياتهم ويتعرضون للاغتصاب والضرب ويجبرون على العمل في ظروف بائسة.

 

ويتلقى مركز الاتجار بالبشر بوزارة الداخلية البريطانية ثلاثة تقارير في الأسبوع تتعلق بالأطفال الذين هربوا إلى المملكة المتحدة بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران الماضيين.

 

وطبقا للدراسة التي أجريت في 17 مدينة بريطانية, أعرب ثلث البالغين عن عدم إدراكهم لمدى ما وصل إليه الاتجار بالأطفال في بريطانيا بينما يعتقد ثلث آخر أن الأطفال الذين يتاجر بهم ينتهي بهم المطاف في دول أجنبية.

Voir les commentaires

اسرار الصـراع العربـي الإسرائيلـي/تعاون مشبوه بين الصهيونية والنازية بألمانيا /اليهود اقسموا بإبادة العرب و

كتاب

اسرار الصـراع العربـي الإسرائيلـي

اليهود اقسموا بإبادة العرب والمسلمين

تعاون مشبوه بين الصهيونية والنازية بألمانيا خلال الحرب ع2

  مؤلف والصحفي المحقق صالح مختاري

ديسمبر 2002
مـقـدمـة

 

قال الله تعالى ) لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا...(

هذه الآية الربانية تؤكد أن اليهود هم أعداء الله فوق الأرض  ويعتبرون من أشد خلائق الرحمن عداوة للعرب ولأمة الإسلام عامة، من صفاتهم القذرة الظلم، سفك الدماء، انتهاك الأعراض، وكل هذه الصفات وصفات أخرى تعتبر مبادئ أساسية لبني إسرائيل لممارسة الإرهاب الهمجي ضد العالم العربي والإسلامي، وكل هذا مجسد في بروتوكولات حكام الصهيون التي اعتبرت بني إسرائيل شعب الله المختار. بين سنة 1897 و1951 عقد زعماء اليهود ثلاثة وعشرون مؤتمرا غايتها دراسة الخطط التي تؤدي إلى تأسيس "مملكة صهيونية عالمية" برئاسة هرتزل مؤسس الصهيونية العالمية، ومن أهم عناصر هذه المؤامرة القذرة حسب فكر مؤسسي خطط بروتوكولات الصهيون هي "أن حكم الناس صناعة مقدسة لا يتقنها إلا اليهود لذا من الواجب أن تكون وسائل الطبع والصحافة والمدارس والجامعات والمسارح والبرصات وغيرها تحت أيديهم"

فقد أقيم المشروع الصهيوني على الأرض العربية الإسلامية منذ مائة عام عملت الصهيونية العالمية قصار جهدها لكسر شوكة العرب وأقامت دولة إسرائيل عام 1948 حيث سلكت هذه الأخيرة استراتيجية لتأمين نفسها من رد الفعل العربي الإسلامي فحاصرت السلاح العربي بتحديد حجمه مما يجعله عاجزا عن القيام بأي دور فعّال ضد استمرار قيام الدولة الإسرائيلية على أرض فلسطين العربية، فسياسة الحد من تطوير السلاح العربي هي سياسة استراتيجية قديمة منذ درب جيش محمد علي حيث تضمنت المعاهدات المفروضة آنذاك تخفيض أفراد القوات المسلحة إلى عدد لا يستطيع أن يغير من الأوضاع القائمة، ولكن المعركة الفاصلة لم تبدأ بعد بين العرب وبني صهيون حيث قال الرئيس الراحل هواري بومدين يوم 20 أكتوبر 1969 "لقد انتصرت إسرائيل فكوّنت دولة أساسها العنصرية البغيضة والتعصب الديني الذي لم تشهده البشرية إلا أثناء القرون الوسطى، انتصرت الدولة الصهيونية في معركة لكنها لم تستطع بأي حال من الأحوال أن تنتصر على الأمة العربية كلها وعلى الشعب العربي إذ يستحيل عليها أن تبتلع أكثر من 100 مليون عربي ويستحيل عليها سواء أيدها الأمريكيون أو غير الأمريكيون بكل الأسلحة الجهنمية ويستحيل على دولة الصهاينة أن تبتلع كل الوطن العربي فهناك عاملان أساسيان لا تستطيع دولة الصهاينة قهرهما أبدا هما العامل البشري والعامل الجغرافي".

الحركة الصهيونية وقيام دولة فلسطين
فلسطين جوهر الصراع العربي الصهيوني

       

قضية فلسطين هي قضية العرب الكبرى في التاريخ الحديث والمعاصر، وقد أطل القرن العشرون على العالم العربي والحركة الصهيونية يشتد ساعدها بما توافر لها من قيادات سياسية على أعلى المستويات العلمية، ووسائل الدعاية والإعلام والتنظيم الدقيق والتمويل وما إلى ذلك من عناصر القوة.

        وهذا ما جعل الصهيونية تضع في مخططها كمرحلة أولى إنشاء دولة تجمع شتات اليهود المبعثرين في أنحاء العالم واشرأبت أعناق الصهيونيين إلى فلسطين ابتغاء اتخاذ مهدا لهذه الدولة المدعوة ولتحقيق هذا الهدف حدث التقارب بين الصهيونية والاستعمار ممثلا في بريطانيا التي وعدت الصهيونيين بإنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين عملا بوعد بلفور فازداد النشاط الصهيوني المحروم واتخذ خطوات عملية لوضع هذا الوعد موضع التنفيذ بإقامة دولة إسرائيل في قلب الوطن العربي الكبير.

        كلمة الصهيونية مشتقة من كلمة صهيون، وهو جبل يقع على المشارف الجنوبية لمدينة القدس وقد وردت لفظة صهيون لأول مرة في التوراة عندما تعرض هذا السفر الديني للملك داود الذي أسس مملكة إسرائيل واستولى على عرضها أربعين سنة (من سنة 1000 إلى سنة 960 قبل الميلاد)وكان داود قد استولى على مدينة أورشليم (القدس) آخر معقل للكنعانيين وجعلها عاصمة ملكه واستطاع توحيد بني إسرائيل وقد جاء في التوراة. " وذهب الملك ورجاله إلى أورشليم إلى اليبوسين مكان الأرض وأخذ الملك حصن المدينة، حسن صهيون وأقام داود في الحصن وسماه مدينة داود."

وقد ارتبطت كلمة صهيون بداود ومملكته وعاصمته فغذت في نظر اليهود رمزا لمدهم ويلاحظ أن الملك سليمان الذي تربع على العرش بعد وفاة والده داود أقام في القدس الهيكل المعروف باسمه وسرعان ما أصبح هذا الهيكل أكبر مركز روحي لليهود مما أضفى على المدينة مزيدا من الأهمية الدينية في نظر اليهود.

        كما أنهم كانوا ولا يزالون ينظرون بتقدير بالغ إلى مملكة داود ويعتبرون حكم وابنه سليمان بمثابة العصر الذهبي لتاريخ اليهود فكلما ساءت أوضاعهم بعد زوال ملكهم يتذكرون ذلك العهد الذهبي ويتطلعون إلى عودته.

ولتحيق هذا المبتغى عمد اليهود إلى تحريف شريعة موسى عليه السلام وعوضوا التوراة بالتلمود وهو كتاب وضعه حاخامات اليهود وهو عبارة عن مبادئ غير خلقية اتخذها اليهود أسلوبا ومنهاجا في الحياة سواء في علاقاتهم ببعضهم البعض أو في علاقتهم مع غير اليهود، وقد أطلقوا لفظة (الجوييم)  على غير اليهود ويقصدون بها (الكفار) أو (الأجانب) أو (الأميون) ويعد التلمود كتاب السياسة الإرهابية الصهيونية بما جاء فيه من توجيهات سياسية ونزاعات استعلانية ابتغاء السيطرة على العالم كله في المدى البعيد.

        وقد غرس التلمود في اليهود آمالا كبرى في السيطرة على العالم وطلب منهم اتخاذ كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة وصولا إلى الهدف النهائي وهو التسلط على العالم.

        وقد ورد في التلمود على لسان خاخامات اليهود وهم يرسمون سياسة المستقبل، ويجب على كل إسرائيلي أن يبذل جهوده لمنع تملك باقي الأمم في الأرض حتى تبقى السلطة لإسرائيل لأنه يجب أن تكون لهم السلطة أينما حلوا فإذا لم ستيسر لهم ذلك اعتبروا منفيين وأسرى وإذا تسلط غير الإسرائيليين على أوطان إسرائيل حق لهؤلاء أن يندبوا عليها ويقولونا بالعار وبالخراب ويستمر ضرب الذلة والمسكنة على بني إسرائيل حتى ينتهي حكم الأجانب وقبل أن تحكم إسرائيل نهائيا على باقي الأمم يلزم أن تكون الحرب على قدم وساق ويهلك ثلث العالم.

        واعتبر اليهود كتب التلمود كتابا منزلا وأفضل من التوراة وأجدر بالاحترام حتى أن اللخاخامات أدخلوا في ورع اليهود أن من يخالف التوراة يغفر له أما من يخالف التلمود فلن يغفر الله له، وقد رد القرآن الكريم على هذا المسلك غير الأخلاقي الذي لجأ إليه اليهود في قوله تعالى، ) فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون.(.

        بقيت الصهيونية كمفهوم في أفئدة اليهود مرتبطة بمملكة داود ولذلك يطلق عليها الصهيونية الدينية، وهي تهدف إلى المحافظة على الثقافة  واللغة اليهودية والاستمرار في أداء الطقوس الدينية والتمسك بالعادات والتقاليد اليهودية منذ العصور القديمة من نوع ثان وهو الصهيونية الحديثة الضالعة مع الاستعمار الغربي في خططه وأهدافه.

        الصهيونية الحديثة حركة سياسية قامت في أوروبا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وعاصرتن عهود الاستعمار والاستغلال الحديثة وتأثرت بهما وأثرت فيهما وتهدف  إلى تجميع اليهود المشتتين في أنحاء العالم في إقليم يكون لهم وطنا قوميا يقيهم صنوف الاضطهاد الديني والعنصري ومع مرور الوقت تصبح القومية اليهودية حقيقة مجسدة يشعر بها العالم ويستند إليه اليهود  في تحرير هذا الوطن القومي إلى دولة يهودية تمارس سيادتها كاملة واستندت الحركة الصهيونية إلى أن اليهود مشتتون في أنحاء العالم ويخضعون لدول عديدة ويتعرضون لألوان شتى من الاضطهاد العنصري والديني والسياسي والاجتماعي، الأمر الذي خلق المشكلة اليهودية وأن المشكلة هي نتاج النزعة المعادية السامية وانتهى أقطاب الحركة الصهيونية إلى أن الحل الوحيد لخلاص اليهود من هذا الاضطهاد هو إنشاء وطن قومي خاص بهم.

        وتطور التفكير الصهيوني فغدا أكثر تحديدا وأصبحت اليهودية تعني تهجير اليهود المشتتين إلى فلسطين لتأسيس الدولة اليهودية التي تدين بالدين اليهودي وتتميز بالعنصرية اليهودية  والثقافة اليهودية وتعمل على بث مجد مملكة داود وإعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى ثم اتخاذ فلسطين مركز انطلاق إلى السيطرة على المناطق المتاحة لها والتي تمتد من نهر النيل إلى الفرات.

        وتعد فلسطين هي نقطة البداية في سياسة  التوسع الإقليمي المرحلي التي أرسى قواعدها الصهيونية فلسطين هي أرض الميعاد حسب وزعمهم التي وعد بها إبراهيم وذريته لتكون لهم ملكا ووطنا كما تعتبر أرض الخلاص التي تخلصهم من صنوف الاضطهاد الذي ستعرضون له في الدول التي يعيشون فيها والصهيونية السياسية تعتبر اليهود عنصرا متميزا عن سائر شعوب العالم بجنسه وتاريخه وثقافته ولغته الموحدة ودينه الواحد ووفقا لهذه الخصائص فاليهود شعب واحد توافرت له في زعم الصهيونية عناصر القومية اليهودية لإنشاء دولة يهودية واستطاعت الصهيونية أن تشتغل الناحية العقائدية بإحياء المفاهيم الدينية التي استقرت في أذهان اليهود أحقابا وعصرا فاليهود هم شهب الله المختار الذي فضله على سائر العالمين واستخلفهم على الأرض وجعلها ملكا لهم.

        كما ألهبت الصهيونية الروح العنصرية في نفوس اليهود وآمنوا إيمانا عميقا بما أسموه نظرية (التفوق اليهودي).

        يحاول الصهيونيون إرجاع الحركة الصهيونية بمفهومها السياسي إلى عصور تاريخية قديمة ويذكرون أنها مرت بأطوار عديدة فيرى فريق منهم أنها ترجع إلى ما قبل المسيح عليه السلام بستة قرون، حيث نجح "نبوخذ نصر" ملك بابل في الاستيلاء على بيت المقدس سنة 567ق.م ودمرها تدميرا مع عدد من المعاقل اليهودية ويقرر فريق آخر من الصهيونيين أن الحركة الصهيونية ترجع إلى القرن الأول الميلادي، حيث قام الرومان سنة 70م باحتلال بيت المقدس وهدم هيكلها وطرد اليهود من فلسكين وتشتيتهم، وفي حين يرى فريق ثالث أن الحركة الصهيونية ترجع إلى القرن الخامس عشر الميلاد، حيث سيطرت على(فرديناند) و(إيلزابيلا) ملكي إسبانيا روح صليبية لطرد المسلمين  واليهود من إسبانيا ولجأ اليهود إلى الولايات الإسلامية الخاضعة للدولة العثمانية.

        ومن هنا اتخذ الصهاينة من هذه الأحداث التاريخية نقط ارتكاز للتضليل وإظهار الحركة الصهيونية بمظهر الحركة القومية العميقة الجذور والبعيدة  كل البعد عن علاقتها بالاستعمار الأوروبي الحديث.

        ومما أضفى على الحركة الصهيونية نوعا من القوة هو أن النصف الثاني من القرن التاسع عشر كان حافلا بحركات التحرر القومي في أوروبا من ناحية وازدياد وحدة الاستعمار الأوروبي في آسيا وإفريقيا وغيرهما من ناحية أخرى وعمل الصهاينة على إدماج الحركة الصهيونية في نطاق الحركات القومية للاستفادة من التيار القومي الذي عمر شعوب أوروبا وفي الوقت نفسه فإن الحركة الصهيونية تهدف إلى السيطرة على القيم خارج أوروبا واستقلاله بنقل القوى البشرية والمادية إلى هذا الإقليم الذي يصبح ركيزة للاستعمار ومنطقة الشرق العربي وكان إدماج الحركة الصهيونية في دائرة الحركات القومية من التضليل   السياسي لجأ إليه الصهاينة افتراء وكذبا لأن الحركات القومية تهدف إلى إجلاء محتل أجنبي مستعمر وصولا إلى الحرية والاستقلال، في حين الصهيونية تهدف إلى الاستيلاء على إقليم عربي هو فلسطين وإنشاء دولة يهودية دينية عنصرية.

        قامت الحركة الصهيونية في وقت مبكر بنشاط واسع كثيف متعدد الألوان والأنواع في شتى المجالات التنظيمية والاقتصادية والثقافية والسياسية فأنشأت عدد من الأجهزة تتولى تنظيم الجماعات الصهيونية وربطها بعضها ببعض ونشر التوعية الصهيونية بين يهود العالم وجمع اشتراكات سنوية منهم لتمويل الحركة الصهيونية ومساعدتها على تحقيق أهدافها، أما نشاطها السياسي فكان منصبا على الصعيد الدولي وكان مسرحه العواصم العالمية الكبرى تعمل فيه على حمل مستويات السلطة والنفوذ وتتصل بمراكز القوة سواء في الأستانة عاصمة الخلافة العثمانية آنذاك و برلين و باريس وروما و الفتيكان وواشنطن ونيويورك معقل يهود أمريكا واستهدف هذا النشاط ضمان تأييد مختلف الدول الصهيونية في تحقيق أهدافها.

        عملت الصهيونية على استغلال الناحية العقائدية في نفوس اليهود في الظفر بتأييدهم وشحذا لعزائمهم والهابا لعواطفهم وكسبا لمزيد من الأنصار كما استغلت أيضا الاضطهاد الديني والاجتماعي والعنصري الذي تعرض  له اليهود فالاضطهاد  كان بمثابة ورقة رابحة اتخذها الصهيونية للترويج لحركتها  كما حاربت فكرة إدماج اليهود في المجتمعات الأوروبية التي يعيشون فيها وزعمت الحركة الصهيونية أن هذا الإدماج ينطوي على أخطار شديدة ليس بمستقبلهم السياسي فحسب بل أن هذا الإدماج سوف يقضي في المدى البعيد على الوجود اليهودي في العالم كله لأن اليهود المشتتين على وجه الأرض هم أقلية ضئيلة بالنسبة للمجتمعات التي يعيشون فيها وأن اندماجهم يؤدي إلى ذوبانهم في الشعوب المسيحية الأمر الذي يؤدي إلى ضياع الشخصية الذاتية للشعب اليهودي.

        وذهب زعماء الصهيونية إلى أن الروح المعادية لليهود لا تزال كامنة في نفوس الأوروبيين باستغلال حركة الاضطهاد التي تعرض لها اليهود في أوروبا الغربية في الفترة ما بين 1815 حتى سنة 1830. ثم استمرارها بعد ذلك كما استغلوا أيضا موجات الاضطهاد العنيف التي عمت روسيا عقب اغتيال القيصر إسكندر الثاني في عام 1881 فقد اتخذت السلطات الروسية الحاكمة في روسيا من اليهود كبش الفداء في هذا الحادث كما استغل زعماء الصهيونية امتداد الاضطهاد إلى بولندا وألمانيا وغيرها وسنحت فرصة ذهبية للحركة الصهيونية حيث وجهت السلطات الفرنسية إلى الضابط اليهودي الفرنسي الجنسية (ألفريد ديغوس) تهمة تزويد  الملحق العسكري في السفارة الألمانية بباريس بمعلومات سرية عن القوات المسلحة الفرنسية، حيث حكمت عليه المحكمة العسكرية بثبوت الخيانة العظمى عليه وتجريده من رتبته ونفيه مدى الحياة في إحدى المستعمرات الفرنسية، فقد ركزت أجهزة الدعاية الصهيونية نشاطها على هذه القضية وصورت الضابط بمظهر اليهودي البريء وأنه ضحية الاضطهاد والتعصب ولم يهدا للحركة الصهيونية البال حتى خضعت الحكومة الفرنسية للضغط الصهيوني وأمرت بإعادة الضابط اليهودي إلى فرنسا وأعادت محاكمته وصدر الحكم ببراءته وأعيد إلى الخدمة في الجيش وتقررت ترقيته ومنحه وسام الشرف.

        قد خلصت الحركة الصهيونية من ذلك كل، إلى أن الروح المعادية لليهود لن تخبو ولن تهدأ وان اليهود معرضون في أي زمان ومكان للاضطهاد ولذلك فإن إدماج اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها ليس حلا جذريا.

        ووجد زعماء الصهيونية ذريعة أخرى ترويجا للحركة، فادعوا أن قطاعات كثيفة العدد من اليهود المقيمين في شرق أوروبا يعيشون في ظروف اقتصادية قاسية وأن تهجيرهم إلى فلسطين حلا لمشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية واعتمدت الصهيونيون في الترويج لحركتها على المؤسسات بالتعاون مع الصهيونية بدافع المصلحة المشتركة وتم بينهما تنسيق مثمر لإنشاء وتدعيم تضامن يهودي، ثم توجب هذا التضامن نحو الهدف السياسي القومي المتصل بإنشاء دولة يهودية في فلسطين وهكذا لم تترك الصهيونية أية وسيلة لنشر حركتها وتدعيمها إلا واستغلتها.

        ولم يقتصر دور الحركة الصهيونية عند هذا الحد بل واصلت نشر التوعية الصهيونية في أوساط اليهود فكونت جمعيات يهودية في أنحاء العالم هيأت أذهان اليهود لتقبل أفكار الحركة ومهدت الطريق لظهورها وقد ضمنت هذه الجمعيات صفوة مفكري اليهود الذين وضعوا مؤلفات وكتبوا نداءات واصطنعوا شعارات ليهود العالم يذكرونهم بالحالة للنهوض إلى مستوى الشعوب الراقية ومن هذه الجمعيات (جماعة محبي صهيون)  و(جماعة بني موسى) و(حركة الهاسكلاه) و(جماعة البيلو).

        بدأ التفكير جديا في مسألة الوطن القومي لليهود بظهور اليهودي، تيودور هرتزل، على مسرح الأحداث حيث تصفه دائرة المعارف اليهودية بأنه زعيم الصهيونية السياسية وضع هرتزل في سنة 1895 كتابا باللغة الألمانية تحت عنوان (الدولة اليهودية) وسرعان ما ظهرت لهذا الكتاب طبعات باللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية واللغة العربية مما ساعد على انتشار الكتاب طولا وعرضا في الأواسط اليهودية في أنحاء العالم طالب هرتزل في هذا الكتاب بإنشاء دولة يهودية وأشار في كتابه إلى فلسطين كمكان للدولة المرتقبة ونظر إليها على أنها الوطن القومي الذي لا ينسى.

        دعا هرتزل إلى عقد مؤتمر عالمي خاص باليهود لبحث مشكلتهم ولقيت دعوته ترحيبا جارا من فريق كبير من اليهود وفي أوت عام 1897 عقد هذا المؤتمر في مدينة (بال) بسويسرا حينما أعلن تيودور هرتزل صيحته بقوله.

"نحن اليهود شأننا في ذلك شأن أية أمة أخرى لنا الحق في تقرير مصيرنا وفي المكان الذي يريده الجنس اليهودي حتى يحكم نفسه ويعيد إلى الحياة استقلاله القويم الذي كان قائما في وقت من الأوقات".

        ولم يعلن (هرتزل) حرية المقدسة هذه إلا بعد أن نسق أفكاره ونظم مخططاته في مشروع كامل راح يعرضه على أثرياء اليهود وزعمائهم أمثال: البارون هيرش، وأسرة روتشليد، وما لبث هذا المشروع الاستعماري أن خطى أول خطواته العلمية بتكوين (المنظمة الصهيونية العالمية) التي تبلورت عقيدتها في برنامج (بال) حيث تحددت الغاية واتفق على الوسيلة.

        كانت الغاية التي أعلنها المؤتمر الأول في (بال) هي (خلق وطن اليهودي في فلسطين) أما الوسيلة فتلخصت في النقاط الآتية :

1-     العمل على استعمار فلسطين بواسطة العمال الزراعيين والصناعيين اليهود.

2-     تنظيم القوى اليهودية العالمية وربطها بواسطة منظمات محلية  ودولية، بحيث تتلاءم مع القوانين المتبعة في كل دولة.

3-     تدعيم المشاعر ليهودية وتقوية الوعي القومي اليهودي.

4-     اتخاذ الخطوات التمهيدية للحصول على التأييد الضروري لتحقيق غاية الصهيونية، وانطلقت الحركة الصهيونية لتنفيذ برنامج (بال)  تحت زعامة هرتزل من خلال أنشطة أربعة:

-       التنظيم  السياسي.

-       الاستعمار الزراعي والصناعي.

-       التدعيم النفسي والمعنوي.

-       العمل الديبلوماسي.

وهكذا بدأت فكرة (العودة إلى صهيون) تتحول إلى حركة صهيونية سياسية عالمية تسعى إلى إنشاء العلاقات مع الهيئات السياسية الأخرى وخلق الاتصالات مع الحكومات المختلفة وتحاول تنظيم اليهود وتنمية روح التعصب العنصري في نفوسهم وشحن معنوياتهم بالآمال العريضة للعودة لأرض الميعاد وإحاطة نشاطها بالكتمان والتمويه خشية أن يؤدي كشف المخطط الصهيوني إلى ردود فعل عالمية قد تتسبب في تعثره منذ البداية.

بعد مؤتمر (بال) الأول مرحلة هامة  في تاريخ الحركة الصهيونية، فقد حدد هدفا لها هو إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي وبعث القومية على أساس أن اليهودية ليست مجرد دين وإنما هي قومية وأن اليهود المنتشرين في أنحاء العالم يشكلون الأمة اليهودية أو الشعب اليهودي وحدد المؤتمر الوسائل والأجهزة المختلفة لتحقيق أهداف الصهيونية، كما أن هذا المؤتمر كان بمثابة تجمع يهودي على الصعيد الدولي صعد المسألة اليهودية إلى المجال الدولي بعد أن كانت تعد من المسائل الداخلية لكل دولة تضم أقلية يهودية.

وقد علق على مؤتمر (بال) الأول في جريدته (دي والت DIE WELT) تعليقا مشحونا بالتفاؤل  إذ قال : "لو أن طلب إلي تلخيص أعمال المؤتمر فإني أقول بل أنادي على مسمع من الجميع أنني قد أسست الدولة اليهودية وقد يثير  هذا القول عاصفة من السخرية والتهكم هنا وهناك ولكن سوف يرى العالم بعد خمس سنوات أو خمسين سنة قيام الدولة اليهودية حسبما تمليه إرادة اليهود بأن تنشأ لهم دولة"

وقد ساهمت أوضاع العالم العربي المتردية من ناحية وتطورات السياسة من ناحية في تحقيق نبوءة هرتزل، فقد صدر تصريح (بلفور) في سنة 1917 بعد مضي عشرين سنة على مؤتمر (بال) وصدر قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين وإنشاء دولة إسرائيل في سنة 1947 بعد انقضاء على خمسين عاما على ذلك المؤتمر.

تعتبر بروتوكولات حكماء صهيون برنامجا استراتيجيا لإخضاع العالم لنفوذ اليهود وهي عبارة عن مجموعة من المحاضرات ضمت البرنامج السياسي والاقتصادي والمالي لبسط السيادة اليهودية على العالم.

يرى البعض بأن هناك رأيين في أصل وتاريخ البروتوكولات: الرأي الأول ويقول أن هذه البروتوكولات وضعها زعماء اليهودية خلال العصور التي شتت فيها الشعب اليهودي وأن (تيودور هرتزل) عرضها على المؤتمر الصهيوني الأول الذي دعا إلى عقده عام 1897، ولم يكمن واضعها. أما الرأس الثاني فيذهب إلى أن تيودور هرتزل هو واضع  هذه البروتوكولات وأنها عبارة عن المحاضرات  التي كان يلقيها سرا على أعضاء المؤتمر الصهيوني الأول.

أيا كان الرأي بالنسبة لمصدر هذه البروتوكولات، فقد حاول زعماء الصهيونية إبقاءها سرا خاصا بهم ولكونهم لم يستطيعوا ذلك بعد أن استطاع العالم كشف سرها، فقد استطاعت سيدة فرنسية أثناء اجتماعها بإحدى كبار أعضاء المؤتمر في وكر من أوكارها الماسونية السرية في فرنسا أن تختلس هذه البروتوكولات التي وصلت إلى (أليكس نيكولا نيفتش) كبير أعيان روسيا الشرقية القيصرية فقدر خطورتها ضد العالم لا سيما بلاده روسيا ثم رأى أن يضعها في يد أمينة أقدر منه على الانتفاع بها ونشرها فدفعها إلى صديقه العالم الروسي (سرحي نيولوس) فطبعها لأول مرة باللغة الروسية سنة 1902 واتضحت نيات اليهود الخسيسة واستولى عليهم الفزع حين رأوا أن نشر هذه الوثائق يجعل شعوب العالم في حذر شديد من اليهود، وفعلا اندلعت المذابح على نطاق واسع في روسيا ضد اليهود واضطر هؤلاء بنفي أية صلة لهم بها وأنكروا علاقاتهم بموضوعاتها لما حوته من استخدام الوسائل المخالفة لكل دين والعادية  لأركان كل الدول لتقوم على أنقاضها المملكة اليهودية الموعودة.

بذلت الصهيونية جهدها الحثيث إبان الحكم العثماني لصبغ حركتها وأهدافها القانونية في فلسطين، فكما أن صدر قرار المؤتمر الصهيوني الأول (بإنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، حتى سارع هرتزل إلى السعي نحو تحقيق هذا الهدف الأول الضروري إذ كان يعارض التسلل الصهيوني  التدريجي إلى فلسطين لما قد يجلبه من مخاطر على الحركة الصهيونية ذاتها.

وتركزت مساعيه حول الحصول على فرمان من السلطان العثماني يسمح بإنشاء مستعمرة يهودية تحظى بالحكم الذاتي في فلسطين وحاول أن يستعين بإمبراطور ألمانيا ولهلم الثاني لمعونته في الحصول على  هذا الفرمان.

 في سنة 1900 وأثناء عقد المؤتمر الرابع الصهيوني في لندن، انتهز هرتزل الفرصة وبدا يتقرب من بريطانيا لإثارة شعبها وحكومتها بالحركة الصهيونية  حتى يتحقق ما فشل في تحقيقه مع إمبراطور ألمانيا وسلطان تركيا ولذلك عمد في خطابه الافتتاحي للمؤتمر أن يشيد ببريطانيا ويعلن أنها (الدولة العظمى الحرة التي سوف تلحق الفكرة الصهيونية إلى الأعلى) ثم تمكن هرتزل من مقابلة السلطان العثماني في ماي سنة 1901 وعرض عليه استصدار الفرمان المطلوب مقابل دفع جزئية سنوية لخزينة الحكومة العثمانية ولكن السلطان رفض هذا العرض  ورغم ذلك استمرت محاولات هرتزل ومقايضته مع السلطان لأكثر من عام دون جدوى وفي جويلية عام 1902 توقفت المفاوضات مع السلطان ولم يسمح سوى بإقامة بعض المستعمرات اليهودية في العراق وسوريا والأناظول دون فلسطين وذهبت جهود هرتزل مع السلطان سدى.

توجه هرتزل بعدئذ إلى لندن في عام 1903 ليبدأ محاولة جديدة حيث قابل، اللورد رونشيلد، رئيس الجالية اليهودية في بريطانيا وطلب منه التوسط لدى الحكومة البريطانية في إنشاء مستعمرة يهودية في شبه جزيرة سيناء بمنطقة العريش أو في جزيرة قبرص وهي أراضي كانت خاضعة للحكم البريطاني ووافقت الحكومة البريطانية على مناقشة الفكرة، غير أن اللورد (كورس) المندوب السامي البريطاني والمسؤولين المصريين في ذلك الوقت رفضوا الفكرة تماما.

ولم يفقد الأمل في استمالة السلطان العثماني والحصول على موافقته بشأن الأطماع الصهيونية في فلسطين فعاود جهوده مستعينا مرة أخرى بالحكومة الروسية محاولا إغراء السلطات الروسية بالتخلص من اليهود بواسطة تهجيرهم إلى فلسطين بشرط أن تتدخل الحكومة الروسية لدى السلطات العثمانية للحصول على موافقتها وفي أوت 1902 تحصل على وعد من حكومة روسيا بمساعدته لدى العثمانيين طالما كان إنشاء وطن يهودي في فلسطين يؤدي إلى الهجرة الجماعية ليهود روسيا.

وفي هذه الآونة تلقى هرتزل من الحكومة البريطانية عرضا بإقامة مستعمرة يهودية في أراضي شرق إفريقيا البريطانية أوغندا وتحويلها إلى وطن قومي يهودي فعرض هرتزل الفكرة  على المؤتمر الصهيوني السادس للموافقة عليه كحل مؤقت دون التخلي عن الهدف النهائي (فلسطين) ولكنه واجه معارضة عنيفة انشقت المنظمة على إثرها بين معارضين ومؤيدين وتزعم (مناحم أوسكين) جبهة المعارضة وسافر إلى فلسطين لحمل اليهود المقيمين بها على عقد مؤتمر يعارض مشروع شرق إفريقيا وينظم جهود الشعب اليهودي بفلسطين للتمسك بها.

وبوفاة هرتزل عام 1904 عقد المؤتمر السابع عام 1905 وأعلن رفضه لمشروع إفريقيا وتمسكه بفلسطين وطنا يسعى اليهود إلى استعماره بشتى الوسائل الممكنة وهكذا انتصرت آراء الزعماء  الصهاينة المنادين ببدء العمل في فلسطين دون انتظار لأي ضمانات سياسية ورغم اتفاق جميع الصهيونيين على الهدف، السياسي الذي نص  عليه برنامج (بال) بشأن الوطن القومي في فلسطين، دون الضمانات السياسية وأطلق على هؤلاء اسم الصهيونيين السياسيين واستمر الصراع بين الفريقين حتى انتصر الصهيونيون العمليون.

وفي العام التالي للمؤتمر الثامن في سنة 1907 بدا هؤلاء يسقون طريقهم نحو المخطط العملي للاستعمار المنظم في فلسطين متخذين من التغلغل الاقتصادي شعارا لهم فتألفت لجنة استقصاء أحوال فلسطين وبدأ نظام تطوير الاستعمار اليهودي في فلسطين على يد المنظمة الصهيونية وهذا بإنشاء المكتب الفلسطيني الذي كانت أول خطواته إقامة ضاحية يهودية على حدود يافا سميت تل أبيب وأصبحت فيما بعد عاصمة إسرائيل وكان المشروع الثاني هو إنشاء (شركة تنمية أراضي فلسطين)  بهدف التوسع في استعمارها لصالح المهاجرين اليهود وتولت هذه الشركة إدارة مستعمرتين يمتلكهما الصندوق القومي اليهودي أنشئت مزارع لتدريب العمال في الزراعة وتبعتها المستعمرات الجماعية واعتبرت بمثابة معقل للعمل الصهيوني ورمزا للعقيدة الصهيونية الاشتراكية التي برزت منذ البداية   في شعار (المحراث والسيف).

لما كانت القوة العسكرية تمثل أحد دعائم المخططات الصهيونية لذلك كان أول عمل منظم مارسته الصهيونية في فلسطين خلال هذه الحقبة هو وضع الحجر الأساس للبناء العسكري الصهيوني وخلق نواته الصهيونية فقد بدأت الحقبة (عام 1907)   بإنشاء أول المنظمات العسكرية في فلسطين وهي منظمة الحارس البحتة وانتهت هذه الحقبة بإنشاء الكتائب اليهودية التي شاركت القوات البريطانية في القتال بمنطقة الشرق قبل نهاية الحرب العالمية الأولى.

وقد حاول من غوريون في مجال تعليله لأسباب إنشاء القوة العسكرية بفلسطين في هذا الوقت المبكر أن يخفي الحقيقة  الكاملة وراء المخطط المرسوم بكلمات مثل الدفاع والأمن والحراسة وحماية الأرواح وكلها ألفاظ لا تمثل الحقيقة لأن الوجود الصهيوني قائم على القهر والاغتصاب ويقول من غوريون في إنشاء منظمة (هاشومير)، كان من الشغف أن يعتمد المستوطنون اليهود على الآخرين في حراسة محاصيلهم وحماية أرواحهم، فإذا استمر الحال على هذا المنوال فلن يتمتعوا بحريتهم قد ولن يشعروا بأنهم في أمان على الإطلاق وإذا كان عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم وكان لابد من استئجارا الحراس لهذا الغرض فينبغي أن يكون هؤلاء الحراس من اليهود و على ذلك أنشئت منظمة (هاشومير) من رجال الحراسة و كانت في الواقع طليعة، الهاجاناة و هي قوة الدفع اليهودية السرية التي شكلت بعد الحرب العالمية الأولى و التي لعبت دورا عنيفا في الدفاع عن اليهود بصفة مستمرة حتى إعلان الاستقلال في سنة 1948.

و سار العمل في المستعمرات المقامة بفلسطين وفقا للروح العسكرية وبذلك تكونت منظمة(هاشومير) على نمط جماعات الدفاع الذاتي في روسيا و لن يكن شعارها الحراسة و الدفاع بل كان شعارها الذي نادى به دافيد بن غريون هو:"بالدم و النار سقطت اليهودية و الدم و النار تعود من جديد".

و تأسست المنظمة العسكرية (هاشرومير) في الأصل من أعضاء حزب عمال صهيون وبعض الأعضاء القدامى من وحدات الحراسة بالخارج و كانت تقوم في البداية على مجموعة قوامها 23 شابا فقط ثم انضمت إليهم عناصر يسارية من اليهود الروس الدين أدخلوا على أساليبها فكرة العمل الإيجابي تحت النضال والكفاح و عدم الاكتفاء بأعمال الحراسة السلبية بل ممارسة العنف ضد السكان العرب حتى يكمن خلق ما يسمى باليهودي العنيف المتجرد من مشاعر الخوف أو الجبن عن طريق إحياء روح الأساطير الشعبية اليهودية القديمة و بذلك أمكن الصهيونيون إنشاء نواة لقوة عسكرية هدفها الحقيقي هو خلق أمة يهودية في البلاد نحكم نفسها و تحقق إرادتها بالقوة و العنف تعتمد على نفسها و لا تعتمد على المرتزقة.

ثم برزت ملامح إيديولوجية (هاشومير) في الاقتراحات التي أعلنتها عام 1912 على أساس النقاط التالية:

1-                                ألا يقتصر دور(هاشومير) على توفير الحماية المادية للمستعمرات اليهودية بل عليها أن تغرس في السكان الإحساس بواجبهم في الدفاع عن أنفسهم.

2-                                أن توفر النواة العسكرية القادرة على توسيع نطاق الوظائف الدفاعية في المجتمع اليهودي في فلسطين.

3-                                يجب على (هاشومير) أن تعمل كقوة مسلحة محترفة في الدفاع عن المستعمرات اليهودية.

وما من شك في أن هذا البرنامج قد وضع حجر الأساس لنشأة المؤسسة العسكرية الصهيونية التي تهدف إلى خلق المجتمع اليهودي العسكري و توسيع نطاق الوظائف العسكرية  و إعطائها مركزا في المجتمع اليهودي و السيطرة عسكريا على مقدرات المستعمرات من خلال الإدعاء بحق الدفاع عن الشعب اليهودي و إنشاء قوة عسكرية مسلحة محترفة.

وإسنادا إلى هذا البرنامج قامت (هاشومير) باتخاذ الخطوات العملية لوضعها موضع التنفيذ فأسست الأجهزة السرية التنظيمية و التنفيذية لممارسة تلم المهام الواسعة و تحقيق أهدافها في تحويل المستعمرات اليهودية في فلسطين.

نجحت الحركة الصهيونية في إيجاد موطن قدم لها فوق أرض فلسطين كما أمكنها إنشاء النواة العسكرية و خلق الصهيوني المدرب عسكريا و عقائديا المشبع بفكرة العودة إلى أرض إسرائيل و إقامة الدولة اليهودية و كان وعد بلفور حدثا سياسيا اعتبرته الصهيونية نقطة تحول أساسية في تاريخها.

ففي 2 نوفمبر 1917 سلم وزير خارجية بريطانية اللورد (أرت جيمس بلفور) إلى اللورد (تتالى روتشيلد) زعيم الطائفة اليهودية في بريطانيا التصريح الثاني بعد أن أقره مجلس الوزراء البريطاني برئاسة لويد جورج.

"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وسوف تبذل كل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغابة على أن يكون مفهوما بوضوح ألا يتخذ أي إجراء يضر بالحقوق المدنية و الدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة الآن في فلسطين أو بالحقوق و الأوضاع السياسية التي يتمتع بها اليهود في أي بلد آخر.

وقوبل هذا التصريح بفرح كبير من قبل الصهيونيون واعتبروها نقطة تحول في تاريخ الشعب اليهودي، غير أن هذا التصريح لم يكن وليد ظروف وقتية معينة بل كان نتيجة جهود مضنية بذلتها الصهيونية و شاركت فيها الدبلوماسية البريطانية واستمرت عدة سنوات كما يشكل إحدى حلقات مخطط واسع النطاق أملته ظروف الحرب العالمية الأولى لخدمة الأغراض الإستراتيجية و تحقيق أطماع الدول الأوربية الكبرى في تقسيم ممتلكات الدولة العثمانية و إنهاء المسألة الشرقية.

و اعتبر  الصهيونيون وعد بلفور إشارة البدء لاستباحة أرض فلسطين و طرد أهلها العرب و بدأ عدد كبير من شباب اليهود في شرق أوربا تنظيم أنفسهم في حركة صهيونية سموها (ميحالوتس) أي الرواد التي وجهها و رعاها يوسف "تروميلدور" و شكلت هذه الحركة نمطا جديدا من الشباب اليهودي تجمع بين المغامرة و القتال.

و في أعقاب الحرب العالمية الأولى، بدأت موجة جديدة من أمواج الهجرة إلى فلسطين و أخذت طابع الشرعية بعد أن سمحت بها حكومة الانتداب البريطاني التي شاركت مشاركة حاسمة خلال هذه الحقبة في تدعيم قوى الصهيونية وترسيخ أقدامها في فلسطين، فخلال فترة تولى هربرت صمويل أول مندوب سامي بريطاني من جويلية 1920 حتى جوان 1925، اعترف بمبدأ تمثيل اليهود في الجمعيات ة اللجان الوطنية و المجالس المحلية. كما أصبحت اللغة العربية لغة رسمية في فلسطين و منحت الشركات الصهيونية امتيازات إنشاء الأعمال الرئيسية الهامة كالطريق و الكهرباء و أنشئت المحاكم اليهودية و افتتحت الجامعة العبرية في أفريل 1925، ومن أخطر الأعمال التي تمت خلال هذه الفترة إنشاء (المنظمة العسكرية الصهيونية السرية الهاجانة) واتساع نطاق الهجرة و الاستعمار الزراعي الصهيوني لفلسطين حتى تحت حماية سلطات الانتداب.

ما أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزانها في عام 1945 حتى نشطت  القوة الصهيونية في  السعي نحو تحقيق هدفها لقيام الدولة اليهودية فوسع زعماء الصهيونية نشاطهم بين العمل السياسي في الخارج و العمل العسكري في الداخل والخارج.

ففي 22 ماي 1945 "إيزرمان" إلى رئيس وزارة بريطانيا مذكرة طالبا إصدار فرار سريع يجعل فلسطين وطنا لليهود و السماح بنزوح 100 ألف يهود من أوربا إليها غير أن تشرشل طلب الانتظار قليلا. أما بن غوريون فقد ذهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على أكبر قدر من المساعدات العسكرية وانحصرت أهدافه هناك في الحصول على السلاح و من مصانع للأسلحة وتجديد متطوعين من يهود أمريكا للحرب ضد العرب في فلسطين.

و في أوت من نفس السنة انعقد أول مؤتمر صهيوني بعد الحرب العالمية الثانية في لندن و طالب المؤتمر بزيادة عدد المهاجرين اليهود في فلسطين لما يعادل 100 ألف يهودي غير أن السلطات البريطانية لم تستجب لهذا الطلب  وحددت الهجرة اليهودية بحيث لا تزيد عن 1500 مهاجر شهريا و إذا كان أمل فد خاب ولو مؤقتا فإن بن غوريون قد صرح في هذا الشأن قائلا: "لقد ضاع كل أمل في أن تنجز بريطانيا ما ارتبطت به و أصبح من الواضع أننا إذا لم ننجح في إنشاء دولة يهودية بالمبادرة من جانبنا وحدنا فستبقى أقلية مكبوتة مضطهدة في دولة عربية.

لقد أصبح من الضروري أن نجعل قضيتنا معروفة في العالم كله و خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية ويجب أن نكون مستعدين ومسلحين ومنظمين حتى يمكن  إنشاء الدولة والدفاع عنها وعلينا أن نتوقع نزاعا ليبس فقط مع عرب فلسطين بل ومع الدول العربية المجاورة أيضا وهذا يجب أن يدرب يهود فلسطين وتدرب الحركة الصهيونية على اجتياز الخطير بأن تستعد عسكريا للحوادث القادمة.

وعندما عارضت بريطانيا بادئ الأمر قيام الدولة اليهودية واتفاقها مع الولايات المتحدة الأمريكية على أن فلسطين تحت الانتداب وتخضع للوصاية بموافقة الأمم المتحدة والسماح فقط لمائة ألف يهودي من ضحايا النازية.

أعلن الصهيونيون رفضهم لهذا الإجراء وأصدر بن غوريون أوامره السرية للهاجاناة باستمرار الهجرة غير الشرعية و العمل على إنشاء  مستعمرات جديدة في الأماكن الممنوعة وإعلان العصيان المدني بعدم دفع الضرائب والإضراب عن العمل و الخروج في مظاهرات ولم يقتصر الأمر على ذلك بل انتشر الإرهاب الصهيوني في فلسطين بشكل مرعب اتحدت المنظمات العسكرية الإرهابية في عمل مشترك بين (الهاجاناة)و (الأرجون)و (شترز) لشن حرب عصابات ضم البريطانيين وتحركت الحكومة البريطانية لمهاجمة مقر الوكالة اليهودية ومكاتب لجانها المختلفة و القبض على زعمائها فتمكن عدد منهم من الاختفاء و على رأسهم بن غوريون وردت عصابة (الأرجون) على هذه الإجراءات البريطانية وحاولت الوكالة اليهودية ومنظماتها العسكرية الهاجاناة التنصل من هذا العمل غير أن الحكومة البريطانية أعانت اتهامها لعصابتي (الأرجون وشترن) بالتعاون مع الهاجاناة.

        كما أصدرت الحكومة البريطانية كتابا أبيض عن الإرهاب الصهيوني في فلسطين باسم(تقرير إعلامي حول أعمال العنف) تضمن الكثير من التفاصيل عن أعمال الإرهاب الصهيوني من قبل المنظمات الصهيونية كما أعلنت الحكومة البريطانية في سنة 1946 بعدم السماح في المستقبل بدخول المهاجرين اليهود وفي نفس الوقت دعت |إلى مؤتمر في "لندن" لمناقشة المشكلة اليهودية بحضور مندوبي الدول العربي واشترطت المنظمة الصهيونية لحضور المؤتمر موافقة الحكومة على دخول 100 ألف مهاجر يهودي إلى فلسطين و السماح بمناقشة مشروع إنشاء دولة يهودية في فلسطين و لكن العرب رفضوا مناقشة المشروعات الخاصة بالهجرة أو التقسيم وتأجل الاجتماع حتى يوافق اليهود على الحضور المؤتمر.

        وفي جانفي 1947 عاد مندوبو الدول العربية للاجتماع في لندن و رفض الصهيوني حضور المؤتمر ولكنهم قاموا وبمباحثات جانبية خارج المؤتمر مع الحكومة البريطانية مثل المنظمة الصهيونية "بن غوريون" وعرضت الحكومة البريطانية اقتراحا بعد عقد اتفاقية مدتها 5 سنوات، يصادق عليها مجلس الوصاية والأمم المتحدة وتتضمن:

1-                                إنشاء نظام للإدارة المحلية للمناطق العربية و المناطق اليهودية.

2-                                تكوين مجلس استشاري عربي-يهودي يساعد المندوب السامي في الإدارة.

3-                                السمح بالهجرة اليهودية بمعدل 400 ألف مهاجر شهريا لمدة سنتين.

ولقد رفض العرب و اليهود هذه الاقتراحات وأصر العرب على إعلان استقلال فلسطين في إيقاف الهجرة اليهودية واتخاذ تدابير لحماية الأراضي العربية، أما اليهود فقد تمسكوا بالدولة اليهودية، وإزاء ذلك أعلنت الحكومة البريطانية فبراير 1947، أنها فد اتخذت قرارا نهائيا لعرض المسألة الفلسطينية على الأمم المتحدة.

اجتمعت الجمعية العامة في أبريل 1947 في دورة خاصة للنظر في مسألة فلسطين، و قررت تكوين لجنة أسمتها (اللجنة الخاصة بفلسطين) التابعة للأمم المتحدة و شكلت اللجنة من 11 دولة هي: أستراليا، كندا، تشيكوسلوفاكيا، قواتيمالا، الهند، إيران، هولندا، البيرو، السويد، الأرغواي، يوغسلافيا. وفي جوان 1947 وصلت هذه اللجنة على القدس وانتهت من دراستها في أوت 1947 بتقديم تقريرها الذي تضمن جملة من التوصيات بعضها وافقت عليه اللجنة بالإجماع والبعض الآخر وافقت عليه بالأغلبية، وهي خاصة بإنشاء دولة عربية و أخرى يهودية وتضمنت التوصيات التي فازت بالإجماع أساسا ضرورة إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، أما تقرير الأغلبية فقد تضمن إنشاء دولة عربية وأخرى يهودية وتضمنت التوصيات التي فازت بالإجماع أساسا ضرورة إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، أما تقرير الأغلبية فقد تضمن إنشاء دولة عربية و أخرى يهودية  مستقلين بعد  فترة انتقال مدتها عامية تبدأ في سبتمبر 1947 و يوضع خلالها دستور لكل دولة من قبل الأمم المتحدة قبل الاعتراف باستقلالها وتكلف بريطانيا بإدارة شؤون فلسطين تحت رعاية الأمم المتحدة خلال فترة الانتقال. أما بالنسبة للقدس فتوضع بعد فترة الانتقال تحت نظام الوصاية للأمم المتحدة باعتبارها السلطة الإدارية.

وفي أكتوبر 1947 شكلت اللجنة السياسية لجان فرعية لدراسة التوصيات، ووضع تفاصيلها واختص إحداها بوضع خطة تقسيم فلسطين  وأخرى بدراسة اقتراح إنشاء دولة موحدة، وبعد انتهاء دراسة اللجان الفرعية عرضت على اللجنة السياسية تفاصيل اقتراح الدولة الموحدة على أساس مشروع الأقلية و الذي عارضه اليهود منذ البداية و لكن لم ينل هذا الاقتراح موافقة الأغلبية، ثم وافقت اللجنة بالأغلبية على خطة التقسيم المقترحة التي وضعتها اللجنة الفرعية المختصة.

وفي 26 نوفمبر اجتمعت  الجمعية العامة للأمم المتحدة للنظر في تقرير التقسيم وسعت الدولة الغربية إلى تأجيل الاقتراح حتى يمكن توفير الأغلبية المطلوبة، وتحدد يوم 29 نوفمبر 1947 للتصويت على مشروع التقسيم، وبعد توتر شديد وضغوط من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وافقت الجمعية العامة على قرار التقسيم بأغلبية 33 صوتا (من بينهم الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد السوفيتي) ومعارضة 13 صوتا (من بينها الدول العربية) ولعبت الولايات المتحدة دورا أساسيا لتحقيق الأغلبية للمشروع.

ومن أهم فقرات قرار التقسيم ما يلي:

1-                                إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1947 على أكثر تقدير.

2-                                جلاء القوات البريطانية تدريجا قبل أوت 1948.

3-                                لا يتأخر قيام الدولتين العربية و اليهودية وكذا النظام الدولي الخاص بمدينة القدس عن أول أكتوبر 1948.

4-                                قيام السلطات البريطانية عند جلاء قواتها بتسليم السلطة تاريخا إلى لجنة تابعة للأمم المتحدة مكونة من خمسة أعضاء.

5-                                قيام لجنة الأمم المتحدة بتكوين حكومة مؤقتة لكل من الدولتين.

6-                                يكون للحكومتين المؤقتتين حرس وطني مسلح.

وهكذا و بعد انقضاء ثلاثين عاما (1917-1947) منذ صدور وعد بلفور أمكن للصهيونية تحويل فلسطين العربية إلى دولة صهيونية.

ما أن صدر قرار الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947 و القاضي بتقسيم فلسطين حتى أعلن العرب رفضهم لاقتطاع الأراضي العربية و تكونت دولة يهودية في قلب الوطن العربي و بدأ العرب نضالهم فانتشرت المقاومة  في أنحاء فلسطين واضطرت (الهاجاناة) إلى اتباع الأساليب الدفاعية أول الأمر لبضعة أشهر قصتها في حشد القوى وتجنيد المهاجرين وتسليخ القوات والاستعداد لتوجيه ضربته الكبرى بمجرد اكتمال المخطط و تجهيز الوسائل وعندما رأى الصهيونيون تباطأ الأمم المتحدة في تنفيذ قراراتها بإنشاء الدولة اليهودية قال بن غوريون، أن تكوين الدولة اليهودية لا تعتمد على قرار 29 نوفمبر 1947 مما له من قيمة معنوية و سياسية لأن ستخلف بواسطتها، فنحن الذين نقرر مصير البلاد.

ومضت الصهيونية في تنفيذ مخططها المرسوم فأصدر بن غوريون في 25 مارس 1948 أمرا، للهاجاناة بتعبئة أكبر مجموعة من القوات لاحتلال القدس واستدعى القادة المكلفين بالعملية لإعطائهم التعليمات ويعتبر الهجوم على القدس نقطة تحول هامة في الإستراتيجية الصهيونية و بداية لتنفيذ المخطط الكبير للاستيلاء على فلسطين بدءا بالقدس و جعلها عاصمة أبدية لدولة إسرائيل.

كما أعلنت الحكومة البريطانية عن عزمها بالإسراع في إنهاء الانتداب وسحب قواتها المسلحة في موعد أقصاء15 ماي 1948.

وفي 15 أبريل اتخذ المجلس الصهيوني العام قرارا ببدء حرب الإبادة وإقامة الدول اليهودية بالقوة المسلحة وإعلان التعبئة العامة وتنظيم السيطرة على البلاد.

تضمنت قرارات المجلس الصهيوني ما يلي:

1-                                استدعاء كل الرجال لحما السلاح والعمل في المستعمرات.

2-                                استغلال جميع وسائل النقل في البحر و البر و الجو لتوفير الإمدادات العسكرية من الخارج.

3-                                تنظيم الاقتصاد والصناعة و الزراعة والتجارة الخارجية والسيطرة على توزيع المواد الغذائية و المواد الخام، بحيث يمكن الاحتفاظ بنمو القوة العسكرية.

4-                                إقامة سلطة مركزية عليا واحدة في المجتمع اليهودي.

5-                                عدم الوقوف عند تكتيكات الدفاع بل القيام بالهجوم على كل الجبهات داخل فلسطين وخارجها وتوجيه الضربات حيثما كان العدو.

وهكذا ومع أوائل افريل 1948 كانت القوات الصهيونية المسلحة ومنظمتها الإرهابية قد أتمت استعدادها لتوجيه الضربة الرامية إلى تفريغ فلسطين من سكانها العرب بأعمال القتل الإرهاب. وقبل هذه الفترة كان العرب يسيطرون على معظم أراضي فلسطين إلا أن الموقف تغير تغييرا كبيرا إذا بدأت (الهاجاناة) هجوما عاما بهدف الاستيلاء على كافة المراكز الحيوية في فلسطين.

وفي مساء 14 ماي 1948 أعلن بن غورين عن إنشاء الدولة اليهودية تحت اسم دولة إسرائيل ولم يكد ينشر نبأ إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وإعلان دولة إسرائيل حتى سارعت الولايات المتحدة الأمريكية بعد دقائق من الإعلان إلى الاعتراف بإسرائيل وكان(حاييم ويزمان) قد أرسل خطايا للرئيس الأمريكي، هاري تورمان في 13 ماي 1948 يطلب منه سرعة اعتراف الولايات المتحدة بإسرائيل حيث جاء في خطابه.

"في 15 ماي سوف ينتهي الانتداب البريطاني وتتولى الحكومة المؤقتة للدولة اليهودية مسؤوليتها كاملة في المحافظة على القانون و النظام داخل حدود الدولة اليهودية ولدى أمل عميق في أن الولايات المتحدة الأمريكية التي فعلت الكثير تحت قيادتهم لتحقيق حق عادل سوف تعترف فورا بالحكومة المؤقتة للدولة اليهودية الجديدة واعتقد أن العالم سوف يعتبر ذلك تقديرا خاصا حيث يرى أكبر الديمقراطيات المعاصرة أول من ترحب بالدولة الحديثة في الأسرة الدولية".

وفي اليوم التالي لإعلان الدولة وتعيين "ويزمان" رئيسا لها، دعاة الرئيس الأمريكي "هاري تورمان" لزيارة واشنطن وعلق "ويزمان" على تأييد "تورمان" له بقوله: "إن تورمان قد وعد بكل المساعدات السياسية والاقتصادية التي تحتاجها إسرائيل قي الشهور العصبية المقبلة".

وعندما أنزل العلم البريطاني عن دار الحكومة في القدس يوم 14 ماي 1948وغادر البلاد (السير الآن كننجهام) آخر مندوب سامي كانت القوات الصهيونية قد فرضت سيطرتها على رقعة كبيرة من البلاد، وهكذا اعتمدت بريطانيا وهي تعلم طبيعة الموقف داخل فلسطين ألا تتخذ أي اجراء من شأنه فرض السيطرة على البلاد أو نقل السلطة إلى الأمم المتحدة حسب فرار التقسيم.

أولهما: فصير المدى وهو تحقيق الأمن وفرض الوجود الصهيوني. وثانيها: بعيد المدى وهو تحقيق الأطماع الصهيونية وفرض السلام الإسرائيلي ومن ثم فقد استندت سياسة الأمن الصهيوني على تحقيق قوة الرد الذاتية يقينا منها بأن طريق القوة سوف يكفل في النهاية استسلام العرب لأن العرب حسب الحركة الصهيونية  لن يجدوا دافعا لعقد سلام مع إسرائيل الضعيفة، فعندما يقتنع العرب بأن إسرائيل لها من قوة ما يمكنها من هزيمتهم، عندئذ سيرضخون لها، وقد كشفت إسرائيل بعد قيام الدولة عن هذه السياسة واتبعت أسلوبين عسكريين يعتمدان أساسا على إثبات قوة الردع الإسرائيلية، وهما:

الأول: هو الردع بالإغارات و الضربات الانتقامية بغرض تحقيق الأمن من خلال تأثر مادي و معنوي على العرب لعجزهم عن تحدي الصهيونية و تثبيت الوجود الصهيوني الإسرائيلي في المجالين العربي و العالمي كأمر واقع يجب الرضوخ لها.

الثاني: هو الردع بالحرب الوقائية بعرض تحقيق جزء من الأطماع الصهيونية التوسعية وذلك ستار حق الدافع عن النفس والقضاء على التهديد العربي الخارجي مع تبرير العدوان بأي مبررات.

لذلك كله فإن الضرورات العسكرية الإسرائيلية قد شكلت دائما المحور الذي دارت حوله كافة السياسات الإسرائيلية طوال السنين الماضية والتي هدفت دائما إلى توفير السلاح لجيش إسرائيل.

1-                                              العمل على تفتيت القوى العربية بالوسائل السياسية و الاقتصادية وبالحرب النفسية. 

2-   تكوين القوى الذاتية الإسرائيلية الرادعة بخلق القاعدة العلمية الصناعية الحربية ومحاولة امتلاك وسائل مطلقة للردع الشامل أي أسلحة الدمار الشامل بمختلف أنواعها وأشكالها.

وهذا ما تعتقد إسرائيل أنها حقيقة حاليا في الواقع الحرب المعيش وأن كان المستقبل بحسب المحللين يبقى مفتوحا على احتمالات قد تكون مغايرة وهو ما تعمل على تحقيقه بعض الأنظمة العربية  وتسعى إسرائيل في ذات الوقت إلى اغتياله لكل الوسائل. وما خطة تدمير العراق  إلا اختراع صهيوني لابعاد الخطر عند إسرائيل.
 

Voir les commentaires

<< < 1 2 3 4 5 6 7 > >>