مشاريع المنظمة السرية الارهابية في الجزائر
وثيقة سالان وبداية المجازر
اعداد /صالح مختاري
لقد بينت الحوادث الدامية التي وجدت في بعض المدن الجزائرية و خاصة في وهران و العاصمة ، بعد وقف القتال أن المنظمة السرية مصممة على إحباط الاتفاقات الجزائرية الفرنسية ، و نشرت صحيفة لوموند الفرنسة فقرات ومعلومات مدققة عن برنامج و مشاريع المنظمة الفاشستية و هي برامج التي تنذر بأخطر الشرور إذا تمكن أصحابها من تنفيذها . حاولت منظمة الجيش السرية أن تخفي حتى اللحظة التي يبرم فيها وقف القتال أن تخفي بكل عناية نواياها المضبوطة قاصدة من وراء ذلك الاستغلال المفاجأة التي تتلو حيرة السكان و جهلهم لبرامج الإرهاب الأوروبي و قد شمل هذا الجهل إلى حر الأيام الماضية السلطات الرسمية ذاتها حيث أن المعلومات بشان مشاريع المنظمة السرية ناقصة لكن عثورها على عدة مستندات و وثائق ببعض المعلومات حول هذه المشاريع . فقد علمنا أن التفتيش الذي جرى بإحدى الفيلات في ضواحي العاصمة الجزائرية أتت بثمار لا باس بها ، كما وقعت بين أيدي قوات الأمن في عمالة قسنطينة وثائق أخرى أتت بمعلومات هامة ، يتضمن جزء من هذه المستندات كمية وافرة من المعلومات التفصيلية حيث وجدت بها عدة تصميمات لتجنيد الأوروبيين و برامج مكتوبة بالألغاز و قوائم الأسماء و مشاريع خاصة بنشاط العصابات داخل المدن . و من طبيعي أن يسارع قادة المنظمة السرية حالما علموا باكتشاف هذه الوثائق إلى تخفيف من مدار تبليغ السلطات عليها و لا شك أن البرامج و التعليمات التي عثر عليها قد تم استبدالها ببرامج و تعليمات أخرى ، في ظرف قصير و مع ذلك فان هناك تعليمات و تنظيمات عامة لا يمكن إلغاؤها أو استبدالها بسرعة اللهم إلا إذا كان قادة المنظمة قد ضبطوا منذ البداية نوعين من البرامج بحيث يسهل عليهم تعويض البرامج المكتشفة ببرامج مجهولة . انه أهم وثيقة التي عثر عليها هي تلك التي تتضمن تعليمات أمضاها سالان في 23 فيفري المنصرم و التي يرفقها أمر عام بتوقيع الكونونيل الذي يقود المنظمة السرية في المناطق الشرقية من القطر الجزائري و قد صدر هذا الأمر العام في 4 مارس الجاري . أما التعليمات سالان في عبارة عن وثيقة من 6 صفحات و تبدأ بهذه العبارة (( إن الحدث المحتوم على وشك الوقوع )) و يعني بذلك وقف القتال و يضيف قائد المنظمة السرية قائلا (( يتعين علينا إذن أن نستغل الأيام القليلة التي تفصلنا عن وقف القتال لندرس بصفة مدققة الوضعية و ردود الفعل لتي سنتخذها ... أريد أن أسيطر بقدر المستطاع على الأحداث ، أريد أن أتسبب فيها و ليس أن أتحملها و بعبارة وجيزة ارفض مسبقا كل فكرة دفاعية بحيث نكون في موقف الهجوم العام ..)) ثم يأخذ سالان في تحليل العناصر التي يتألف منها الوضع الراهن فيلاحظ في صدد الحديث عن الخصم بان قوات الأمن احتشدت في كبريات المدن و أنها وفرت لنفسها وائل هائلة من اجل الوقوف في وجه حركة تظهر في الشارع مهما كان مصدرها )) و يبدو تحت عنوان وضعيتنا الملاحظات التالية
في شأن السكان (( أعتبر أنس السكان المدن الكبيرة بلغوا الوحدات العسكرية فرصة الإعلان عن وقف إطلاق النار لتقطع الخطوة الحاسمة و تدخل في الكفاح بقيادة ضباط صغار السن ..)) في شأن المقاومين في الجبال (( أن المقاومين الذين لدينا في الجبال لا يشكلون أداة حاسمة لانجاز مهمتنا ، و لهذا فاني ألح على تنفيذ البرامج الراهنة بكل استعجال ...)) و يستخلص الجنرال سالان من هذه الملاحظات نواياه على النحو التالي فيقول استنادا على العناصر المسبقة الذكر فاني انوي
- إفساد مناورات الخصم و إرغامه على تغيير برامجه جزئيا أو بصفة كاملة .
-الهيئة التنفيذية الجديدة من أداء مهمتها .
- إقامة نشاطنا على الوسيلتين اللتين بين أيدينا أي الجيش و المقاومين في الجبال من ناحية ، و من ناحية أخرى السكان المدنيون باعتبارهم جيشا في أوائل الأمر و بحرا نسبح فيه في أخر الأمر ، و الغرض من ذلك هو استغلال التعفن يجب أن ينتج عن مناوراتنا .
- اعتمادا على المعلومات التي عبرت عنها في عدة مناسبات التي أريد منكم أن تقوموا بترد ملحوظ
- و أخيرا بودنا يساهم التراب الفرنسي بقدر الإمكان في تنفيذ برامجنا بصفة عملية و ايجابية ...))
ثم تأتي بعض التفاصيل في وثيقة سالان ، فيقول بخصوص اختيار التاريخ في تنفيذ هذا البرنامج ((( نظرا إلى أن وقف القتال أمر محتوم فانه تاريخه سيكون هو تاريخ الشعور في هذه المرحلة الجديدة من نشاطنا .
و أما النشاط ذاته فانه يجب ان يكتسي صبغتين
- إنشاء مناطق ثورية في الأرياف على أساسا الوحدات العسكرية التي تلتحق بنا و المقاومين الموجودين في الجبال
-مضاعفة الجو الثوري إلى أقصى حد داخل المدن الكبيرة و يتوجه سالان بأمر إلى قواد المناطق ليحثهم على (( للشروع في جلب الوحدات العسكرية التي أبت نيتا في الانضمام إلينا ))ويعرب عن رغبته في (( أن تتكون بين 15 مارس و 20 مارس بكامل القطر المناطق ثورية ))
و لكن سالان يوجه عناية خاصة للمدن كبيرة فيقول (( يجب علينا تكسير النظام الذي يحفظ به الأمن فيها )) و يعد في هذا الصدد الأوامر التالية
- إطلاق النار بدون تردد على وحدات الجندرمة المنتقلة و الحرس لجمهوري
-اللجوء إلى استعمال جميع الوسائل الشوارع مثل مراكز توزع البنزين .
-في حال الهجوم من طرف المسلكين يجب الدعوة السكان الأوروبيين إلى التزام منازلهم ي موقف دفاعي ، و في نفس الوقت تنتصب فرق دفاعية مسلحة في المواقع مختارة للدفاع عن السكان إذا عجزت قوات الأمن عن صد الهجوم .
-كل هذه العمليات ليس بالضرورة أن تقوم بها فرق الانقضاض المختصة بل يجب أن يشترك فيها المدنيون المسلحون.
- تخرج الجماهير إلى الشوارع بأمر من قواد المناطق يتطور في صالحنا ...
- و على كل حال فإنه من الضروري أن يدرك كل شخص مهما كان مستواه أن هذا العمل لا يجب أن يجري في مرة واحدة أي أنه ليس انقلابا ولكنه حملة متسللة الحلقات في الوقت و المساحة و أن هذه الحملة يمكن و يجب أن تكون حاسمة .
و يخصص قائد المنظمة السرية فقرة لدور التراب الفرنسي فيقول (( إن المندوب العام للمنظمة في فرنسا سيسعى إلى تنسيق وسائله و إمكانياته في فرنسا على غرار ما يجري بالجزائر ، و أنها من البديهي أن الوضع هناك له مميزاته المتجهة بصفة خاصة نحو خلق جو سياسي بمناسبة نشاطنا في الجزائر ))
هذا و اكتشفت قوات الأمن وثيقة ثانية بعنوان (( البرنامج العام لنشاط الدعائي )) و تكمل هذه الوثيقة الصادرة في 24 فيفري التعليمات الخاصة بالنشاط المسلح ، و تتعلق الوثيقة الثانية أولا بتنوير الأذهان حول حقيقة الخصم بالنسبة للحركة السرية المسلحة ، و الخصم يتمثل قبل كل شيء في الهيئة التنفيذية التي تعتبر حكومة الجبهة في الجزائر ، و تتضمن الوثيقة من ناحية أخرى التعليمات الضرورية لمواجهة التأثيرات التي يمكن أن تحدثها الحملة الإخبارية التي تقوم بها الحكومة ، و يتمثل الرد على الحملة الرسمية في السخرية من الضمانات لممنوحة للأوروبيين ضمن اتفاقات افيان و يوجد من بين الوسائل الدعائية التي يدعوا إليها سالان توزيع النشريات و المعلقات و المناشير و الإكثار من الكتابات على الجدران و الإذاعات السرية .
أما الوثائق المحجوزة الأخرى فإنها تفصل بعض النقاط التي تضمنتها التعليمات السابقة لسالان ، و مثال ذلك أن الوثيقة التي حررها قائد منطقة قسنطينة تلح بالخصوص على ضرورةالتحاقوحدات عسكرية بالمتمردين و ظهور مناطق ثورية ، و يقول في هذا الصدد (( انه من المستحسن ان تضم بعض هذه المناطق مدنا بدون ان يؤدي ذلك الى وقوعنا في حالة دفاعية )) و يقول في شان النشاط الخاص بالمدن (( أسلوبنا سيتمثل في خلق في خلق كافة الحوادث الممكنة و الخاصة في حالة تظاهر المسلمين مع تحاشي اصطدامنا بقوات الأمن ، بل يجب أن نجر هذه القوات إلى تسليط قمعها على المسلمين الموالين للجبهة )) . و أما بخصوص علاقات المنظمة السرية بالمسلمين فانه ورد في بعض الوثائق مايلي (( إن التجربة بينت بان أفراد قلائل من لفرنسيين المسلمين الذين هم من أصل جزائري أو المنصبين في عاصمة الجزائر تطوعوا للقيام بعمل مسلح في الأحياء الآهلة بالفرنسيين المسلمين )) و هنا فقرة أخرى تعطينا فكرة عن الاغتيالات التي جرت مؤخرا ضد الجزائريين العاملين في المراكز الاجتماعية و الصيدليات بعاصمة الجزائر تقول هذه الفقرة (( يجب الاعتداء على الشخصيات الإسلامية المثقفة الذين يمثلون سندا للثورة على الأخص الأطباء و أطباء الأسنان و الصيادلة المسلمين فكلما يشك في أن واحدا منهم يعطف على الجبهة يتعين اغتياله ، و معنى ذلك أنه يجب أن يشعر الوسط الإسلامي بضرورة استمرار وجود فرنسا في الحياة اليومية ...)).