Overblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

كتاب حروب امريكا اسرائيل وبريطانيا على العراق/محاولات تدمير القدرة العسكرية العراقية /المؤلف صالح مختاري

محاولات تدمير القدرة العسكرية العراقية

أرض العراق نار وسماؤه لهب جحيم لا يطاق، هذه هدية الأمريكان والأذناب إلى أرض الرافدين مهد الحضارة الإنسانية الأولى، بالقرب من مواطن الأنبياء، أرض لا تزال تفوح بحرارة أنفاس النبوة الخاتمة والرسالة الخالدة، رغم رائحة النفط العفنة وفساد الخلق والعباد الذي عم وغشى في بلاد النتيجان والصولجان بالخليج وما جاوره.

إن سر الوثبة العملاقة التي جعلت العراق يقف في وجه الحلفاء بقيادة أمريكا وينتصب أمامها وجها لوجه في منازلة فريدة من نوعها في التاريخ، نترك الحديث عن الأسباب السياسية والنفطية ونحاول أن نقتفي آثار مسيرة العراق في بناء قوته العسكرية التي خاضت معركة المصير، فما هي حدود هذه القوة التي صنعت الثقة والصمود العراقي الذي لم يبالي بكل ما حشدته له أمريكا وأتباعها؟

يتفق العدو والصديق بأن العراق قد قطع شوطا لا بأس به في كسر طوق الاحتكار في تكنولوجيا صناعة الأسلحة وعلى الخصوص في صناعة الصواريخ والسلاح الكيمياوي المزدوج بالإضافة إلى شرائه خلال العقد المنصرم منظومات وأسلحة يقدر الغربيون قيمتها بـ 50 مليار دولار لتسليح جيشه وضمان تفوقه النوعي أثناء مواجهة الجيش الإيراني طيلة ثماني سنوات كان يعتمد فيها هذا الأخير على الكثافة العددية والأمواج البشرية لسكر القوة الضاربة للجيش العراقي.

و أمام انعدام المعلومات الحقيقية فإننا نعتمد على المصادر الغربية. ونشير إلى أن هذه المصادر مهما حاولت أن تكون موضوعية فيجب أن نأخذها بحذر وتحفظ شديدين. لأن الأمر قد لا يخلوا من المغالطة كالمبالغة حينا والتقليل أحيانا أخرى. هذا من جهة، كما أنه من الغباء الاعتقاد بأن أخطبوط هذه المصادر يمكنه الوصول إلى معرفة كل الحقيقة من أسرار التسلح وإمكانيات العراق العسكرية بدقة متنافية، فلو كان ذلك بمقدورها لما وقع الحلفاء في هذه الخبطة مع الأيام الأولى، لبداية الحرب، ولما أعدوا كل هذه العدة لتدمير العراق من جهة أخرى.

وفيما يخص سلاح الدبابات الذي كان له الدور الأساسي في عملية اجتياح الكويت، وهو السلاح الذي تخشى الجيوش العربية مواجهته في الصحراء، فحسب المعلومات المتداولة يبلغ عدد الدبابات العراقية حوالي 5300 دبابة معظمها سوفييتية الصنع من بينها 500 دبابة ت 72 الحديثة التي كانت تسمى عروس الدبابات لسنوات عديدة قبل ظهور دبابة ت.80، والدبابة ت.72 هي التي اعتمد عليها العراق في مواجهة أحدث الدبابات الأمريكية والبريطانية والألمانية في الحرب البرية التي كانت الفاصل في حسم الحرب، ولهذا فالائتلاف الغربي بزعامة الولايات المتحدة يحسب ألف حساب حتى لا يقع في الخطأ مثلما حدث في الحرب الجوية التي فشلت في تحقيق أهدافها العسكرية رغم كثافتها وقوتها التدميرية. وعلى الرغم من أن الدبابات العراقية التي تمثل أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا لا تتجاوز في عددها 500 دبابة إلى أن الغربيون يتخوفون من العدد الإجمالي في حد ذاته، كما أنهم وضعوا في الحسبان الخبرة القتالية لأفراد القوات العراقية المدرعة وقدرتها على الاستعمال المثالي والأداء العالي الذي يطغي عن الجانب التقني لبعض التشكيلات القديمة نوعا ما في الدبابات العراقية. وهو ما ظهر من خلال معركة الخفجي التي كشفت بعض المفاجآت العراقية في سلاح الدبابات.

أما فيما يخص سلاح المدفعية فإن العراق لم يعتمد على الاتحاد السوفييتي فقط كمصدر وحيد لاقتناء السلاح إذ عمل على المقايضة بين امتيازات التكنولوجيا في عالم السلاح على عدد لا بأس به من الأنظمة المدفعية المتطورة منها أجيال متطورة من المدافع السوفييتية ذاتية الحركة، ومجموعة من مدافع الهاوتن ومدافع فرنسية ذاتية الحركة، وقد توصل العراق من خلال المفاضلة إلى إنتاج مدافع عراقية، منها ما يصل مداه إلى حوالي 39كلم، ومجموع أنواع المدفعية التي بحوزة العراق تشكل نظما ممتازة يمكنها منافسة ومقارعة المدفعية العربية، يبقى فقط عائق بسيط ولكن مهم للغاية وفق عائق الذخيرة، فإذا كان العراق يتوفر على كميات كبيرة فبإمكانه أن يخوض حربا رئيسية وبالمدفعية ولمدة طويلة، وجدير بالذكر أن للعراق مصانع لإنتاج الذخيرة والألغام والمتفجرات التي لا تقل كفاءة عن نظيراتها لدى جيوش الحلفاء، وفي التي سمحت له بإقامة شبكة من حقول الألغام في الجبهة وعلى طول حدوده مع السعودية وتركيا وحسب المصادر الغربية فإن العراق قد توصل إلى إنتاج متفجرات شديدة المفعول تتشكل من مزيج من الهواء والينزين تنتشر على ارتفاع 10 أو 13 مترا فوق سطح الأرض وتتفجر عند امتدادها على مساحة تتراوح بين 200 و300 متر بفعل شحنة متفجرة ثانية تسفر عن انفجار هائل وحرارة كبيرة ووميض باهر، ومن المعلوم أو تقنية المزج بين الهواء والبنزين في صناعة المتفجرات غير محدودة وإذا استطاع العراق أو يسيطر عليها ويتحكم فيها فبإمكانه أن يتحصل على سلاح فتاك يصل في قوته التدميرية إلى درجة صلاح نووي صغير يستعمل في ساحة المعركة فقط.

أما بالنسبة لسلاح الطيران الذي لعب دورا حاسما في الحرب ضد إيران فالمصادر الغربية تزعم أنه استطاع السيطرة والتفوق بسبب غياب الطيران الإيراني عن المشاركة في المعركة. أما في هذه المرة فإن فعالية محدودة جدا لا حظ له في المواجهة بالنزال أمام الآلة الأمريكية والبريطانية والفرنسية، وهذا من الناحية النقدية صحيح جدا، إلا أنه يحمل بالمقابل شيئا من الحرب النفسية على العراق وترهيبه بالتفوق الغربي المطلق في ميدان المواجهة الجوية كما أن الغرب كان يخشى إلى حدود بعيدة مفاجآت الطيران العراقي وشجاعة صقور الجو العراقيين، ولهذا ركز الحلفاء على تدمير الطيران الحربي العراقي ومنشأته لتحييده، وهو أمر لم يتحقق بعد 45 ألف طلعة للإغارة على الأهداف العسكرية كما يزعم الحلفاء، وهذا بفضل الاستعداد العراقي وتحصينه لقواعده وعيون الفضاء التي تاهت وراء السراب، بينما احتفظ العراق بقوته الجوية في القوت المناسب، وهو ما أثار  حفيظة الحلفاء خاصة بعد أن لاحظ توجه عدد من الطائرات العراقية إلى إيران طلبا للجوء والحماية بعد انكشافها ومراقبتها من طرف العدو، فهي لا تستطيع العودة مباشرة لتنفيذ المهمات القتالية إلى مخابئها، ولا شك أن الحلف الغربي سوف يجعل هذه الحادثة مشكلة سياسية وضجة إعلامية لإخراج إيران وفرملة اندفاعها في مؤازرة العراق، وقد لا يستغرب أن يمارس الحلفاء ضغطا كبيرا على إيران التي أعلنت حيادها في الحرب على أساس قرارات مجلس الأمن وتطبيق الحضر والحصار المطبق على العراق لغلق الحدود الإيرانية المنفذ الوحيد الذي تتنفس منه بغداد والملجأ الذي يقصده الفارون من جحيم القصف الجوي المكثف على المدن العراقية.

وبحسب المصادر الغربية فإن سلاح الجو العراقي يضم 300 طائرة مقاتله أغلبها من صنع سوفييتي من أجيال الميغ 23 إلى 29 سوخوي.24 التي تعتبر طائرة متقدمة جدا بفضل تقنيتها وقدرتها على العمل في أصعب الظروف الجوية والعسكرية وعلى مسافات بعيدة وبحمولة تتراوح ما بين 2.5 إلى 2 أطنان ولكن الغرب كان يملك معلومات كافية عن هذه الطائرات التي يملكها العراق من هذا الطراز، وهناك أيضا مقاتلات الميراج الفرنسية التي بمقدورها حمل الأسلحة المتطورة مجهزة ولكنها لا تصل إلى درجة SU-24 التي تعتبر طائرة استراتيجية بالمواصفات القتالية.

لقد حاول العراق امتلاك كل الأسلحة والمعدات التكنولوجية الضرورية التي تضمن له الاستقلال والتكامل بين الأنظمة والأسلحة، ففي هذا الجانب –مثلا- اشترى في السنوات الأخيرة مجموعة من أنظمة الاتصال والمراقبة، ومجموعة من الفرقاطات الحديثة والزوارق التي تتحمل الصواريخ من إيطاليا، ولكن ضيق المجال البحري لا سيما في ظل وجود الأرمادا البحرية  الضخمة للحلفاء في مياه الخليج يشكل عاملا يحد من استعمال العراق لقواته البحرية على نطاق واسع رغم توفره على صواريخ أكسوزيت الفرنسية التي تعتبر من أحدث وأخطر الأنظمة المضادة للسفن الحربية.

ولم يكتف العراق بالحصول على هذه الأنظمة وعلى الآلة الجاهزة بل عمد إلى الموازنة بين هذه الأنظمة التكنولوجية والمفاضلة بينها والاستفادة منها في الصنع والابتكار والتعليم منها، وهذا رغم الرقابة المتشددة عليه وعلى غيره من دول الجنوب، بقي أن الجانب الحقيقي والتحدي الكبير الذي دفع الغرب كله بزعامة أمريكا ومن ورائها إسرائيل إلى الانقضاض على العراق في هذا الوقت بالذات، فهذا الجانب هو الأسلحة غير التقليدية بما تشكله من تهديد على إسرائيل، بينما يدعي الغرب أنها تهدد الأمن والسلم الدوليين  وبإيعاز من إسرائيل واللوبي الصهيوني تحركت الآلة الحربية الغربية بكل وسائلها السياسية والإعلامية والعسكرية لتدمير العراق القوة الناشئة والمنبعثة من رحم الهزائم  الغربية المتكررة على الصعيد السياسي والعسكري أو حتى الحضاري فالولايات المتحدة تدعى أن العراق هو أكبر منتج للأسلحة الكيميائية لا سيما الغازات السامة مثل غازات الأعصاب والخردل وتدعى أنها فتاكة جدا أكثر من نظيراتها عند السوفييت والأمريكان وتفيد مصادر البنتاغون أن الترسانة العراقية غير التقليدية تشمل الأسلحة البيولوجية، إذ تمكن العراق من الحصول عليها بمسادة الغرب بالدرجة الأولى لا سيما من خلال تعامله مع مجموعة من الشركات الألمانية الصغيرة التي وجدت التعامل مع العراق عملية مربحة للغاية مقابل تزويده بالمعدات والتقنيات التي يطلبها.

وقت يكون النجاح الذي حققه العراق في مجال الصواريخ من أكبر التحديات التي أثارت الغرب خاصة وأن العراق قد استعملها فعلا في ضرب إسرائيل والسعودية ردا على الحرب الجوية التي شنتها الحلفاء على العراق لتدميره تدميرا كاملا، ويقول الغربيون أن الصواريخ سوفييتية مت طراز "سكود بي أس Scud BS أدخل عليها العراقيون تعديلات طفيفة لزيادة مداها هذا في الظاهر، أما في الخفاء فهم على يقين أن الحقيقة غير ذلك، ويدعى الأمريكيون أن النجاح العراقي ما كان ليتم لولا المساعدات الأوروبية خصوصا من إيطاليا وألمانيا والنمسا التي كان وراء تطوير الصاروخ "الحسين" ثم "العباس" وهذا رغم تأكيدات العراق أنها من ابتكاره وصنعه الخالص وليس من تعديلات صاروخ سكود السوفيتي وقدم العراق دليلا على هذا القول وهو أن منظومة الباترويت الضمادة لصواريخ لا تستطيع السيطرة على الحسين والعباس لأنها وضعت خصيصا. للتعامل مع صواريخ "سكود" وبالتالي لا يمكنها التصدي لصواريخ الحصين والعباس لاختلاف نظام التوجيه والمراقبة عن ناظم "سكود"وفي مقابل التقليل الأمريكي من شأن صواريخ الحسين والعباس يقولون أن العراق يقوم بتطوير جيل جديد من الصواريخ الأبعد مدى والأكثر دقة، وحسب مصادر البنتاغون فإن مركز أسعد 16، للتكنولوجيا بمدينة الموصل شمال العراق يعتبر أكبر مركز لأبحاث الصواريخ في العراق.

بعد النجاحات الملحوظة باعتراف العراق وشهادة العرب بأن العراق يشكل قوة عسكرية تقليدية في المنطقة ويمتلك ترسانة ضخمة من الأسلحة الكيماوية –الكميائي المزدوج- والبيولوجية والصواريخ إلا أن الخبراء الغربيون يتساءلون عن مدى قدرة العراق على امتلاك الأسلحة النووية سواء بصنعها أو باقتنائها، وازدادت شكوك الغرب بعد التصريح الغامض للرئيس صدام حسين عن تجهيز صواريه بكل أنواع الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية. غير أن الملفت للنظر هو تراجع الغرب عن حملة الادعاء بامتلاك العراق للسلاح النووي فيتجرد تلميح الرئيس العراقي بذلك انعكست الآية رأسا على عقب، إذ أصبح خبراء الغرب وساسته يقللون من قدرة العراق ويستبعدون إمكانية امتلاكه للسلاح النووي وهذا لطمأنة الرأي العام لدول الحلفاء وإسرائيل من مخاطر الرد العراقي بالسلاح النووي، وهذا الموقف الغربي يعكس درجة الحالة النفسية للحلفاء وخشيتهم من مفاجآت عراقية قد لا يستطيعون التنبؤ بعواقبها وحدودها في حرب الخليج التي كانت بدايتها تدميرا شاملا لكل ما هو فوق الأرض العراقية من حياة وعمران ومدنية، وهو ما يدل أن الآلة الأمريكية تستطيع التدمير وتستطيع الحرب ولكنها في المقابل لا تقدر على البناء وصنع السلام.

إن ادعاءات واشنطن التي تقول بأن العراق قد تمكن عقب نهاية حربه مع إيران من إعادة بناء برنامجها النووي الذي دمرت إسرائيل نواته الأولى وهي مفاعل تمور النووي عام 1981، إذ نقول أنه بمجرد نهاية الحرب بدأ العراق في محاولات جادة لاقتناء المعدات التكنولوجية الضرورية لتطوير برنامج الأسلحة النووية، وسربت المخابرات الأمريكية معلومات تفيد بأنها على علم بمحاولات العراق الخاصة بهذا الشأن في كل من سويسرا وألمانيا وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، وقد بلغت الحملة الأمريكية دورتها بافتعال حصول العراق على مكثفات نووية أمريكية بطرق غير شرعية واستخدامها لأغراض التفجير النووي وتدعي أن النشاط العراقي تزايد في أوربا على الخصوص للحصول على قدرة تكنولوجية تمكنه من إنتاج اليورانيوم المخصب الذي يمكن استخدامه في صنع جهاز تفجير نووي وتستدل على هذه الأقوال ببعض شهادات المختصين الذين تعاونوا مع العراق والتي مفادها أن هذا الأخير قد تحصل على اليورانيوم المخصب من مفاعلاته تارة وتارة أخرى من البرازيل التي زودته والتكنولوجية اللازمة من برنامجها النووي الخاص.

كما هو معلوم فالعراق من بين الدول 141 دولة التي وقعت على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية التي تحضر على الأطراف الموقعة اقتناء الأسلحة النووية وتمنع الدول التي تملكها من مساعدة الدول غير النووية في صناعة الأسلحة النووية والذرية، ولكن الأمريكيين يتهمون الدول التي زودت العراق بالأسلحة التقليدية بأنها قد ساعدته للحصول على الأسلحة النووية وعلى رأس هذه الدول جمهورية الصين الشعبية التي لم توقع المعاهدة السابقة. إذ اتهمها الأمريكيون بأنها أرسلت مادة البلتونيوم إلى الأرجنتين ثم الباكستان الذي قام بدوره بتزويد العراق بهذه المادة.

إن جهود العراق لكسر القيد ورفع التحدي على مستوى السلاح والتسلح اقتناء وصناعة. وهي من الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة وحلفاءها إلى فتح نار الحرب على العراق وجره إلى مواقع الإطاحة به بكل الوسائل الممكنة وغير الممكنة وذنب بغداد في نظم الغرب هو جرأته ومحاولاته الجادة لأن يتبوأ العراق مكانه الطبيعي بين الدول والأمم شأنه شأن القوى الكبرى وهي رغبة أكيدة عند العراقيين شعبا وقيادة. ومن أجلها قبل العراق التحدي ورفض التراجع لأنه فضل الموت أو النصر بدل الظلم الذي سلطه الجبروت الأمريكي والصهيوني على الأمة العربية والإسلامية التي أصبح الغرب كله يخشى أن تكون يقظتها على يد صدام أو أن يكون انطلاقها من بغداد مرة أخرى مثلما كان يحدث دائما في التاريخ.

Voir les commentaires

كتاب حروب امريكا اسرائيل وبريطانيا على العراق/الصواريخ العراقية تابع

 

وإلى جانب هذا فإن  القوة   الحيوية للعراق ولكل البلدان العربية بالمنطقة أصبحت مهددة من طرف الطيران الإسرائيلي وصواريخها أرض-أرض و أرض-جو، والقيادة العراقية لم تنس أبدأ العملية التي أقدمت عليها تل أبيب، حيث قصفت المفاعل النووي تموز في جوان 1981 بطائراتها وكذا قصفها لمقر منظمة التحرير الفلسطينية بتونس إلى جانب القصف الوحشي الذي تعرض له جنوب لبنان ابتداء من عام 1982.

ومن الأسباب التي دفعت القيادة العراقية إلى تطوير صواريخها إلى جانب الأسباب المذكورة سابقا، وهو توصلها إلى إنتاج السلاح الكيمياوي المزدوج واحتمال النووي أيضا وهذان السلاحان يتطلبان وجود صواريخ تحمل هذه الأسلحة، ولهذا استمر العمل في العراق وبمجهودات جبارة من أجل تطوير صواريخه، وقد استفاد الخبراء العراقيون من خبرات بعض الأجانب المتخصصين في مجال تكنولوجيات الصواريخ أرض-أرض وأرض-جو، منهم ألمان وإيطاليين وأرجنتين وفرنسيين وكانت المعضلة الكبرى بالنسبة لتطوير هذه الصواريخ تكمن في شبكة التوجيه.

لقد صرح رئيس المخابرات الأمريكية "سي-أي-أيه" وليام ويبستار عام 1989، أنه مع حلول عام 2000 ستتمكن 15 جولة في العالم من انتاج صواريخ باليستيكية عالية الدقة يمكن أن تصيب أهدافها في دقائث معدودة وقد كان العراق أول جولة تنتمي إلى العالم الثالث تتخطى أشواطا هائلة في مجال الصناعات العسكرية معتمدة بالدرجة الأولى على قدراتها الذاتية وبدأت هذه الصناعات تبرز على السطح ابتداء من منتصف الثمانينات وتأتي الصواريخ أرض-أرض وأرض-جو في مقدمة الصناعات العراقية التي تمكنت من تطويرها لتصبح من عائلة الغربية من الجيل الثالث وذلك بزيادة مدياتها وإدخال أنظمة جديدة عليها، اعترف إزاءها الأعداء والأصدقاء بعبقرية المهندس والخبير العراقي، خاصة بعد دخولها الحرب مع نهاية الحرب العراقية الإيرانية وفي حرب الخليج. وعلى الرغم من أن الصواريخ العراقية تبقى مجهولة لدى الغرب والشرق حتى الآن إ أن الخبراء الغربيين يرون أن الصواريخ العراقية في الأساس صواريخ سكود السوفياتية أدخل عليها بعض التحسين.

صاروخ الحسين

لقد شرع العراق في تطبيق برنامج لتطوير صواريخ أرض-أرض منذ مدة، بعدما تأكد أن الاتحاد السوفياتي لم يعد الحليف المعول عليه للدول العربية، نتيجة السياسة المتعاطفة مع السياسة الرأسمالية الغربية التي تتمثل في بيريسترويكا غروباتشوف سابقا. وقد تجلت مواقف الاتحاد السوفييتي بشكل أكثر وضوحا عندما رفض بيع العراق صواريخ أس.أس-23 وبذلك أنكب الخبراء والمهندسون في العراق على دراسة وتطوير صواريخهم أرض-أرض بمنأى عن الاعتماد على الحليف السوفييتي القديم، وما أن حل عام 1988 حتى أعلن الرئيس صدام حسين عن توصل العراق لإنتاج أول صاروخ محلي اسمه "الحسين" وتضاربت في بادئ الأمر الآراء حول هذا الصاروخ، حيث أكد العراق أنه صاروخ محلي تم إنتاجه وتطويره محليا، أما المراقبون الأجانب فهم يجمعون على انه تطوير للصاروخ السوفياتي "سكود بي" إذ قام العراقيون بخفض وزن الرأس الحربي الحشوة المتفجرة التي تزن 1000 كلغ، تم خفض وزنها إلى 135 كلغ وبالتالي زاد مدى الصاروخ إلى الضعف أي 600 كلم، كما تم زيادة قدرة وقود الدفع، أما معدل دقة الإصابة لهذا الصاروخ فهي 500م وتصل سرعة الصاروخ "الحسين" 1500 م/ثا، وبإمكان الصاروخ حمل رؤوس نووية وكيمياوية وحشوات تقليدية ومهما يكن فإن المواصفات الجديدة لصاروخ "الحسين" تجعله يختلف اختلافا جوهريا عن الصاروخ "سكود". وقد استعمل العراق هذا النوع من الصواريخ في حربه مع إيران حيث قصفت العاصمة طهران، وقد لعب الصاروخ "الحسين" دورا هاما في حسم المعركة لصالح العراقيين، كما أن إطلاقها على المدن الإسرائيلية والسعودية في حرب الخليج كان ناجحا وفعالا رغم وجود صواريخ مضادة للصواريخ متقدمة جدا باتريوت مسترال و ستنجر و هوك وكروتال وغيرها من الصواريخ التابعة للدول المتحالفة في حرب الخليج.

صاروخ العباس

هو النوع الثاني من صواريخ أرض-أرض العراقية التي توصل العراق قبل نهاية الحرب العراقية الإيرانية لإنتاجه، وقد تضاربت الآراء حول حقيقة هذا الصاروخ أيضا، هل هو تطوير للصاروخ السوفياتي سكود؟ أم هو ابتكار جديد من قبل العبقرية العراقية؟، واقتنع الخبراء الغربيون أن الصاروخ سكود أدخل عليه تغيير على مستوى قسم الدفع حيث أضيفت مرحلة صاروخية دافعة أخرى أخذت من صاروخ سكود آخر لتضاف إلى صاروخ سكود ثاني، وعليه فإن 3 صواريخ سكود حسب رأي الخبراء الغربيين يمكن أن ينتج منهما صاروخين من طراز "العباس".

لكن يبدو أن صاروخ "العباس" انتج في العراق، وقد تم زيادة صاروخية جديدة للصاروخ "الحسين" الشيء الذي أدى إلى زيادة مداه ليصل إلى 850 كلم، في الوقت الذي احتفظ بالرأس الحربي الذي يبلغ وزنه 1000كلغ. كما أن معدل دقة الإصابة أحسن من صاروخ العباس إذ قدرت بـ 300 م فقط. كما أن العراق استعمل قواعد إطلاق متحركة جديدة وهي عبارة عن شاحنات من نوع سكانيا السويدية ذات عجلات مطاطية عوض الشاحنة السوفياتية م.أ.ز- 543.

وقدرت عدد منصات الإطلاق لهذا النوع من الصواريخ العراقية بخمسين 50 منصة أيضا تتكون من 400 صاروخ تقريبا، وإذا كان هذا النوع من الصواريخ لم يستعمل في حرب المدن الإيرانية العراقية إلا أنه تم استعماله مع بداية حرب الخليج ضد أهداف إسرائيلية والدول الحليفة وكانت النتائج جد حسنة. 

صاروخ البرق

صاروخ البرق هو في الأساس صاروخ سوفياتي أرض-جو من طراز سام-3 حوله العراق إلى صاروخ أرض- أرض، وقد دخل الخدمة منذ عدة سنوات وسبب هذا التحويل يرمي لاستخدامه في مهام القصف التكتيكي، حيث أنه صاروخ قصير المدى يستعمل في قصف الأهداف الحيوية الدقيقة التي لا يزيد بعدها عن 100 كلم، ونظرا لمعدل دقة إصابته العالية المقدرة بـ 50 متر إلى 100 م فإنه يعد سلاحا هاما وصاروخ البرق يوجه بنظام راداري، كما أن وزن رأسه الحربي يبلغ 1000 كلغ.

صاروخ "الفاو –1"

في 19 من شهر نوفمبر عام 1988 أعلن الرئيس صدام حسين عن ميلاد الصاروخ العراقي "الفاو-1" وهو نوع من الصواريخ المضادة للصواريخ أو كما يسميها البعض صواريخ التقاطع وهكذا يدخل العراق مجال صناعة تكنولوجيا الصواريخ المتعددة المهام، ولم تقتصر جهود الخبراء المهندسين على صواريخ "أرض-أرض" فقط، وقد كان نبأ ميلاد صاروخ "الفاو-1" بمثابة صاعقة سقطت على إسرائيل لأنها هي الأخرى كانت شرعت في إنتاج صواريخ التقاطع ومشاركة الولايات المتحدة الأمريكية وقد أطلق عليها اسم "حتس-السهم" إلى جانب الصاروخ الإسرائيل "أرو" "Arrow" وهذا قبل أن تزود الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل بصواريخ التقاطع الحديثة "باتريوت" لموجهة صواريخ الحسين والعباس إن الملفت للإنتباه هو أن العراق قد نجح في أول تجربة له بصاروخ " الفاو-1" وفي مدة قياسية. ويأتي سر تسمية صاروخ التقاطع العراقي "بالفاو-1" تمنيا من الشعب العراقي وجيشه بتحرير "الفاو" الذي راهن الإيرانيون عليه ويبقى استعمال الصاروخ "الفاو-1" في الحرب العراقية الإيرانية أمرا غير مؤكد، رغم أن العديد من الملاحظين يرون أن العراق قد استعمل هذا الصاروخ في نهاية الحرب ضد إيران وهو الأمر الذي يفسر عدم وصول صواريخ الإيرانية أرض-أرض موجهة ضد بغداد والتي لم يشعر بها الموطنين العراقيون في الوقت التي صرحت طهران أنها أطلقت صواريخ أرض-أرض من نوع "سكود-بي" على بغداد ونستخلص منها أن صواريخ "الفاو-1" تكون قد اعترضت الصواريخ الإيرانية وفجرتها قبل وصولها إلى أهدافها، ولكن القيادة العراقية لم تعلن عن ذلك رسميا إلا في 19-11-1988.

لقد صمم صاروخ التقاطع "الفاو-1" خصيصا لاعتراض صواريخ أرض-أرض وتدميرها وهذه أمواع الصواريخ التي يمكن لصاروخ "الفاو-1" تفجيرها أو اعتراضها.

1- صواريخ  حرة:

وهي صواريخ أرض-أرض تنطلق من مكان ما على سطح الأرض سواء كانت منصة إطلاق متحركة أو ثابتة وتحمل هذه الصواريخ رؤوسا ذات عبوات شديدة الانفجار أو رؤوس نووية وكيمياوية. ويتم ضبط هذا النوع من الصواريخ بواسطة أجهزة بتوجيهها ثم إطلاقها نحو الهدف.

2- صواريخ موجهة:

قد صمم هذا النوع من الصواريخ لاعتراض الصواريخ المحمولة جوا وتدميرها في الفضاء قبل بلوغها أهدافها ويتم التحكم في مسار هذا النوع من الصواريخ أثناء تحليقها في الفضاء عن طريق محطات الإطلاق أو بواسطة طائرات الإنذار المبكر والسيطرة. والصاروخ العراقي "الفاو-1" ينتمي إلى هذا النوع من الصواريخ، ويوجد نوعان من هذه الصواريخ قصيرة المدى أي أن مداها يقل عن 500 كلم ومتوسط المدى أي أن مداها يتراوح ما بين 500-1500 كلم. أما الصواريخ البعيدة المدى "الصواريخ الإستراتيجية العابرة للقارات" فمداها يزيد عن 2500 كلم وتطلق من قواعد ثابتة مجهزة تجهيزا حصينا.

3- صواريخ الفضاء:

وهي صواريخ تصمم عادة للأغراض السلمية وهي متعددة المراحل ويمكنها هي الأخرى حمل رؤوس مجهزة بآلات القياس والتصوير ومعدات الإرسال والاستقبال وقياس درجات الحرارة والرطوبة… قبل صاروخ العابد الأوربي.

ويعد الصاروخ "الفاو-1" الذي أنتجته العبقرية العراقية من أشهر الوسائل الدفاع الحديثة، فهو قادر على تدمير واعتراض الصواريخ المجنحة وصواريخ أرض-أرض نظرا للدقة العالية التي يتميز بها وقدرتها على اعتراض الصواريخ السريعة على ارتفاعات عالية ومتوسطة، كما أنه يعمل في جميع الأحوال الجوية ليلا ونهارا، وتعد كلفته مقارنة بالصواريخ الاعتراضية الحالية رخيصة جدا ويذهب بعض الخبراء العسكريين إلا أن ميلاد صواريخ التقاطع "الفاو-1" هو مؤشر لميلاد نهضة عسكرية عراقية كبرى في مجال الصناعة العسكرية إلى جانب الصواريخ الأخرى العراقية، التي تشكل في مجملها من الناحية الاستراتيجية حصانة منيعة في الأماكن الحيوية العراقية. ويبدو أن "الفاو-1" لعب دورا هاما في اعتراض الأهداف الجوية التابعة للقوات الحليفة في حرب الخليج، فهو العمود الفقري بوسائل الدفاع الجوي العراقي.

الصاروخ العابد و "تيموز-1"

في 7 ديسمبر 1989 أعلن وزير الحرب العراقي حسين كامل أن العراق أطلق صاروخا معدا لاستخدامات الفضائية أسمته "العابد" والصاروخ قادر على حمل قمر اصطناعي ووصف الصاروخ بأنه يتألف من ثلاث مراحل يبلغ طوله 14,5م  ووزنه    48 طنا ولم يعلن العراق عن الوقود المستخدم في الدفع، لكن الصور التي بثها التلفزيون العراقي أثناء عملية الإطلاق، أظهرت أن اشتعال صواريخ الدفع الرئيسية فيه هو من نوع الاشتعال الكامل.

 

Voir les commentaires

/المؤلف صالح مختاري كتاب حروب امريكا اسرائيل وبريطانيا على العراق /الصواريخ العراقية القوة الضاربة في الشرق ا

 

 

الصواريخ العراقية القوة الضاربة في الشرق الأوسط

لا توجد منطقة على الكرة الأرضية عرفت على امتداد تاريخها القديم والحديث حروب بالحجم الذي عرفته منطقة الشرق الأوسط، ولا أظن أن أحدا يمكنه أن يقوم بجرد لعدد الحروب التي شهدتها المنطقة منذ العصور الأول إلى يومنا هذا، وكذا عدد الذين سقطوا في هذه المنطقة كضحايا لهذه الحروب، ففترات الحروب في تاريخها أكثر عن فترات السلام وعليه ليس غريبا أن تتواجد بالمنطقة وعلى مر الأزمنة ترسانات عسكرية متقدمة وضخمة في نفس الوقت سواء كانت تابعة لدول أجنبية استعمارية أو تابعة لدول المنطقة بما فيها الكيان الصهيوني المتواجد حديثا على أرض فلسطين.

إن الطابع المميز لهذه المنطقة وترشيحها لميدان المعارك عن باقي الأماكن الأخرى لم تكن من باب الصدفة وإنما يعود ذلك إلى كون المنطقة نقطة استراتيجية تربط بين عدة قارات وعدة محيطات وبحار، ناهيك عن الثروات الطبيعية التي تزخر بها وخاصة منها مادة المحروقات التي تتوفر عليها المنطقة بنسبة 60% من الاحتياط العالمي.

هذه الخصائص المميزة جعلت شعوب هذه المنطقة لا تكاد ترى نور الحرية حتى ينقض عليها استعمار جديد، وحتى بعد استقلالها في العقود الأخيرة بقيت تابعة بشكل أو بآخر للدول المصنعة وكل تحرك لها باتجاه الاستقلال والخروج عن طاعة الكبار إلا ويقابل بتهديد وعيد.

وما حرب الخليج إلا ضربا من ضروب الجزاء المسلط من طرف الدول المتحالفة على الشعب العراقي الذي تحدى قوة الكبار والتحدي هنا هو التحدي التكنولوجي في مجال ترسانته العسكرية التي حذره منها العم سام ورسم له كما لشعوب المنطقة الأخرى حدود المسموح وغير المسموح به أمريكيا لكن القيادة العراقية التي ورثت الأباء أبا عن جد لا يمكن أن ترضخ. إلا للواحد القهار، تحدث وخرجت عن عادة القيادات الأخرى في هذا الجزء من العالم، وتمردت عن النقاط التي أملتها أمريكا عليها بعد انتهاء حربها مع إيران والتي حملها إلى بغداد "سيناتور ججهوري" عام 1988، وقد تمحورت نقاطها حول خفض القوات العراقية إلى 250 ألف جندي، لكن القيادة العراقية رفضت تلك النقاط جملة وتفصيلا وابتداء من ذلك الوقت شددت أمريكا وحلفاؤها الرقابة على التكنولوجيا المصدرة إلى العراق سيما منها المتعلقة بمجال الصواريخ والأسلحة النووية والكيمياوية.

ولقد كان لانتشار الصواريخ في منطقة الشرق الأوسط موضعا خاصا في المحادثات بين موسكو وواشنطن، فقد حاول الأمريكيون عام 1988 إقناع السوفيات بعدم بيع تكنولوجيا متقدمة للعراق وللدول العربية الأخرى، بدعوى أن ذلك هو لصالح السوفيات الذي تتاخم أراضي المنطقة ولهذا السبب رفضت موسكو تزويد العراق وبعض الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط بصواريخ متوسطة المدى من نوع "أس، أس-23" التي تعد سلاحا لأغنى عنه، لدى أي جيش هناك، نظرا للأهمية الإستراتيجية والتكتيكية التي تتمتع بها فلم يجد العراق بدا في سبيل تحقيق ذلك من الاعتماد على قدراته المحلية وفي مقدمتها العبقرية العراقية وتجربتها الطويلة في مجال الحروب والتصنيع، ويأتي تطوير الصواريخ في العراق كجانب من جوانب الصناعة العسكرية في العراق وسوف نتطرق إليه هنا بنوع من الإسهاب نظرا للدور الكبير الذي لعبته وتلعبه صواريخ العباس والحسين في حرب الخليج القائمة وحتى في الحروب السابقة لها بالمنطقة لكن هذا لا يعني أن العبقرية العراقية كانت منحصرة في تصميم أجيال جديدة من الصواريخ فقط، بل أن الصناعة العسكرية العراقية مست جميع جوانب الصناعات الحربية وقد أثبت المعرض الدولي للأسلحة الذي أقيم في بغداد أن العراقيين أصبحوا يمتلكون قدرات هائلة في إنتاج وتطوير أسلحة مختلفة.

إن وجود الصواريخ في منطقة الشرق الأوسط ليست ظاهرة جديدة، ويعد إعلان الرئيس المصري الراحل "عبد الناصر" في الستينات عن حيازة مصر لصواريخ أرض-أرض حافزا لإسرائيل على الأخذ بعين الاعتبار لمسألة إدخال الصواريخ في الشرق الأوسط في وقت مبكر، وفي أعقاب ذلك اتجهت الصناعات العسكرية في المنطقة لتطوير وإنتاج صواريخ متطورة.

إن أهمية صواريخ أرض-أرض تكمن في قدرتها على ضرب الأهداف المعادية في العمق وهي بذلك من الناحية الاستراتيجية تلغي عاملا هاما كان ولا يزال ذا شأن كبير في تحقيق النصر، وهو العمق الاستراتيجي لبلد ما، فمع ظهور صواريخ أرض-أرض المتوسطة والبعيدة المدى أصبح بإمكان بلد يمتلك هذا النوع من الصواريخ أن يهدد القوات المعادية والأمثلة عن ذلك كثيرة، لعل آخرها صواريخ العراق الحسين والعباس التي سقطت على مدن إسرائيل. هذه المدن التي لم يكن في وسع القوات العربية في السنين الماضية قصفها وهذه الصواريخ إلى جانب ما تتمتع به من قدرة على ضرب الأهداف المعادية في العمق فهي تستطيع حمل عبوات متفجرة تقليدية وربما غير تقليدية أيضا وهذه الميزة لا يمكن لسلاح أن يقوم بها، إذا استثنينا بعض من الطائرات التكتيكية المتطورة القادرة على الاختراق وإطلاق الصواريخ على أهدافها في العمق وهو ما يشرح هذه الصواريخ أن تكون سلاحا خطيرا وقوة ضاربة قد تخلط جميع الحسابات المعدة للمنطقة من قبل أمريكا.

إن المساحة الكلية التي يمكن أن يدمرها الصاروخ تزداد بكبر الحشوة المتفجرة التي يقدر وزنها ما بين 500 و 1000 كلغ ويمكن لهذه الصواريخ أن تحمل رؤوسا مزودة بذخيرة متنوعة تتكون من طلقات نارية وقنابل مضادة للأفراد والدروع، إلى جانب مواد متفجرة أخرى تمكنها من أن تصل قوتها التدميرية والتي تزن حشوتها المتفجرة 1000 كغ إلى ما تعادله 40 إلى 400 قذيفة مدفعية.

أما من الناحية التكتيكية فإن استعمال الصواريخ لضرب العمق المعادي، هو أفضل من استعمال الطائرات، لأن سرعة الصواريخ وارتفاعها عند التحليق يجعلانها صعبة الاعتراض منها عند الطائرات، ناهيك عن الخطر المهدد لطاقم الطائرات الاعتراض المعادية ووسائل دفاعه الجوي.

إن مهمة صواريخ أرض-أرض هو تدمير المطارات وبطاريات الصواريخ أرض-جو وشبكات الاتصال المعادية وكل المنشآت الحيوية ومراكز القيادة المعدية وتعادل القوة التدميرية التي تحدثها ثلاث منصات صواري أرض-أرض لقوات معادية غير محمية حجم الخسائر التي يمكن لفليق المدفعية من إحداثها للعد وبواسطة المدفعية البعيدة المدى عندما نطلق مئات من القذائف عيار 120 حتى 150 ملم.

وهكذا فإن الصواريخ أرض-أرض أجسام مخيفة ومرعبة، وكبار السن منا يتذكرون الحرب العالمية الثانية ويمكنهم إخبارنا عن صواريخ أرض-أرض نوع "في –2" التي أطلق الألمان عشرات منها على لندن في سنتي 44-1945 وقد حملت هذه الصواريخ رؤوسا متفجرة يبلغ وزنها 500 كلغ وكانت النتيجة أن سقط الآلاف من الضحايا ودمرت أعداد كبيرة من المنشآت، لكن رغم ذلك فإن الخسائر المادية والبشرية التي خلفتها كانت ضئيلة مقارنة بالخسائر التي خلفتها القنابل التي أطلقت بواسطة الطائرات المقنبلة غير أن تلك الصواريخ، لم تكن محملة برؤوس نووية أو كيمياوية أو بيولوجية لأنه لو كانت محملة بهذه الرؤوس، فن وجه المقارنة غير وارد إطلاقا.

ويمكن هنا أن نشير إلى نقطة تكتيكية تعتمدها إسرائيل في حروبها مع الجيوش العربية انطلاقا مما ذكرناه وهو اعتمادها على القوات الجوية، أي الطائرات، دون استعمال الصواريخ بشكل واسع، رغم أنها تمتلك أنواعا مختلفة من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى لا لشيء إلا لأن الخسائر التي يلحقها سلاح الطيران تكون أكبر من الخسائر التي تلحقها صواريخ أرض-أرض ذات الحشوات المتفجرة التقليدية ويقول الخبراء العسكريون بأن سربا من طائرات "أف-16" المتكون من أربع طائرات يمكن أن يحمل 30 طنا من القنابل ويستطيع أن يصل إلى الهدف بدقة خلافا للصواريخ الثقيلة الوزن والبطيئة الحركة، فهي غير دقيقة كالطائرات وقوتها التدميرية محدودة اللهم إلا إذا كانت تحتوي على رؤوس نووية أو كيميائية فالأمر يختلف في هذه الحالة لأن الخسائر تكون مرعبة.

لقد ظهر صاروخ أرض-أرض نوع "سكود" في نهاية الخمسينات ودخل الخدمة الفعلية في صورته المحسنة الأولى، ونعني بذلك الصاروخ "سكود-بي" عام 1961. والصاروخ "سكود-بي" كان في المرحلة الأولى يطلق من قاعدة ثابتة مجهزة تجهيزا خاصا، لكن ابتداءا من عام 1965 ركب على متن شاحنة نوع م.أ.ز- 543 ذات ثمانية عجلات مطاطية ويشتغل الصاروخ بمادة الدفع الصلبة، والصاروخ موجه ذاتيا والوقت اللازم لتحضيره للإطلاق يتراوح ما بين 60 إلى 90 دقيقة.

يعتبر الصاروخ "سكود-بي" من عائلة الجيل الثاني الموجودة لدى الدول الغربية وهو يمكن أن يحمل رؤوسا مختلفة ذات حشوات متفجرة عادية أو نووية أو كيمياوية وقد يصل وزن الحشوة المتفجرة التقليدية العادية حتى 1000 كلغ، وذلك يعادل قوة انفجار 2 إلى 5 قنابل ذرية من النوع الذي ألقته أمريكا على مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين في الحرب الكونية الثانية كما يمكن أن يحمل الصاروخ "سكود-بي" رؤوسا كيمياوية ونووية بوزن 555 كلغ. ويتم توجيه الصاروخ بواسطة نظام القصور الذاتي وتصل سرعته إلى 500 م/ثا والمدى الأقصى للصاروخ 300 كلم.

وحسب النظام السوفياتي فإن لواء الصواريخ سكود يتكون من 3 كتائب تضم كل كتيبة 3 منصات إطلاق أحادية متحركة مركبة على شاحنات طراز م.أ.ز-543 والصاروخ سكود بأنواعه معد أساسا لحمل أسلحة نووية وكيمياوية وتكتيكية وإيصالها إلى عمق مسرح العمليات، وعليه فإن دقته ضعيفة نوعا ما خاصة إذا كان محملا بحشوة متفجرة تقليدية.

وتجدر الإشارة إلى أن إتقان نظام التوجيه في المسألة الأساسية التي يوليها الخبراء السوفيات أهمية كبيرة حتى يصبح الصاروخ ذو دقة عالية، وما الأنواع المحسنة لنفس الصاروخ إلا ضربا من ضروب البحث عن نظام توجيه دقيق يوجه الصاروخ سواء في مرحلة الدفع أو مرحلة التحليق.

وتشير نشرة مركز الدراسات في جامعة تل أبيب حسب الخبراء الإسرائيليين إلى أن الصاروخ "سكود بي" عبارة عن الصاروخ الأماني"بي-ف" الذي استعمله الجيش النازي في الحرب العالمية الثانية، لكن المخابرات السوفياتية ك.ج.ب سرقت تصاميم هذا الصاروخ بعد الحرب العالمية الثانية، في صورته المحسنة، وتعتبر الصاروخ "سكود بي" قديما وبطيئا وغير دقيق.

إن التفوق الإسرائيلي في مجال سلاح الطيران على الطيران العربي كان عاملا أساسيا في حسم كل الحروب العربية الإسرائيلية لصالح تل أبيب. ولم يكن في وسع الجيوش العربية تحقيقي النصر على القوات الإسرائيلية وإنزال خسائر بها لهذا السبب فكان على الساسة والعسكريين العرب أن يفكروا جيدا في البحث عن حل لهذا الاختلال في التوازن ونظرا للتجربة التي اكتسبتها الجيوش العربية في منطقة الشرق الأوسط فقد اقتنعت بأن سلاح الصواريخ هو الوسيلة الوحيدة التي يمكنها أن تقوم بمهمة سلاح الطيران وربما أحسن منه.

إن الصواريخ "فروع-7" و "سكود" التي استعملت في حرب أكتوبر 1973 كانت نتائجها سلبية حيث أخطأت الصواريخ أهدافها بنحو 1 كلم، ولهذا لم تشكل هذه الصواريخ خطرا على الأهداف العسكرية الإسرائيلية، كما أن مداها لم يكن كافيا ليضرب العدو في عمقه، الاستراتيجي الذي يعد ضئيلا، ونظرا لهذا الضعف وقلة فعالية هذه الصواريخ الموجودة لدى الجيوش العربية إلى جانب ضعف سلاح الدفاع الجوي لم تتعرض إسرائيل إلى غاية حرب الخليج، لأي خطر كان وفي هذا الاتجاه حاولت الدول العربية الحصول على صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى من الأجيال الجديدة إلا أن الاتحاد السوفياتي الممول الرئيسي للدول العربية بالصواريخ أرض-أرض، رفض بيع الدول العربية هذه للضغوط الأمريكية والإسرائيلية عليه، وأمام هذا الحضر المضروب على العراق والدول العربية، تمكنت حكومة تل أبيب من تطوير صواريخها أرض-أرض بمساعدات غربية وأمريكية، إذ تمكنت من إنتاج صواريخ قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى وكلها من نوع أرض-أرض-جو، نذكر منها صاروخ "يريحا-1" و "يريحا-2" وغيرها من الصواريخ الإسرائيلية.

Voir les commentaires

كتاب حروب امريكا اسرائيل وبريطانيا على العراق/الموساد وراء اغتيال عالم الذرة الذي كان

 

الموساد وراء اغتيال عالم الذرة الذي كان
يرعى المشروع النووي العراقي

 

كان الرئيس العراقي صدام حسين يتابع باهتمام شديد تنامي القدرة النووية الإسرائيلية وأدرك مدى خطورتها عليه وعلى المنطقة العربية كلها، وفي صمت شديد بدأ تخطيط المخابرات العراقية لإنشاء مفاعل نووي عراقي وقدم الرئيس صدام حسين طلبات لكبرى أقسام الذرة في الجامعات الأمريكية لانتقاء أفضل عالم ذرة في العالم لينفذ البرنامج النووي العراقي الطموح. وتلقى الرد بشكل غريب، حيث قالوا له أتبحث عن عالم الذرة وعندك أفضل عالم ذرة في العالم اندهش الرئيس العراقي وسأل عن هذا المجهول القابع داخل أراضيه وكانت الإجابة أكثر غرابة أنه العالم المصري يحي مشهد وعلى الفور طلب الرئيس العراقي مقابلته وسأله عن سبب تواحده في العراق وعرف أن السبب هو ضيق المعيشة الذي أجبره على تدريس مادة الكيمياء في جامعة البصرة، وعلى الفور أوكل الرئيس العراقي صدام حسين للمشهد مهمة إنشاء مفاعل نووي عراقي على أحدث طراز.

ومن أجل ذلك سافر يحي مشهد لباريس لشراء صفقة يورانيوم التي يدخل في صناعة المفاعل وكان الموساد الإسرائيلي يتابع البرنامج العراقي بكتب شديد.

إن يحي مشهد الذي تعاقدت معه الهيئة النووية العراقية أصبح مسؤولا عن استلام جميع المعدات النووية الفرنسية التي اشتراها العراق من هذا البلد ضمن مشروع إنشاء المفاعل النووي العراقي "تموز" وكان مكلف كذلك بعملية الفحص القني، إضافة إلى أنه كان مسؤولا عن تدريب 250 خبيرا نوويا عراقيا وتدريب البعض منهم في المركز النووي الفرنسي.

فالعالم يحي مشهد كان يعتبر العقل المدير المشروع النووي العراقي وهو أهم عالم نووي عربي والوحيد الذي بمقدوره رعابة مشروع ضخم مثل مشروع تموز "النووي" ونظرا لأهمية الرجل فقد قررت الدوائر الإسرائيلية تصفية هذا العالم فأسندت المهمة إلى جهاز الموساد لاغتياله فبتاريخ 14 جويلية 1980 وجد العالم يحي المشهد مقتولا بفندق المريديان في باريس، فقد عثر عليه جثة  هامدة متأثرة بجروح خطيرة في رأسه؟ على إثر تهكم جزء منه بفعل ضربات عنيفة وجهت له بواسطة آلة حديدية وقد نفذت هذه العملية بطريقة محترفة حتى يسود الاعتقاد بأن العالم يحي المشهد قد شب بينه وبين سارقه دخل الغرفة شجار عنيف وهذا للتضلل والتمويه وإبعاد الشبهة عن تورط في اغتياله.

فيحي المشهد لم يكن وحده ضحية التصفية الجسدية من طرف جهاز الموساد وأجهزة مخابراتية غربية أخرى بل القائمة طويلة لارتباط هؤلاء بمجال البحث النووي خاصة والعلوم المتصلة بها عامة، ومنهم الدكتورة سميرة موسى التي اغتيلت بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1953 وهي متخصصة في مجال الفيزياء النووية والدكتور سمير نجيب الذي هو عالم مصري في مجال النووي وقد اغتيل في بيروت بتاريخ أوت 1967 يوم واحد قبل عودته إلى مصر.

وما يثبت تورط الموساد الإسرائيلي في أغلب عمليات اغتيال العلماء العرب هو قول الراديو الإسرائيلي بعد مقتل العالم يحي المشهد في صيف 1980 "أن مشهد لديه خيرة في الطاقة النووية وأن وفاته ستؤخر عملية التسليح النووي العراقي الذي كان من شأنه أن يضع إسرائيل في حرج للغاية فالتصفية الجسدية لعلماء الذرة العرب خاصة والشخصية السياسة عامة كانت أولية قصوى لدى حكام إسرائيل، فكل من يقف في وجه مخططاتهم ويريد التفوق عليهم ويمد يد العون للفلسطينيين خاصة والعرب عامة يكون مصيره الموت.  

تواطؤ الغرب مع إسرائيل في اغتيال رجالات الغرب

إن إسرائيل تتلقى لدعم في تنفيذ جرائمها ضد العرب من الدول الغربية فعلى سبيل المثال أن المسؤول على تنفيذ جرائم الاغتيال التي استهدفت العرب من علماء ورجال سياسة وغيرهم هو اليهودي الفرنسي لينزمان الذي يعرف بالكنية الإسرائيلية بايركي ليفنات فقد كان يقود من أوربا فريقا من القتلة المحترفين قوامهم 15 فردا برعاية جهاز موساد وكان المدعو لبيرمان قد عمل ملحقا عسكريا إسرائيليا في باريس من سنة 1963 حتى 1966 وكان يمارس مهامه كملحف عسكري محتفظا بهويته الفرنسية مخالفا بذلك الأعراف الدبلوماسية بما كان يسهل له مهامه السرية في أوربا والعالم العربي، فكان موجودا في باريس عندما تم اغتيال العالم يحي المشهد عام 1980، وفي روما عند اغتيال كادرز عيتر ويعتبر ليبرمان من أخطر عناصر الموساد، ولا يمكن استبعاد وجوده في مصر عندما تم اغتيال العالم سعيد سيد بدير عام 1989.

فأغلب عمليات الاغتيال التي كان يشرف عليها المدعو ليبرمان ضد العرب في أوربا كانت تعلم بها أغلب الدول الغربية فكانت تخض النظر على تحركات عناصر المخابرات الإسرائيلية وتلتزم الصمت على أعمال الموساد الإجرامية ضد العرب عامة وعلمائهم خاصة، فهذه الأعمال كانت تجري فوق أراضيهم، إن بعض الأجهزة الأمنية الغربية كانت متواطئة مع الموساد والبعض منها التزمت الحياد تاركة حرية التصرف في من تعتبرهم أعداء لها.

والبرهان الذي يدل على أن إسرائيل تراقب كل دولة عربية في كل كبيرة وصغيرة في المجال النووي الذي لو امتلكه العرب لاختلفت موازين القوى، فلما استوردت ليبيا والعراق كمية من مادة اليورانيوم من دولة النيجر التي تعتبر من أغنى البلدان إنتاجا، وهذه المادة تعرضت هذه الدولة لضغوطات حتى تمتنع في تصدير هذه المادة التي تلك الدول العربية ولحملها على ذلك، اتفقت كل من الولايات المتحدة الأمريكية واستراليا وجنوب إفريقيا على تخفيض سعر اليورانيوم للإضراب بالاقتصاد النيجيري وكان هذا الاتفاق قد تم بجهود أمريكية سرية، بضغط من اللوبي اليهودي العالمي، وهنا نفهم لماذا تعرضت ليبيا لقصف جوي أمريكي سنة 1986، ولفقت لها تهمة إسقاط الطائرة بما عرف بقضية "لوكربي" وعاشت حصارا باسم العقوبات ويعيش الشقيق العراق تحت نفس السيناريو أمام مرأى العالم العربي وحكامه، وكل هذا أنهما حلما في امتلاك التقنية النووية.

وقد تطور أسلوب إفراغ الأمة العربية من علمائها ورجالاتها من الاغتيال إلى توفير الهجرة وتوفير أسبابها، فعملت المخابرات الغربية عامة والإسرائيلية خاصة على خلق عدم الاستقرار في البلدان العربية عامة، والبلدان التي تميزت بـإنجابها للعلماء خاصة، وتم خلق فتنة الإرهاب في الدول العربية، وهذا ما لم يكن صدفة بل كون هذه البلدان قد تتميز بإنجابها لعلماء عرب في عدة مجالات علمية حساسة، منها علم ذرة الإلكترونيك ومجال الفيزياء النووية وبعض العلوم الاستراتيجية، مما جعل العالم الغربي يشعر بالخطر. وخاصة الدولة الإسرائيلية، وفعلا تم نشر الفتنة والقتل من المجازر وموجة عنف مما هيأ الجو لهجرة خيرة أدمغتهم، فسهل إغرائهم فقد اعتقدوا أن حياتهم في خطر ولا يمكنهم العمل في بلدانهم وبهذا وفرت لهم الحجة فربح الغرب وخسر العرب، فهم يفكرون في كيفية حماية أنفسهم منا، فنحن لا نفكر إلا في إرضائهم فأصبحنا نثق في توصياتهم ونصائحهم التي لو طبقناها معكوسة لنجحنا ورفع شأننا بين الأمم.

Voir les commentaires

كتاب حروب امريكا اسرائيل وبريطانيا على العراق /قضية ايران-غيث/المؤلف صالح مختاري

قضية إيران-غيث والتعاون الإيراني الأمريكي الإسرائيلي المفضوح

وهكذا تم فتح أحد معابر الاتصال بين واشنطن وإيران، ولكن كان هناك قنوات أخرى ومباشرة وأحد أهم هذه القنوات هو دافيد كيمخي الذي جاء إلى واشنطن في جويلية 1985، وسألة حكومة ريغان: "ما هو رأيكم بالدخول مع إيران في مفاوضات سياسية؟" وقال كيمخي أن هنالك إيرانيين "في موضع السلطة والنفوذ" يمكن التوصل معهم إلى صفقة في شأن استعادة الرهائن، وحين بلغ ماكفرلين الرئيس ريمان تفاصيل حديثة مع كينخي أجاب الرئيس: "إن هذه العناصر لا يمكنها أو تستولي على السلطة في النهاية إلا بتقوية نفسها وأن العملة المطلوبة لتحقيق ذلك هي السلاح".

وفي كل هذه الحوارات والمحادثات لعب غوربانيفار الدور الأساسي في تصوير الأمور وتقديمها بالشكل الملائم لجميع الأطراف بهدف دفع العلاقات الأمريكية-الإيرانية إلى مرحلة متقدمة.

في الوقت نفسه كانت المخابرات الأمريكية نفسها تقوم بقسطها في محاولة الاتصال مع إيران وبدا أنه هناك معالم لسياسة أمريكية جديدة، في ماي 1985 أطلقها غراهام فوللر مسؤول المخابرات لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا.

كان فوللر يعتقد بأن نظام الخميني على وشك الانهيار، وكان يرى أن إيران تفضل الاتفاق مع الاتحاد السوفييتي التي في رأيه تملك أوراقا أكثر بكثير مما لدى أمريكا لتلعب بها في إيران. وكان من رأس فوللر أنه ليس هناك ضرورة لاستخدام القوة ردا على أي هجوم إيراني إرهابي أو منع السلاح على إيران وأن السبيل الوحيد لعدوة أمريكا إلى طهران هو قيام دولة صديقة ببيع الأسلحة إلى إيران "دون أن يؤثر ذلك على التوازن الاستراتيجي بين إيران والعراق.

في ذلك الوقت كان هذا التحليل هو السائد لدى وكالة المخابرات الأمريكية، وكانت الوكالة تدعو إلى التنافس مع السوفييت للاستحواذ على رضى إيران، ولو أنها لم تكن تحبذ دورا أمريكيا مباشر وإنما تفضل التأثير غير المباشر عبر دول أوروبية وصديقة في تركيا وباكستان والصين اليابان وإسرائيل.

ولكن مجلس الأمن القومي كان يدعو إلى سياسة مباشرة وأشد فعالية وكان يقول دونالد فوتيير، المدير الأعلى للشؤون السياسية العسكرية، "إن الخيار الإسرائيلي هو خيار يجب متابعته ولو كان علينا أو ندفع ثمنا معينا له". في جوان قدم قورتيير وهيوارد تايكر أحد العاملين معه ما وصفه بأنه مذكرة "محرضة" أي بالغة الجرأة وخارجة في التفكير السائد لاعتراض التقدم السوفييتي في إيران واقتراح البتر الحاد للسياسات السائدة عندئذ إلى درجة تزويد إيران بالأسلحة الغربية الثقيلة. وكان الاقتراح محرضا بالفعل إلى درجة أنه تقرر عرضه على وزيري الخارجية والدفاع شولتر وواينبرغر.

قال شولتر إنه قد جاء الوقت لإعادة تقييم السياسة الأمريكية في إيران ولكنه اختلف معهم في نقطتين: الأولى، أن الخطر السوفييتي في إيران والمعارضة الداخلية مبالغ فيها، والثانية عارض بشدة تقديم السلاح الغربي إلى إيران، ولم يكن يعترض على "تصحيح" العلاقات مع إيران على أن يكون ثمن ذلك بيع السلاح لها.

أما واينبرغر فقد قال لأحد العسكريين  الجنرال كولين باول: "إن هذه المذكرة تافهة إلى درجة لا تحتاج إلى تعليق". وعارض بشدة تسهيل بيع السلاح إلى إيران وتحدى فكرة الأمل بوجود أية عناصر "معتدلة" داخل إيران يمكن التوصل إلى صفقة معها ما دام نظام الخميني قائما.

ولكن كيسي على العكس من ذلك كان يؤيد الاقتراح الاستفزازي "للحيلولة" دون إتاحة الفرصة أمام السوفيات للفوز بأية مكاسب في إيران وعدم التودد في القيام بأية محاولات للاتصال مع إيران ولو بثمن في صيف 1985. تم وضع الأهداف الرئيسية للسياسة الأمريكية نحو إيران، أحدها: إقامة "مبادرة استراتيجية" للفوز بإيران صديقة، ثانيهما "إطلاق سراح الرهائن بمساعدة إيران"، وكان من المفهوم أنه بشكل أو بآخر فإن أي اتصال مع إيران يتضمن تزويدها بالسلاح سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

برزت فكرة استبدال الرهائن بالسلاح في صيف 1985، وبدأت أولى هذه العمليات في أوت وسبتمبر ببيع إسرائيل إلى إيران 508 من صواريخ "تاو" الأمريكية، ولكن هذه الصفقة لم تكن مباشرة بين إيران وإسرائيل ويبدو أن عدنان خاشقجي هو الذي أودع الأموال التي بلغت 5 ملايين دولار، في حساب سويسري حددته إسرائيل، كما أن غورباتينار أعطى خاشقجي مكوكا مسجلة على حسابه في بنك "كريديه سويس" بعد الحصول على الأسلحة دفع الدكتور شاهابادي، رئيس مكتب مشتريات السلاح الإيرانية في أوروبا، ثمنها إلى غوربانيفان الذي عنذئد  أخبر خاشقجي بصرف الصكوك المؤجلة، بعد ذلك أطلق سراح رهينة واحدة هي القس بنجامين وير، رغم أن الأمريكيين كانوا يتوقعون إطلاق سراح كل الرهان.

من المعروف أن إسرائيل لم يكن في وسعها أن تبيع أسلحة أمريكية إلى إيران دون الحصول على إذن رسمي مسبق من الرئيس الأمريكي.

في هذه المرحلة أوكل إلى الكولونيل أحد العاملين الرئيسيين في مجلس الأمن القومي، مهمة التفاوض مع إيران وإطلاق سراح بقية الرهائن الأمريكيين وبدأ بعد ذلك فصل جديد في قصة بيه السلاح الأمريكي إلى إيران.

بدأ الفصل الجديد في منتصف نوفمبر 1985، حين اقترحت إسرائيل تزويد إيران بأسلحة أمريكية جديدة، هي صواريخ "هوك" الأمريكية هذه المرة، التي تستخدم ضد الطيران المنخفض وكانت الصفقة تتضمن إطلاق بقية الرهائن الأمريكيين الخمس والتأكد من أن لا يحدث أي تماص أو سوء فهم، فقد تقرر أن لا يتم تسليم صواريخ "هوك" قبل تسليم الرهائن الأمريكيين الخمس سالمين للسفارة الأمريكية في بيروت. وحصلت إسرائيل على الضمانات الكافية لتعويضها من الترسانة الأمريكية مقابل الأسلحة التي سوف تصدرها إلى إيران، كما سبق أن حصلت على الضمانات نفسها حين صدرت إلى إيران صواريخ "تاو"، ووافق ماكفرلين على صفقة الرهائن مقابل السلاح وعلى التعويض إلى إسرائيل وكانت الخطة هي أن تسلم إسرائيل 80 صاروخ "هوك" في البرتغال ومن هناك يجري إعادة تقلها بالطائرات إلى تبريز في إيران، واتفق على أن تحصل إيران في النهاية على 120 صاروخ "هوك".

لسوء حظ العملية نسي تاجر السلاح الإسرائيلي أدولف شويمر تبليغ الجمارك البرتغالية والحصول على إذنها على عملية عبور الأسلحة الأمريكية القادمة من إسرائيل إلى إيران وزاد الطين بلة، فضح الإدعاء بأن صواريخ "هوك" هي آلات تنقيب نفسية، فلم تنطل هذه الأكذوبة على السلطات البرتغالية.

وتبع ذلك جنون من النشاط المتنوع لتسيير الأمور على ما يرام، فصاح الكولونيل نورث بطلب مساعدة ماكفرلين وكان ماكفرلين عندئذ مع الرئيس ريغان في جنيف لحضور مؤتمر القمة الأول مع الزعيم السوفييتي الجديد ميخائيل غورباتشوف. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي رابين في نيويورك فاتصل الإسرائيليون المسؤولون عن العملية برابين واتصل رابين بماكفرلين. ماكفرلين اتصل بنورث. نورث اتصل بالضابط الأمريكي المتقاعد الجنرال سيكورد، اتصل ماكفرلين مع رئيس الوزراء البرتغالي ووزير الخارجية بطلب مساعدتهما.

بعد أيام من الاتصالات والحركات العصبية أمكن الحصول على إذن السلطات البرتغالية لإتمام العملية وشحن الأسلحة إلى إيران، ولكن الطائرة التي استخدمت في الشحنة الأولى كانت من طراز 707، أصغر من أن تحمل شحنة الثمانين صاروخ نفسها التي تنتظرها إيران، فالصواريخ التي وصلت كانت تصلح ضد الطيران المرتفع، وقد ظهر انزعاج على الإيرانيين حين رأوا العلامات الإسرائيلية على الصواريخ.

وبلغ انزعاج الإيرانيين أن بعثوا إلى غوربانيفار يطلبون منه تبليغ ليدين، رجل الاتصال الأمريكي، "لقد تصرفنا بشرف مع جماعتك ولكنكم تقومون بخداعنا الآن وتسخرون منا. نرجو أن تقوموا بتنفيذ ما قلته ووعدتنا به". ونتيجة لذلك لم يطلق سراح أية رهينة أمريكية وحصل الإيرانيون على 18 صاروخ "هوك" لا يريدونها.

الشحنة الثانية من الأسلحة إلى إيران تمت في نوفمبر 1985، واختلفت عن الأولى في شيء مهم وهو أن شحنها تم هذه المرة بواسطة الطائرات التابعة لوكالة المخابرات الأمريكية و تحت إشرافها وتنظيمها وموظفوها، بما في ذلك الحصول على إذن مسبق من السلطات البرتغالية.

في 7 ديسمبر 1985 عند اجتماع في مقر للرئيس ريغن حضره شولتر وواينبرغر، ونائب مدير المخابرات ومدير مكتب الرئيس الأمريكي وماكفرلين وبرانديكستر، أعد لهم نورث في هذا الاجتماع مذكرة مطولة عن الاتصالات مع إيران، بلغهم أن بعض الإيرانيين اقترحوا إطلاق سراح كل الرهائن الأمريكيين ورهينة فرنسية واحدة والامتناع عن أية عمليات عسكرية ضد المصالح والأشخاص الأمريكيين مقابل 3300 صاروخ "تاو" وخمسين صاروخ محسن من طراز "هوك" أرض-جو على أن يتم تسليمها على الفور، ورغم أنه اعترف بأن هذه الصفقة تتعارض مع السياسة الأمريكية المعلنة بعدم الرضوخ للإرهاب، إلا أن نورث اقترح في النهاية السماح لإسرائيل ببيع هذه الأسلحة إلى إيران على أن تعوض إسرائيل مقابل هذه الأسلحة.

وبالفعل تم الاتفاق بين الإيرانيين والإسرائيليين والجنرال سيكود على الاجتماع في لندن تمهيدا للاتفاق على إتمام صفقة صواريخ "الهوك" و"التاو" وطالب نورث باتخاذ قرار مستعجل.

ورغم اختلاف الروايات حول ما دار في هذا الاجتماع، في 7 ديسمبر فشولتر عارضا بيع السلاح لإيران، ولم يتضح موقف الرئيس ريغان في تأييد الصفقة أو معارضتهما، إلا أنه كان هناك إجماع على ضرورة استمرار "الحوار" مع إيران وبالتالي فتح الأبواب أمام صفقة الأسلحة في المستقبل.

كانت النتيجة الرئيسية لإجماع 7 ديسمبر 1985 هو القرار بأن يذهب ماكفرلين إلى لندن في اليوم التالي لمقابلة الإسرائيليين وغوربانيفار لتبليغهم بالتغير في الاتجاه الأمريكي والتفاهم معهم على الخطوات التالية: مثل الجانب الأمريكي ماكفرلين ونورث وسيكود، وعن الإسرائيليين شويمر ونمرودي وكيمخي، وكذلك غوربانيفر الذي كان يعتبر بأنه الوسيط الإيراني الضروري، يقول ماكفرلين أن الإسرائيليين أرادوا الاستمرار في السياسة السابقة، ولكن غوربانيفار تصرف بأسلوب عدائي وكأنه يريد أن يفرض موقفه على الأمريكيين فرضا وفي شهادة غوربانيفار أمام لجنة مجلس الشيوخ الأمريكي قال: "قلت لهم عما تتحدثون؟ لقد تركتم وراءكم فوضى شاملة، وتريدون شيئا آخر؟ لقد كنت خشنا معهم" ولم يبق شك أمام الأمريكيين أن ما يعرضه غوبانيفار هو السلاح مقابل الرهائن إذا كانوا يريدون شيئا من إيران.

في النهاية انزعج "قرف" ماكفرلين من غاربانفيار إلى درجة أنه اقترح على واشنطن عدم التعامل معه. وحين سئل ماكفرلين هل شعر عندئذ أن أمريكا قد أصبحت "رهينة للرهان" أجاب بأسى: "نعم".

ولكن نورث كان له رأي آخر وعارض ماكفرلين، الذي هو رئيسه منذ فترة طويلة، بشكل مكشوف وتبنى نورث موقف الإسرائيليين في أنه من الخطر جدا الاستغناء عن غروبانيفار لأن "الرهائن سوف تكون أقل خسائرنا" واقترح نورث أن تستغني أمريكا عن استخدام الإسرائيليين كوسيط وتبدأ أمريكا بتنفيذ العمليات بنفسها.

وفي الواقع، فقد تم تنفيذ اقتراح نورث واعتمد الجنرال سيكورد لتنفيذ مهما الاتصال وبيع الأسلحة لإيران.

ولكن ماذا كان رأي ريغن؟

رغم أن ريغن تمادى بعد انفضاح العملية بأنه نسي ما هو القرار الذي توصل إليه وأشار على حكومته وأجهزتها بتنفيذه إلى أن الذي جرى لم يكن ليتم دون الموافقة الكاملة للرئيس الأمريكي ويعتقد بأن التغيير الرئيسي حدث بعد زيارة مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي "ميرام نير" إلى واشنطن قد أحضر معه خطة جديدة بأن العناصر المعتدلة في إيران يمكن أن تستولي زمام السلطة إذا استطاعت هذه العناصر أن تثبت مصداقيتها على الدفاع عن إيران ضد العراق وتفادي التدخل السوفييتي وأنه عندئذ سوف يستطيعون تشكيل الأحداث في المستقبل القريب، وأبدت إسرائيل استعدادها لتزويد إيران بـ 4000 صاروخ "تاو" على أن تعوضها أمريكا عنها في خلال 30 يوما، ويتم تسليم الصواريخ على مراحل" الشحنة الأولى من 500 صاروخ ومقابلها يتم إطلاق سراح 5 رهائن أمريكيين، وإذا تمت هذه المرحلة بنجاح يتم تسليم الـ 3500 صاروخ الباقية وإلا يتوقف شحن الأسلحة بعد الـ 500 الأولى وهذا هو ما بلغ به الرئيس ريغان رسميا في 6 جانفي 1986.

ويبدو غريبا أن حكاية المعتدلين في إيران قد لقيت قبولا وهي الحكاية التي روج لها الإسرائيليون دون أن يصدقوها هم أنفسهم، وهذا هو ما دعا شولتر وواينبرغر إلى معارضة التعامل مع إيران ومدها بالأسلحة على أساس أن المعلومات التي لديهم تنكر وجود أية عناصر معتدلة، على أي حال رغم كل شيء اتخذت الأحداث  اتجاها حاسما، فقد اتخذ نورث كل الإجراءات الضرورية لاستمرار الاتصال بإيران وتزويدها بالأسلحة وتقليل كل الصعوبات ونيل موافقة وتعاون كل الأجهزة الأمريكية بما في ذلك وكالة المخابرات الأمريكية. وبدأت مرحلة لتعامل المباشر بين أمريكا وإيران دون وسطاء.

 

Voir les commentaires

كتاب حروب امريكا ،اسرائيل وبريطانيا على العراق/التواطؤ السري للنظام الايراني مع امريكا واسرائيل ضد العراق /ا

 

التواطؤ السري للنظام الإيراني مع أمريكا وإسرائيل
ضد العراق

 

إن السبب الرئيسي لعدم التوصل  إلى سياسة أمريكية بشأن إيران هو غموض ما كان يجري داخل إيران، كما يقول الجنرال "سيكورد" الذي أمضى في إيران أربع سنوات خلال حكم الشاه رئيسا للبعثة الجوية العسكرية الأمريكية: "منذ قيام الثورة في إيران لم يعد لدينا فيها شيء. في تخطيط الاستراتيجي أصبحت تشكل فراغا، لم تكن لدينا أية فكرة عما يجري في إيران ولم يكن لدينا أي اتصال بها".

وهكذا كانت السياسة الأمريكية تواجه وضعا غامضا ومعتدا لا تعرف كيف تعالجه.

في ظل هذه المعضلة توجه المسؤول الأول السابق  في مجلس الدفاع القوي "ماكفرلين" إلى إسرائيل التي توعد بأنها تملك دليل وحل للغز الإيراني.

توجه "ماكفرلين" إلى إسرائيل، فمخابراتها رغم فضيحتها في لبنان ما تزال تتمتع بسمعة عالية في واشنطن،  وكان من المعروف جيدا أن إسرائيل تبيع الأسلحة إلى إيران منذ أمد طويل على هذا الأساس اعتقد "ماكفرلين" بأن إسرائيل يمكن أن تساعد السياسة الأمريكية في التعامل مع إيران أو على الأقل مع بعض الضباط الإيرانيين العاملين وكانت هذه السياسة تنسجم مع رؤية إسرائيل للعراق واعتباره الأشد عداوة وخطرا عليها وأنها بمساعدتها لإيران تبعد العراق عن ميدان القتال ضدها، في الوقت الذي تفيد فيه تجارة صناعتها العسكرية، ورغم الدعايات الإيرانية المضادة للصهيونية فقد وجدت إيران نفسها تتعامل، على الأقل في مجال تجارة السلاح مع إسرائيل، لأن إيران كانت تبذل قصارى جهودها للحصول على الأسلحة الأمريكية، وهي أسلحة متوفرة في إسرائيل.

هكذا دخل في هذه القضية أصناف شتى من تجار السلاح من جانب إسرائيل بعقود بواسطة "نمرودي" الملحق العسكري الإسرائيلي السابق في إيران وأدولف شويمر المستشار الخاص لرئيس الوزراء السابق ووزير الخارجية حاليا شيمون بيرز. وهما الشخصيتان الإسرائيليتان المفوضتان رسميا بالاتجار في الأسلحة الإسرائيلية.

في الجانب الإيراني: ماتوشير غورباتيفار الذي كان يتخذ باريس قاعدة لعملياته، وكان غورتانيفار الواجبة التي تحتمي وراءه الحكومة الإيرانية في تعاملها مع إسرائيل. وفي جانفي 1985، كما أكدت المصادر الأمريكية، فقد اجتمع نمرودي وشويمر وغوربانيفار وبحثوا كيف يمكن الحصول على الأسلحة الأمريكية مقابل إطلاق سراح الرهان الأمريكيين وفي الوقت نفسه "فتح حوار استراتيجي مع إيران" وحسر بعض هذه المقابلات الضابط الإسرائيلي امبرام تير مستشار بيريز لمقاومة الإرهاب.

في الشهر نفسه تعاقبت صفحات القصة، وظهر على المسرح الأمريكي روي فورماك، المتخصص في شؤون الطاقة أحد المتعاملين مع عدنان خاشنجي، وكان سبق لروي أن عمل في السابق محاسبا  لوليم كيسي مدير وكالة المخابرات الأمريكية، وفال فورماك أنه قابل غوربانيفار وقدمه لخاشقجي وأنهم عقدوا عدة اجتماعات في شهر يناير، وبعدما بعث الخاشقجي إلى ماكنزلين بمذكرة مطولة عن آراء غورباانيفار في السياسات الإيرانية، ويبدو أن عدنان خاشنجي كان صديقا حميما لرئيس مكتب مشتريات الأسلحة الإيرانية في أوربا الدكتور ساهاباجي، وهكذا اكتملت الدائرة التي تضم غوربانيفان وخاشنجي وشامابادي والإسرائيليين.

في الوقت نفسه، حدث تطور جديد، ففي 1984 بعث ماكفرلين أحد مستشاريه وهو مايكل ليدين إلى أوربا في مهمة للاستقصاء، ومن أوربا بعث ليدين إلى ماكفرلين تقريرا عن حديث مهم أجراه مع أحد ضباط المخابرات الأوروبية الذي أعطاه صورة عن إيران تختلف عن رؤية واشنطن وتؤكد أن الوضع داخل إيران ليس جامدا كما تعتمد الحكومة الأمريكية، وإنما هو وضع خطة وأشار هذا الضابط على ليدين بأن الإسرائيليين هو المصدر الأوثق على ما يجري في إيران، بعد ذلك طلب ماكفرلين من ليدين الذهاب إلى إسرائيل دون إبلاغ وزارة الخارجية الأمريكية ولا السفير الأمريكي في تل أبيب، حتى أن السفير الأمريكي لويس جين علم بوجود ليدين بعث إلى وزراء الخارجية يسألها عن مهمته غي إسرائيل.

تم اجتماع ليدين وبيريز في بداية ماي 1985 وأبدى بيريز استعداده للعمل على تطوير مصادر أفضل لجمع المعلومات عن إيران. كما أن بيريز أسر إلى ليدين بأن إسرائيل قد تلقت طلبا رسميا من الحكومة الإيرانية لشراء السلاح وأن إسرائيل لن تقوم بذلك قبل الحصول على الموافقة الأمريكية.

وكأن إسرائيل لم تكن تبيع السلاح إلى إيران منذ أمد طويل، ويقول ليدين أن ماكفرلين فوضه بتبرير بيريز: "حسنا هذا فقط وليس شيئا سواه".

وبنتيجة هذه النشاطات أعطى ماكفرلين موافقته لإسرائيل على أن تشحن إلى  إيران 508 صواريخ "تار" في سبتمبر 1985.

ولم تنته مهمة ليدين عند ذلك فقط، فقد اجتمع مع تاجر السلاح الإسرائيلي شويس ومع المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية دافيد كيمتي ومع غوربانفار وكذلك مع آخرين، ومان لدين هو الذي رتب بعد ذلك اجتماعات الكولونيل نورث مع شويس ونمرودي وكيمخي وأخيرا غوربانيفار للبحث في مبادلة السلاح بالرهائن وبهدف إقامة اتصالات أوسع مع إيران.

 

Voir les commentaires

كتاب حروب امريكا ،اسرائيل وبريطانيا على العراق/الموساد وراء تدميرالمفاعل النوي العراقي عام 1981/المؤلف صالح مخ

 

 

الموساد وراء تدمير المفاعل النووي العراقي في عام 1981؟

بعد أزمة البترول عام 1973، والصراع الذي قام بين المصدرين والمستهلكين حدث بين فرنسا والعراق تقارب في الآراء أسفر عن إبرام عدة عقود ومعاهدات بين البلدين أبرزهما اتفاق تعهدت فيه فرنسا بمساعدة العراق في تطوير بحوثه النووية وإمداده بالتكنولوجيا اللازمة فقط للأغراض السلمية، ومن هنا شرعت الحكومة العراقية في إنشاء مركز للبحوث  النووية. وبمجرد وصول هذا الخبر إلى القيادة الإسرائيلية هرعت وسائلها الإعلامية إلى تضخيم الخبر وترويجه بطريقة مخيفة معتبرة هذا المشروع خطرا على أمنها بالدرجة الأولى، لأنه يهدف لصناعة القنبلة النووية، واتهمت فرنسا بأنها زودت العراق بـ 67 كلغ من اليورانيوم المخصب وهي الكمية التي تمكن العراق من صناعة أربع قنابل نووية، وهكذا نشطت مصالح المخابرات العسكرية على الخصوص للحصول على معلومات دقيقة تخص هذا المشروع الذي سيعطي ثماره في نهاية السبعينات. أما العراق فقد أصر على مواصلة المشروع السلمي بهذا المفاعل النووي لاستغلاله في توليد الطاقة الكهربائية للعاصمة بغداد.

وهكذا أعطيت الأوامر من قبل مصالح التجنيد في الموساد لإيجاد شخصية عراقية بمركز البحوث "بصاكلي" وهي بلدة تقع جنوب غرب العاصمة الفرنسية بغرض تجنيده لصالح المخابرات الإسرائيلية تكثفت نشاطات رجال الموساد واضطر القائد "بيران" وهو رئيس مصالح التجنيد المعروف بـ TSOMET إلى الاتصال برئيس الفرقة العاملة بباريس "دفيد أربيل" الضابط في جهاز الموساد الذي أخبره بكل تفاصيل المهمة الجديدة وهذه الفرقة توجد تحت الطابق الأرضي للسفارة الإسرائيلية بباريس كباقي الفرق التابعة للموساد بالخارج ورجال الموساد لهم من الصلاحيات ما يجعلهم يراقبون حتى الحقيبة الدبلوماسية للسفير وجميع المراسلات التي ترد أو تبعث من السفارة ويتبع رجال المخابرات الإسرائيلية في الخارج العديد من اليهود المتطوعين والذين يعملون بجميع المصالح والمؤسسات في فرنسا.

ولما كان يتعلق بإيجاد عامل عراقي بمركز البحوث النووية "بصاكلي" تصل رجال لفرقة التجنيدية للموساد برجل يهودي اسمه الاصطلاحي "جاك مارسيل" الذي يعمل بمصلحة الأفراد في ذلك المركز من أجل إعطائهم المعلومات عن العمال هناك خاصة منهم الراقيين.

وهكذا حمل مارسيل قائمة بأسماء العمال العراقيين بالمركز ومر بها إلى رجال المخابرات الإسرائيلية بباريس، أين تم تصوير تلك القائمة بواسطة جهاز التصوير المصغر الذي يحتوي الفيلم الواحد منه على أكثر من 500 صورة وأرسلت القائمة بعد ذلك إلى المكتب المكلف بتل أبيب بطريقة رمزية ومن الأمثلة على ذلك أنه إذ كان الاسم المرسل هو عادل فإنه يصبح عأ ودل المقطع الأول بأخذ رقم 7 والمقطع الثاني يأخذ رقم 21 ولتعقيد الاسم بأخذ كل رقم حرفا معينا مثل ك ون وتغير هذه الرموز كل أسبوع، وقد أرسلت القائمة على مرحلتين، في المرحلة الأولى أرسلت المقاطع الأولى للأسماء وفي المرحلة اللاحقة أرسلت المقاطع الثانية من الأسماء، وذلك تحسبا لأي طارئ قد يكتشف حقيقة الرسالة الأولى فلا يجد معنى للمقاطع حتى وإن تمكن من فكها.

بعد أن وصلت الأسماء إلى تل أبيب، بدأ النظر فيها من قبل دائرة البحوث للموساد، لكن المعلومات لم تكن وافية عن هؤلاء العمال العلميين غير الخطرين وعليه أعطيت الأوامر من قبل مصالح التجنيد للموساد للفرقة الباريسية للعثور على فريسة في أسرع وقت، ومن هنا بدأت حكاية رجال المخابرات الإسرائيلية مع المواطن العراقي السيد "مشهد حليم" المتزوج بالسيدة سميرة والمقيمة معه بضواحي باريس وقد وقع اختياره على أساس أنه الوحيد الذي أعطى عنوان سكنه الخاص. ومما زاد من تشجيع رجال المخابرات على الاهتمام به، كونه متزوج بدون أولاد وعمره تجاوز الأربعين، وهذا يطرح احتمال السعادة في حياته الزوجية غير موجود. المشكل الآن هو كيف يتم تجنيده علما أن الموساد يعرف جيدا إيمان وإخلاص المواطن العربي تجاه بلده وأمته ونظرا لأهميةالقضية فقد تكلف فريقان بتنفيذها، وهي تجنيده لصالح المخابرات الإسرائيلية ومن ثمة إمدادها بالمعلومات اللازمة عن المفاعل النووي العراقي الذي شرعت بغداد في إنشائه بدأ العمل وانطلق رجال المخابرات الإسرائيلية كل في تخصصه، منهم من كلف بضبط مواقيت خروج حليم وزوجته ووقت عودتهما طول الأسبوع، ومنهم من كلف بوضع وسائل التصنت والتسجيل في الشقة التي يقطنها حليم، لأنهم يحملون مفاتيح خاصة تمكنهم من فتح أية شقة حتى ولو كانت تفتح بواسطة القصاصات المعناطيسية أو الرمز ولذلك تفتح الغرف حاليا في بعض الفنادق بأوروبا وأمريكا بواسطة بصمات صاحبها نفسه وهذا لتأمين الزبون وحتى هذه المرحلة لم تكن لدى المخابرات الإسرائيلية صورة حليم ولم يكونوا متيقنين من فائدته بعد، وبدأت مراقبة حليم وزوجته، وكنت أول مقابلة مع الزوجة بعد يومين فقط من إعطاء الأوامر، حيث دقت بنتا في مقتبل العمر باب شقة حليم في الوقت الذي كان هذا الأخير في العمل كان اسم البنت الحقيقي 'دينة" تعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية دقت الباب على أساس أنها تعرض سلعتها وهي مجموعة من العطور والروائح ذات الأسعار المغرية والقابلة للتقسيط وهكذا فتحت سميرة للآنسة 'دينه" قلبها وأدخلتها عندها رأت ما يعجبها من بضاعة لا سيما وأنها ستسافر إلى بغداد لحضور العملية الجراحية التي ستجريها والدتها، وامتد النقاش بين الزوجة والبائعة بشكل غير عادي، حيث سمعت البائعة في اللقاء الأول ما لم تكن تنتظره، وبعد لقاء ثان قرر رجال المخابرات الإسرائيلية المشرفون على العملية أن يضعوا نهاية لهذه العلاقة لأنها غير مجدية بعد أن تبين بأن زوجة حليم عير هامة في المعادلة، وعليه بدأ رجل ثاني في توطيد العلاقة بينه وبين حليم مباشرة، هذا الرجل يأخذ نفس المحور وهو ذاهب إلى العمل بسيارته الخاصة، مما جعله يمر على حليم كل صباح وفي المساء بعد نهاية العمل. اسم هذا الرجل "دونوفان" وفي غياب زوجته سميرة أصبح حليم يسير وفق برنامج جديد، حيث دخل "دونوفان" في حياة حليم وأصبحت العلاقة بينهما تتوطد وتتحسن أكثر فأكثر، حتى أصبح يتردد على منزل حليم في غياب زوجته لتجاذب أطراف الحديث في مواضع عامة، لقد كان "دونوفان" يرسل بتقاريره إلى رؤسائه في الموساد عن طريق رجلين يعملان لصالح المخابرات الإسرائيلية، بحيث أن التقارير التي يحملانها في شكل رموز تكون متكاملة فلا يفهم تقرير إلا يفك رموز التقرير الثاني علما أن الرجلين بلتقيان ولا يعرف الواحد منهما إن كان الثاني يحمل تقريرا من "دونوفان"، وهذا تحسبا لوقوع أي تقرير في يد جهات أخرى.

لقد كانت التقارير تجيب في كل مرة عن الأسئلة الخمسة الهامة وهي من؟ ماذا؟ أين؟ متى؟ لماذا؟ فضلا عن المحادثات التي كانت تدور داخل منزل حليم وهم يتصنتون  عليها "جونوفان" قدم نفسه إلى حليم على أساس أنه بائع للحلويات ومصدرها للدول الإفريقية في صناديق حديدية كبيرة حيث تستعمل للسكن هناك، وحتى يتيقن حليم من مهمة زميله استدعاء لمرافقته إلى جنوب فرنسا لعقد صفقة من الحاويات أثناء العودة سلم "دونوفان" ألف دولار لحليم مكافأة للملاحظات التي قدمها لدونوفان والتي خصت بعض السلبيات في السلعة، واتضح لدى حليم بعد هذا التصرف أن صديقه 'دونوفان" ليس صديقا من أجل وقت الفراغ إنما يمكن أن يكسبه أمولا طائلة تساعده على تحسين مستواه المعيشي.

وجاءت لحظة العمل الجاد والدخول في صميم الموضوع، بعد يومين من اختفاء "دونوفان" بدعوى أنه مشغول، التقى مع حليم وعليه ملامح القلق سأله حليم عن السبب أجاب: لقد جاءت صفقة العمر في ألمانيا، إنها أنابيب مطاطية تستعمل لنقل المواد ذات النشاط الإشعاعي المخصص للبحوث الطبية، لكن المشكل أني لست متخصصا في هذا الميدان وأخاف أن أعتمد على خبير قد لا ينصحني، رد حليم على الفور أستطيع مساعدتك أشكرك، لكن القضية تحتاج إلى خبير متضلع في الميدان، أجاب حليم إنه ميدان تخصصي. تظاهر "دونوفان"  بالدهشة معلقا، كنت أظن أنك طالب؟ نعم هذا ما قالته لك، لكن في الحقيقة أنا في مهمة خاصة بفرنسا اندهس "دونوفان" ثانية للسهولة التي اعتمدها حليم في إفشاء مثل هذه المعلومات ودون أن يلفن انتباه حليم استطرد" إذن سنلتقي في "أمستردام" هذا الأسبوع وإنني مضطر أن أذهب يومين قبل الموعد، أما أنت سوف تلحق بي رفقة أحد رجالاتي إلى مكان الموعد.

لما وصل حليم إلى "أمستردام" وجد في انتظاره "دونوفان"، ورجلين أحدهما يهودي فيزيائي يحمل حواز سفر ألماني والثاني من نفس الجنسية بصفته مسير مالي، وبينما كان "دونوفان" مع الرجل الثاني منفردين، كان حليم والفيزيائي يتناقشان حول الجانب العلمي والتقني للعتاد المراد بيعه والسؤال الذي كان الفيزيائي يبحث عن جواب له هو: من أين تحصل حليم على كل هذه المعلومات والمستوى العلمي العالي الذي يتميز به في ميدان الفيزياء النووية، وكان حليم كعادته سخيا في إعطاء جميع أسراره عن عمله في المصنع وخارجه وخلص اليهودي الفيزيائي إلى إعرابه عن نيته في بيع مفاعلات نووية للدول النامية من أجل الأغراض السلمية، لكن المعضلة تتلخض في عدم امتلاكه لمخططات ونماذج كاملة لمفاعل ننوي واغتنم الفرصة ليطلب من حليم إن كان بإمكانه إنجاز مثل هذا العمل مقابل أجر كبير تردد حليم للوهلة الأولى وعلق خائفا: هذا أمر خطير؟ طمأنه اليهودي الفيزيائي لا يوجد أي خطر عليك بتصوير المفاعل النووي العراقي وتقدميه لنا وسوف نقبض مبلغا هاما، وتغلبت الأنانية وحب المال على حليم، واقنع نفسه بأن الأمر لن يكلفه جهدا كبيرا كل ما في الأمر أن يقوم بتصوير المخطط الأصلي، وهكذا انتهى دور "دونوفان" ليفسح المجال لزميليه الاثنين لمواصلة المهمة مع حليم في اليوم الموالي من اللقاء أخبر "دونوفان" حليم سيسافر إلى لندن لمدة قد تطول بعض الوقت، ودون أن ينسى ترك له رقم الهاتف في لندن ربما يحتاجه حليم في أو لحظة بعد ذلك تم لقاء ثاني بين حليم والفيزيائي اليهودي رفقة زميله المحاسب، في هذا اللقاء اختيرت ثلاثة أسئلة ليجيب عنها حليم، الأسئلة كانت: أين يقع المفاعل النووي العراقي. ما هي مراحل أشغال البرنامج الذي هو في طور الإنجاز؟

أجاب حليم عن الأسئلة الثلاثة بدون تحفظ، ليشرع بعد ذلك في تدريبه على الرسائل المستعملة لدى المخابرات الإسرائيلية من أجل الحصول على المعلومات اللازمة التي ستكون إضافية للأسئلة المطروحة من قبل رجال الموساد. لقد عرف حليم بعض الفنيات في تصوير الملفات والمخططات، منها بعض من الورق الخاص، بوضع فوق الورقة الأصلية المراد تصويرها ثم يوضع ثقل لجسم ما فوقها، وبعد لحظات تؤخذ الورقة الخاصة لتعالج في المخبر، فتظهر صورة الوثيقة الأصلية، عند هذا الحد تفطن حليم لطبيعة المهمة الموكلة من طرف الرجلين الذين يجهل عنهما كل شيء واعتبر ما طلبوه منه في النهاية عملا تجسسيا محضا، واعترف لزميله "دونوفان" بعدما اتصل به هاتفيا أنه تورط مع الرجلين الألمانيين، وطلب منه أو يلتحق به وأن يمد له يد المساعدة.

لقد أدرك حليم لأول مرة خطورة المهمة والعواقب التي تنتظره ولا سيما أنه يعرف جيدا بأن المخابرات العراقية لن ترحمه إذا كشف أمره، وهو الاحتمال الوارد لأن هؤلاء يراقبون وبعيون لا تنام رجالاتهم بالخارج وصل "دونوفان" إلى باريس لمؤازرة حليم بعد يومين فقط من المكالمة الهاتفية، التقى الصديقان وعلى وجه حليم الحيرة والقلق والخوف، وما جلسا حتى انفجر حليم، لقد انخدعت بالمبلغ الذي وعدوني به، وأنت الصديق الوحيد الذي يمكنه مساعدتي، أرجوك أن تدلني على طريق ينجيني من شرهما. تأسف "دونوفان" لما حدث لزميله، وتظاهر بانشغاله عليه، وحاول تهنئته طالبا مهلة للتفكير في الحل، ثم قال "دونوفان": اهدأ ولا تخف إن مثل هذه الأحداث كثيرة، أجاب حليم بعصبية لقد قلت لهما كل ما أعرفه لكنهما يريدان المزيد، وأنا أعرف أكثر مما قلت، رد اليهودي "دونوفان": إنك لست الأول المتورط في مثل هذه الأعمال ولست الأخير ولا أعتقد أن الأمر يصل إلى هذه الدرجة من الخطورة التي تتصورها، اتركني أفكر لعلني أجد حلا.

خمسة أشهر فقط من تعارفهما استطاع '"دونوفان" أن يتحصل على معلومات جد هامة من حليم ولم يبق أمام "دونوفان" سوى إقناع حليم بأن رجال المخابرات الأمريكية سي.أي.أ هم الذين وراء هذه العملية، وأنهم يريدون منك إضافات جزئية فقط عن المفاعل النووي العراقي، وأعتقد أنهم يتركونك وشأنك بعد ذلك، إني أعرف أن الأمريكيين أرحم وأكثر إنسانية من الإسرائيليين وما أن توقف "دونوفان" عن الكلام حتى بادره حليم: ماذا عصاني أن أقوله لهم أكثر مما قلته؟ ورد "دونوفان": لست أدري ربما أنت تعرف جيدا وأحسن مني ما يريدونه منك. مثلا ما هو موقف العراق من عملية استبدال مادة "الكارامال" مكان اليورانيوم المخصب؟ أجاب حليم أن العراقيين يريدون اليورانيوم المخصب، وهناك الأستاذ "يحي مشهد" الفيزيائي الكبير سيصل في الأيام القادمة إلى باريس لينظر في الأمر، وهو الذي سيقرر نتيجة المفاوضات ويسأل "دونوفان" هل بإمكانك مقابلته. بكل تأكيد سيلتقي مع الرجال الذي يعملون من أجل المشروع هنا، إذن يمكنك معرفة جواب السؤال السابق وربما الأخير من هذا الأستاذ.

بعد عودة زوجة حليم من العراق، وجدت زوجها أنسانا مختلفا عما تركته عليه، حيث تحسنت أحواله المالية، فأصبح  يقتني من الأكل والملبس ما شاء الله كما أنه استطاع أن يدعوها أكثر من مرة لأماكن الترفيه والتسلية الراقية وكان يدفع مقابل ذلك مبالغ كبيرة تساءلت زوجته هل هذه البحبحة ناتجة عن ارتفاع ماهيته؟ وبأي مناسبة ترتفع بهذا الشكل؟ بعد أيام فقط صارح زوجته الحائرة وقال لها أنه تعرف على صديق اسمه "دونوفان" وهو رجل أعمال سلمه ما استطاع من المال نتيجة مساعدته في بعض صفقته التجارية، كما أخبرها بأنه في مشاكل مع المخابرات الأمريكية.

حذرته زوجته من ذلك قائلة أن هؤلاء إسرائيليون وليسوا أمريكيين، ما حاجة الأمريكان بهذه المعلومات؟ ونصحته بالعودة فورا إلى بغداد.

بعد أيام فقط بدأ شحن المفاعل النووي باتجاه العراق كانت المرحلة الأولى هي نقل هذه التكنولوجيا على متن ثلاث شاحنات إلى ضواحي طولون TOULON، لينقل  بعد ذلك عبر البحر باتجاه العراق، في تلك الأثناء واعتمادا على المعلومات التي تلقاها رجال الموساد من حليم استطاعوا أن يخبئوا ثلاث رجال داخل إحدى الحاويات الكبيرة المعدنية التي كانت تحمل عتادا مكملا للمفاعل النووي،وكان ضمن الرجال المندسين أستاذ متخصص في العلوم النووية، حيث قام الرجال بعد أن دخلت الشاحنة إلى الحظيرة المسقفة بوضع متفجرات موقوتة يتم التحكم فيها عن بعد، ثم لاذوا بالفرار في اللحظة التي هرع الحراس إلى الحادث الذي وقع خارج الحظيرة في الشارع المقابل، أين اصطدمت سيارة بامرأة كانت تتأهب لقطع الطريق والحقيقة أن الحادث دبر هو الآخر من طرف رجال الموساد لتحويل انتباه الحراس من الحظيرة إلى الخارج لأنه في تلك اللحظة بالذات غادر الرجال الثلاثة الحظيرة ولم تمض إلا دقائق معدودة حتى سمع انفجار كبير داخل الحظيرة أتى على تدمير جزء كبير من عتاد المفاعل النووي وهكذا تمت الخطوة الأولى من المخطط التخريبي لتأخير إنجاز المفاعل النووي العراقي لعدة سنوات أخرى.

لما سمع الخبر أصابه الهلع والخوف وتأكد أن المعلومات التي سربها الرجلين هي التي استعملها المخربون وأنه السبب المباشر في ذلك رغم أن الأوساط الإعلامية أرجعت العملية إلى اليساريين الفرنسيين، وأخرى إلى الفلسطينيين العملاء لليبيا والبعض الآخر للموساد لكن الناطق الرسمي باسم الحكومة الإسرائيلية كذب الاتهامات الموجهة لبلاده بعد الحادثة التقى حليم ب "دونوفان" وأخبره بأنه عازم على العودة إلى العراق لأن الخطر أصبح يحدق به في كل لحظة سواء من طرف العراقيين أو من طرف العصابة التي تورط معها وحاول "دونوفان" آخر مرة إقناع حليم بالتعامل مع الإسرائيليين إذا أراد أن يحصل على أموال طائلة مقابل تزويدهم بمعلومات إضافية عن المفاعل النووي العراقي، لكن حليم رفض اقتراح زميله لأول مرة في آخر لقاء بينهما.

لم يعد حليم ينفع في شيء، وانتقل رجال المخابرات الإسرائيلية لأمر أهم  وهو السيد "يحي مشهد" العالم المصري الجنسية المقرب لدى الشخصيات العسكرية والمدنية في الوطن العربي والذي ذاع صيته في كل مكان، نظرا للمستوى العالي الذي يتميز به هذا الرجل كما أن الصلاحيات التي أعطيت له من قبل السلطات العراقية جعلته لغز المعادلة الصعبة في المفاعل النووي العراقي، لأن كثيرا من الأسئلة لم يتوصل رجال الموساد لمعرفة الجواب لها، ولما كان العالم المصري ينتقل من حين لآخر بين المشرق العربي وباريس في مهمات سرية وعملية، فكر رجال المخابرات في تجنيده أو تصفيته نهائيا، خاصة وأنهم تيقنوا لأن نتيجة المفاوضات مع السلطات الفرنسية حول مشروع المفاعل النووي العراقي تتوقف على موقفه تجاه المشروع.

في زيارته الأخيرة إلى فرنسا وبالضبط إلى المركز النووي "بصاكلي" صرح للعلماء الفرنسيين قائلا: "إننا سوف نغير مجرى العالم العربي" وهذا ما أقلق السلطات الإسرائيلية الني أيقنت بأن العراق على أبواب صنع القنبلة النووية، وهي مؤشر لبداية نهاية الكيان الصهيوني في المنطقة.

لقد علم رجال الموساد أن العالم "يحي مشهد" سيحل بباريس فس الوقت والمكان المحددين لزيارته عن طريق التقاط التلكس الفرنسي الموجه لمصر، ولما كان التلكس يحدد أيضا فندق نزوله والغرفة التي حجزت باسمه، تمكن رجال المخابرات من ترتيب الأمور بوضع وسائل تصنت داخل الغرفة التي ينزل بها.

لم يكن أمام رجال الموساد تجاه العالم المصري سوى أحد الأمرين، إما أن يبوح بما يبحثون عنه، أو اغتياله مرة واحدة في حالة رفضه، في الأمسية التي وصل فيها "يحي" إلى الفندق اتصل به رجل ودون أن يفتح العالم الباب سأل من الطارق؟ أجابه الرجل اليهودي باللغة العربية أنني رسول منظمة قوية تنتظر منك بعض المعلومات مقابل أجر كبير، رد الرجل المصري غاضبا" اذهب أيها الوقح وإلا ناديت الشرطة، لما سمع اليهودي الجواب هرول خارجا، عرف أن الرجل المصري ليس من النوع الذي يراوده الخوف ولا حب المال ولا حتى الحياة، وهكذا انسحب رجل المخابرات اليهودي ليعود مباشرة إلى إسرائيل حتى لا يشتبه في أمره، وفي تلك الليلة دخل رجلان إلى غرفة الرجل المصري وهو نائم وتم اغتياله ولم يتفطن له أحد إلا بعد مرور الساعات الأولى من طلوع النهار، وبهذه الكيفية تم تنفيذ العملية الثانية بكل نجاح.

لم يبق أمام رجال الموساد سوى العملية الثالثة والأخيرة والأصعب من سابقتيها، لكونها ستنفذ بكيفية جريئة وعلنية على مرأى من العالم، إنها عملية تدمير المفاعل النووي العراقي ببغداد مستعملة في ذلك طائراتها المقنبلة اعتمادا على المعلومات التي قدمها حليم بالإضافة للمساعدة الأمريكية.

في السابع من شهر جوان 1981، وعلى الساعة الرابعة زوالا، أقلعت اثنتا عشر طائرة من نوع أف-15 ونفس العدد من نوع أف-16 من قاعدة "بير شبيه" القريبة من الحدود الإسرائيلية الأردنية، كانت الطائرات تحلق على ارتفاعات عالية وبسرعة خاطفة حتى أنها لم تكشف من قبل الرادارات العراقية ووسائل الدفاع الجوي، ولما كان الارتفاع والسرعة يثقلان من احتمال إصابة الأهداف المراد  تدميره، فقد تكلف أحد رجالاتهم الموجودين ببغداد بوضع إشارات مضيئة بالقرب من المفاعل النووي حتى يتمكن الطيارون من تحديد أهدافهم بكل دقة لتكون الرماية بعد ذلك ناجحة وفعلا لما اقتربت الطائرات من العاصمة بغداد في حدود الساعة السابعة مساء رأى طياروها أعمدة صغيرة منيرة في عدة أماكن بضواحي العاصمة، كان الطيارون يحملون معهم خرائط مفصلة للمنطقة ولكل واحد أهدافه التي يجب تدميرها وقد استعملت الطائرات الإسرائيلية الأمريكية الصنع صواريخ من نوع "سايدوندار" وقنابل تدميرية عالية يتم التحكم فيها بواسطة الليزر، وقد تم إعادة تموين الطائرات المقنبلة بواسطة "بوينغ 707" التي حطت بقبرص بعد إتمام مهامها.

وفي حدود الساعة السابعة مساء رمت الطائرات الإسرائيلية كل حمولتها فوق منطقة "توايطة" أين يوجد المفاعل النووي العراقي ودمر ما دمر من المفاعل النووي، وتلقى الإسرائيليون نبأ التدمير بكل فرح وسرور، بينما تلقى الشعب العراقي النبأ بكل تحسر وإصرار على مواصلة العمل والتحدي.

وكان للعراقيين ما نووا، وما المفاجآت التي قدموها خلال حرب الخليج إلى دليلا على إرادتهم الصلبة وعزيمتهم الفولاذية، وأثبت العراقيون لإسرائيل ما رجموها به من "عباس" و"حسين" أنها لا تستطيع الوقوف أمامه لولا تواطؤ الإمبريالية العالمية معها و ما يزال العراق الشقيق ينتصب شامخا رغم الحصار والمؤامرات.

Voir les commentaires

كتاب حروب امريكا ،اسرائيل وبريطانيا على العراق /محاولات اغتيال صدام حسين من طرف الموساد وسي اي ي /المؤلف صالح

محاولات اغتيال الرئيس العراقي صدام حسين
من طرف الموساد M16 وCIA

 

التخطيط الأمريكي أو المؤامرة الأمريكانية البريطانية الإسرائيلية ضد العراق بدأت في سنة 1985. مباشرة بعد الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس العراقي صدام حسين إلى موسكو والتي قلبت توقعات وخلفت متغيرات آنذاك.

خلافا لكل توقعات المراقبين الدبلوماسيين ومختلف وسائل الإعلام العالمية، كانت الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس صدام حسين إلى موسكو بمثابة الحدث المتميز والمنجع للولايات المتحدة  وبخلاف جميع التوقعات لدى المخابرات الأمريكية والغربية بصفة عامة فإن تلك الزيارة اكتملت أهميتها من خلال مجموعة كبيرة من المتغيرات الإقليمية والعربية التي تهم بغداد وموسكو في آن واحد، وظهرت العراق كقوة لا يستهان بها في الوطن العربي بصفة عامة، وبذلك أصبحت خطرا على بني صهيون.

والكل يتذكر ردة فعل العراق حيال قصف مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس تعدت خاصة حيال الموقف الأمريكي وردود الفعل الأخرى، وتحرك العراق بشكل منظم لبلورة موقف حربي فاعل وضاغط تجاه واشنطن بعد التأييد الوقح التي أبدته لجريمة "إسرائيل" المذكورة.

ومن تلك الحقبة ظهرت متغيرات جديدة على جميع الأصعدة، سرعان ما توضحت نتائجها، حيث تمكن العراق ولأول مرة بعد انتصار صلاح الدين الأيوبي من إطلاق صواريخ من ضواحي البصرة وبغداد لتسلط على رؤوس بني صهيون في تل أبيب وهذا ما هيج الأمريكان وبريطانيا عميلاتهما إسرائيل وجندت الأمم المتحدة التي تصون مصالح الغرب وكثر أعضاء مجلس الأمن من إصدار القرارات التعسفية ضد بلد عربي وضد شعب عربي، عرف كيف يعامل بني صهيون؟

قام الملك الأردني حسين بمهمة سرية لإبلاغ المسؤولين المصريين قبل هروب حسين كامل بأسبوع أن الولايات المتحدة أبلغته بأنها لن ترفع الحصار عن العراق حتى ولو دمر كل أسلحة الدمار الشامل، ونفذ حربيا جميع قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وأن الحصار سيتواصل على العراق طالما أن صدام حسين موجود في السلطة لأن الولايات المتحدة لها معه حسابات قديمة، فقد كان السبب في إسقاط رجالات في الشرق الأوسط.

وأكدت المخابرات الأمريكية CIA للملك حسين صديقهم بأنه لا رفع للحصار في ظل وجود صدام حسين وهذا أحد الاعتبارات الأساسية التي بنى عليها الاقتراح بالرحيل السلمي لصدام حسين موافقة الأردن على استضافته كلاجئ سياسي تلبية لرغبة إسرائيل، بريطانيا وأمريكا.

وقد أبلغ الأردنيين  بأن الولايات المتحدة لم تتمكن فقط من تجنيد حسين كامل وصدام كامل صهري صدام حسين. وقبلهما برزان التكريتي مندوب العراق لدى الأمم المتحدة بسويسرا، والأخ غير الشقيق لصدام حسين، حيث يعمل دوما ضد النظام العراقي ويوما آخر لصالحه، لكن تمكنت المخابرات الأمريكية من تمهيد مسؤولين عراقيين آخرين موجودين داخل العراق الذين كانوا يمارسون مهامهم باعتبارهم من رجال السلطة دون أن يظهر عليهم أي أثر لوجود علاقة بينهم وبين الأمريكان وهو الأمر الذي يعني أن المخابرات العراقية كانت تراقب عن قرب تحركات المشبوهين الدين اضطروا البقاء في "الشلل".

أما بعض الهيئات الدبلوماسية فقد أشارت إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية  لا تريد إسقاط صدام حسين من أجل إرضاء الناخب الأمريكي فقط ولكن أيضا حماية لإسرائيل وخاصة انتقاما لهزائمها بعد أن وصلت إلى الإدارة الأمريكية تقرير من سفارتها في دول الخليج يؤكد أن المواطنين يشعرون بالابتزاز الأمريكي لهم، وبدءوا يفهمون الموقف بوضوح وهو أن صدام حسين تحول إلى الدجاجة التي تبيض الذهب الخليجي للأمريكان الذين يردون استمرار الوضع الحالي للحصول على الأموال وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية لهم، وهذا ما يعني بأن حتى وأن العراق يعيش تحت الخضر لا زال يسبب خسائر فادحة في خزينة أمراء الخليج، وقد علم أن الولايات المتحدة تدرك بأن إزاحة صدام حسين من الخارج سيثير الدول العربية وشعوبها ضدها، على اعتبار أن الشعوب وحدها هي التي تغير أنظمتها بمحض إرادتها، لذلك حاولت المخابرات الأمريكية إحداث انقسام بين رجال صدام وحاشيته تمهيدا لصراع السلطة داخل العراق، ثم أن الولايات المتحدة الأمريكية تتجنب أي تأثير للشعوب المغاربية خاصة بالجزائر والمغرب، حيث تحاول  الاستحواذ على أعلى نسبة من الاستثمار والشراكة في حقول النفط الجزائرية ومخابراتها منهمكة في مهمة معرفة مدى تنامي الاستثمار الفرنسي بالجزائر حتى لا يخلو لها الجو والسقوط. لكن إستراتيجية المخابرات العراقية أفشلت كل المحاولات الأمريكية، حيث استطاع صدام حسين اجتياز هذه المرحلة والأزمة بمهارة فائقة وبدون خسائر بل بانتصار باهر، حيث تمكن من جلب الأمين العام للأمم المتحدة إلى بغداد والتفاوض معه وكانت هذه بمثابة صفعة للولايات المتحدة.

ثم تفاجأت المخابرات الأمريكية التي كانت تضن بأن إيران سوف ينتقم من العراق حيث كانت تحرر تقاريرها على هذا النحو، إلى أن الواقع شيء آخر أظهر أن إيران أدرك من جهته لعبة الولايات المتحدة التي تتمثل في إزاحة ثلاث دول من ميزان القوة في المنطقة وهي إيران، العراق وسوريا، أما هذه الكتلة مكتملة أبرمت إسرائيل بتوجيه من الولايات المتحدة إتفاقات الدفاع المشترك مع تركيا التي كانت دوما عدوة للعرب.

إن الولايات المتحدة وشهادة تقارير مخابراتها لم تستعمل قصية غزو الكويت محبة في الكزتيين وإنما دفاعا على إسرائيل وعلى مصالحها في المنطقة، ولولا الكيان الصهيوني لما تدخلت أمريكيا وبريطانيا وفرنسا وغيرهم ضد العراق.

وقد سبق للمخابرات الفرنسية تزويد إسرائيل بمعلومات ثمينة ساعدتها إلى حد بعيد لتدمير المفاعل النووي العراقي، وكانت أيضا المخابرات البريطانية قد ساهمت بتجنيد عدد من أعوانها كانوا يعملون في  العراق مثل المراسل الصحفي لمجلة "الأويسرفر" البريطانية الإيراني الأصل.

 

Voir les commentaires

كتاب حروب امريكا ،اسرائيل وامريكا ضد العراق / قرارات المؤتمر الاسلامي حول الحرب العراقية الايرانية /صالح مختا

 

 

 

 

 

Voir les commentaires

كتاب حروب امريكا ،اسرائيل وبريطانيا على العراق/الصناعة العسكرية الاسرائلية /المؤلف صالح مختاري

 

الصناعة الحربية الإسرائيلية

بدأت إسرائيل التصنيع الحربي منذ عام 1948 لكنها تطورت بشكل ملحوظ في الستينات، خاصة بعد حرب عام 1967 وحرب الاستنزاف عام1970 حين منع الجنرال ديغول تصدير الأسلحة الفرنسية إلى إسرائيل الأمر الذي دفع إسرائيل إلى التفكير في التصنيع الحربي والاعتماد على النفس لسد ثغرة احتياجاتها للسلاح. وتطورت الصناعة الحربية الإسرائيلية بعد ذلك لتشمل مؤسسات صناعية كبيرة وهامة الحكومية والخاصة بحيث يقدر عدد العمال والفنيين العاملين في حقل الصناعات الحربية ومشتقاتها بحوالي 80-90 ألف عامل ويعادل ذلك ربع القوة العاملة الإسرائيلية.

وقد أسهمت المساعدات المالية والعسكرية الضخمة إلى إسرائيل، وخاصة الأمريكية منها، في خلق صناعة حربية متطورة وقادرة على سد الاحتياجات الثانوية والعاجلة في مجال التسليح العسكري، كما أن هذا النوع من الصناعة قد أتاح مجالا لأشغال الأيدي العاملة الإسرائيلية وامتصاص البطالة وزيادة الخبرة العسكرية للمواطن الإسرائيلي الذي يعتمد عليه كقوة أساسية في الحرب تضاف إلى الجيش النظامي. فغلى الاقتصادي تشكل الصناعة العسكرية مصدر عيش حوالي ربع القوة العاملة الإسرائيلية بالإضافة إلى أنها مصدر للدخل القومي استجلاب العملة الصعبة بعدما دخلت إسرائيل مجال التصدير وبيع الأسلحة والمعدات القتالية إلى الدول الأخرى.

إن أهم المؤسسات الصناعية الحربية في إسرائيل هي مؤسسة الصناعة الجوية الإسرائيلية I.A.I ويعمل فيها حوالي 21 ألف موظف وعامل، وبلغ إجمالي مدخولها عام 1979 –مثلا- حوالي 560 مليون دولار أمريكي. وكانت نسبة 60% من إنتاجها تصدر إلى الخارج، ثم تليها مؤسسة الصناعات العسكرية الإسرائيلية I.M.I وهي أقدم مؤسسة صناعية حربية في الكيان الصهيوني، ثم تليها مؤسسة أحواض السفن الإسرائيلية I.S.I ثم هيئة تطوير الوسائل الحربية وإلى جانب هذه المؤسسات هناك شركة "سولتام" لصنع المدفعية و"الهاونات" وشركة "تاديران" وشركة "بيت الشمس" وبعض الشركات الأخرى، ومجمع "كور" الصناعي الضخم التابع لاتحاد العمال الإسرائيليين.

وقد ساعدت هذه المشروعات الصناعية على خلق صناعة عسكرية إسرائيلية متطورة تسهم بشكل كبير في بناء الجيش الإسرائيلي والحفاظ على مبدأ تفوق هذا الجيش على الجيوش العربية مجتمعة كأساس داخل نظرية الأمن القومي الإسرائيلي، وذكرت أحد المصادر أن نسبة 45% من احتياطات الجيش الإسرائيلي تسدها الصناعات المحلية العسكرية في الكيان الصهيوني.

 

تنظيم وتسليح القوات الإسرائيلية بين عامي 1986-1987

تشير معلومات مركز الدراسات الاستراتيجية في لندن إلى أن إسرائيل أصبحت تملك في قوام قواتها المسلحة عام 86-87، التشكيلات والقدرات القتالية الفائقة.

إن القوات البرية الصهيونية أصبحت تضم حوالي 112000 مقاتل، منهم 88 ألف مجند ذكور وإناث، ويرتفع العدد إلى 606000 مقاتل عن إعلان  التعبئة العامة أي نسبة القوى البشرية في القوات البرية هي 75.19% من القوة العاملة ونسبة 89.16% من القوة الاحتياطية، ونسبة 86.20% من الإجمالي لأفراد الجيش الإسرائيلي.

ويتألف الجيش المدرع البري الإسرائيلي من 11 فرقة مدرعة مؤلفة من 33 لواء مدرعا وكل لواء مدرع يتكون من ثلاث كتائب دبابات وكتيبة واحدة مشاة ميكانيكية و6 ألوية مشاة ميكانيكية و2 ألوية مشاة عادية و7 ألوية مظلات، و15 لواء مدفعية ميدان لكل لواء مدفعية مؤلف من 5 كتائب مدفعية و12 لواء مشاة حدودي إقليمي تدخل فيه كتائب الناحال، وسريتي صواريخ دفاع جوي "فولكان شابا رال" بالإضافة إلى العتاد الهندسي وعتاد الإشارة ووسائط الاتصال والأجهزة الالكترونية.

وقد اعتمد الجيش الإسرائيلي نظام الفرقة المدرعة في قواته البرية منذ مطلع الثمانينات، وبعد أن هجر بعد "أوغدا" UGADA المؤلفة من مجموعة أفواج دبابات ومشاة الميكانيكية المدفعية وألوية المشاة المنقولة والعربات المدرعة نصف المنجزة أو عربات النقل المدية مع وحدات الدعم والخدمات التي كانت تعمل كلها تحت قيادة "أوغدا" أو ما يطلق عليه الإسرائيليون مجموعة العمليات،  نظرا لفشل هذا التنظيم القتالي في حرب أكتوبر 1973. وعدم ملاءمته لمتطلبات الحرب الحديثة.

يعتبر الخبراء العسكريون الغربيون أن الفرقة المدرعة الإسرائيلية هي التشكيل التكتيكي الأساسي الذي يضم في قوامه القتالي التنظيمي التشكيلات وقطاعات ووحدات من مختلف الصفوف والقادر على خوض المعركة الحديثة المشتركة بصورة مستقلة أو ضمن تشكيل أكبر "مؤقت" أو الجحفل الفيلق الميداني كالذي يشكله الصهاينة محور الاتجاه الشرقي خلال حرب لبنان عام 1982 وذلك وفقا لمقتضيات الموقف العملياتي الشكل وطبوغرافية الأرض وطبيعة الدفاعات المعادية.

تتألف الفرقة المدرعة الإسرائيلية من 330 دبابة قتالية وحوالي 12 ألف مقاتل من مختلف المراتب والاختصاصات. وتضم الفرقة المدرعة في قوامها العضوي وحين التعبئة العامة ثلاث ألوية مدرعة دبابات ولواء مدفعية ميدان بالإضافة إلى أساس الفرقة من القيادة والأركان، ولواء إمداد الذي يتألف من كتيبة استطلاع وكتيبة هندسة وكتيبة نقل وكتيبة طبية وكتيبة صيانة وسرية وعربات جيب خفيفة.

ويتشكل كل لواء مدرع دبابات في الفرقة المدرعة الإسرائيلية من ثلاث كتائب دبابات وكتيبة مشاة ميكانيكية واحدة وكل كتيبة دبابات فيها ثلاث سرايا دبابات أي 36-40 دبابة قتالية مع دبابات القادة فتكون إجمالي اللواء من الدبابات 80-100 دبابة قتالية وحوالي 3500 عسكرية وتتكون كتيبة المشاة الميكانيكية العضوية في اللواء المدرع من ثلاث سرايا بقوام 36 ناقلة مدرعة و360 رجلا بمعدل 10 جنود في كل ناقلة أو منجرة.

أما لواء مدفعية الميدان فإنه يضم في قوامه 5 كتائب مدفعية ذاتية الحركة وكل كتيبة مدفعية مؤلفة من 3 بطاريات وهي مدفعية الإضافة إلى سرية خدمة وسرية إدارة النيران وقيادة الكتيبة فيصبح مجموع العتاد المدفعي في الكتيبة الواحدة 18 مدفعا ذاتي الحركة، وفي لواء المدفعية حوالي 80-90 مدفعا ذاتي الحركة ولا تتشابه الفرق المدرعة الإسرائيلية مع بعضها البعض من حيث التسليح، أي ان مجموع الدبابات في الجيش الإسرائيلي لغاية 87/88 هو 3785 دبابة قتالية.

تعتبر إسرائيل ثالث دولة في العالم في عدد الدبابات التي تمتلكها بعد الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، بل أن عدد الدبابات لديها يفوق عدد الدبابات في الصين الشعبية ذات المليار نسمة ونصف نظرا لاعتماد الفكر العسكري الصهيوني والمذهب العسكري الإسرائيلي على أسلوب حرب الحركة وسعيهم إلى نقل الحرب إلى أرض الخصم العربي، ولقد ذكر مصدر إسرائيل ما يلي:

"لقد تم تكوين الجيش الإسرائيلي بعد حرب أكتوبر على أساس تنظيم قوة حسم سريع في المعركة، مع تطور حركة استراتيجية تتيح النقل السريع للقوات من جهة إلى أخرى عند الحاجة، وقد أمكن تحقيق قدرة الحسم السريع بواسطة أربعة عوامل قتالية متداخلة-هجوم عمودي على المؤخرة بواسطة المظليين وتوغل سريع إلى عمق الأراضي العربية بواسطة القوات المدرعة، ودعم مباشر وغير مباشر للقوات الأرضية من قبل سلاح الجو وجهاز سيطرة يتولى إدارة المعركة بشكل مباشر.

 

 

 

 

 

 

 

ويملك العدو الصهيوني إلى جانب ذلك العربات المدرعة بأنواعها، وتدل معلومات مراكز الدراسات الاستراتيجية وأن لدى إسرائيل حوالي 4000 عربة مدرعة قتالية أما للاستطلاع أو حاملة الأسلحة م/د والنماذج المتوفرة هي: RAMTA العربة المدرعة الإسرائيلية الصنع، والعربة R.B.Y-2 المماثلة ، والعربة نصف المنجزرة الأمريكية الصنع M2/3 والعربة B.R.D.M-2 السوفياتية المنشأ، وتملك أيضا حوالي 5900 عربة مدرعة (ناقلة جند مدرعة) للمشاة الميكانيكية، منها 4000 ناقلة مدرعة من طراز M-113 الأمريكية المشهورة، والباقي من الطرازات: الناقلة SHWIT "شويت" الإسرائيلية الصنع والناقلة R.T.R-50.P السوفياتية الصنع فيصبح إجمالي العربات المدرعة على مختلف نماذجها وأنواعها حوالي 9900 عربة مدرعة بما يقارب العشرة آلاف عربة مدرعة.

 

وإلى جانب القوات البرية يأتي سلاح الجو الإسرائيلي في طليعة الوسائط الحربية التي تعمل إسرائيل جاهدة على تطويرها ورفع كفاءتها القتالية باستمرار بما يحقق لها التفوق النوعي والتكنولوجي على الدول العربية كافة أو على الأقل على دور المواجهة العربية التي يمكن أن تخوض معها صراعا مسلحا قريب الاحتمال، ولهذا فقد عملت إسرائيل منذ فترة ما بعد حرب تشرين التحريرية على إعادة النظر في عقيدتها القتالية-التكتيكية وبرامج التدريب، واختبرت هذا التنظيم الجديد في حرب لبنان عام 1978 وعام 1982 وتركز التنظيم على ما يلي:

1- إنقاض دور الدعم المباشر للقوات الأرضية.

2- زيادة الاعتماد على القنابل الشديدة الانفجار الذكية "سمارت" والصواريخ التعبوية "أرض-أرض" الموجهة والبعيدة المدى.

3- انتقاء لطائرات ذات السرعة العالية "جيل الثمانينات": كالـF.15/F.16.

4- التوسع في انتقاء طياري القتال وطياري النقل وطياري الهليكوبتر.

5- زيادة الوقت المخصص للمشاريع المشتركة مع القوات البرية والقوات البحرية والتدريب القتالي الاختصاصي للقوات الجوية.

وتدل تقارير معاهد الدراسات الدولية من عام 87/88 أن السلاح الجوي الإسرائيلي أصبح يضم في قوامه حوالي 78 ألف مقاتل عند التعبئة العامة في إسرائيل، منهم 28 ألف كقوة عاملة "دائمة" والباقي كاحتياط حوالي 984 طائرة حربية متنوعة النماذج والمهام منها 90 طائرة هليوكوبتر (هجومية) والوسائط الجوية الأخرى.

ولو درسنا أرقام القوة البشرية في سلاح الجو الإسرائيلي لوجدنا أن القوة العاملة تعادل نسبة 19.7% من القوى العاملة في جيش الدفاع الإسرائيلي وأن نسبة القوى الاحتياطية تعادل 10.25% من قوة الجيش الإسرائيلي بالكامل.

وتضم التشكيلات الجوية الإسرائيلية العتاد الجوي الآتي:

ا- مقاتلات اعتراضية وهجوم أرضي:

- 10 أسراب جوية مؤلفا من 402 طائرة من النماذج:

- سربان 46 طائرة طراز F.15 مقاتلة قاذفة.

- 5 أسراب 131 طائرة طراز F.4-E فانتوم.

- 5 أسراب 150 طائرة كفير KFir إسرائيلية الصنع.

- 3 أسراب 75 طائرة طراز F.16-A منها 8 طائرات طراز F.16-B.

ب- طائرات استطلاع:

- 13 طائرة RF-4F طائرتي OV-1.E للاستطلاع و4 طائرات بوينغ Boeing 101 للتدابير الإلكترونية المعاكسة وبعضها للقيادة و2 طائرة C-130 هيلوكبتر و طائرات V.12-J للتدابير الإلكترونية المعاكسة.

ج- طائرات النقل:

جناح جوي واحد مؤلف من الطائرات التالية: طائرة بوينغ  Boeing .101 نقل جوي منها 2 طائرات صهريج وقود. و 20 طائرة طراز C.130 E/H نقل جوي، و18 طائرة C.47  دي سي –2 نقل، و2 طائرة طراز KC-130/H فيصبح مجموع طائرات النقل الجوي العسكري حوالي 47 طائرة ويرتفع العدد إلى 120 طائرة إذا أضيف إليها الأسطول الجوي المدني الإسرائيلي عند التعبئة العامة أو عند الحاجة إلى عملية نقل جوي استراتيجية.

د- طائرات التدريب:

ومجموعها حوالي 208 طائرة متنوعة النماذج ومن مصدرين أمريكي وبعضها إسرائيلي "كفير".

و- طائرات الارتباط حوالي 86 طائرة.

ز- الطائرات الآتية موجه عن بعد: وقد وصفوها خمسة نماذج ثلاثة من صنع أمريكي واثنان من تصميم وصنع إسرائيلي.

هـ- الطائرات العمودية "الحوامات":

يوحد لدى إسرائيل 5 أسراب جوية حوامات متنوعة النماذج والمهام فيها حوالي 201 حوامة هليوكوبتر تقريبا موزعة كما يلي:

- Hughes-500 حيوز-1500 أمريكية.

- سرب واحد 37 حوامة من كرازي Bell-206 وBell-212 تدابير إلكترونية معاكسة وبحث وإنقاذ.

- مجموع 17 حوامة نقل ثقيل من طراز H.53.A/D سيكورسكي-53.

- مجموع 8 حوامات نقل متوسط من طراز SA.321.SF سوبر فريولن 321.

- مجموع 17 حوامة نقل متوسط من طراز UH-1.D.

- 2 سرب 50 حوامة نقل خفيف وبعضها مسلح من طرازي بل 206 وبل 212.

- 2 طائرة نقل خفيف عمودية من طراز ألويت-2.

ويوجد لدى إسرائيل 15 كتيبة دفاع جوي ترتبط بسلاح الجو من الصواريخ طراز HAWIK وهوك المحسن.

 

تضم القوة البحرية الإسرائيلية في قوامها من القوة البشرية 9000 مقاتل منهم 33000 مجند رجل وامرأة…ويرتفع هذا العدد إلى 19 ألف مقاتل عند إعلان التعبئة العامة في إسرائيل أي أن القوات البحرية تستقطب من القوى البشرية نسبة 6.04% من القوى العسكرية العاملة الدائمة ونسبة 1.80% من الاحتياط الإسرائيلي حيث التعبئة العامة مما يدل أن عناصر سلاح البحرية الإسرائيلية من العناصر الاختصاصية الفنية.

تضم القوة البحرية الإسرائيلية ثلاث غواصات من فئة "فيكرز-206" وسفن حراسة من طراز Aliya، و44 زورق هجومي سريع من نماذج "saar 4/3/2" عدد واحد و2 زوارق بوسادة هوائية طراز Shimnt و41 زورق دورية طراز "Dabur" و12 سفينة برمائية من طراز "زاد" و"زام" وسفينة تموين و2 سفينة نقل مسلحة و2 سفينة تدريب و4 سفن ساحلية، كما تستخدم البحرية 3 طائرات استطلاع ودورية بحرية من طراز "سي سكان".

إن البيئة العسكرية الإسرائيلية لعام 87/88 توضح ملامح وخطوط تنظيمها الجديد ويتأكد أن إسرائيل تستثمر كافة القدرة البشرية لديها من أجل الحرب. فإسرائيل اليوم كقلعة محصنة مدججة بالسلاح. وبالإضافة إلى "مستودعات الطوارئ" التي تفوق قدرة استيعاب جيش الدفاع الإسرائيلي، فالعدو الإسرائيلي استطاع تكوين جيش من المقاتلين يضم القوات الضاربة الرئيسية كالطيران والمدرعات والمظليين والمشاة الميكانيكية والقوات المحمولة جوا. وكذا جيش القوات والتشكيلات الإقليمية، وهذا الأخير هو الجيش الثاني الذي يضم بقية المستوطنين اليهود بسبب سن –أو العمر- وإما بسبب الجنس أو لأي سبب آخر فقد أعيد تنظيم هذا الجيش الدفاعي "للقوات الإقليمية" للاضطلاع بما تسميه إسرائيل "مرحلة الصد" أو "امتعاض الضربة الهجومية للقوات العربية".

 

 

Voir les commentaires

<< < 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 > >>